تقوم د. منة حسن خبيرة السياسات التجارية لدى منظمة التجارة العالمية بتحليل العوائق التي تعرقل البلاد الإفريقية في مجال التجارة وتتحدث عن الفرص التي توفرها التجارة الإلكترونية في البلدان النامية.
موضوعات مقترحة
من الممكن أن التطبيق المنضبط لقواعد واتفاقيات منظمة التجارة العالمية يصب في مصلحة البلدان النامية.
ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه البلدان النامية وخاصة الإفريقية في مجال التجارة العالمية؟
لا تزال حصة إفريقيا من التجارة العالمية صغيرة نسبياً، حيث تبلغ نحو 3% من مجمل الصادرات والواردات العالمية. وحتى مع الوصول إلى الأسواق المفتوحة إلى حد ما وانخفاض معدلات التعريفات الجمركية على الصادرات، فإن البلدان الإفريقية تعاني من العديد من المشاكل والتحديات في مسيرة تنميتها الاقتصادية.
أولا: هناك قيود مختلفة من حيث العرض والبنية التحتية التجارية التي تحد من قدرة هذه البلدان على المشاركة في التجارة الدولية. تعاني البلدان الإفريقية من مشاكل تتعلق بضعف البنية التحتية مثل الموانئ وأنظمة النقل.
ويشكل ارتفاع تكلفة النقل عائقا كبيرا، ليس فقط أمام التنمية، بل أيضا أمام الاستثمار في مجال التجارة الخارجية.
يعد نقل البضائع عن طريق البر داخل المنطقة أكثر تكلفة مما هو عليه في أجزاء أخرى من العالم، وهذا يعيق التجارة البينية في القارة.
دعونا نسلط الضوء على التحديات الأخرى التي تواجه التجار والشركات الإفريقية. إن الإجراءات الإدارية في إفريقيا لا يمكن التغلب عليها. إن المتطلبات البيروقراطية أعلى في إفريقيا منها في أي مكان آخر في العالم. تتطلب المعاملة الجمركية المتوسطة 40 مستندًا ورقيًا و200 قطعة من البيانات مع الكثير من الازدواجية، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من الرسوم والمصاريف التي تفرضها الوكالات المختلفة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن فترات التخليص الجمركي أطول في المتوسط في البلدان الإفريقية منها في مناطق أخرى من العالم.
ألا تعتقدون أن ارتفاع تكلفة التجارة يشكل التحدي الأكبر خاصة بالنسبة للبلدان غير الساحلية، وهو الوضع الذي يعيق مشاركتها في سلاسل القيمة العالمية؟
إفريقيا لديها 16 دولة غير ساحلية. وتواجه هذه البلدان العديد من العقبات المتعلقة بالعبور والتأخير في عبور الحدود وارتفاع تكاليف النقل. وفي المتوسط، تقل تجارة البلدان النامية غير الساحلية بنسبة 30% عن جيرانها الساحليين.
تؤدي نقاط العبور الحدودية إلى ارتفاع تكاليف التجارة وأي تصدير أو استيراد عن طريق البحر من بلد غير ساحلي يجب أن يمر عبر مجموعة إضافية واحدة على الأقل من الضوابط الحدودية.
إن مشاركة البلدان الإفريقية في سلاسل القيمة العالمية محدودة. ووفقا لمنشور مشترك صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة التجارة العالمية في عام 2015. هناك صلة واضحة بين انخفاض تكاليف التجارة وزيادة المشاركة في سلاسل القيمة العالمية.
قد لا تتمكن البلدان الإفريقية من الوصول إلى أسواق تصدير محددة أو المشاركة في سلاسل التوريد العالمية إذا كان هناك تأخير طويل في الشحنات التجارية وظلت تكاليف التجارة مرتفعة.
التحدي الآخر الذي يواجه التجارة الإفريقية هو وجود العديد من الاتفاقيات التجارية الإقليمية. ولذلك يصعب على التجار الالتزام بمتطلبات هذه الاتفاقيات الإقليمية المختلفة والاستفادة من هذه الترتيبات التفضيلية.
كيف يمكن للدول الإفريقية التغلب على هذه التحديات؟
التغلب على هذه الحواجز التجارية يتطلب تنويع صادرات إفريقيا، ودمج القارة في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية.
تشجيع الاستثمار وتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية التي من شأنها دمج القارة بشكل أفضل في المنطقة.
