مع نهاية السوق العالمى للانتقالات ظهرت أرقام تشير إلى أن إجمالي الصفقات التي تمت خلال هذا الصيف في انتقالات اللاعبين فى مختلف أنحاء العالم، والتى بلغت أحد عشر ألف صفقة، كلّفت خزائن الأندية ما يقرب من ستة مليارات ونصف المليار دولار، فى ميركاتو ساخن ومثير كالعادة، تابعه بشغف الملايين من عشاق كل فريق، طامعين فى الاستحواذ على النجوم وأصحاب المهارات والهدافين، لتحقيق المزيد من المتعة والأهداف وإحراز الألقاب والبطولات.. سوق الانتقالات بمعناه الحقيقى تحكمه لغة المال ولا مجال فيه للعواطف أو الانتماء لأي فريق، فهناك وكلاء وسماسرة شغلهم الشاغل هو الانتقالات وتوفير البديل لجنى مزيد من المال لأنفسهم وللاعبين.
السوق المصرى للانتقالات انطلق مختلفًا هذه المرة بسبب تحديد موعد إقامة السوبر الأفريقى مع نهاية شهر سبتمبر، وهو ما خلق أجواء أكثر سخونة فى الميركاتو المصرى، خاصة بعد تحديد الكاف موعد غلق باب القيد بالنسبة للأهلى والزمالك، وهو ما عرّضهم لضغوط كبيرة في إنهاء الصفقات بسرعة كبيرة، وأيضًا من الأندية التي حاولت استغلال الفرصة بالمغالاة في أسعار بيع لاعبيها.. الأهلى قام بتدعيم صفوفه بأربع صفقات اثنتان منها على سبيل الإعارة ما بين موسم وموسمين وشراء نهائى للاعبين عمر الساعى وأشرف دارى..
ونفس الأمر فى صفقات الزمالك الخمس التى تمت ثلاث منها على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد، ولاعبان فقط تم التعاقد معهما هما السنغالى ندياى والفلسطينى عمر فرج.. مبالغ صفقات الأهلى تخطت الثلاثة ملايين دولار، بينما لم تتجاوز صفقات الزمالك حاجز المليون ونصف المليون دولار، وهي مبالغ قد تبدو زهيدة مقارنة بالمبالغ التى تُدفع فى الميركاتو العالمى، لكنها تمثل صعوبة للناديين بسبب سعر الدولار.
الصفقات التى أبرمها الأهلى والزمالك للسوبر بيّنت طريقة وفكر مسئولي التعاقدات في الناديين والنظرة القاصرة في عملية اختيار الصفقات، وفترة الإعارة وإغفالهم الشديد للموسم الثانى على التوالى للبند المستحدث الذي أدخله مسئولو اتحاد الكرة على قيد اللاعبين منذ بداية الموسم الماضى، بمنح الأندية الفرصة لقيد ثلاثة لاعبين تحت السن من الأجانب، بخلاف الخمسة الكبار، وهى فرصة استثمارية تُحسب لمسئولى الاتحاد، وتؤخذ على مسئولى التسويق بالأندية الذين لم يستغلوا منجم الذهب الأفريقى للكشف عن المواهب والاستفادة منها فنيًا ثم تسويقها فى دول أوروبا وإعادة بيعها بما يعود على الأندية بالمنفعة الفنية والمالية.. وربما كان هذا وراء صدمة جمهور الكرة المصري الذي استيقظ على خبر انتقال اللاعب الغاني عبدالعزيز عيسى إلى صفوف برشلونة الإسبانى، وهو نفسه الذى رفضته الأجهزة الفنية فى الأهلى والزمالك كاشفًا عن أحد أهم عيوب وكوارث الكرة المصرية فى افتقادها الكشافين والعين الخبيرة، التي تختار نوعية اللاعبين وتراهن على شرائهم يقينًا منها بموهبتهم ومستقبلهم الواعد الذى سيعود على الأندية بكنوز من الأموال وعملات أجنبية تمثل قيمة مضافة للدخل فى مصر.
صفقات الأهلى لم تُقنع جماهيره واعتبرتها مجرد قطع غيار بدون إضافات فنية، ولم تسد احتياجات الفريق الفنية على الأقل فى مركز رأس الحربة، لعدم وجود بديل لوسام أبو على فى حالة غيابه.. وفى الزمالك كان هناك الكثير من علامات الاستفهام على الصفقات الخمس، وحالة ترقب لظهورهم مع الفريق، وخاصة بنتايك الذي لم يشارك مع فريقه السابق سانت إتيان لموسم كامل، وهل سيشارك أساسيًا أم سيكون بديلاً لمحمد حمدى؟ واللاعب ميشالاك البولندى القادم من دوري الدرجة الثانية السعودى وبدون مقابل، فهل سيظهر بشكل جيد أم سيكون بديلاً لمصطفى شلبي، والمهاجم الفلسطيني عمر فرج البديل مع منتخب بلاده هل سيخطف الأضواء ويفرض نفسه كأساسي مع الزمالك؟ أم سيستمر كبديل لسيف الجزيري وحسام أشرف؟
الانتقالات في أوروبا تحكمها معايير وقواعد لا تخضع لنظرات الإعجاب والانبهار بالحركات وبعض الفنيات من خلال مشاهدة الفيديوهات واللقطات، فالأندية في العالم عندما يحظى لاعب باهتمام الأجهزة الفنية للنادى تقوم بمتابعته ومراقبته لموسم كامل، وربما أكثر مثلما فعل ليفربول مع محمد صلاح وغيره من اللاعبين، ويتم الاتفاق معهم على كل التفاصيل ويتبقى وضع الرتوش الأخيرة على المبالغ ومدة التعاقد فى الأمتار الأخيرة من المفاوضات وليس العكس، وللعلم هناك كشافون من أوروبا يترددون على الدورى المصرى بصفة منتظمة لمتابعة بعض اللاعبين والعمل على انتقالهم مثلما يحدث فى كل بلاد القارة.. ملف الاستثمار فى الناشئين ملف مهم ويمثل مصدر دخل للأندية ويوفر لها العملة الصعبة بالإضافة إلى الاستفادة الفنية ولابد أن يكون على رأس أولويات الفرق المصرية مثلما تفعل أندية الشمال الأفريقى التى احترفت شراء الناشئين بأرخص الأسعار وتستفيد منهم فنيًا ثم تقوم ببيعهم لنا بأضعاف المبلغ المدفوع.