«الصحة العالمية»: 19 مليون شخص يصابون بأمراض القلب كل عام بينهم شباب يتمتعون بصحة جيدة
موضوعات مقترحة
بعض الأبحاث تشير إلى أن فيروس كورونا وتطعيماته وراء تزايد الإصابة بالسكتة القلبية
الاستعداد الوراثى عامل تقليدى يعزز فرص الإصابة فى أى من مراحل العمر بالأزمة القلبية
د. جمال شعبان: نمط الحياة السريع وكثرة المتطلبات اليومية سبب رئيسى
د. ثناء الحلوة: علاقة وثيقة بين التعرض للضغط النفسى المستمر والموت المفاجئ
د. فتحى قناوى: إهمال الرياضة والميل للخمول يزيد مخاطر الإصابة فى سن مبكرة
د. محمد عبد الفتاح: تشوه الشريان التاجى أبرز حدوث السكتات القلبية
فجأة وبدون سابق إنذار يتوقف وصول الدم إلى جزء من عضلة القلب، ثم إلى بقية أنحاء الجسم، ومعها ويشعر الإنسان برجفة شديدة مع آلام حادة فى منطقة الصدر، يعقبها عدم القدرة على التنفس وغياب تام عن الوعى، وقد تنتهى حياته فى تلك اللحظة الفارقة ما لم يتدخل المحيطون لإنقاذه فى أسرع وقت، عبر الضغط بقوة وسرعة على صدر المصاب لحين وصول سيارة الإسعاف، ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من 19 مليون شخص حول العالم يصابون بأمراض القلب والشرايين كل عام، وهى من الأسباب الرئيسية للوفاة.. اللافت النظر إلى أن أعدادًا من المصابين بها كانوا فى سن الشباب ويتمتعون بصحة جيدة وبنيان رياضى قوى! فما أسباب ذلك وكيف نتجنب مخاطر السكتة القلبية؟.
انتابت المشاهدين الصدمة وهم يطالعون خبر الوفاة المفاجئة للاعب البيلاروسى، إيليا يفيمشيك الملقب بـ"أضخم لاعب كمال أجسام فى العالم"، إثر نوبة قلبية مفاجئة عن عمر يناهز 36 عامًا. كان إيليا المعروف باسم "جوليم" يأكل 7 مرات فى اليوم ويستهلك 16500 سعر حرارى ولقب باسم "الوحش الذى يزن 140 كيلوجراما ويبلغ طوله 186 سم، اللافت للنظر أنه ليس أول رياضى يموت فى سن مبكرة أخيرا بسبب "السكتة القلبية"، والقائمة تطول لشباب من البسطاء قبل المشاهير من أنحاء العالم.. وفى مصر هناك العشرات أبرزهم أحمد رفعت،، لاعب كرة القدم، ومن الفنانين طارق عبد العزيز، مصطفى درويش، عمرو سمير.
وبسبب خطورة هذا المرض، خصصت منظمة الصحة العالم يوم 29 من سبتمبر كل عام، ليكون يوما عالميا للتوعية بأمراض القلب، من أجل رفع مستوى الوعى بعوامل الخطر المؤدية، وأهمية إجراء فحوص طبية دورية، فكيف يمكن للفرد أن يحافظ على صحة قلبه بشكل عام؟.
وتعرف "السكتة القلبية" بأنها حالات طارئة طبية خطيرة يمكن منعها إذا كان الشخص على دراية بعلامات الإنذار المبكرة، ويأتى فى طليعتها التعرق دون سبب واضح، وفضلا عن الشعور بالعطش الشديد .وهنا يقول الدكتور جمال شعبان، رئيس معهد القلب السابق: ترجع أسباب "السكتات القلبية والموت المفاجئ للشباب إلى أن نمط الحياة المعاصرة تغير كثيرا وأصبح سريعا عما كان عليه قبل، لافتا النظر إلى أن الضغوط التى يتعرض لها الإنسان بسبب متطلبات الحياة المعاصرة والصراع المادى، تجعله مهموما ويشعر بالحزن والتوتر البالغ فى غالب الوقت، مما يؤدى إلى رفع مادة الأدرينالين بالجسم التى تعمل على تسريع ضربات القلب واستهلاك طاقته، ما يتسبب فى انقباض الأوعية الدموية وتراكم الدهون فى الشرايين، ومن ثم الإصابة بجلطة فى الشرايين وأزمة قلبية مفاجئة، لافتا النظر إلى أن الضغوطات النفسية والاجتماعية المتزايدة، والتعرض المستمر لتلوث الهواء أصبحت عناصر رئيسية فى التعرض للسكتة القلبية وتابع قائلا: الصدمات النفسية والأزمات العاطفية وفقدان شخص عزيز أيضا قد تكون سببا فى الشعور بالحزن البالغ، وتترك أثرا سلبيا على سلامة القلب والأوعية الدموية لدى الأفراد الصغار ومتوسطى العمر الذين لديهم تاريخ أسرى من الإصابة بالسكتة القلبية.
وأوضح رئيس معهد القلب السابق أن هناك عوامل أخرى تقليدية تعزز من فرص تعرض الإنسان فى أى من مراحل العمر للأزمات القلبية فى مقدمتها الاستعداد الوراثى وهو مصطلح يعنى وجود تاريخ مرض قلبى مبكر فى العائلة، مثل وجود حالات سابقة لأزمات قلبية مر بها أى من الوالدين أو الأشقاء، وهناك أسباب تتعلق بالعادات اليومية السيئة، وتتراوح ما بين الإفراط فى التدخين وزيادة نسبة الكوليسترول الضار نتيجة تناول الأطعمة المشبعة بالدهون، فضلا عن قلة ممارسة الرياضة والميل إلى الخمول.
ويشير د. جمال شعبان إلى أن الإصابة ببعض الأمراض قد تكون سببا فى تعرض الإنسان لسكتة قلبية مثل الحالات المصحوبة بالتهاب عام فى الجسم، وكذلك المعاناة من مرض النقرس، وكذلك أمراض المناعة مثل الروماتويد والذئبة الحمراء، وأيضا مرض التهاب الأمعاء والتهاب القولون التقرحى، وهؤلاء المرضى تزداد لديهم احتمالية التعرض للسكتة القلبية.
توقف النبض
الدكتور فتحى قناوى، أستاذ العلوم الطبية الشرعية وكشف الجريمة وفسيولوجيا الأعصاب بالمركز القومى للبحوث يعرف السكتة القلبية بأنها هى حالة طبية خطيرة تحدث عندما يتوقف القلب فجأة عن النبض، مما يؤدى إلى توقف تدفق الدم إلى الدماغ وبقية الجسم. هذه الحالة يمكن أن تكون مميتة إذا لم يتم التعامل معها بسرعة. وأضاف: على الرغم من أن السكتة القلبية غالبًا ما ترتبط بكبار السن، فإنها يمكن أن تحدث أيضًا بين الشباب، خاصةً فى ظل ظروف معينة مثل العيوب القلبية الخلقية أو اضطرابات نظم القلب، ثم يأتى إهمال النشاط البدنى والرياضة فى الصدارة، مع الأسباب الاجتماعية والنفسية.
وشدد الدكتور فتحى قناوى، على خطورة الإهمال الرياضى وتأثيره على الصحة، حيث تشير الدراسات إلى أن نمط الحياة الخامل، الذى يعانى منه الكثير من الشباب، يمكن أن يؤدى إلى زيادة الوزن والسمنة، مما يرفع من مخاطر الإصابة بأمراض القلب. وتابع :" الرياضة لا تساهم فقط فى الحفاظ على الوزن المثالى، بل تلعب أيضاً دوراً أساسياً فى تحسين كفاءة النظام القلبى، ومع ذلك، فإن الانشغال بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعى قد ساهم فى تقليص وقت النشاط البدنى".
