Close ad

أغانٍ شعبية ومهرجانات ورقص.. «بيزنس» حفلات التخرج

21-9-2024 | 19:13
أغانٍ شعبية ومهرجانات ورقص ;بيزنس; حفلات التخرجأغان شعبية ومهرجانات ورقص.. بيزنس حفلات التخرج
خالد عبد المحسن
الأهرام العربي نقلاً عن

لم تقتصر على الجامعات وامتدت للمدارس الخاصة والحضانات

موضوعات مقترحة

شركات خاصة تتولى تنظيمها بعيدًا عن إدارة الجامعة بمقابل مادي

د. عادل عبدالغفار: «الأعلى للجامعات» قرر أن تكون وفقا لقواعد محددة

النائبة آمال عبدالحميد: تقدمت باقتراح لحظر الرقص في حفلات التخرج

د. فتحي الكومي: هذه السلوكيات تهدر قيمة العلم.. ويجب التصدي لها

د. نهاد صبيح: الهوس بالتريند حول المناسبة إلى حفلات للرقص والغناء

د. سامية خضر: ظاهرة تسللت إلينا من بوابة الفن الهابط وما يسمى بالمهرجانات

د. محمد عبدالفتاح: على الأسرة أن تقوم بدورها في رعاية وتقويم سلوك الأبناء

 

 

تحولت حفلات التخرج الجامعية من مناسبة سنوية تنظم فى شكل رسمى ومعتاد، يتم خلالها تكريم الخريجين المتفوقين بأسمائهم، وكل منهم يرتدى ثوب وقبعة التخرج التقليدى إلى حدث استثمارى ضخم يدر أموالا طائلة على الشركات المنظمة بعيدا عن إدارة الجامعة وتقاليدها العريقة.

الظاهرة أصبحت تؤرق المجتمع جراء ما باتت تشهده من تجاوزات.. أغانٍ شعبية ومهرجانات وملابس صارخة الألوان مع حرص كل طالب على الرقص وتسجيل كل ذلك فى بث مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعى لكسب « التريند»! كما أنها لم تعد قاصرة على خريجى الجامعات، بل باتت تشمل جميع المراحل التعليمية، حتى رياض الأطفال.. الكل يدفع للاحتفال والرقص!

لا أحد يعرف تحديدا متى وكيف تسللت تلك سلوكيات ومظاهر الرقص والغناء على إيقاع المهرجانات الشعبية، من الكباريهات والمراقص إلى قاعات الجامعة أثناء الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلابها. مما حاد بتلك الاحتفاليات عن غرضها الرئيسى وهو الاحتفاء بما تم تحصيله من علم على مدار سنوات الدراسة وانتقال الخريجين بعدها إلى سوق العمل، وباتت أشبه بحفلات الزواج، حيث يسيطر الرقص والمهرجانات الشعبية على فاعليات هذه الحفلات.
وحجر الزاوية فى هذا التحول يعود إلى كونها أصبحت تشكل "بيزنس" كبيرا تتسابق عليه شركات وجهات أصبحت مختصة فى تنظيم تلك الحفلات، وذلك بمقابل مادى من كل طالب يريد أن يتوج تخرجه بالرقص والغناء على إيقاع المهرجانات الشعبية، وهو ما يؤكده كلام محمود عبد الرحمن - 23 سنة- حيث يقول: تخرجت حديثا فى كلية التجارة  وشاركت فى احتفالية التخرج للمتفوقين، رغم أن تقديرى العام "مقبول"، قبل نهاية العام الدراسى بتظهر فى جنبات كل كلية، وعلى جروبات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى إعلانات تدعو طلاب السنة النهائية لحجز مكان فى احتفالية التخرج التى تنظمها جهة من خارج الجامعة، تتولى استئجار القاعات وتوفير زى التخرج وشهادات التقدير، وفى بعض الأحيان استقدام مطربى الغناء فى الحفل مع توجيه دعوات لعدد من هيئة تدريس الكلية، لحضور الاحتفالية نظير امتيازات محددة تمنحها الجهة المنظمة لهم، وذلك لإضفاء الشرعية، حيث تسند لهؤلاء الدكاترة مهمة الوجود على المنصة وتسليم شهادات التقدير للطلاب المشاركين وإلقاء كلمات والتقاط بعض الصور التذكارية.
ويضيف عبد الرحمن قائلا: دفعت 4 آلاف جنيه ليحجز لى ولوالدى وشقيقتى الصغرى أماكن فى الاحتفالية، منوها إلى أن تكلفة الفرد الواحد 1000 جنيه، ومسموح لكل خريج حجز حتى 6 مقاعد، وتدربت على الرقص على أغنية مهرجان، ودعا أصدقاءه إلى تصويره فيديو ليبث الحفل على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعى.

