مرة أخرى تكشف إسرائيل عن نواياها التوسعية في المنطقة، ومخططاتها التدميرية التي وضعها المتطرفون اليهود، الذين تحركهم شعيرة القتل والتدمير، واستباحة دماء العرب مدفوعين بنصوص تلمودية زائفة، اتخذوا منها ذريعة للإبادة والسطو على مقدرات الشعوب، في المنطقة، فبعد تدمير وإبادة غزة اتجهت آلة الحرب الإسرائيلية إلى لبنان لتنفيذ نفس السيناريو، بل ربما يكون أكثر دموية وأشد تدميرًا، ولعل ما شهدته الأيام الماضية من عمليات اغتيال طالت رأس القيادة في حزب الله، وما تلي ذلك من عمليات عسكرية تدميرية، واستعدادات جارية لغزو مرتقب لجنوب لبنان، تؤكد كل المؤشرات أنه بات وشيكًا، كل ذلك يشير إلى أننا أمام سيناريوهات مخيفة تهدد المنطقة، وتطورات مرعبة تتهدد لبنان، الذي يعاني من أزمات سياسية واقتصادية ضربت مفاصل الدولة طوال السنوات الماضية.
غزو إسرائيل المرتقب للبنان يأتي بعد أن اطمأنت إلى انكسار حزب الله نتيجة الضربات التي تلقاها بفقد قياداته؛ مما أفقده توازنه، ومن ثم أصبح تفريغ الجنوب اللبناني بالكامل وتدميره وتهجير السكان، القاطنين فيه إلى الشمال اللبناني، كما حدث في غزة، أكثر سهولة وفق حسابات إسرائيل؛ حيث تسعى لأن تكون الحدود الجنوبية والشمالية خالية من أى فصائل مقاومة، مما يسهل عليها السيطرة والاستيطان، وفي سبيل ذلك تقوم بإبادة كل ما هو موجود على وجه الأرض في هذه المناطق، وقد نجحت في تنفيذ ذلك في غزة، وها هي تشرع في حرق الجنوب اللبناني مستغلة الظروف السياسية التي يمر بها العالم، وحالة الضعف التي يعاني منها المجتمع الدولي؛ لتقوم بهذه الحرب الوحشية البربرية.
ما يحدث من تطورات خطيرة يضع المنطقة بكاملها على فوهة بركان ربما ينفجر بين ليلة وضحاها، بسبب هذه الممارسات الإسرائيلية المجنونة، التى تجاوزت كل الحدود وانتهكت جميع المواثيق والقوانين الدولية، والمؤكد أن غياب الإرادة الدولية في ردع إسرائيل جعل منها دولة فاشية تمارس أبشع أنواع الجرائم، ضد المدنيين، ويخطئ من يظن أن الولايات المتحدة بريئة من هذه الجرائم؛ بل أكدت الأحداث أنها ضالعة فيها، وشريك أساسي في كل ما ترتكبه إسرائيل من جرائم؛ سواء في غزة أو في لبنان، ومن يتتبع دور الولايات المتحدة ويرصد مواقفها، وما تمارسه من مراوغات أو حتى ما تطلقه من دعوات أو مبادرات، بزعم وقف الحرب، سيتأكد أنها تمارس أبشع أنواع التواطؤ مع إسرائيل في القيام بهذه المذابح التي نراها على مدار الساعة، وإمعانًا في التواطؤ أوجدت لنفسها، عبر دور الوسيط الذي تزعم القيام به، مساحة للمراوغة وإتاحة الفرصة لإسرائيل للقيام بتنفيذ مخططها الإجرامي في المنطقة، فقبل أيام طرحت مبادرة للتسوية بين حزب الله وإسرائيل، وبعثت برسائل مضللة للحزب، بأن هناك نوايا طيبة للتهدئة والتسوية، بينما كانت تعلم أن إسرائيل تخطط لقتل قيادات الحزب الواحد تلو الآخر، وفي كل مرة تبارك واشنطن عملية الاغتيال وتبتهج بها، وهو ذات الدور الذي تمارسه بين إسرائيل وحماس في غزة، إذ أنها عبر هذه المساحة، التي انتزعتها لنفسها من خلال دور الوسيط، أتاحت الفرصة أمام أسرائيل للإجهاز على قطاع غزة وقياداته، وعلى مدار عام كامل تبدو أنها تريد وقف الحرب على غزة، بينما في الجانب الآخر تمده بالسلاح الفتاك، وترفض ممارسة أي ضغوط جادة تجبر قادة إسرائيل على وقف الحرب.
سيناريو القتل والتدمير الإسرائيلي الذي يلاحق لبنان في محطته الثانية، وبتواطؤ أمريكي، يهدد المنطقة بالكامل، ولا أستبعد أن نشوة القتل لدى قادة هذا الكيان قد تتواصل لما بعد لبنان، وربما تنتقل إلى دول أخرى ومناطق تالية في إيران وسوريا واليمن؛ بدعوى الدفاع عن النفس، أو بزعم حماية الأمن القومي الإسرائيلي، وإذا كانت إسرائيل قد نجحت في خداع حزب الله، الذي راهن على استمرار ما عرف "بقواعد الاشتباك" مع اسرائيل منذ حرب 2006، وعدم الانجراف إلى حرب شاملة معها، قد خسر الرهان في اختراق استخباراتي غير مسبوق، وضع رقاب قياداته جميعًا، بما فيهم حسن نصرالله، في قبضة العدو الإسرائيلي الذي أجهز عليهم في عمليات عسكرية متتالية أدهشت كل المراقبين.
هذا السيناريو ربما يجد هؤلاء القادة الفاشيون فيه فرصة لضرب إيران التي لا تزال تتبع نفس النهج، أو ما يسمى بـ "الصبر الإستراتيجي"، فطهران لا ترغب في حرب واسعة مع إسرائيل، كما كان حزب الله لا يريد أيضًا، لكن في المقابل ربما تجد إسرائيل في نجاح أسلوب الاغتيالات والهجمات التكنولوجية وسيلة لجر طهران لحرب مماثلة، خصوصًا أن تل أبيب تعتبر طهران هي العدو الأول لها في المنطقة، وتسعى بكل قوة لمنعها من أن يكون لها أي نفوذ بالمنطقة، أو تمتلك سلاحًا نوويًا.
في جميع الأحوال إننا أمام حكومة فاشية في إسرائيل لا ترى سوى القتل والتدمير، بل تعتبره شعيرة من شعائر الدين والتقرب إلى الله -وفق نصوص التلمود زائفة- وأنه لا حياة ولا مكان للأغيار أي غير اليهود على أرض إسرائيل الكبرى، كما يزعمون، فإذا كانت تلك هي العقلية وهذه هي العقيدة.. فماذا ننتظر؟
[email protected]