وتطرق الدكتور فتحى قناوى إلى الأسباب الاجتماعية والنفسية التى قد تكون سببا فى الاصابة بالسكتة القلبية قائلا: من منظور علم الاجتماع، يمكن أن يُعزى إهمال الرياضة إلى عدة عوامل اجتماعية ونفسية، فالحياة السريعة ومشاغل العمل والدراسة قد تدفع كثيراً من الشباب إلى التخلى عن ممارسة الأنشطة الرياضية، كما أن الضغوط النفسية التى يواجهها البعض قد تجعلهم يتجاهلون أهمية الرياضة فى تحسين الصحة النفسية والجسدية.
وشدد الدكتور فتحى قناوى على أهمية التوعية الصحية بمخاطر الإصابة بالسكتة القلبية، وقال: يجب على المجتمعات والمدارس تشجيع الشباب على ممارسة الرياضة بانتظام، من خلال توفير المرافق الرياضية والبرامج الترفيهية، بالتزامن مع توفير الدعم الاجتماعى اللازم، من خلال بناء شبكات دعم اجتماعى قوية، يمكن أن تشجع الشباب على المشاركة فى الأنشطة الرياضية والاجتماعية، مما يعزز صحتهم العامة. وأكد الدكتور فتحى قناوى أهمية تبنى الإنسان لنمط حياة نشط وصحى، وذلك من أجل تحسين صحتهم وتقليل خطر الإصابة بالسكتة القلبية وأمراض القلب الأخرى، مما يسهم فى بناء مجتمع أكثر صحة وسعادة.
الشريان التاجى
من جانبه أكد الدكتور محمد عبد الفتاح، استشارى طب الأطفال وأمراض القلب والأوعية الدموية، على أن الأمر لا يحدث مفاجئة فى كثير من الحالات، فبعض الشباب الذين يعانون من توقف القلب المفاجئ، هناك احتمال أنهم سبق لهم أنهم عانوا سابقا من أعراض مرتبطة بالقلب، مثل ضيق التنفس أو ألم الصدر أو الإغماء. وأضاف هناك أسباب رئيسية للسكتات القلبية منها أسباب وراثية مثل اعتلال العضلة القلبية الضخامى، التى عادة ما تكون وراثية، وفى كثير من الحالات لا يتم تشخيصها، لذا تعتبر من الأسباب الأكثر انتشارا، كذلك هناك حالات تشوهات الشريان التاجى والتى تؤدى إلى انخفاض تدفق الدم إلى عضلة القلب وتسبب بدورها السكتة القلبية. وأضاف أنه عادة ما يولد الشباب بهذا المرض، لكن للأسف لا يتم تشخيصها لعدم وجود أعراض واضحة فى كثير من الحالات، وهناك أيضا المرضى الذين يعانون من عدم انتظام ضربات القلب، وفى كثير من الحالات تحدث لهم السكتة القلبية المفاجئة أحيانا بسبب حالات وراثية غير مشخصة تؤثر على النبضات الكهربائية للقلب. وتابع قائلا: هناك أيضا المرضى الذين يعانون من التهاب عضلة القلب والذى يتسبب فى حدوث عدوى لجدار القلب وتنتشر معظم الحالات بين الأطفال، ذلك عندما يدخل فيروس مثل الفيروس المعوى على سبيل المثال إلى القلب وتحدث السكتة القلبية، وهناك ايضا الحالات الناتجة عن.ارتجاج القلب، الذى يحدث نتيجة التعرض لصدمة قوية على القلب مباشرة وتنتشر بصورة أكبر بين الذين يمارسون رياضات عنيفة .
الضغط النفسى
الدكتورة ثناء الحلوة، أستاذة الطب النفسى بجامعة لبنان، أشارت إلى أن العديد من الدراسات أثبتت وجود علاقة وثيقة بين التعرض للضغط النفسى المستمر، والإصابة بأمراض القلب أو الوصول إلى مرحلة الموت المفاجئ، وذلك أن الأشخاص المصابين بالقلق والتوتر يعانون من تأثيرات فسيولوجية فى الجسم تؤثر على القلب بشكل خاص، مثل تعرضهم لارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم، كذلك انخفاض تدفق الدم إلى القلب، وأيضا ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول وتراكم الكالسيوم فى الشرايين، وكلها أمراض تؤثر سلبا على صحة القلب والجسم بشكل عام.
