Close ad

رباط «خوند زينب».. أقدم مؤسسة اجتماعية لرعاية النساء في المحروسة| صور

19-9-2024 | 11:27
رباط ;خوند زينب; أقدم مؤسسة اجتماعية لرعاية النساء في المحروسة| صور رباط خوند زينب
أحمد عادل

المرأة المصرية هي كما العهد بها دائمًا قادرة على العطاء مُحبة للخير في كل وقت وآوان، وكيف لا وهي تحمل أصالة أرض مصر، أم الدنيا التي علمت العالم معني العطاء، واليوم نعود بقصتنا إلى مئات من السنين قد خلت، وبالتحديد في العصر المملوكي الثاني (عصر المماليك البرجية) لنتحدث عن السلطانة زينب العلائي. 

موضوعات مقترحة

من هي "خِوَند زينب"؟ 

السلطانة زينب أو "خِوَند زينب" كما تُعرف في مصادر التاريخ المملوكي، هى سلطانة مصرية الأصل، ذات نسب رفيع، فجدها هو القاضي المصري بدر الدين محمد بن خاص بك بن السبكي الحنفي من عائلة السبكي المصرية العريقة، فيما كانت إحدى جداتها اميرة من أسرة السلطان الظاهر بيبرس، قاهر التتار وهازم الصليبيين. 

تزوجت السلطانة زينب بنت العلائي من سلطان مصر الأشرف سيف الدين إينال الذي تولى السلطنة بين عامي (657ـ865هـ/ 1453ـ 1461م)، وقد تزوجها عندما كان أميرًا وقبل أن يكون سلطانًا لمصر، وتنقلت معه في سائر وظائفة وسفرة حتى استقر على عرش السلطنة. 

حاك المؤرخون قصة حب كبرى بين السلطان وخِوَند زينب، فقالوا أنه أول سلطان لم يتزوج على زوجتة، فظلت هي زوجتة الوحيدة طيله حياته، وبسبب حبه الكبير لها أصبح لايتخذ قرارًا دون الرجوع إليها، وأصبحت السلطانة زينب تتحرك في مواكب كبرى كموكب السلطان، حتى تهامس رجال الدولة وقتها أنها هي الحاكمة الفعليه للسلطنة المصرية، وقالوا، بل كان متزوجًا قبلها من أختها الكبرى فاطمة، فلما ماتت تزوج زينب فملكت عليه حياته. 

وكسائر زوجات السلاطين تلقبت زينب باسم "خوند زينب"، و"خِوَند" كلمة تركية تعني السيدة، وغالبًا ما كانت تُطلق على زوجات السلاطين، وزوجات كبار الأمراء.  

تحدث المؤرخ الكبير شمس الدين السخاوي عن المكانة الرفيعة التي تمتعت بها "خِوَند زينب"، فقال:" انفردت عن سائر الخوندات بالمزيد من نفوذ الكلمة، ووفور الحُرمة، وطواعية السلطان جداً لأوامرها، حتى كان لا اختيار له معها، فكان أمراً زائداً على الحد". 

وأنجبت السلطانة زينب بنت العلائي أربعة أبناء من زوجها السلطان الأشرف إينال، وهم: الأمير أحمد (المتسلطن من بعده)، والأمير محمد، والأميرة بدرية، والأميرة فاطمة. 


رباط خوند زينب

أقدم مؤسسة اجتماعية لرعاية السيدات

 اشتهرت السلطانة زينب بنت العلائي أو الخوند زينب بنت العلائي بفعل الخير والبر والإحسان، فبنت العديد من الأسبلة والمنشأت، منهم تكية أو رباط في مكة المكرمة ولكن المنشأه الأهم التي انشأتها والتي ظلت تحمل اسمها حتى يومنا هذا هو "رباط خوند زينب" بالقاهرة، وهو منشأ خيري للنساء اللاتي فقدن عائلهن، فسكنت فيه النساء الأرامل والمطلقات والأيتام، مع توفير راتب شهري لهن.

شُيد رباط "خوند زينب" في عام 860هـ/1457م خلال فترة سلطنة زوجها، ودائما ما تأتي كلمة "الرباط" بمعنيبن تاريخيين مختلفين، فإن كان هذا البناء على حدود الدولة الإسلامية؛ فإنه يأتي بمعنى نقطة المراكبة التي يتخذها المجاهدون لصد غارات العدو، وقد انتشر هذا النوع من الأربطة في بلاد المغرب العربي، حتي سُميت أشهر دول المغرب باسم دولة "المرابطين"، أما إذا كان الرباط داخل الدولة فهو يحمل وظيفة من وظائف الرعاية الاجتماعية للعناية ببعض الطبقات المهمشة من المجتمع مثل الايتام والفقراء وغيرهم. 


رباط خوند زينب

وصف الرباط

للرباط أربع واجهات، لم يتبق منهن إلا واجهة واحدة فيها مدخل، ويوجد بالداخل إيوانين ودرقاعة (صحن مُغطى)، والإيوانين هما إيون القبلة للصلاة، والإيوان الشمالي الغربي لإلقاء الدروس الدينية.  

ويعاني الرباط حاليًا من الأهمال، وهو بحاجة لتدخل سريع لإنقاذه؛ بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفيه وتهدم حوائطه ومبانيه. 


رباط خوند زينب

محنة السلطانة زينب وأولاها

بعد وفاه زوجها السلطان الأشرف إينال، تولى ابنهم الأمير أحمد بن إينال شئون الحكم، وأصبح سلطانًا، فأمست بذلك زوجة سلطان وأم سلطان.

لكن في عالم المماليك الذي يمتلأ بالدسائس فلا شئ آمن، حدث انقلاب كبير على السلطان أحمد بن إينال، ونُقل إلى سجن الإسكندرية هو بصحبة الأمير محمد، واثناء ذلك مرض الأمير محمد، فطلبت السلطانة زينب أن تسجن مع أولادها السلطان أحمد والأمير محمد؛ لكي ترعاهم ، ومع إصرارها وافق المأتمرون لحرمتها عندهم كزوجة سلطان سابق وأم سلطان.

يحكي المؤرخون الفصل الأكثر تراجيدية في حياة "خِوَند زينب" وأولادها الموقف في غيابات السجن، فأسرة إينال التي حكمت مصر، اجتمع شملهم في السجن، وقد مكثت زينب لرعاية ولدها محمد بنفسها حتى توفى وحزنت عليه كثيرًا، ثم خرجت هي وابنها السلطان أحمد من السجن بعد فترة. 

عاشت "خِوَند زينب" حتى سن الثمانين ولم تتزوج أبدا بعد زوجها السلطان إينال، وعندما توفيت أقام لها سلطان مصر وقتها الأشرف قايتباي جنىازة عظيمة، وحمل ابنها السلطان السابق أحمد نعشها بنفسه، ودُفىنت مع زوجها السلطان إينال في ضريحه بقرافة المماليك بالقاهرة.


رباط خوند زينب

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة