يعد معبد أبو سمبل من أهم وأشهر وأجمل المعابد في مصر، فهو دُرة من درر العمارة المصرية القديمة، نُحت في الجبال بعهد الملك رمسيس الثاني، أهم ملوك مصر القديمة في القرن ١٣ ق.م، حيث تم البدء في نحت المعبدين عام ١٢٦٤ قبل الميلاد حتى عام ١٢٤٤ قبل الميلاد، ليستغرق مده نحتهم ٢٠ عاماً، ونُحت كنصب دائم له وللملكة نفرتاري للاحتفال بذكرى انتصاره بمعركة قادش.
موضوعات مقترحة
ويوجد معبد أبوسمبل فى أسوان، ويتكون من معبدين لايفصلهم إلا وادٍ صغير، الكبير للملك رمسيس الثاني لعبادة الإلهة الثالثة رع حورآختي وبتاح وآمون رع، والمعبد الصغير لزوجته نفرتارى لعبادة الإله حتحور.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
ويتكون المعبد الكبير من واجهة يتوسطها مدخل وأربع تماثيل للملك رمسيس جالسين، بارتفاع ٢٠ مترا ثم قاعة رئيسية بها ثمانية أعمدة والقاعة الثانية بها أربعة أعمده، ثم القاعة المقدسة بها تمثال رمسيس الثاني وتماثيل الإلهة الثلاثة، ويوجد نقش داخل المعبد للملك رمسيس يقود مركبته الحربية خلال معركة قادش.
وبجانب المعبد الكبير، أنشأ رمسيس الثاني معبدًا صغيرًا لزوجته الملكة نفرتاري، ووضع في واجهته ستة تماثيل واقفة، أربعة منها للملك رمسيس الثاني والآخرين لزوجته نفرتاري، وفى داخل المعبد قاعة فسيحة يوجد بها ستة أعمده، والأعمدة لها تيجان على هيئة رأس الإلهة حتحور ثم قاعة بها تمثال الإلهة.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
ولما كان بناء السد العالى ضروري لتحقيق الرخاء الاقتصادى للشعب المصرى، إلا أن بناءه يتطلب أن يكون خلفه بحيرة لتخزين مياه نهر النيل وهى بحيرة ناصر، والذى ترتفع فيها منسوب الماء إلى ٨٠ متر فوق سطح النهر؛ مما يترتب عليه غمر مياه البحيرة جميع آثار ومعابد النوبة ومنها معبدى أبو سمبل إلى الأبد.
هنا ظهر حرص الحكومة المصرية على التنمية إلى جانب الحافظ على تراث الأجداد؛ وذلك بإنقاذ آثار النوبة واستكمال بناء السد العالي جنبا إلى جنب، وعليه أرسلت الحكومة المصرية خطاب رسمى لهيئة اليونسكو فى أبريل عام ١٩٥٩م، طالبة الآتى:
ـ العون الفنى العلمي المالي؛ لنقل المعابد وحمايتها فى موضعها من مياه السد العالي.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
ـ التنقيب عن كافة المناطق الأثرية فى النوبة.
ـ تسجيل كافة آثار النوبة تسجيلاً كاملاً.
قُدم الخطاب بواسطة وزير الثقافة الأسبق الدكتور ثروت عكاشة، وتعد هيئة اليونسكو هيئة دولية تابعة للأمم المتحدة ومختصة بحماية التراث الثقافي العالمي، وبالفعل استجابات هيئة اليونسكو للطلب المصري.
النداء الدولي
أطلقت اليونسكو نداء دوليًا تاريخيًا فى مارس عام ١٩٦٠م من مقرها بباريس، لإنقاذ المعبدين بصفة خاصة وآثار النوبة بصفه عامة، وبدأ فريق عمل متعدد الجنسيات من علماء الآثار والمهندسين والجيولوجيين في العمل معا لإنقاذ معبدي أبوسمبل، واقتراح الخبراء الدوليين بعد عددة دراسات مشروعين لإنقاذ المعبدين، المشروع الأول الفرنسى وهو إنشاء سد صخرى من الخرسانة والركام حول المعبدين والمشروع الثانى للمهندس جازولا الإيطالى هو رفع المعبدين كتلة واحده لأعلى.
