نائب رئيس جامعة القاهرة: العالم في انتظار 69 مليون وظيفة مرتبطة بالتقنيات الحديثة
موضوعات مقترحة
رئيس جامعة بنها: الرئيس السيسي وجه بإنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة لمواكبة وظائف المستقبل
رئيس جامعة سوهاج: إنشاء عدد من المراكز التدريبية المتخصصة لتقديم الدعم الفني والتوجيه المهني
عميدة النانو تكنولوجي بجامعة القاهرة: كليتنا الأولى عربيا وإفريقيًا لتعلم تقنيات ترسم خارطة المستقبل
عميد الذكاء الاصطناعى بجامعة القاهرة: ضرورة إجراء مسابقات قومية فى مجالات البرمجة والنظم المدمجة
يقف المجتمع الدولى على أعتاب نقلة نوعية تنموية اقتصادية، وتغير جذرى فى عنصر العمل، جراء التطورات والابتكارات التكنولوجية، التى حققتها الثورة الصناعية الرابعة، والتى من المتوقع أن تكون بمثابة نافذة تعزز الدفع بثورة رقمية صناعية جديدة من الجيل الخامس Industry 0.5، سيكون أبرز سماتها السرعة الجامحة والدقة والكفاءة فى القيام بالمهام التقليدية، التى ستؤثر بقوة على العولمة التنافسية وأنظمة الإنتاج والأسواق، نتيجة اتساع النطاق وعمق الحدود، مما سيجعل الهوة تزداد اتساعًا بين الدول المتقدمة والنامية.
كما ستؤدى الهوة الكبيرة التى سيحدثها الذكاء الاصطناعى، واختراقه مجال التوظيف، إلى فقدان 300 مليون شخص لوظائفهم، مع تحقيق زيادة فى الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنحو 7%، أو ما يقرب من 7 تريليونات دولار، وزيادة نمو الإنتاجية بمقدار 1.5 نقطة مئوية على مدى العشرة أعوام المقبلة، وذلك وفقًا لتقرير صادر عن البنك الاستثمارى الأمريكى “جولدمان ساكس” العام الماضى.
فى ضوء توجيهات القيادة السياسية المصرية، بمواكبة تلك التغييرات المقبلة، والاستعداد لها من خلال تطوير مناهج التعليم، التقت “الأهرام العربى”، فى هذا التحقيق مع نخبة من الخبراء المختصين للوقوف على أحدث المستجدات فى كيفية تأهيل الخريجين فى الجامعات المصرية، حتى يصبحوا مؤهلين ليواكبوا وظائف المستقبل.
فى البداية، قال الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة للدراسات العليا والبحوث، إنه لا يختلف اثنان على أهمية المعلوماتية والتقدم التكنولوجى، خصوصا البحث العلمى فى العصر الذى نعيشه، عصر الثورة الصناعية الرابعة، والتى كان من أهم معالمها التقدم المذهل فى نظم الذكاء الاصطناعى، وإنترنت الأشياء والعملات المشفرة والبلوكتشين، موضحًا أن ذلك بداية الانطلاق نحو عصر الثورة الصناعية الخامسة، والتى سيكون أهم معالمها هو تطوير الإنسان البشرى نفسه، من خلال ذرع شرائح إلكترونية داخل الأجساد البشرية بهدف ترقية البشر، هذا العصر هو نتاج بحث علمى متقدم جدا، فى التقنيات الحديثة، بدأ الاهتمام به منذ مطلع الألفية الثالثة، ووصل إلى مراحل متقدمة جدا فى دول العالم المتقدم.
69 مليون وظيفة جديدة
وأضاف السعيد، أنه نتيجة للاهتمام البالغ بالبحث العلمى فى مجال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، تضاعفت معدلات الحصول على المعلومات بشكل مذهل لا مثيل له، الأمر الذى جعل الدول المتقدمة تضع رؤى إستراتيجية للبحث العلمى، تبنتها بغرض التوظيف الإيجابى للأبحاث فى دعم تقدّمها، وريادتها وتنميتها المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادى والاجتماعى والبيئى، مشيرًا إلى أن التقدم المذهل الذى أحدثه البحث العلمى فى مجال التكنولوجيا، مجموعة من الوظائف المستحدثة والتى حلت محل الوظائف التقليدية، مثل مهندسى البرمجيات والشبكات وأمن تكنولوجيا المعلومات، وغيرها من الوظائف المرتبطة بطبيعة العصر، وما زال العالم فى انتظار خلق 69 مليون وظيفة جديدة مرتبطة بالتقنيات الحديثة بحلول عام 2027، وإلغاء 83 مليون وظيفة، كما يتوقع المنتدى الاقتصادى العالمى فى أحدث تقرير صادر عنه.
