في عالم اليوم المتصل، أصبحت الهجرة بحثًا عن فرص أفضل أمرًا شائعًا. ومع انتقال العائلات إلى دول جديدة، يبرز تحد كبير يتمثل في الحفاظ على الهوية الثقافية للأبناء؛ حيث يواجه الأطفال ضغوطًا للتأقلم مع الثقافة السائدة في البلد الجديد، ما قد يؤدي إلى تفضيل العادات والتقاليد الجديدة على تلك الخاصة بالوطن.
موضوعات مقترحة
وتظل التساؤلات مطروحة: كيف يمكن للأهل نقل قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم إلى أطفالهم وهم يعيشون في بيئة مختلفة؟
هذا السؤال يطرح نفسه على العديد من الأسر العربية التي تسعى جاهدة لتربية أطفال متفتحين ومتصلين بجذورهم.
وتجيب "بوابة الأهرام" عن ذلك السؤال خلال السطور التالية..
يقول الدكتور أيمن الدهشان خبير التنمية البشرية، إن الهوية الثقافية والدينية تعد لأي أمة من الأمور الأساسية التي تشكل معالم شخصيتها الفريدة وتؤثر في مسارها الحضاري والاجتماعي، وفي إطار المحافظة على الهوية والثقافة الإسلامية، يجب إيلاء اهتمام خاص بإحياء المناسبات الدينية التي تحمل في طياتها موروثات تاريخية وقيمية روحية وتراثية عميقة، ومن بين هذه المناسبات، مؤكدًا ضرورة تقديم الدعم النفسي لأطفالنا نظرا لشعورهم الدائم بالغربة وعدم القدرة على الاندماج، وتحديد أهدافهم ومساعدتهم في تخطي العقبات التي يواجهونها، فضلا عن ضرورة توعية الأطفال بمدى اختلافهم عن المجتمع في العقيدة والعادات.
دمج الثقافة في كل الخطط المستقبلية للتنمية الشاملة الاجتماعية
وتابع: لابد من دمج الثقافة في كل الخطط المستقبلية للتنمية الشاملة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والصحية، مشددًا على ضرورة تعليم أبنائنا اللغة العربية وذلك لأن اللغة هي ذاكرة الأمة التي تختزن فيها تراثها ومفاهيمها وقيمها، فهي أداة التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل.
تعليم التاريخ من أهم مقومات الهوية الثقافية المرتبطة بالحس القومي
ويؤكد خبير التنمية البشرية على تعليم التاريخ لأبنائنا من أهم مقومات الهوية الثقافية المرتبطة بالحس القومي، ويتمثل في الأحداث والمواقف التي مرت بها الأمة واستقرت في أعماق ذاكرتها. كما تلعب التربية دورًا مهما في تشكيل الهوية الثقافية ألبناء المجتمع ، لذا فهي السبيل الأساسي الذي يمكن أن تعتمد عليه كافة المجتمعات للحفاظ على هويتهم الثقافية.
الحرص على تطبيق العادات والتقاليد في المناسبات
ويوصي الدهشان، بالرجوع إلى الدراما المصرية القديمة، أو إطلاق بث لقناة تليفزيونية تعليمية باسم" الهوية الثقافية" أو بث قفرة على قنوات مدرستنا وتتحدث عن الهوية الثقافية، مؤكدًا ضرورة حرص الأسرة التي تعيش بالخارج تطبيق العادات والتقاليد في المناسبات والحرص عليها حتى لا ينفصل الطفل عن هويته ووطنه الأصلي.
الدكتور أيمن الدهشان خبير التنمية البشرية
المصري سفيرًا لبلاده أينما حلّ
ومن جانبه، يرى الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس والخبير التربوي،أن الحفاظ على الهوية المصرية في الخارج يمثل موضوعا بالغ الأهمية لأي شخص مصري؛ لأنه يعتبر سفيرا يمثل بلاده في أي دولة يذهب إليها، لان أول صفة ستطلق عليه ليس اسمه أو مهنته بل "مصري"؛ لذلك يجب أن يكون نموذجا طيبا يحمل سمات الشخصية المصرية سواء في نمط ملابسه أو لغته أو أسلوب كلامه ؛ بل وكلماته نفسها بالإضافة إلى ثقافته.
واستكمل: هذا الأمر يقتضي من الآباء والأمهات مراعاة بعض الأمور للحفاظ على الهوية الثقافية أثناء تربية أولادهم بالخارج والتي تتمثل في:
- أن يكون الوالدان نموذجا أصيلا للشخصية المصرية.
- توفير مصادر المعرفة للأبناء عن الدولة المصرية سواء في شكل كتب أو مصادر إلكترونية حول تاريخ وجغرافية مصر وفنونها وآدابها.
- تعريفهم بالشخصيات المصرية النابغة مثل أحمد زويل ونجيب محفوظ ومجدي يعقوب وانجازاتهم.
- توضيح ما يتسق ولا يتسق من سلوكيات وأخلاقيات الدول الأخرى مع قيمنا وثقافتنا.
- استغلال ذكريات الأحداث التاريخية المصرية العظيمة مثل ٦ أكتوبر في تعريف الأبناء بها.
- استخدام اللغة العربية في أكثر الأوقات في الحديث في المنزل.
- إحضار صور ونماذج وتماثيل في المنزل مرتبطة بالحضارة المصرية.
الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس والخبير التربوي
وأردف، أن الحفاظ على الهوية الثقافية للأطفال في الخارج يتطلب تضافر جهود الأهل والمجتمع من خلال توفير بيئة منزلية داعمة وتشجيع الأطفال على التعرف على ثقافتهم، لذلك على الأهل مساعدة أطفالهم على النمو بأفراد واثقين من أنفسهم ومتصلين بجذورهم.
موضوعات قد تهمك:
«بداية جديدة» بوابة مصر نحو المستقبل.. واقتصاديون: استثمار في رأس المال البشري
«حلاوة المولد» رحلة عبر الزمن لاستكشاف تاريخها وأنواعها المتعددة وكيفية الاحتفال بها على مر العصور