واستبعدت اللجنة الفنية مشروع إنشاء السد الصخرى خوفا من تسرب الماء إلى المعبدين، فضلا عن أنه قد ينتج عن السد ارتفاع نسبة الرطوبة فى المعبدين؛ لكون المعبدين فى منخفض محاط بالماء مما يؤثرعلى نقوش المعبد وتماثيله، وارتفاع تكلفة بناء السد وحاجته إلى الصيانة الدورية لترميمه.
وعليه استقرت اللجنة المكلفة من اليونسكو فى يونيو عام ١٩٦١م على المشروع الثاني، وهو رفع المعبدين بواسطة عزل المعبدين عن الجبل، وإنشاء صندوق خرسانى فوق المعبدين، ثم رفع المعبدين بروافع هيدروليكية عملاقه بتكلفة تصل إلى ٨٠ مليون دولار، ولكن لم يتم تنفيذ المشروع الثانى لعدم توافر التمويل المالى من جانب الدول المساهمة باليونسكو، والذى حال دون تنفيذه بحجه ارتفاع التكلفة وطلبت الدول المساهمة بالمنظمة البحث عن مشروع أخر أقل تكلفة.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
وعليه اتجهت الحكومة المصرية إلى مشروع آخر بديل وهو المشروع المصرى، والذى وافقت هيئة اليونسكو على تنفيذ، وفكرة المشروع المصرى تقوم على تفكيك المعبدين إلى كتل صخرية ونقلها فوق هضبة أبوسمبل وإعادة بناء المعبدين مرة أخرى فوق الهضبة بتكلفة تقل عن المشاريع السابقة، والتى تصل إلى ٣٦ مليون دولار، وتم توقيع اتفاقية بتمويل المشروع فى نوفمبر ١٩٦٣م، بين الدكتور عبدالقادر حاتم وزير الإعلام والثقافة المصري ومنظمة اليونسكو، وبعد توقيع اتفاقية التمويل تحول الحلم إلى حقيقة لإنقاذ أهم آثار النوبة وهما معبدا أبوسمبل بعد جهود متواصلة قامت بها مصر لإزالة العقبات التى حالت دون تنفيذه.
سيناريو المشروع
وبدأت خطوات التنفيذ الفعلى وفقا لتقرير المهندس الاستشاري للمشروع عن طريق إقامة سد واق وحواجز معدنية أمام المعبدين لحماية الأعمال فى حالة ارتفاع الماء، ثم إقامة سقالات معدنية داخل كل معبد لحماية الجدران والاعمدة والأسقف من الانهيار خلال إزالة الصخور أعلى المعبدين، ثم القيام بردم واجهتى المعبدين بالرمال لحمايتها من تساقط الصخور، ثم إنشاء نفق يسمح بدخول كل معبد، ثم تقوية الصخور وتثبيت النقوش عليها ولزق اقمشة فوق الخطوط المحدده لقطع الصخور لمنع كسر الحواف، ثم إزالة الصخور فوق المعبدين، ثم القيام بنشر الصخور وفق الخطوط المحددة والتى تم تقويتها سابقا وتم النشر يدويا أو بواسطة آلات، ثم القيام بنقل الكتل الصخرية المنشورة بعد ترقيمها الى موقعها الجديد والتى تم اعداده لإقامة المعبدين فوق الهضبة فى نفس اتجاه الموقع القديم، وبعد الانتهاء من كافة أعمال التقطيع والنقل، بدأت عملية تركيب المعبدين عن طريق تجميع الصخور وفقا لترتيب الترقيم، ثم إقامة التلال الصخرية فوق كل معبد للحفاظ على الشكل القديم للمعبدين بإقامة أسقف خرسانية يعلوها ركام صخرى، ثم القيام بسد الفراغات والفواصل بين الصخور المجمعة بشكل لا تلاحظة العين حتى تم إعادة المعبدين إلى الشكل الاصلى دون تغيير.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
الفك والتركيب
الجدير بالذكر تم قبل تفكيك المعبد قام قسم الترميم بمصلحة الآثار عام ١٩٦٢م ولمدة سبعة أشهر بتقوية الحجر الرملى الضعيف وحقن الشقوق والصخور التى يتكون منها معبدى ابوسمبل بمواد كيميائية، لتقويتها وحمايتها عند تقطيعها حتى لا تنكسر عند النقل، وبالفعل تم نقل المعبد الكبير والصغير فى مكان أعلى فوق هضبة ابوسمبل ليبعد عن مياه النيل، بارتفاع ٦٥ مترا فوق سطح النهر وإلى ٢٠٠ متر إلي الجانب داخل الهضبة، وتم تقطيع صخور المعبدين إلى أجزاء مربعة طولها ٤ أمتار وبوزن ٣٠ طن تقريبآ للقطعة ،ثم رُقمت كل قطعة من الصخور تم نقلها فوق الهضبة لموقع التجميع، وقاموا بتخزينها بالترتيب حتى موعد إعادة تركيب المعبدين.
