ألسنة لهب مشتعلة في كل مكان، وأعمدة غبار حجب ارتفاعها الرؤية عن العين، أصوات انفجارات تهز الأركان هنا وهناك، يسبقها أزيز طائرات تجوب السماء من أقصاها إلى أقصاها، لحظات ثقيلة عاشها المجند فوزي محمد عبد المولى أبو شوك؛ ليخرج على أثرها صورة تجمعه مع إخوته؛ ينظر إليها، موقنًا أنها نظرة وداع يلقيها شهيد على عائلته.
موضوعات مقترحة
مجموعة من الصور التي عثر عليها مع المجند الشهيد فوزي عبد المولى داخل ملابسه
ربما لم يدرك المجند فوزي وسط هذه الأحداث، أن تلك الصورة التي دسها في ملابسه العسكرية قبل استشهاده، ستكون سببا في لم شمله مع أسرته، بعد انقضاء 57 عامًا على حرب عام 1967؛ حين وقعت عيني ابن شقيق الشهيد على أحد منشورات موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» متضمنا صورة يقف فيها والده وأقاربه بجوار شخص يبحث المنشور عن أسرته.
البطاقة العسكرية التي عثر عليها مع المجند الشهيد فوزي عبد المولى داخل ملابسه
قبل 57 عامًا، وفي منطقة وادي القمر غرب الإسكندرية، تلقت أسرة المجند فوزي محمد عبد المولى أبو شوك نبأ فقدانه، واعتبر من ضمن مفقودي الحرب، وأقيمت له جنازة -دون جثمان- حضرتها الأسرة ومن بينهم والدة الشهيد.
صدفة تقود إلى رفاة الشهيد فوزي محمد عبد المولى
«كنت باقلب في الفيسبوك من شهرين فلقيت صفحة بتعلن العثور على جثة شهيد من حرب 67» يتحدث محمد محمود محمد عبد المولى أبو شوك، ابن شقيق الشهيد فوزي «57 عامًا» إلى «بوابة الأهرام» عن الصدفة التي قادته لجمع شمل الأسرة مع الشهيد.
«حسيت بالفضول إني أعرف القصة، وابتديت اقلب في الصور والمتعلقات اللي الصفحة قالت إنها لقيتها مع الشهيد» يتابع ابن شقيق الشهيد، قائلا: إنه فوجئ أثناء مشاهدة الصور أن والده أحد الأفراد الظاهرة في هذه الصور، وأنه لم يتعرف على الشهيد نظرًا لأنه لم يقابله يومًا.
بدأ ابن شقيق الشهيد تقصي المعلومات، بعد تعرف والده على أخيه الشهيد في الصور، فما كان منه إلا أن توجه إلى قيادة المنطقة الشمالية العسكرية، الذين وجهوه بدورهم إلى الأمانة العامة للقوات المسلحة في العباسية.
البطاقة الشخصية للمجند الشهيد فوزي عبد المولى التي عثر عليها داخل ملابسه
اللقاء الأول مع جثمان الشهيد
أبلغت القوات المسلحة ابن شقيق الشهيد، أن الجثمان موجود في مستشفى السويس العسكري، وطُلِب أحد أشقاء الشهيد لعمل تحليل «DNA» لمطابقته مع تحليل الجثمان، فأجرى التحليل عمه عبد المولى، وبعد نحو شهر تقريبا، أكدت التحليل تطابق العينة مع الرفاة، وإبلاغهم أنه يجب استلامها تمهيدا لدفنها في مقابر العائلة، بعد جنازة عسكرية تليق بالشهيد.
وأعرب ابن شقيق الشهيد عن خالص شكره وتقديره لقيادة المنطقة الشمالية والعسكرية، والأمانة العامة للقوات المسلحة على تعاونها خلال الفترة الماضية، والإصرار على تنظيم جنازة عسكرية تليق بالبطل الشهيد، ثم الدفن في مقابر العائلة بالدخيلة، وذلك اليوم الخميس.
البطاقة الشخصية للمجند الشهيد فوزي عبد المولى التي عثر عليها داخل ملابسه
التحاق الشهيد فوزي عبدالمولى بالقوات المسلحة
«كان عندي 20 سنة لما فوزي أخويا استشهد» يتحدث الحاج عبد المولى محمد عبد المولى أبو شوك، «73 عامًا» -شقيق الشهيد الأصغر- لـ«بوابة الأهرام».
ويحكي شقيق الشهيد أن أخيه التحق بالقوات المسلحة لتأدية الخدمة العسكرية، وكانت بداية خدمته في حرب اليمن، وعاد في إجازة من حرب اليمن لمدة 28 يومًا، عقد خلالها قرانه، ولكنه لم يتزوج؛ حيث عاد إلى وحدته لاستكمال مدة خدمته العسكرية.
ويؤكد أن رسائله قد انقطعت، حتى تم إبلاغنا أنه من بين مفقودي الحرب.
البطاقة الشخصية للمجند الشهيد فوزي عبد المولى التي عثر عليها داخل ملابسه
صفات الشهيد فوزي عبد المولى
«كنت زي أمه لأن فوزي أصغر مني بعشر سنين» تتحدث إلى «بوابة الأهرام» الحاجة حياة محمد عبد المولى أبو شوك «90 عامًا» عن حنينها إلى أخيها الشهيد.
وتؤكد أن الشهيد كان صاحب سيرة طيبة بين الناس والجيران، قائلة: إنها كانت تتمنى أن تحضر والدتها جنازة أخيها الشهيد واستلام جثمانه لدفنه في مقابر العائلة.
بعض المتعلقات التي وجدت مع المجند الشهيد فوزي عبد المولى