وطالبت أستاذة الطب النفسى بضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن مصادر التوتر والقلق وتجنبها والحرص على ممارسة الرياضة فضلا عن الاهتمام بالتغذية الصحية والتعود على تقبل مشاكل الحياة وأزماتها بشكل فيه رحابة فى الفكر، بعيدا عن الشد العصبى والتوتر الذى بدوره يؤثر على كل أعضاء الجسم وليس القلب وحده، لاسيما بين فئة الشباب والأطفال، كذلك من يعانون السمنة المفرطة ومن لهم تاريخ وراثى بأمراض القلب.
علاقة تطعيم كورونا بالسكتة القلبية
هل هناك علاقة بين تطعيمات كورونا والإصابة بالسكتة القلبية؟ كثير من الدراسات العلمية المتعلقة بتطعيمات كورونا (COVID-19) والسكتة القلبية تشير إلى أنه لا يوجد علاقة سببية مؤكدة بينهما وأن الغالبية العظمى من الأدلة العلمية المتاحة حتى الآن تشير إلى أن اللقاحات المعتمدة آمنة، والآثار الجانبية الخطيرة مثل السكتة القلبية نادرة جداً.
ومع ذلك، هناك دراسات فردية تشير إلى حدوث مشاكل قلبية نادرة، مثل التهاب عضلة القلب (myocarditis) أو التهاب التامور (pericarditis) بعد أخذ التطعيم، خاصة فى الشباب من الذكور، لكن حتى هذه الحالات نادرة، وغالباً ما تكون خفيفة ويتم علاجها بنجاح ومن جهة أخرى. كما أن الإصابة بفيروس كورونا نفسه، ترتبط بزيادة مخاطر حدوث مشاكل قلبية، بما فى ذلك السكتة القلبية والتهاب عضلة القلب، بشكل أكبر بكثير من المخاطر المرتبطة بالتطعيم ولذا توصى منظمة الصحة العالمية والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض بتلقى اللقاح، معتبرة أن فوائده تفوق المخاطر المحتملة.
وعن المخاطر المحتملة لتطعيم كورونا، وما مدى شيوعها وفقًا للأبحاث المتاحة، فإنه وفقاً للأبحاث المتاحة، فإن تطعيمات كورونا معتمدة بشكل واسع وآمنة بالنسبة لمعظم الأشخاص، ومع ذلك، هناك بعض المخاطر المحتملة التى تم الإبلاغ عنها، وإن كانت نادرة، وتختلف حسب نوع اللقاح.
وعن تفاقم أعراض أمراض القلب القائمة عقب تناول لقاح كورونا تؤكد دراسات أخرى أن القلق المرتبط باللقاح يمكن أن يؤدى إلى تفاقم الأعراض القلبية لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية مسبقة.
وعن العوامل الرئيسية التى تسهم فى حدوث السكتة القلبية لدى الشباب قال الدكتور عمرو بسطويسى: "السكتة القلبية لدى الشباب هى حدث نادر لكنه خطير، وهناك عدة عوامل رئيسية تسهم فى حدوث السكتة القلبية لدى الشباب، وتختلف بين العوامل الوراثية، الأمراض القلبية الكامنة، والعوامل الخارجية لافتا إلى أن هناك أسباب عدة أبرزها اضطرابات نظم القلب الوراثية وتتمثل فى متلازمة "كيو تى" الطويلة وهى حالة وراثية تؤثر على النظام الكهربائى للقلب، وتزيد من خطر اضطراب ضربات القلب، مما قد يؤدى إلى السكتة القلبية. وهناك أيضا تسرع القلب البطينى المتعدد الأشكال الكاتيكولامين وهى حالة وراثية نادرة تسبب اضطرابات فى ضربات القلب أثناء التمرينات أو التوتر العاطفى، فضلا عن متلازمة بروجادا، وهى حالة وراثية تؤثر على النشاط الكهربائى للقلب، وتزيد من خطر السكتة القلبية المفاجئة، خاصة أثناء النوم أو الراحة.