Close ad

أحمد فارس الشدياق.. صاحب أول رواية عربية و"شيخ الإصلاحيين" في القرن التاسع عشر

20-9-2024 | 12:41
أحمد فارس الشدياق صاحب أول رواية عربية و شيخ الإصلاحيين  في القرن التاسع عشرأحمد فارس الشدياق
أحمد عادل

يُوصف بأنه أحد أهم الإصلاحيين والتنويريين في القرن التاسع عشر، لكن التاريخ أعلى من شأن أقرانه مثل رفاعة رافع الطهطاوي، وناصيف اليازجي، وعبد القادر الجزائري، فيما لم يمنح أحمد فارس الشدياق مكانته التي يستحقها.

موضوعات مقترحة

من هو أحمد فارس الشدياق؟

هو أحمد فارس بن يوسف بن يعقوب بن منصوربن جعفر شقيق بطرس المُلقب بالـ"الشدياق" بن المقدم رعد بن المقدم خاطر الحصروني الماروني، من أوائل الأفذاذ الذين اضطلعوا برسالة التثقيف والتوجيه والتنوير والإصلاح في القرن التاسع عشر. 

اسمه الأصلى فارس بن منصور، وقد وُلِد فى عشقوت بلبنان عام 1801م، وإن كان المتداوَل بين الكتّاب أن ولادته كانت فى 1804م.

تلقى تعليمه الأولي فى مدرسة "عين ورقة"، ونظم الشعر وهو لا يزال صبيًا صغيرًا، مات أبوه وهو صغير فاشتغل بالنِّسَاخة يستعين بها على نفقات حياته. وكان أخوه قد ترك المارونية إلى البروتستانتية مذهب المبشرين الأمريكان فاضطهده القساوسة المارونيون وحبسوه فى الدير وظلوا يعذبونه حتى مات فجَرُّوه من رجله إلى إحدى الحفر وردموها عليه، فكان لهذا أسوأ الأثر فى نفس الشدياق، الذى ترك البلاد بعدما أصبح مثل أخيه بروتستانتيا وسافر إلى مصر حيث تعلم اللغة والأدب. 

اشتغل الشدياق فى جريدة "الوقائع المصرية"، وبقى هناك حتى عام 1834م، وتزوج من فتاة لبنانية تعيش أسرتها فى مصر، ثم سافر إلى مالطة للتعليم فى مدارس المرسلين الأمريكان والمساعدة فى ترجمة بعض كتبهم، وكانت رحلته إلى مالطة وإقامته فيها موضوع كتابه "الواسطة فى معرفة مالطة".

مرت سنوات أخرى لينتقل الشدياق إلى بريطانيا للاشتراك فى ترجمة الكتاب المقدس، وظل هناك نحو عامين سافر بعدهما إلى باريس وأقام بها زمنا، مدح أثناءه الأمير عبد القادر الجزائرى، وكذلك أحمد باشا باى تونس، الذى كان قد أتى إلى باريس فى زيارة سياسية ثم عاد إلى بلاده حيث وصلته مِدْحَةُ الشدياق، فما كان منه إلا أن أرسل بارجة حربية لاستقدامه من باريس تكريما له.


أحمد فارس الشدياق

إسلامه

فى تونس أعلن الشدياق إسلامه وأصبح اسمه: "أحمد"،  وقد ألف، وهو فى فرنسا، كتابا عن رحلته الأوربية سماه: "كشْف المخَبَّا عن فنون أوربا"، كما كتب سيرته الذاتيه وأعطاها عنوان "الساق على الساق فيما هو الفارياق".

استقر أخيرًا في الآستانة، حيث أصدر صحيفة سياسية أدبية فكرية كانت تدافع عن الدولة العثمانية هى صحيفة "الجوائب"، وقد بقى في الآستانة إلى نهاية حياته، حيث وافته المنية عام 1887م.

الثروة الأدبية والعلمية للشدياق

يُعَدّ الشدياق من أركان النهضة الأدبية العلمية في القرن التاسع عشر، وقد ترك لنا عددا من المؤلفات معظمها مطبوع، والباقى لا يزال مخطوطًا، ومنها: "سر اللَّيَال في القلب والإبدال"، كتاب في اللغة، وكتاب "الجاسوس على القاموس"، وهو كتابٌ نَقَدَ فيه "القاموس المحيط" للفيروزابادى، كتاب "الساق على الساق، فيما هو الفارياق"، فى اللغة والأدب والتحليل و"وصف الخطرات والنوازع والسيرة الذاتية وأدب الرحلات فى أسلوب لا عهد للعربية به"،  كتاب "الواسطة في معرفة مالطة"، وهو وصف رحلته إلى جزيرة مالطة، كتاب "كشف المخبّا عن فنون أوروبا"، كتاب "اللفيف فى كل معنى ظريف"، وهو من كتب المختارات في الأدب والحكمة والأمثال والحكايات التهذيبية والنكات اللغوية والمترادفات، كتاب "غُنْيَة الطالب ومُنْيَة الراغب"، كتاب مدرسى فى علوم الصرف والنحو، قصيدة فى مدح أحمد باشا باى تونس، لمقالة البخشيشية، أو السلطان بخشيش، "شرح طبائع الحيوان"، وهو مترجم عن الإنجليزية،  "كنز اللغات"، وهو معجم فى اللغات الثلاث: الفارسية والتركية والعربية، "خبرية أسعد الشدياق"، وهو الكتاب الذي روى فيه فارس الشدياق قصة تحول أخيه عن المذهب المارونى إلى المذهب البروتستانتى، كتاب "الباكورة الشهية فى نحو اللغة الإنكليزية"، كتاب "المحاورة الأنسية، فى اللغتين الإنكليزية والعربية"، كتاب "سند الراوى، في الصرف الفرنساوى"، "منتهى العجب فى خصائص لغة العرب"، "المرآة فى عكس التوراة"، أفرغه في قالب بديع لم ينسج أحد على منواله، وقد شرع فى إنشائه على أثر ترجمته للتوراة فى لندن، النفائس فى إنشاء أحمد فارس، وله ديوان شعر من نظمه يشتمل على 22 ألف بيت، فضلاً عن ترجمته للكتاب المقدس، وهى ترجمة غير منتشرة بسبب تحوله عن دينه

منزلته الأدبية ومكانته الإصلاحية

يعد أحمد فارس الشدياق أحد أهم الإصلاحيين العرب في عهد محمد على وله منهجه الإصلاحي الخفي الذي يبدو فيه أنه فضل التورية والترميز على التصريح والإشهار وذلك لما كان يحويه منهجه من انتقادات لاذعة للقيادات الرجعية ولخوفه من أن يدان من قبلها أو تحرق أعماله ويظهر هذا في كتابه (الساق على الساق فيما هو الفارياق) والذي يعد بمثابة الرواية العربية الأولى على الإطلاق.


صحيفة الجوائب لأحمد فارس الشدياق

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة