ألقى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة والمصريين في الخارج، كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79 التي عُقدت في نيويورك، حيث أكد ضرورة العمل الجاد لإصلاح النظام الدولي متعدد الأطراف، في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه العالم اليوم.
موضوعات مقترحة
وأشار إلى أن العالم يشهد أزمات مركبة، لا يمكن مواجهتها من قبل دول منفردة، مشددًا على أهمية وجود منظومة فعالة قائمة على مبدأ المساواة والعدالة بين جميع الدول.
وأشار الوزير في كلمته إلى أن المنظومة الدولية التي تأسست منذ ما يقرب من ثمانية عقود باتت تواجه خللاً كبيراً يهدد بقاءها، نتيجة لانعدام الفعالية والمعايير المزدوجة التي تتفشى في القضايا الدولية.
وأوضح أن الأجيال الشابة في مختلف أنحاء العالم تطرح تساؤلات مشروعة حول جدوى هذه المنظومة في حل الأزمات العالمية، وتقديم الحماية والمساعدة في مواجهة التحديات الإنسانية والبيئية.
كما أعرب عبد العاطي عن استيائه من استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية، واصفًا هذا العدوان بأنه "وصمة عار" على جبين المجتمع الدولي الذي لم يستطع حتى الآن اتخاذ خطوات جدية لوقف هذا النزيف الدموي المستمر. وأدان بشدة التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي تجاوز كل الحدود، مؤكدًا أن هذا التصعيد سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وفيما يخص الشأن اللبناني، أعرب عبد العاطي عن رفض مصر التام للعدوان الإسرائيلي الراهن على لبنان، واصفًا إياه بانتهاك صارخ لسيادة لبنان ووحدته وسلامة أراضيه. وأكد أن مصر تدعم كل الجهود الدولية الرامية إلى وقف هذا التصعيد الخطير وعودة الاستقرار إلى لبنان.
وأشار الوزير في كلمته إلى أن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية يظل حجر الزاوية في استقرار المنطقة، مؤكدًا أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا الحل. كما شدد على رفض مصر لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري أو سياسات الاستيطان والتهويد.
وفي حديثه عن دور الأمم المتحدة، أثنى عبد العاطي على جهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وقدم التعازي في وفاة شهداء الوكالة الأممية الذين سقطوا خلال تأديتهم لواجبهم الإنساني في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وأكد عبد العاطي في كلمته أن المساواة في صنع القرار الدولي ليست خياراً، بل هي شرط أساسي لضمان استجابة فعالة للأزمات التي تواجه النظام الدولي. وفي هذا السياق، شدد على أن أفريقيا والدول العربية لا يمكن أن تظل بلا تمثيل دائم في مجلس الأمن، مؤكدًا أن مصر ستواصل تمسكها بتوافق "أزولويني" وإعلان "سرت" من أجل رفع الظلم التاريخي الواقع على القارة الأفريقية.
كما تناول الوزير موضوع إصلاح الهيكل المالي العالمي ومؤسسات التمويل الدولية، مشيرًا إلى أن مصر تدعم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لجعل هذه المؤسسات أكثر عدالة وإنصافًا لصالح الدول النامية. وأكد على ضرورة وجود آليات جديدة لإدارة الديون السيادية للدول النامية، مع تعزيز اتفاقات مبادلة الديون لتحويل هذه التحديات إلى فرص لتحقيق التنمية المستدامة.
وفيما يتعلق بالقضايا البيئية، أكد عبد العاطي أن مواجهة تغير المناخ تتطلب تعزيز مبدأ "المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء"، مع ضرورة تقديم دعم دولي للدول النامية لتمكينها من التعامل مع التحديات المناخية. وأشار إلى أن مصر ستواصل جهودها في هذا المجال من خلال متابعة نتائج مؤتمر المناخ COP27 الذي استضافته في شرم الشيخ، مؤكدًا أن الحلول المستدامة لتحقيق "التحول العادل" في الطاقة يجب أن تكون متسقة مع حق الدول في التنمية.
وتطرق عبد العاطي إلى قضية الموارد المائية، حيث أكد أن مصر، التي تعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية، لن تتسامح مع أي تهديد لحقوقها المائية. وأوضح أن مصر ملتزمة بالتعاون مع دول حوض النيل للتوصل إلى حلول عادلة ومنصفة لإدارة الموارد المائية المشتركة، وفقًا للقانون الدولي. لكنه أشار إلى أن إثيوبيا لا تزال تتبنى سياسة تعنت وتسويف فيما يتعلق بسد النهضة، مؤكدًا أن مصر ستستمر في متابعة التطورات عن كثب، وستتخذ جميع التدابير اللازمة للدفاع عن مصالحها المائية.
وفي ختام كلمته، أكد عبد العاطي على ضرورة تعزيز دور الأمم المتحدة في معالجة التحديات الأمنية الناشئة، مثل التعاون الرقمي والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن التحديات التقليدية المتعلقة بحفظ السلام والأمن لا تزال قائمة، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا. وأعرب عن أسفه إزاء فشل مجلس الأمن في التعامل مع بعض النزاعات التي تشهدها المنطقة، داعيًا إلى إعادة النظر في آليات عمل المجلس لضمان استجابته بشكل فعال للأزمات الإنسانية والسياسية.
وأكد عبد العاطي في نهاية كلمته أن مصر ستظل ملتزمة بدورها الإقليمي والدولي في تعزيز السلم والأمن الدوليين، مشددًا على أن الشعب المصري سيواصل تقديم الدعم للأشقاء من الدول العربية والأفريقية، رغم التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تواجهها البلاد. ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في تقديم الدعم اللازم لمصر لمساعدتها في تحمل الأعباء المتزايدة المتعلقة بأزمة اللاجئين والمهاجرين.