في عالمنا الرقمي المتسارع، بات مصطلح "الترند" جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، نراه يتصدر عناوين الأخبار تارة، ويشغل حيزًا كبيرًا من منصات التواصل الاجتماعي تارة أخرى؛ حيث يوجه اهتمام الملايين حول العالم.
لكن تظل هناك تساؤلات مطروحة، ما الذي يجعلنا نسعى جاهدين لركوب موجة الترند؟.. وهل هذا السعي يمثل رغبة حقيقية في التعبير عن أنفسنا أم مجرد محاولة يائسة للانتماء إلى جماعة؟
فلا شك أن "الترند" يمكن أن يكون قوة دافعة للتغيير الإيجابي. فقد شهدنا كيف استطاعت بعض الحركات الاجتماعية أن تحقق أهدافها بفضل انتشارها السريع عبر المنصات الرقمية، كما أن "الترند" يمكن أن يكون وسيلة ممتازة لنشر الوعي حول قضايا مهمة. وقد يكون ذلك في شكل حملات توعية، أو مبادرات تطوعية، أو دعوات للتغيير الاجتماعي، لأن مثل هذه الترندات تتميز بقدراتها على توحيد الناس حول قضية مشتركة، وإلهامهم للعمل معًا لتحقيق هدف مشترك.
ولكن على الجانب الآخر، نجد أن السقوط في فخ الترند يحمل في طياته العديد من الجوانب السلبية، ففي ظل السعي المحموم للحصول على أكبر عدد من الإعجابات والمشاركات، قد نتجاهل جودة المحتوى، أو اللجوء إلى أساليب رخيصة لجذب الانتباه. فضلا عن أن التركيز الزائد على "الترند" قد يؤدي إلى فقدان هويتنا الفردية وتقليد الآخرين بشكل أعمى؛ حيث يشعر الكثير من الأفراد بالحاجة إلى الانتماء إلى مجموعة أو مجتمع معين، وأن "ركوب الترند" يوفر لهم هذه الفرصة من خلال المشاركة في شيء مشترك مع الآخرين.
وهذا الأمر يجعلنا نقف قليلا لنفكر في هذا السلوك المعقد، وأن نسعى إلى التوازن بين المشاركة في الحياة الرقمية وبناء حياة حقيقية سعيدة ومثمرة.
وأخيرًا، أرى أن "السقوط في فخ الترند" ظاهرة معقدة تتطلب منا التفكير بعمق في دوافعنا وأهدافنا؛ حيث يمكننا تغيير هذه الدائرة المفرغة من خلال الوعي بأخطار التريندات، وتطوير عادات صحية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز على بناء علاقات حقيقية مع الآخرين.
لذا علينا أن نتذكر أن القيمة الحقيقية تكمن في أنفسنا وفي إنجازاتنا، وأن نكون حذرين من الوقوع في فخ المظاهر، وأن نسعى دائمًا إلى تطوير أنفسنا والمساهمة في بناء مجتمع أفضل.