تم تركيب المعبد بدقة متناهية للحفاظ على ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني بالصالة الداخلية للمعبد مرتين فى السنة، يوم ميلاده الموافق ٢١ أكتوبر، ويوم توليه العرش الموافق ٢١ فبراير، وتم ترحيل ميعادى التعامد يومآ بعد النقل ليكون ٢٢ أكتوبر و٢٢ فبراير من كل عام، نتيجة تحريك المعبد عن مكانه الأصلي لداخل الهضبة، وظهرت صعوبة النقل في الحفاظ على الزوايا الهندسيه الفرعونية لتعامد الشمس،حيث تدخل أشعة الشمس من واجهة المعبد عبر فتحة ضيقة؛ لتتعامد على وجه تمثال رمسيس الثاني داخل غرفته الخاصة في عمق المعبد.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
جهود العمال
وشارك نحو ٢٠٠٠ مهندس وعامل أغلبهم من المصريين في عملية نقل المعبدين، بعد تفكيكهم إلى ١٠٣٦ قطعة حجارة بإجمالى ٣١ ألف طن من الصخور، وبدء العمل في أبريل ١٩٦٤م، وتم الانتهاء منه بعد أربع سنوات في ٢٢ سبتمبر ١٩٦٨م، وقد بلغت إجمالى تكاليف نقل المعبدين ٣٦ مليون دولار، تحملت منهم مصر ١٢ مليون دولار، وساهمت ٥١ دولة بباقي التكاليف.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل
٢٢ سبتمبر.. يوم تحقيق الحلم
واحتفلت مصر ودول العالم فى ٢٢ سبتمبر ١٩٦٨م بانتهاء مهمة الحملة الدولية لإنقاذ اهم آثار النوبه وهما معبدا أبو سمبل، وهو أكبر مشروع حضارى وثقافي فى مصر والعالم.
وحضر الحفل خمسمائة شخص من المهتمين بالثقافة من كافة أنحاء العالم، فضلاً عن حضور المدير العام لمنظمة اليونسكو ووزراء وسفراء الدول المساهمة فى مشروع إنقاذ المعبدين وحضور وكالات أنباء ومحطات تليفزيونية وصحف عالمية لتغطية الحفل، وأُقيم الحفل فى سرادق كبير أمام ساحة المعبدين.
رد الجميل
وقامت مصر برد الجميل، وكانت أولى الدول الأعضاء فى اليونسكو التي شاركت فى إنقاذ آثار فلورنسا عام ١٩٦٧م، وانقاذ مدينة البندقية عام ١٩٦٩م.
قائمة اليونسكو
ونظرًا لأهمية معبدى أبوسمبل تم تسجيلهم على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمى فى عام ١٩٧٩م، ومازال المعبدين مصدر جذب للسائحين من كافة أنحاء العالم؛ لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس فى قدس الأقداس على وجه الملك رمسيس الثاني مرتين فى العام، والذى تؤكد تفوق المصرى القديم فى علوم الهندسة والعمارة والفلك.
عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل عملية الإنقاذ الأثري لمعبد أبو سمبل