وأوضح أن التعليم والبحث العلمى، هما المسئولان عن إعداد مواطن فاعل ومؤثر فى مجتمعه، وقادر على المنافسة فى سوق العمل، سواء على المستوى المحلى أم الإقليمى أم الدولى، هذا على مستوى الفرد ومجتمع الأفراد، أما على مستوى الدولة فإن التعليم والبحث العلمى، هما وعاء خطة الدولة وإستراتيجيتها نحو مجتمع المستقبل، ويسهمان بشكل مباشر فى تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030، بأهدافها الستة بدءا من الارتقاء بجودة الحياة للمصريين، وانتهاء بالحوكمة الفاعلة والشراكات، مؤكداً أنه أهمية مواكبة الدولة المصرية للمتغيرات فى أسواق العمل الإقليمية والدولية، وكذلك متطلبات عصر الثورات الصناعية الحديثة، وإعداد خريج مؤهل لسوق العمل المستقبلى، ولدعم احتياجات الدولة الوطنية.
خطط التطوير
وأشار الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة، إلى ضرورة أن ترتكز خطط التطوير الخاصة بالتعليم العالى والبحث العلمى، خلال المرحلة المقبلة، على تحويل الجامعات المصرية إلى جامعات ذكية مستدامة تمتلك بنية تحتية مادية وتقنية، تستطيع من خلالهما أن توفر العمليات التعليمية والبحثية المطبقة فى الجامعات العالمية المتقدمة، جامعات ترتكز فى تنفيذ مهامها الثلاث - التعليم والبحث العلمى وخدمة المجتمع - على أنشطة التعليم الإلكترونى، والمختبرات العلمية والبيئة الافتراضية المفتوحة، ومكتبات ومراكز للأبحاث العلمية وفصول دراسية ذكية، مشدداً على أهمية اعتماد الجامعات فى تأهيلها للطلاب على التدريب والتطبيق العملى، والابتكار فى العديد من الأنشطة التعليمية، والاجتماعية، وتوفير شبكة إنترنت قوية فى الحرم الجامعى، وسهولة وصوله فى كل مكان فى الحرم على أساس التقنيات اللاسلكية، والبنية التحتية السحابية، والتقنيات المتنقلة، وصولا لموارد التعلم الإلكترونى.
ريادة الأعمال
من جانبه، أكد الدكتور ناصر الجيزاوى، رئيس جامعة بنها، أن الجامعات المصرية هى الشريك الرئيسى فى تحقيق التنمية المستدامة، لما لها من دور مهم من خلال بحوثها العلمية، وبرامجها الدراسية القادرة على خلق جيل جديد قادر على إيجاد حلول مبتكرة مستدامة، موضحاً أنه فى إطار تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمى، وتوفير مناخ مُحفز لتوطين وإنتاج المعرفة، ودعم التحول نحو جامعات الجيل الرابع لمواكبة التوجهات العالمية، تسعى الجامعات فى ضوء مسئوليتها الوطنية، لإعداد جيل من الشباب قادر على تحمل المسئولية، يتميز بروح الولاء والانتماء لوطنه من خلال بناء قدراته ومهاراته، حيث تعمل على الاستثمار فى المعرفة لبناء ثقافة، وبيئة عمل إيجابية، تدعم الابتكار والتطوير المستمر لخدمة التنمية والاقتصاد الوطنى، وتطبيق أنظمة وآليات تعزز مشاركة الجهات الحكومية والقطاع الخاص، فى تطبيق جهود الابتكار والمشاركة فى تحقيق الأهداف الإستراتيجية للدولة، فى مجالات بالغة الأهمية.
وأضاف الجيزاوى، أنه فى إطار دعم القيادة السياسية لدور الجامعات الحيوى فى تعزيز روح الإبداع، من خلال إنشاء بيئات تعليمية، تشجع على التفكير الإبداعى والتحليل العميق، وتوفير الفرص للطلاب للمنافسة فى مختلف المجالات الأكاديمية والثقافية والرياضية، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة، بمشاركة صندوق “تحيا مصر”، بالإضافة لتخصيص 50 مليون جنيه من صندوق «تحيا مصر»، دعما لمبادرة الابتكار والإبداع فى الجامعات بالتعاون مع قطاع الصناعة، موضحاً أنه فى ضوء الدعم اللامحدود، الذى تقدمه الدولة المصرية لمنظومة التعليم العالى، والبحث العلمى لتأهيل الخريجين فى جامعاتها لمواكبة الوظائف المستقبلية.
تحديث المناهج الدراسية
وأوضح رئيس جامعة بنها، أن يتم اتخاذ العديد من الخطوات متمثلة فى تحديث المناهج الدراسية، لتضمن مواضيع ومهارات تتعلق بالتكنولوجيا الحديثة، منها الذكاء الاصطناعى، والتحليل البيانى، والتطوير البرمجى، والتفكير النقدى، تعزيز المهارات العملية وتوفير فرص للتدريب العملى والتعلم التجريبى من خلال برامج التدريب المهنى، والتدريب على العمل الجماعى، تعزيز التفكير الإبداعى، وحل المشكلات من خلال تشجيع الطلاب على التفكير بشكل مبتكر، وحل المشكلات المعقدة من خلال مشاريع التخرج والأنشطة الخارجية، وكذلك التوجيه المهنى و تقديم خدمات التوجيه، أو المساعدة فى تحديد اتجاهات الحياة المهنية وتطوير مهارات البحث عن العمل، توفير فرص الشراكة وربط البحث العلمى بالصناعة، تعزيز التعاون مع الشركات والمؤسسات، لتوفير فرص التدريب والتوظيف للطلاب، وتوجيههم حول احتياجات سوق العمل، بما كان له أطيب الأثر فى الارتقاء بالمنظومة التعليمية والبحثية فى مصر، كمًا وكيفًا، وانعكس ذلك إيجابيًّا على التصنيف الدولى للجامعات المصرية، وتفعيل دور الجامعات فى دعم قضايا التنمية المُستدامة، فى جميع القطاعات بالدولة.
دعم فنى.. وتوجيه مهنى
من جانب آخر، أكد الدكتور حسان النعمانى، رئيس جامعة سوهاج، أنه تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بدعم الطلاب من المبدعين و تنمية الطاقات الشبابية وصقلها، ورعايتها تحرص الجامعات على توفير مناخ مناسب، وبيئة مخصصة للطلاب والخريجين من اجل توجيههم إلى الطريق السليم لخدمة قاطرة التنمية الوطنية، عن طريق تقديم الدعم الفنى والتوجيه المهنى لهم، ومساعدتهم فى بدء مسيرتهم المهنية على أكمل وجه، موضحاً أن جامعة سوهاج اتخذت فى هذا السياق عدداً من الخطوات، والتى تسهم فى تبادل الخبرات، وفتح آفاق جديدة للطلاب وزيادة قدراتهم التنافسية، وإعدادهم للحياة العملية للمنافسة محلياً ودولياً.
وأضاف النعمانى، أن جامعة سوهاج قامت بإنشاء عدد من المراكز التدريبية المتخصصة، مثل مركز التطوير المهنى والذى تم إنشاؤه بالتعاون مع الجامعة الأمريكية، حيث يوفر باقة متنوعة من البرامج التدريبية التى ترفع من مهارات الطلاب العملية، وربطهم بفرص التوظيف المناسبة فى القطاعين العام والخاص، فضلاً عن مساندة رواد الأعمال منهم، من خلال الاستشارات والتسهيلات اللازمة، موضحاً تنفيذ عدد من مؤتمرات التوظيف، والتى تهدف إلى ربط الخريجين مع الشركات والمصانع والمزارع، وجهات التوظيف المختلفة، لتوفير فرص التدريب اللازمة، لإعدادهم على المستوى المطلوب الذى يمكنهم من المنافسة، حيث تشهد هذه الملتقيات إقبالا كبيراً من الطلاب.
وظائف النانو تكنولوجى
وفى السياق، تبيّن الدكتورة رباب الشريف، عميد كلية الدراسات العليا للنانو تكنولوجيا جامعة القاهرة، أهمية هذا المجال الناشئ فى عالم التعليم والبحث العلمى، فى ظل تقدم تكنولوجيا التعليم، مؤكدة أن التكنولوجيا أصبحت تلعب دورًا حاسمًا فى تعزيز عمليات التعلم والتعليم فى العصر الحديث، وذلك نظرًا لأن معظم الطلاب ينتمون إلى جيل التكنولوجيا، ويتفاعلون بسهولة مع الأدوات التكنولوجية، موضحة أن كلية النانو تكنولوجيا، تعتبر خطوة جوهرية فى مسيرة تحويل جامعة القاهرة إلى واحدة من جامعات الجيل الرابع، وهى الأولى من نوعها فى مصر والدول العربية وإفريقيا، حيث تم إنشاؤها بهدف توطين علم النانو تكنولوجيا على أرض مصر بأيادٍ مصرية.
وأضافت الدكتورة رباب الشريف، أن الهدف الأساسى من الدراسة فى كلية النانو تكنولوجيا، هو المشاركة الفاعلة فى التنمية الشاملة والبحوث، وخلق كوادر وطنية ترسم خارطة المستقبل، وتحقق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، حيث إن الدراسة فى الكلية تسهم فى تطوير مجالات إنتاج الطاقة وتحلية المياه، وتخليق المواد الجديدة ومواد البناء، بالإضافة إلى دعم تطوير المجالات الطبية والصيدلية، مثل تصنيع الأدوية والتوصيلية الدوائية وغيرها، ومن المتوقع أن يفتح علم النانو تكنولوجيا العديد من الفرص الوظيفية فى مختلف القطاعات.
منها المجالات البحثية فى علم النانو لإجراء البحوث على المستوى النانوى، وتطوير مواد وتطبيقات جديدة، وكذلك مهندسو الطب النانوى لتصميم وتطوير الأجهزة والتقنيات النانوية للتطبيقات الطبية، وكذلك مهندسو الإلكترونيات النانوية لتصميم وتصنيع المكونات الإلكترونية النانوية، ومهندسو المواد النانوية لإنشاء مواد جديدة ذات خصائص فريدة على المستوى النانوى، ومتخصصو التصنيع النانوى للإشراف على عمليات تصنيع الأجهزة والمكونات النانوية، وخبراء سلامة تكنولوجيا النانو لضمان التعامل الآمن مع المواد النانوية.
تطوير القدرات الرقمية
ومن ناحية أخرى يرى الدكتور رضا عبدالوهاب، عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة القاهرة، أن تطوير الخريجين لمواكبة وظائف المستقبل، يعتبر أمرًا حيويًا فى ظل التطورات السريعة فى مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى، موضحاً أن الكلية تعمل على تعزيز قدرات المنتسبين إليها، بأن يكونوا ملمين بأحدث التقنيات والأدوات فى مجالات الحوسبة والذكاء الاصطناعى، وذلك عن طريق تصميم برامج دراسية تتبنى أحدث الأساليب والتقنيات، وتوفير الفرص للطلاب للتعلم والتطبيق العملى، ولكى يكونوا مستعدين لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.
وأضاف عبدالوهاب، أن مهارات الحوسبة والذكاء الاصطناعى ليس فقط البرمجة، لكن أيضًا فهم البيانات وتحليلها وتطبيق التقنيات المتقدمة، مثل التعلم الآلى وتعلم الآلة، مما يستوجب على الكليات التشجيع والتنمية لروح الابتكار والبحث لدى الطلاب، من خلال المشاريع العملية والتحديات الحقيقية، وهناك تواصل مستمر مع وزارة الاتصالات وتقديم برامج تدريبية للخريجين، وأيضا وصلنا لدرجة عالية من التعامل مع التكنولوجيا الحديثة داخل الكلية.
وأوضح عميد كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعى بجامعة القاهرة، أهمية تطوير منظومة مقررات دراسية عملية، كأحد مسارات مقرر المجالات، تمتد عبر المراحل التعليمية المختلفة، لتعليم أسس التصميم المنطقى والإلكترونيات الرقمية والخوارزميات والبرمجة، يقوم على ذلك وضع المناهج نخبة من الأساتذة المتخصصين، مضيفاً أنه يجب ربط أيضاً موضوعات مشاريع تخرج طلاب الهندسة والحاسبات، وغيرها من الكليات بالمشاكل الحقيقية فى الصناعة، وتشجيع الإدارات الحكومية والخاصة ورجال الأعمال على التعاون مع الجامعات، لتحديد موضوعات المشاريع ذات الأهمية مع إمكانية تمويل بعض هذه المشروعات، مطالباً بضرورة إجراء مسابقات على المستوى القومى فى مجالات البرمجة والنظم المدمجة والروبوتات، وإنشاء مراكز تدريب فى المجالات الرقمية النوعية بالتعاون مع الشركات الرائدة محليا وعالميا.