شركات خاصة
جميلة، 22 سنة، تخرجت هى الأخرى فى كلية الحقوق وشاركت فى واحد من احتفالات التخرج التى شهدتها الدفعة، وأوضحت أن العدد الكبير لطلاب الكلية سمح بوجود أكثر من جهة تتولى تنظيم احتفالية تخرج وقالت: هناك زملاء من نفس الدفعة يتولون تنظيم الاحتفالية والترويج لها وتحصيل قيمة اشتراك الفرد – 750 جنيها - وذلك بالتنسيق مع شركات خاصة مقابل الحصول على نسبة نظير ذلك، لافتة النظر إلى أن الحفل الذى شاركت فيه كان عدد الحضور يتجاوز 1500 فرد من الخريجين وأقاربهم. وعن سؤالها هل قمت بالغناء وقت تسليم شهادة التقدير؟ ضحكت قائلة: "دى مناسبة حلوة إننا نفرح وأهلى كانوا حولى "يصقفون لى!
وأشارت جميلة إلى أن صديقتها دعاء رتبت مع زميلها وأسرتها أن يتقدم لخطبتها على منصة الحفل مع الزغاريد فى مشهد رومانسى "أصبح ترند" ومثار حديث السوشيال ميديا لأيام .
بينما روان، طالبة بالفرقة الثالثة كلية الآداب، تحكى أنها سبق وأن عملت بجانب الدراسة مع إحدى الشركات التى تتولى تنظيم مثل تلك النوعية من الاحتفالات فى الترويج لاحتفالية بين طلاب الجامعات وعبر مواقع التواصل الاجتماعى، ووضع صور ومقاطع فيديو على الجروبات المختلفة لاحتفالات سابقة كى تشجع الطلاب على حجز تذاكر فى الاحتفالات القادمة.
وأشارت إلى أن حفلات التخرج نوعان بجانب التقليدى (روب وكاب ومسرح وشهادة التقدير)، هناك شكل آخر يطلق عليه (fun day)، ويتم تنظيمه بشكل أبسط من دون كل ذلك، الملابس وفقا لرغبة كل خريج وذوقه مع فقرات موسيقية متنوعة، وأحيانا نتعاقد مع مطرب وراقصة، وفى بعض الأوقات يجرى تنظيم هذا النوع من الاحتفالات فى مركب سياحى على النيل أو فى إحدى القرى السياحية، وأشارت إلى أن حفلات التخرج لا تقتصر على خريجى الجامعات، فحسب فهناك احتفالات تقام لخريجى المدارس الخاصة فى المراحل التعليمية المختلفة وكذلك لخريجى الحضانة:" الأهالى عاوزة تفرح بأولادها وتشجعهم على مواصلة التفوق فى المراحلة التعليمية التالية". وترى "روان" أن ما يحدث فى حفلات التخرج من رقص وغناء ومظاهر أخرى غير تقليدية من قبل المشاركين حرية شخصية طالما أن الأمر لا يسبب ضرراً لأحد!

إدارة الجامعات
حكايات الشباب الذين شاركوا فى احتفالات التخرج كثيرة ومتنوعة يسهل من خلالها استيضاح الحقيقة أن الأمر تحول إلى "بيزنس" تشتد ذروته خلال أشهر الصيف وفى مقابل ذلك شهدت الفترة الماضية الكثير من الوقائع المؤسفة، سلوكيات وظواهر غريبة تمخضت عنها مثل تلك الحفلات وأثارت حفيظة المجتمع وتصاعد الانتقادات حتى وصلت إلى قبة البرلمان وتقدمت النائبة آمال عبدالحميد،، باقتراح تدعو من خلالها الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي، لإصدار قرار وزارى مُلزم للجامعات فى مصر، بحظر الرقص فى حفلات التخرج وتساءلت كيف تسمح إدارة الجامعات والكليات بمثل هذه المهازل؟
حالة الغضب والرفض المجتمعى لمثل تلك السلوكيات دفعت بوزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات إلى الانعقاد أخيرا وبحث الأمر وإعلان الدكتور عادل عبد الغفار، المستشار الإعلامى والمتحدث الرسمى لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى أن المجلس الأعلى للجامعات يعتمد تحديث الضوابط الخاصة بتنظيم حفلات تخرج الطلاب بالجامعات المصرية، للتأكيد على أن تنظيم حفلات التخرج والفاعليات الطلابية الجامعية يكون حصريًا داخل الحرم الجامعى والمنشآت التابعة للجامعة، ولا يجوز تسمية أى فاعلية تُعقد خارج المنشآت التابعة للجامعة "حفل تخرج"، ولا يجوز استخدام اسم أو شعار الجامعة فى مثل هذه الفاعليات، ويحظر على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والإداريين بالجامعات حضورها، مشددا على أهمية أن يتم تحديد موعد الفاعلية فى خطة الأنشطة السنوية الفصلية، وتعتمد هذه الخطة من المجالس المعنية.

موافقة مجلس الكلية
كما يجب الحصول على موافقة مجلس الكلية فى حال تنظيم الفاعليات على مستوى القسم أو البرنامج أو الشعبة أو الكلية، أما فى حال تنظيم فاعلية على مستوى الجامعة، فيجب الحصول على موافقة نائب رئيس الجامعة المُختص ومجلس الجامعة، ويتم تشكيل لجنة للإشراف على تنظيم أى فاعلية طلابية برئاسة أحد أعضاء هيئة التدريس وعضوية عدد من أعضاء هيئة التدريس والإداريين بالجامعة، ويتم تشكيل لجنة أو أكثر من اللجان التنفيذية ويكون أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة والإداريون بالجامعة أساس قوام هذه اللجان، وتقوم هذه اللجان بمهامها التنفيذية تحت إشراف لجنة الإشراف، ويشارك الطلاب كمعاونين فى التنفيذ تحت إشراف لجنة الإشراف واللجان التنفيذية.

هوس الترند
الدكتورة نهاد صبيح، أخصائية الصحة النفسية والإرشاد الأسرى وخبيرة التنمية البشرية، وزميل كلية الدفاع الوطنى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، ترى أن رقص الطلاب فى حفلات التخرج وغيرها من المظاهر غير اللائقة لا يصح أن نطلق عليها علميا ظاهرة اجتماعية، وإنما هى سلوك حتى لو تكرر من قبل عدد من الطلاب فلا يرقى لظاهرة.
وتابعت قائلة: سبب هذا السلوك يرجع للأسف بهوس بعض الشباب بالترند والظهور على مواقع التواصل الاجتماعى مع غياب دور الأسرة وعدم وجود ضوابط وقوانين تمنع هؤلاء الشباب من الخروج عن التقاليد الجامعية المتوارثة والقيام بالرقص وخلافه، مشددة على أهمية أن تعى الأسرة أولا خطورة هذا الانفلات وترفع درجة الوعى عند الأبناء وخطورة أن ننساق فى تصرفاتنا وراء الترند الذى قد يكون سببا فى تدمير مستقبل الشباب، وشددت خبيرة الصحة النفسية على أهمية أن تقوم وسائل الإعلام بدورها أيضا فى زيادة وعى المجتمع ككل بخطورة مثل تلك السلوكيات المنحرفة.

الفن الهابط

من جهتها ترى الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، أن مثل تلك السلوكيات تسللت إلينا عبر بوابة الفن الهابط والقنوات الفضائية، وما يقدم تحت مسمى الأغانى الشعبية والمهرجانات والأفلام والمسلسلات التى تتضمن مشاهد رقص ومخدرات وعنف واحتفالات، تتنافى مع تقاليدنا الشرقية. وقالت: كل تلك المظاهر وغيرها مع "مصيبة" الجرى وراء الترند ولايكات ومشاهدات مواقع التواصل الاجتماعى تسللت رويدا رويدا إلى عقل المتلقى لاسيما جيل المراهقين والشباب، فأصبحت من الأمور الاعتيادية التى يقوم بها الشاب دون أن يلقى بالا بعواقبها الوخيمة على مستقبله هو نفسه ومستقبل أسرته.

وتابعت: "تلك السلوكيات المنحرفة ليست حرية شخصية، ويجب ألا تترك هكذا دون ضوابط من مؤسسات الدولة، الجامعات والمدارس عليها دور كبير فى تعزيز أهمية التمسك بعاداتنا وتقاليدنا الشرقية وأجهزة الدولة المختلفة عليها دور فى فرض القانون وتطبيقه على الجميع، مشددا على أن السلوك المنحرف مهما كان بسيط كأن يرقص ولد أو بنت فى مكان عام أو احتفالية ليست حرية شخصية، لكنها أمر مبتذل يجب أن يجرم ويعاقب من يقوم به عندئذ سوف يرتدع الجميع عن تكرارها أو القيام بأفعال أخرى مشينة.

سلوكيات مرفوضة
من جانبه يؤكد الدكتور محمد عبدالفتاح مصطفى عميد كلية الإعلام الأسبق أن ما تشهده حفلات التخرج من تجاوزات لم تصل بعد لمرحلة الظاهرة، ولكن تسليط الضوء عليها بقصد أو من غير قصد هو الذى جعل منها ما يطلق عليه ظاهرة، وإنما فى حقيقة الأمر سلوكيات مرفوضة ولا تليق بنا كمجتمع شرقى، وتابع قائلا: يجب علينا جميعا نبذ كل عمل يخرج عن المبادئ والقيم الأساسية، مشددا أن مثل تلك السلوكيات خلل ناتج عن تغير فى النسيج المجتمعى نتيجة عدم تقدير بعض أفراد الأسرة لدورهم لأسباب قد تكون خارجة عن إرادتهم مثل سفر الأب أو عمل الأم أو وقوع الطلاق مع قلة أو انعدام الرقابة وغياب القدوة، وكذلك المؤثرات الخارجية التى تنعكس سلبا على الوعى الاجتماعى والوعى الجمعى، وفى طليعتها تأثير السوشيال ميديا وخطورة ما بات يعرف بالهوس بالترند، جميعها أمور أسهمت فى إفراز مثل تلك السلوكيات المنحرفة التى أصبحنا نرى ونسمع عنها، مشددا على أننا حتى الآن يمكننا مواجهتها وتقويمها قبل أن تستفحل كالوباء فى أنسجة المجتمع. ويجب أن تقوم أجهزة الدولة بواجباتها لاسيما الإعلام والتعليم ودور العبادة فى التوعية بما يحدث وخطورة أن نسمح بتسلل مثل تلك السلوكيات لحياتنا اليومية بالتزامن مع تسليط الضوء على النماذج المضيئة لتصبح بمثابة مصدر إلهام للأجيال الشابة تتعلم منها وتستفيد من تجربتها، وأهمية أن تقوم الأسرة أولا وأخيرا بواجباتها فى رعاية وتربية الأبناء فهم خير استثمار للمستقبل .

محراب العلم

الدكتور فتحى الكومى، أستاذ العلوم الطبية الشرعية وكشف الجريمة وفسيولوجيا الأعصاب بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، يؤكد أن مظاهر الاحتفال بهذه الطريقة التى تموج بها حفلات التخرج أصبحت تهدر قيمة الإنسان والعلم، لأن "الجامعة" كانت ولا تزال محراب العلم الذى يؤهل الإنسان لبداية حياته ووضعه على طريق المسئولية، وقال: "ارتباط تلك السلوكيات بالطلاب والخريجين من شأنه أن يضعف من مكانة ورمزية الجامعة فى الوعى المجتمعى ككل، وأنها لم تعد ركيزة نعتمد عليها فى الحفاظ على التقاليد والقيم والمبادئ العظيمة التى نتميز بها كمجتمع شرقى محافظ.

 وأضاف: ماذا ننتظر من عصر السوشيال ميديا والترند والتقليد الأعمى الذى يؤدى إلى الهلاك والضياع.. سمحنا لأنفسنا ولبرامج مثل "تيك توك" وفيس بوك وغيرها أن تفسد حياة جيل جديد من الشباب، والحل يكمن أولا وأخيرا فى دور الأسرة، بتوعية وتحذير الأبناء من خطورة التقليد الأعمى لما تموج به مواقع السوشيال ميديا من سلوكيات منحرفة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: