Close ad

نتنياهو و"إدمان" الرهانات الخاسرة

28-9-2024 | 14:34

الإدمان هو عدم القدرة على الابتعاد عن مادة ما أو سلوك معين؛ وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الصهاينة "أدمن" فيما يبدو الرهانات الخاسرة، واستحق لقبه الجديد في غالبية وسائل الإعلام العبرية؛ "المقامر"..

فبعد أن فشلت رهاناته في "تركيع" غزة، وسلب تشبث المقاومة والشعب في حقه بالخلاص من الاحتلال، رغم كل الوحشية وانتهاك كل حقوق البشر، وإعادة التهجير القصري من مكان لآخر "واتساع" المقاومة في فلسطين كلها، وفي الضفة الغربية والقدس، وعودة العمليات الاستشهادية، رغم "الخناق" الأمني الصهيوني الشديد، ووقوع عمليات "دهس" للصهاينة من وقت لآخر، رغم "يقين" من يفعلها باستشهاده وهدم منزله "وتشريد" أسرته..

بعد ما يقارب من العام في حرب غير متكافئة بين الجيش الصهيوني، المدعوم بأقوى الأسلحة وأحدثها، وتسانده أمريكا وحلفاؤها، وغزة "المنهكة" من حصار دام لأعوام طويلة "والقوية" بإرادتها وبشعبها وبمقاومتها، وبدعم حزب الله لها منذ 8 أكتوبر، رغم عدم علمه بالهجوم، وأعلن منذ ذلك اليوم أنه لن يتوقف عن "مساندة" غزة حتى يتوقف الهجوم الوحشي عليها..

دفع الحزب الثمن غاليًا؛ فاستهدف الصهاينة أهم قائد عسكري في حزب الله واغتالوه، كما اغتالوا لاحقًا بعض القادة العسكريين في عمليات وحشية استشهد فيها الكثير من المدنيين العزل بجوار العسكريين..

واستشهد مئات من المقاتلين في الحزب الذي رفض "إغراءات" وتهديدات من وسطاء كثيرين للابتعاد عن غزة..

"هرب" نتنياهو من رهاناته الخاسرة في غزة وفلسطين إلى رهان خاسر جديد في لبنان.

قال نتنياهو: "أصل إلى حيث أستطيع أن أصل"؛ وتناسى أن "الغطرسة" لم تنفعه من قبل، وأن الاستخدام "المفرط" والوحشي لم ينجح، وأن حزب الله والمقاومة في غزة لديهم مفاجآت كما أعلنوا.

كتب رونين بيرجمان في يديعوت أحرونوت: "ترى أغلبية القادة العليا أن إسرائيل ارتكبت خطأ مأسويًا ومريرًا في الدخول البري في لبنان عامي 1982 و2006، وعليها ألا تدخل فيما يعتبره كثيرون فخ الموت الذي يعده حزب الله.. حيث اعتقدت في بداية 2006 أنها ستهزم حزب الله بالقوة الجوية دون غزو بري، وعندما فشلت واستمر حزب الله في إطلاق النار على المدن في إسرائيل، واضطرت إسرائيل إلى غزو لبنان"، وأعلن حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري السابق في لقاء تليفزيوني أن الصهاينة ذهبوا إليه لوقف الحرب في 2006.

نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن المفاوضات لن تكون إلا تحت النار ومستمرون في ضرب حزب الله، بينما ابتسم وضحك، وقال خلي الأيام بيننا وزير الأشغال اللبناني ردًا على سؤال من مذيع عن استعداد الصهاينة للدخول البري إلى لبنان، وقال: "لن يصلوا لطموحاتهم، لن تكون نزهة، لأي أحد يفكر يفوت على الأراضي اللبنانية، أيام الضعف رفضنا المحتل وقاومنا فكيف بأيام القوة؟! الشعب والظروف اختلفت وخلي الأيام بيننا".

يقول المثل اللبناني الرائع: "ياللي بيجرب في المتجرب.. عقله مخرب"، فقد راهن نتنياهو على "إخافة" لبنان من مشاهد التدمير الوحشي في غزة، وخسر الرهان، فقد "عاشوها" من قبل لسنوات حتى حققوا "الانتصار" على الصهاينة وأخرجوهم من لبنان، وأعادوا بناء ما دمره الاحتلال "وأصروا" على إعادة الحياة في جنوب لبنان، وعاشوا فيه رغم "يقينهم" بغدر العدو، وأنه سيستغل أي فرصة للانتقام منهم.

راهن نتنياهو أن كثرة الغارات الجوية الوحشية ستشل يد المقاومة في لبنان؛ فتواصلت الهجمات وزادت وتيرتها واختارت أماكن حيوية لدى العدو ونالت من مستودعات لأسلحة الصهاينة وبعض مطاراته العسكرية ومصانعه.

نشرت صحيفة ديلي تلجراف البريطانية تقريرًا حذرت فيه العالم الصهيوني الحائز على نوبل آرون سيخانوفر من موجة ضخمة من المغادرين وقال التقرير: "معظم الأطباء الكبار يغادرون المستشفيات والجامعات تجد صعوبات، هذا مجتمع ضيق للغاية وبمجرد رحيل 30 ألفًا من هؤلاء الأشخاص لن تكون لدينا دولة هنا".

وقالت كراجستين (37 عامًا): "أرفض العيش هنا لقد غيرتني الحرب، ذهبت كثيرًا إلى الملجأ، أنا دائمًا متأهبة إنه أمر مرهق جدًا، الخوف من الحرب يحفز الكثيرين لمغادرة إسرائيل، لديهم أطفال ويريدون لهم مستقبلًا أفضل، البعض ليس لديهم جوازات سفر للاتحاد الأوروبي ويشعرون بالضياع، ويبحثون عن طرق أخرى للمغادرة". 

حاولت مذيعة، من قناة "ضد" المقاومة، التأثير على سيدات من جنوب لبنان والضغط عليهن عاطفيًا بتذكيرهن بتهدم منازلهن واستشهاد بعض من أسرهن، فكان الرد: "لقد تهدمت من قبل وقمنا بإعادة بنائها، وسنعيدها أفضل مما كانت فكلنا فداء للمقاومة؛ لأنها على حق والله مع الحق، وهؤلاء ليسوا أول شهداء لنا وسننتصر، والمهم لبنان".

جسد الكاتب والباحث السياسي د. حسام مطر "عزيمة" داعمي المقاومة وصبرهم على الوجع وصمودهم "وإيمانهم" بعدالة قضيتهم.. جيث نشر على وسائل التواصل الاجتماعي صورة منزله بعد تدميره وكتب: "هذا منزلي ومنزل إخوتي في بلدة اللوبية، دمره طيران العدو منذ قليل (كلنا بخير)، وسام كبير وعظيم منحنا إياه العدو الغبي، الآن أكثر ثباتًا وثقة وعزًا منذ أي وقت مضى.. نواسي ببيتنا المدمر أهلنا وشعبنا وفداءً لناسنا وقضيتنا وللمقاومة وأبطالها وسيدها، وعساه دفعًا للبلاء عن بلدتنا وأحبتنا، سنعيده أحلى وأجمل متوجًا بالعز والكرامة والموقف الصلب، لا خوف ولا تراجع ولا ذرة شك، فحين اخترنا هذا الطريق اخترناه بإدراك تام لأثمان أكبر من هذا بكثير، والحمد لله على عظيم النعم".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة