هل تحول الصراع الصهيوني من صراع على الوجود إلى صراع على الحدود؟ وهل تمكن الكيان الصهيوني من ترسيخ وتثبيت دعائم وركائز وجوده من خلال عوامل مساعدة مكنته من تحقيق هدفه وحلمه الوجودي، الذي هو في الأساس إثبات وجود وهوية - سواء كانت هذه العوامل خارجية أو داخلية، اللوبي الصهيوأمريكي الذي وظف جل طاقاته لترسيخ وجود هذا الكيان اللقيط المجموع من الشتات لترسيخ هويته، وأن ثمَّ كيانًا يسمى الكيان الصهيوني الذي ينفذ ما جاءت به بروتوكولات حكماء آل صهيون متخذين هيكلهم المزعوم ذريعة لاحتلال فلسطين، بل ويمكنهم من استباحة القتل وسفك الدماء وحرق الأرض الخضراء؛ للتمكين لمشروعهم الأكبر دولة من النيل إلى الفرات، وهنا تحول الصراع من لا هوية وجودية إلى كيان له وجود فعلي وله شخصية وله تمثيل في المحافل الدولية؛ بل وأصبح له صوت في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية، بل وأصبح يصوت له ويشرعن لشناعاتهم التي يقومون بها في غزة وفي الضفة الغربية والقدس الشريف وبيت المقدس والمسجد الأقصى، فجاءت التحولات من اللاوجود إلى الوجود الفعلي، إلى تخطي الحدود ومحاولة حثيثة إلى إعادة ترسيم الحدود، ورسم خريطة شرق أوسطي جديد ستحقق خلاله حلمهم الذي سيتحول إلى كوابيس تقض مضاجعهم عما قريب بإذن الله.
أيضًا عن طريق الأذرع الطولى التي تعتمد على رأس المال وشراء الذمم التي دأبها وديدنها خيانة الله ورسوله، والتاريخ لا ينسى ما فعلوه مع رسولنا الأعظم في خيبر وبني قينقاع ويهود المدينة.
ولا يزال الحقد دفينًا ومرارة انتصارنا في حرب السادس من أكتوبر يتجرعون كؤوسها إلى الآن، وسيظلون هكذا، يقول تعالى (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا)، ظهر ذلك جليًا الآن، يريدون جرنا إلى معركة عن طريق حركات استفزازية على الحدود، ولكن هيهات هيهات، فالنسور يقظة تحت رهن إشارة القائد المحنك الذي يقود قاطرة بناء وتعمير وتشييد وتنمية مستدامة، لكن مبدأنا معروف، ووجهتنا معروفة وجيشنا المرابط على الحدود على أتم جاهزية، لكن (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا ۘ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)، نعم استفزاز على أشده من كل الاتجاهات، توسيع رقعة الحرب في لبنان، وسوريا واليمن وإثارة الفتن والاضطرابات في السودان، وزرع عدم الاستقرار بين القبائل الليبية، واستفزازات إثيوبيا الرعناء وتصريحاتها العنترية غير المنضبطة وغير المسئولة.
ليس هذا فحسب؛ بل ويد خبيثة مأجورة ليس لها هم إلا العمل لمصالحها بمنتهى الأنانية، لكن هذه الأيدي معروفة وستبتر قريبًا - تعبث في الداخل محاولة إثارة الفتن والاضطرابات بين جموع المواطنين، متخذين من الحالة الاقتصادية التي يمر بها العالم ذريعة لإثارة الفوضى فى البلاد وتشكيك العباد في ولاة أمورهم، فلينتبه كل ذي بصيرة وكل ذي عقل راجح إلى أن هذا مدبر بليل أسود، تقوده قوى الشر الخبيثة بأذرع خارجية اشترت ذمم خربة في الداخل بمال سياسي مشئوم -(فتش عن اللوبي الصهيوني)- الذي لا يتورع عن إنفاق مئات الآلاف من المليارات من الدولارات لتحقيق حلمهم الزائف، فبالأمس كانت غزة، واليوم لبنان واليمن وسوريا، محاولين بسط هيمنتهم على الأرض متخذين من سياسة الأرض المحروقة طريقًا لهم، احرق، اضرب، اقتل الأطفال، الشيوخ، النساء، الصحافيين، دمر المشافي، لماذا؟! لإثبات أنهم أولو قوة وبأس شديد، لكن الحقيقة أنهم أجبن ما يكونون، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى، ولولا أيدي الشياطين التي تمتد إليهم؛ لأنهم الرعاة الرسميون لمصالحهم في الشرق الأوسط لما صمدوا أمام إيمان المقاومة ساعة، أو حتى سويعة - وغدًا على من سيأتي الدور فكونوا حذرين؟! لا ندري، ولكن ينبغي الحذر الحذر، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ)، ثم العدة العدة، نحن أهل إسلام وإسلامنا دعوة للسلام، ولا نبدأ إلا من بدأنا.
وليعلم الجميع شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، أن جيوشنا المصرية بألويتها بسلاح جوها، بمخابراتها، بصاعقتها ومدرعاتها على أهبة الاستعداد، لكننا ملتزمون باتفاقية سلام، سلام الأقوياء لا استسلام الجبناء، نعم ملتزمون إلى أقصى حد من ضبط النفس، وهذا ما يربك الأعداء ويبدد خططهم القذرة التي يبغون من ورائها جرجرة الأمة العربية والإسلامية إلى فوضى عارمة واحتراب دامي من أجل ماذا، من أجل تحقيق حلمهم حلم المراهقين الذي سيفيقون على كابوس يقض مضاجعهم، فلا نامت أعين الجبناء الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد، النتائج الحامية سيصب عليهم ربهم سوط عذاب، عذاب السموم، وسيتحقق وعد الله، (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا).
نحن نثق في وعدك القرآني، (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا)، نعم قريب وقربه إلينا كحبل الوريد، نحن نراه قريبًا وهم يرونه بعيدًا، فإنما النصر صبر ساعة فلا تغرنكم طائراتهم ولا مدرعاتهم ولا فرقاطاتهم وحاملات طائراتهم وأساطيلهم البحرية، ولا تغرنكم خطاباتهم الرنانة، وآخرها خطاب هذا المأفون فى الأمم المتحدة الذي كتب الله عليه الخزي، هل رأيتم كيف انصرف وانفض الناس من حوله كأنه كلب أجرب، أو كمن أصيب بالجذام، ظل يخطب وينعق بما لا يعلم، فتلك ترنيمته الأخيرة، فما قامت دولة على الاغتيالات.
نعم حتمًا سنعود سيرتنا الأولى، كيف عن طريق الاتحاد والوحدة، فما تأكل الذئاب إلا الغنم القاصية، وبالإعداد الجيد، ويكون بالإضافة إلى العدة والعتاد، الإعداد الديني السليم، العودة إلى ديننا الحنيف.
وستحرر غزة وسيحرر المسجد الاقصى، وسيتحطم حلمهم المغرور، وسيتلاشى أملهم الكذوب وسيخرجون منها أذلة وهم صاغرون، فكما خرجوا من سيناء منكسي الرأس منكسي الأعلام، فسيخرجون من فلسطين وسيعودون شتاتًا كسيرتهم الأولى، ويتفرقون في البلاد وستنبذهم الأرض، كل أرض طيبة ستطؤها أقدامهم حتمًا ستنبذهم.
* أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان