قليلة هي الأعمال الفنية التي جمعت بين ملك الموسيقى بليغ حمدي وكروان الشرق الفنانة فايزة أحمد، تكاد تحصي تلك الأعمال على أصابع اليد الواحدة.
موضوعات مقترحة
لقد لحن بليغ لفايزة عدة أغنيات حققت نجاحًا جماهيريًا خلال فترة الستينيات منها" متخبنيش بالشكل ده، عشان بحبك أنا، حسادك علموك، وتسلمي عينيك الحلوة، وكفاية، ورجعني لقلبك، وموال القمر".
لكن مع النصف الثاني من الستينيات حدثت القطيعة الفنية بين "بلبل" و"الكروان" وبالتحديد حينما تزوجت فايزة أحمد من محمد سلطان عام ١٩٦٦م، وكونا سويًا ثنائيًا موسيقيا لطالما أمتع المستمعين بالروائع الموسيقية الخالدة.
في المقابل تمكن بليغ حمدي من تكوين ثنائي موسيقى منافس لفايزة وسلطان حينما اقترن بالمطرية وردة الجزائرية، وقد ساعد هذا التنافس بلا شك في إثراء المشهد الموسيقي في مصر والعالم العربي.
مع مطلع الثمانينيات كتب الطلاق كلمة النهاية لكل من رباعي النغم المتنافسة (وردة وبليغVS فايزة وسلطان) وخسرت الأغنية العربية كثيرا بهذا الطلاق العائلي والفني، وبدأ كل طرف يبحث عن شريك فني آخر يعوضه عن خسارته الفنية.
شاءت الأقدار أن يلتقي بليغ حمدي وفايزة أحمد في باريس، خلال حفل عيد ميلاد عازف الأورج الشهير الموسيقار مجدي مهنا، اتفقا على ضرورة أن يجمعهما عمل فني لينهي حالة الخصام الفني بينهما الذي استمر لـ١٥عاما، حيث لم تشدو فايزة خلال هذه الفترة لملحن آخر سوى محمد سلطان.
يومها قال بليغ أنه بالفعل لديه أغنية جاهزة تليق بصوت فايزة، وهي أغنية "مستنياك" من كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد، (هي الأغنية التي غنتها فيما بعد المطربة عزيزة جلال)، ووعدته فايزة باستعدادها للبروفات.
لكن الأمر لم يمضي على هذا النحو، فخلال مقابلة للبليغ حمدي مع المنتج الموسيقي محسن جابر صاحب شركة "صوت الفن" كان يُسمعه فيها أغنية جديدة أعدها خصيصا لميادة الحناوي، اسمها"حبيبي يا متغرب" من كلمات عبد الرحيم منصور، جاءت فايزة من غير ميعاد، واستمعت لجزء من اللحن فانبهرت، وصاحت"الأغنية دي بتاعتي"، حاول بليغ ومحسن إقناعها بإعداد لحن آخر، لكن هذه المحاولات لم تفلح أمام الرغبة الجامحة لفايزة في غناء هذا اللحن، وأقنع جابر بليغ بأن ميادة يمكن تعويضها بلحن آخر، لكنهما لن يستطيعا الوقوف أمام فايزة أحمد.
تمت البروفات، واستعدت فايزة لغناء "حبيبي يا متغرب" وقبل الحفل الاول للأغنية بعدة أيام، وبحسب الخبر الذي نشرته مجلة "الكواكب" طلبت من ملك الموسيقي بليغ حمدي أن يقود الفرقة الموسيقية أثناء عزف هذا اللحن، لكن بليغ حمدي في آخر لحظة وقبل الحفلة مباشرة تخلي عن الفكرة قائلا إن ذلك الفعل سيعتبر مظاهرة إعلامية وسيصرف نظر الجمهور عن اللحن نفسه.
المطربة فايزة أحمد والموسيقار بليغ حمدي خلال بروفة حبيبي يا متغرب
جاءت ليلة السابع عشر من أبريل عام ١٩٨١م، لتعلن مولد الأغنية الرومانسية الطويلة "حبيبي يا متغرب" التي تجمع بين بلبل و الكروان بعد ١٧ عاما من القطيعة الفنية، وقفت فايزة أحمد على خشبة مسرح نادي الترسانة محاطة بمئات المستمعين، ومن خلفهم الملايين من العرب الذين استمعوا وشاهدوا هذه الرائعة الغنائية، حيث أذيعت عبر التلفيزيون.
لقد بقي بليغ حمدي طوال فترة إذاعو الحفل عبر الإذاعة والتليفزيون في صمت وقلق، يتابع باهتمام ولادة لحنه الجديد، والذي وضع فيه كل مشاعره وموهبته وأحاسيسه الفنية.
بعد أن شدت فايزة أحمد بأغنية "حبيبي يا متغرب" انهالت عليها برقيات التهنئة، وظلت على هذا الحال أياما، وأدلت بتصريحات صحفية وتلفزيونية تشكر فيها بليغ على الجهد الذي بذله لتخرج الأغنية على هذا النحو، وأن صوتها سيكون بمثابة الفاترينة أو زهرية الورود، فليودع بليغ فيه ما يشاء من ألحان.
جدير بالذكر أن كروان الشرق فايزة أحمد قد رحلت عن دنيانا في مثل هذا اليوم ٢١ سبتمبر عام ١٩٨١م بعد أن أثرت عالم الغناء بالعديد من الروائع الفنية الخالدة.
حديث الصحافة الفنية عن أغنية حبيبي يا متغرب