في ذكرى مولد النبي ﷺ، نستعرض معًا مشاهد من حياته ﷺ لعلنا نلتمس منها النور والهدايا التي تُرشدنا إلى الطريق المستقيم والصحيح، في حياة يملأها الظلام والغش والفتن والمعاصي والفواحش والزنا والقتل والظلم والقهر.
موضوعات مقترحة
هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب، ويمتد نسبه إلى إسماعيل عليه السلام، ولدي النّبي ﷺ بشعِب بني هاشم في قريش بمكة في صبيحة يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول في عام الفيل عام 571 م.
بعث الله النبي محمد ﷺ ليُخرج النّاس من الظلمات إلى النور، ولا أجد أفضل من كلمات جعفر ابن أبي طالب لملك الحبشة النجاشي - قال: كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونُقّطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف فكنّا علي ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منّا نعرف نسبه وصدقه و أمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث، أداء الأمانة وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم، وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.
المشهد الأول:
لما ولدتهُ أُمه نزل ساجدًا، أرسلت إلى جدهُ عبد المطلب تبشرهُ بحفيدهُ فجاء فرحاً مستبشراً فحمله ودخل به الكعبة ودعا الله شاكرً واختار له اسم "محمد" لم يكن ذلك الاسم معروفا لدى العرب.
من هذا المشهد نتعلم كيف نتعالم مع أطفالنا منذ ولادتهم حتى يصبحوا غلمانًا نختار لهم الاسم الجميل نختار لهم البيئة التي ينشأوا فيها حتى يكتسبوا القوة والصلابة لتحمل العيش والتعامل مع متطلبات حياة شديدة الصعوبة.
المشهد الثاني:
وأول من أرضعته من المراضع بعد أمه ﷺ بأسبوع، هي: ثُوَيبة مولاة أبي لهب والذي أعتقها فرحاً بمولد ابن أخيِه، في حديث شريف يقول العباس بن عبد المطلب: أنه رأي في المنام أخِيه أبو للهب بعد موته فقال له: أين أنت الآن قال أنا في النار أُعذب إلا أنه في كل يوم أثنين يُخفف عني العذاب بسبب فراحي بمولد محمد ﷺ.
نتعلم ذلك بأن أي عمل صالح يرضي الله عز وجل حتى ولو كان عندك صغير لكن عند الله له صواب عظيم برغم من أن أبو للهب توعده الله تعالي بالعذاب إلا أنه يخفف عنه العذاب بسبب فرحه بميلاد النبي ما بالك بمن عاش مؤمناّ موحداً لله.
المشهد الثالث:
وكعادة الأشراف من العرب ألتمس له جده امرأة في البادية من بنّي سعد ترضعهُ وهي حليمة السعدية، مكث النبي ﷺ أربع أعوام أو يزيد في كنف حليمة السعدية وزوجها الحارث بن عبد العُزي، والحكمة من وراء ذلك حتى ينشأ علي فصاحة اللسان فأهل البادية أشد فصاحة من أهل الحضر المخالطين للعجم، وثانياً: ليضمنوا فطنته وذكائه فأهل البادية معروف عنهم الفطنة والذكاء فذلك رأس مالهم للعيش في البادية ولأسلوب حياتهم الشديدة، وحتى يكتسب قوة وصلابة في البدن، وهذه الأعوام نزلت فيها بركة النّبي محمد ﷺ علي بيت حليمة السعدية وعمّ فيها الخير علي بنّي سعد جميعاً
وأينما نزل النّبي ﷺ في أي مكان حلة فيه البركة والخير
المشهد الرابع:
ولما عاد النبي عليه الصلاة والسلام إلي أحضان أمهُ بعد حادثة شق صدره وظل معها حتى بلغ عامهُ السادس، وخرج معها عندما كانت في زيارة قبر والده في المدينة كعادتها في كل عام وزيارة أخواله من بني النجار- وهي في طريق عودتها وصلت إلي مكان يُسمي الأبواء بين مكة والمدينة مرِضت أمه لما أصابتها الحُمى فتوفت و كانت أم أيمن بصُحبتها مع النبي ﷺ، بكي النّبي ﷺ علي فراق أُمه وهو يستمسك بها ويحتضنها وفي هذه اللحظة تبكي أم أيمن لبكائه، ثم تقوم بدفنها و تُهيل عليها التراب وتعود به ﷺ لمكة ليُصبح يتيم الأب والأم، وتّكفلهُ بعد وفاة والدتُه جدهُ عبد المطلب الذي كان لا يفارقهُ أبداً ولا حتى في مجالسه مع كبار قومه حتى توفي وكان النّبي في الثامنة من عمره، ثم انتقلت كفالة النُّبي ﷺ - إلي عمهُ أبو طالب والذي تربي في بيتهِ وسط أولاده، وكانت زوجته - فاطمة بنت أسد- ترعاه وتشمله بعطفها وحنانِها الذي عوضهُ عن حرمان وفقدان أمهُ، وظل عمهُ أبو طالب يدافع عنهُ فكان لهُ السند والحصن المنيع في كل الأحوال و ضد أعدائهُ من كفار قريش حتى بعد النبوة رغم أنه قد مات علي الكفر، ورغمّ أن النّبي ولد يتيماً وبعد ذلك فقد حنان وعطف الأم وهو صغير إلا أن رعاية الله أفضل من رعاية الأب والأم.
نبؤه بحيرى الراهب:
قال عمهُ أبو طالب: ولله لأخرُجنّ به ولا يُفارقني ولا أُفارقه أبداً خرج به في ركب إلي بلاد الشام فلما نزلت القافلة بمكان يُسمي بُصري من أرض الشام و بها راهب يقال له: بحيرى في صومعة له، وكان عنده علم أهل النصرانية، فكانوا يمرون عليه قبل ذلك لا يكلمهم ولا يعرض لهم، حتى كان ذلك العام، فلما نزلوا به قريباً من صومعته صنع لهم طعاماً كثيرا فقال رجل من القافلة والله يا بحيرة إن بك اليوم لشأن، قال له بحيرى: صدقت، فلما اجتمعوا إليه تخلف النبي ﷺ من بين القوم لصغر سنه وحراسته للأمتعة، يُقال إن بحيرى رأي علامات النبوة رأي غمامة تُظله من حرارة الشمس أينما ذهب، ورأي أيضًا خاتم النبوة بين كَتفيه، فقال بحيرى: لعمه أبو طالب أن ابن أخيك سيكون له شأن عظيم، ونصحه بعودته لمكة حتى لا يعلم اليهود بأمره، وكما أخبرنا القرآن أن اليهود قتلوا أنبياءهم ولو علموا به لقتلوه، فهم أهل مكرّ وخصوصاً اليهود الصهاينة كما نعلم كيف يدبرون المكائد بالمسلمين ويخططون للحروب في كل مكان.