في عصر التكنولوجيا المتسارع؛ حيث تسيطر الثقافات العالمية على اهتمامات الأطفال، تأتي مبادرة "تراثنا والأجيال" لتذكرنا بأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية ونقلها للأجيال القادمة. هذه المبادرة المبتكرة تسعى إلى ربط الأطفال بتراثهم المصري العريق، وتعريفهم بتاريخهم وحضارتهم، وذلك من خلال مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات.
موضوعات مقترحة
الحفاظ على الهوية أمر حتمي وخاصة في المرحلة الراهنة
وفي هذا الإطار، يقول الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التربوي، وأستاذ العلوم والتربية جامعة عين شمس، الحفاظ على الهوية أمر حتمي وخاصة في المرحلة الراهنة؛ مما نجده من تغيرات سلوكية في النشء والشباب انعكس على الحياة المجتمعية.
وتابع: وما نجده اليوم من ارتفاع التفكك الأسري والسلوكيات في الشارع المصري له علاقة مباشرة بالخلل الذي حدث في الهوية المصرية عبر عقود. كما أن تعرض النشء للغزو الفكري والثقافي قد أحدث خلل في النشء نلاحظه في لغة الحوار، مضيفًا أن افتقاد القدرة على التمييز بين ما يتفق مع ثقافتنا أم لا مما انعكس على البناء الشخصي لهم.
برنامج متكامل الأركان
واستكمل. كما أن من أهمية الحفاظ على الهوية هو المواطنة وحب الوطن وبذل الجهد في سبيل بنائه والحفاظ على أي منجزات تتحقق، مؤكدًا أن هذا لن يتأتى إلا من خلال برنامج متكامل الأركان تشترك فيه كل المؤسسات المعنية من وزارة التربية والتعليم والثقافة والإعلام ودور العبادة وبرامج توعية للأسرة من خلال برنامج متكامل يبدأ أولا بتحديد السلبيات الموجودة في المجتمع وتحديد الفئة العمرية موقع الدراسة وتحيد العوامل التي تسببت فيها ومدى انعكاسها على الهوية.
ويؤكد الدكتور محمد عبد العزيز، أننا في حاجة ماسّة إلى الحفاظ على الهوية من أجل تنمية الوعي لدى النشء ومقاومة التيارات الفكرية المناهضة للبناء.
الدكتور محمد عبد العزيز الخبير التربوي
الغزو من خلال طمس الهوية الوطنية المصرية
ومن جانبه، يرى الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس، أن الدولة المصرية تتعرض منذ القدم إلى عديد من محاولات الغزو والسيطرة عليها من قبل قوى معادية لها من الخارج، بل ومن الداخل أيضا، وبعد أن كان الغزو يأخذ شكلا عسكريا أصبح الآن يأخذ شكل الغزو من خلال طمس الهوية الوطنية المصرية لدى الأجيال الجديدة، من خلال إغراق شبكة الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بعديد من المغريات والسموم التي تبث الشك لدى الأجيال الجديدة في تراثهم الثقافي أو حتى تجعلهم يجهلون هذا التراث العظيم، موضحًا وبالتالي يكونون فريسة سهلة للتلاعب بهم من خلال القوى المعادية.
مبادرة "تراثنا والأجيال" خط دفاع لمواجهة الغزو الثقافي
ولفت شوقي إلى أن مبادرة "تراثنا والأجيال" تعد أحد خطوط الدفاع الأولى لمواجهة الغزو الثقافي، وربط الأجيال الجديدة من الأطفال بتراثهم وتاريخهم عن طريق الفنون والأزياء، منوّها أن تلك المبادرة تحقق فوائد متعددة تشمل تعميق الهوية الوطنية لدى الأطفال، وغرس روح الانتماء لديهم إلى وطنهم، وتعريفهم بتاريخ وطنهم المصري العريق، وتحصينهم ضد أي محاولات للغزو الثقافي الخارجي، وكذلك خلق دوافع أقوى لدى الأطفال للتمسك بهويتهم ووطنهم والاعتزاز به، وخفض تأثرهم بأي موجات ثقافية أجنبية تتنافي مع قيمنا وتراثنا.
الدكتور تامر شوقي أستاذ علم النفس
مبادئ نفسية وتربوية مهمة
وواصل، من ناحية أخرى، تتضمن هذه المبادرة عدة مبادئ نفسية وتربوية مهمة في تعليم الأطفال هويتهم وتراثهم وتشمل؛ البدء مع أطفال من سن مبكرة وهو أفضل سن لتعليم الإنسان القيم والثقافة الوطنية وغرسها فيهم طوال العمر، وكذلك اعتمادها على استخدام الأزياء والفنون المصرية في مختلف الحقب التاريخية في تعليم الأطفال التراث وهي أدوات بصرية تخاطب وجدان الأطفال وتكون أكثر تأثيرًا عليهم بدلًا من مجرد شرحها لهم بشكل نظري؛ حيث إن ارتداء الأطفال الأزياء التي تميز التراث المصري عبر مراحل التاريخ المختلفة وخاصة التاريخ الفرعوني، ورؤيتهم الفنون المختلفة التي ميزت الشعب المصري عبر تاريخه مثل صناعة الحلي تجلب التاريخ المصري إلى حاضر هؤلاء الأطفال ويرونه بأعينهم وبالتالي يصبح أكثر رسوخًا لديهم، كما أن التدقيق والمراجعة فيما يقدمه القائمون على المبادرة للأطفال يمثل ضمانة لنقل التاريخ المصري الصحيح للأطفال بدون أخطاء.
خطوة مهمة في طريق الحفاظ على الهوية المصرية
وأردف وفي الأخير لا شك أن التغطية الإعلامية لهذه المبادرة يضفي قيمة حقيقية لأهمية تلك المبادرة ويشجع على ظهور مبادرات أخرى مشابهة، مؤكدًا أن مبادرة "تراثنا والأجيال" خطوة مهمة في طريق الحفاظ على الهوية المصرية ونقلها للأجيال القادمة من خلال توفير بيئة محفزة للإبداع والتعلم، تسهم المبادرة في بناء جيل واعٍ بتاريخه، قادر على مواجهة تحديات المستقبل والحفاظ على تراثه.
موضوعات قد تهمك:
«تطبيقات المراهنة».. ثروة سريعة أم فخ معلوماتي؟
لماذا يكذب الأطفال؟ وكيف نتعامل مع هذه المشكلة؟ استشاري تأهيل نفسي يجيب