صدر كتاب تراث الطيور عن معهد الشارقة للتراث للدكتور مصطفى جاد العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون الشعبية، وخبير التراث اللامادي باليونسكو.. ويقع في 433 صفحة ومزود بصور ملونة تعكس المعارف والممارسات والإبداعات الشعبية العربية.
موضوعات مقترحة
تراث الطيور ينطوي على الكثير من المعارف الشعبية المتوارثة، والتي تتوزع مهاراتها بنسب متفاوتة بين أفراد المجتمع.. فنجد من يهتم بالطيور من زاوية الطعام واختيار الأنواع الجيدة.. وقد ترتبط المعارف عند البعض بتمييز أصوات الطيور، أو تقليد أصواتها، أو استدعاء الطيور بأصوات معينة فتلبي نداءه؛ سواء كانت طائرة في السماء أو راسية على الأرض، وهناك من يهتم بتربية الطيور، وآخرون تخصصوا في صيد أنواع منها، على حين يهوى البعض رسم أشكال الطيور؛ سواء كحالة إبداعية أو معتقد للحماية..
والطيور قد تكون أليفة كالحمام أو اليمام أو العصافير، وقد تكون جارحة كالنسور والصقور.. وهناك طيور نراها كل يوم.. ونقترب منها.. ونتعامل معها.. وهناك طيور لا يمكننا الاقتراب منها إلا من خلال معارف وقدرات معينة كالصقر والنسر والطاووس. وفي جميع الحالات سنجد عالم الطيور شديد القرب جدًا من عالم الإنسان، فلا يمر يوم دون أن يكون بيننا وبين الطيور علاقة ما سواء بالنظر، أو السمع، أو الأكل، أو التفاؤل، أو التشاؤم.
يرصد الكتاب عناصر التراث الشعبي العربي، سواء الحي المتداول، أو ما ورد إلينا من تصورات عربية حول الطيور. واخترنا بعض الطيور الأقرب إلى الحياة اليومية في البيئات العربية، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن البعد الديني حول الطيور، لا يدخل ضمن الإطار الموضوعي للكتاب، والذي يمكن تتبعه في دراسات أخرى، ومن ثم فقد كان تركيز المؤلف على البعد المعرفي والتصور الشعبي حول الطيور، هو ما كان يشغله في بحث التراث الثقافي غير المادي بصفة عامة.
وحاول المؤلف قدر المستطاع الاستعانة ببعض الممارسات في المنطقة العربية، كمدخل بحثي في المستقبل لمن يريد تتبع الموضوع في دراسة موسعة، حيث يحتاج التوثيق العربي المنهجي لتراث الطيور في المنطقة العربية إلى فريق عمل متعدد التخصصات، نظرًا لاتساع موضوع الطيور في الثقافة العربية عامة، فضلاً عن تعدد المناطق الثقافية في البيئات العربية، والتي يمكننا من خلالها الوقوف على كثير من التفاصيل.
وعلى هذا النحو يبحث المؤلف عنصر الطيور من زوايا متعددة، بدأها برصد بعض البقايا الأسطورية حول الطيور، والتي لا زال تأثيرها حتى الآن، ومنها بقايا أسطورية حول الغراب، والبعد الأسطوري لطائر العنقاء، والبعد الأسطوري لزرقاء اليمامة. ومن ثم كان المدخل لبحث المعتقدات الشعبية حول الطيور، ومظاهر هذه المعتقدات كارتباط الطيور بالأولياء والقديسين، والتأثير السحري للطيور، والتفاؤل بالطيور والتشاؤم منها، فضلاً عن طلاسم الطيور، والتصور الشعبي حول رؤية الطيور في الأحلام.
ثم انتقلنا إلى المعارف المرتبطة بالطيور ليتسع المجال لتتبع أدوات الحماية من الطيور، والمعارف المرتبطة بصيد الطيور، وأدوات الصيد، حيث توقفنا عند مهارات الصيد بالصقور، وتراث الأماكن التي يتواجد فيها الطيور، وبحث دور الطيور في التنبؤ، وخصائص بعض الطيور كالحمام الزاجل، فضلاً عن الممارسات الطبية الشعبية المتعلقة بالطيور.
وفي ختام الكتاب يعرض المؤلف لقضايا توثيق تراث الطيور، وقد عرض لهذا المدخل من خلال عدة محاور، بدأها بتصنيف الطيور في القسم المصنف بمكنز التراث الشعبي العربي، ثم تصنيف تومسون للحكايات الشعبية (فهرست الموتيفات) وموضع الطيور في هذا التصنيف. وتوقف أخيرًا عند دليل جمع مادة الطيور، ومنهجية الدليل في هذا الإطار، كما عرض نماذج لبعض المصادر العربية التي تناولت موضوع الطيور، والجهود العربية في تسجيل الصقارة على القائمة التمثيلية للتراث الإنساني باليونسكو.