المستويات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية
تهدف اتفاقية منظمة التجارة العالمية لتيسير التجارة Trade facilitation agreement إلى تبسيط وتحديث ومواءمة عمليات التصدير والاستيراد. ومن الممكن أن يؤدي التنفيذ الكامل لتدابير اتفاق التجارة الحرة البالغ عددها 36 إلى توليد تريليون دولار من التجارة العالمية الإضافية كل عام، ومن المحتمل أن يؤدي إلى خفض تكاليف التجارة بنسبة 14% بالنسبة للدول الإفريقية، وربما زيادة الصادرات الإفريقية بنسبة 35%.
وأظهرت الدراسات أيضًا أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وهي الشكل السائد للأعمال التجارية في البلدان الإفريقية، هي من بين أكبر المستفيدين من الإصلاحات التي أدخلها trade facilitation agreement.
إن التنفيذ السليم لقواعد واتفاقيات منظمة التجارة العالمية يمكن أن يوفر المرونة وفوائد خاصة للبلدان النامية والأقل نموا. وتعترف هذه المعاملة بأن هذه البلدان تتمتع بمستويات مختلفة من التنمية الاقتصادية والقدرات المؤسسية عن البلدان المتقدمة، وبالتالي تحتاج إلى تدابير محددة حتى تتمكن من المشاركة بشكل عادل في التجارة العالمية.
كيف يتسنى للرقمنة والابتكار تعزيز ريادة الأعمال المستدامة والشاملة، لا سيما في البلدان النامية؟
يتمتع الاقتصاد الرقمي الآن بمكانة مركزية في الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا في القرن الحادي والعشرين. لقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى تسريع وتيرة التجارة الرقمية والإلكترونية، مع ما يترتب على ذلك من آثار على التجارة عبر الحدود. تمكن التقنيات الرقمية رواد الأعمال من الوصول إلى الأسواق العالمية من خلال منصات الإنترنت.
وهذا مهم بشكل خاص للشركات الصغيرة في البلدان النامية، والتي يمكنها بيع منتجاتها دوليًا دون الحاجة إلى السفر فعليًا إلى هذه الأسواق.
يمكن للرقمنة والابتكار أن يؤثرا إيجابيا على ريادة الأعمال في البلدان النامية من خلال جعل الوصول إلى الموارد أكثر سهولة وتوفير فرص التمويل والتدريب. ولتعظيم هذه الفوائد، من الأهمية بمكان أن تدعم السياسات العامة هذه المبادرات، مع ضمان الوصول إلى التكنولوجيا وتعزيز بيئة مواتية للابتكار المستدام والشامل.
وفي إطار منظمة التجارة العالمية، يركز الإعلان المشترك بشأن التجارة الإلكترونية بدعم من 91 دولة عضوًا على تطوير القواعد والسياسات والمعايير لتسهيل وتنظيم المعاملات التجارية الرقمية على مستوى العالم. تسعى منظمة التجارة العالمية، باعتبارها المنظمة الدولية المسؤولة عن تنظيم التجارة الدولية، إلى إنشاء إطار لتشجيع نمو التجارة الإلكترونية مع معالجة التحديات والفرص المرتبطة بها.
ولدعم البلدان النامية، تؤكد منظمة التجارة العالمية على ضرورة مساندتها في مجال التجارة الإلكترونية من خلال مساعدتها في التغلب على مشاكل البنية التحتية والمهارات الرقمية والتحديات التنظيمية. ويشمل ذلك الوصول إلى التكنولوجيا والتدريب اللازم للاستفادة من الفرص التي تتيحها التجارة الإلكترونية.
للتغلب على هذه الحواجز التجارية، وتنويع صادرات إفريقيا، ودمج القارة في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية وتشجيع الاستثمار، يجب على البلدان الإفريقية أولاً تسريع عملية تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) التي من شأنها دمج القارة بشكل أفضل المستويات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية.
ولدعم البلدان النامية، تؤكد منظمة التجارة العالمية على ضرورة مساندتها في مجال التجارة الإلكترونية من خلال التغلب على مشاكل البنية التحتية والمهارات الرقمية والتحديات التنظيمية.
ويشمل ذلك الوصول إلى التكنولوجيا والتدريب اللازم للاستفادة من الفرص التي تتيحها التجارة الإلكترونية.
## ## ## ## ## ##