مما لا شك فيه أن الدولة المصرية تعيش الآن أحداثًا بالغة الأهمية في ظل إقليم يشهد تغييرات جذرية، وعالمٍ يُعاد رسم خريطته السياسية والإستراتيجية، وبروز قوى دولية جديدة في صناعة القرار والرأي العام العالمي، الأمر الذي يتطلب منا جميعًا ضرورة الحفاظ على الوطن؛ وذلك بوجود نضج تام ووعي وإدراك واضح للقضايا بشكل سليم؛ سواء الداخلية أو الخارجية.
وهنا أستدعي تلك المقولة المأثورة التي تؤكد "أن عدم اتخاذ القرار أو تأخره لا يعني الضعف دومًا، بل أحيانًا يتطلب من صانع القرار أن يراعي التوازنات التي تفرض نفسها، وتجعل صانع القرار يتريث، فإن كانت المصلحة مضى وإلا فلا".
ولقد استطاعت مصر أن تحافظ على استقرارها السياسي والأمني، وانطلاق قطار التنمية على مدار السنوات الماضية؛ من خلال إستراتيجيات متوازنة ورؤية إستراتيجية في ظل متغيرات الوضع الإقليمي، وفي ظل ما تشهده المنطقة من اضطراب وتدهور لحالة الأمن والسلم.
مما يوجب ضرورة الارتقاء بالوعي لكل أفراد المجتمع؛ لأنه أصبح أمرًا لا مناص منه، ولمعرفة متطلبات الأمن القومي المصري ومقومات وآليات تماسك المجتمع مع أهمية تضافر كافة الجهود من مؤسسات الدولة المختلفة والمجتمع المدني والمواطنين؛ للتعامل مع قضية تزييف الحقائق وتوفير البيئة اللازمة والمناخ المناسب للعمل والبناء.
ما يحدث من حولنا من أحداث ومستجدات سياسية واقتصادية تتطلب ضرورة الفهم الصحيح للتعامل مع قضايا المجتمع وتحدياته، وقدرة الشعب على التمسك بقيمه ومبادئه؛ خاصة أن وعي المواطن أحد الركائز الرئيسة المؤثرة على الأمن القومي المصري، وحقيقة نحن الآن نعيش في إقليم مضطرب يشهد توترًا كبيرًا وحدودًا للدولة المصرية مشتعلة، أو كما وصفها البعض بأن مصر الآن أصبحت جزيرة بدلًا من أن يحيطها الماء من كل اتجاه تحيطها النيران التي لا تنطفئ، والوضع حاليًا في غزة مأساوي تخطى مرحلة الكارثة، ومصر وقيادتها السياسية الحكيمة تحاول وضع حلول للخروج من الأزمة، ولكن عرقلة كل المساعي لحل الأزمة هو الوضع السائد.. والدولة المصرية التي رسخت مبدأ السلام في المنطقة ودفعت وحدها ثمنًا باهظًا له.
إن الدولة المصرية تلعب الآن دورًا محوريًا في محيطها الإقليمي، وتواجه التحديات وحدها بكافة أنواعها وأشكالها، في ظل وجود قيادة حكيمة للرئيس السيسي، ومؤسسات وطنية خالصة، وشعب يعشق تراب وطنه.
الأمر في المحيط الإقليمي؛ سواء عدم الاستقرار جنوبًا في السودان أو غربًا في ليبيا أو في البحر الأحمر؛ للتأثير على دخل "قناة السويس"، وما يحدث فيه من هجمات من الحوثيين في مضيق باب المندب مما أدى إلى تأثر حركة الملاحة البحرية، و ما يحدث في فلسطين "غزة - الضفة الغربية"، وأيضًا لبنان الشقيقة هو السائد الآن.
إن الوضع المضطرب في الإقليم أدى إلى تدخل بعض من القوى الخارجية التي تهدف إلى زيادة التوتر واشتعال الأزمة في المنطقة، بالإضافة إلى ما سبق من التحديات، فهناك جبهة أخرى يحاول البعض إشعالها، وهي نشوب صراع على أحقية الدولة المصرية في مياه نهر النيل؛ من خلال تبني إثيوبيا نهجًا أحاديًا من خلال "سد النهضة"؛ مما يخالف قواعد القانون الدولي، ويهدد أمن واستقرار دول حوض النيل والقرن الإفريقي؛ حيث تتمسك الدولة المصرية بالأطر القانونية لحماية حقها في مياه النيل، علاوة على تأكيدها أنها تريد الخير والتنمية لإثيوبيا، دون المساس بحقوقها الثابتة الراسخة منذ القدم، وعبر الاتفاقيات والقوانين الدولية المنظمة لذلك فمصر هبة النيل، وخطاب مصر الأخير لمجلس الأمن الدولي يؤكد مدى تمسك الدولة المصرية واحترامها للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية.
في النهاية لكل ما سبق نقول: إننا بحاجة ملحة للتمسك بالوعي؛ لأن الوضع جد خطير، ونحن جميعًا بحاجة إلى الاصطفاف صفًا واحدًا للدفاع عن وجودنا ومقدرات شعبنا ومصالحنا وعدم الانقياد وراء الإشاعات والفتن التي تسعي إلى تفريق صوت الوحدة الوطنية لزعزعة أمن واستقرار مصر، ووقف قطار التنمية والتطور الذي تشهده البلاد، وعلينا أن ندرك جميعًا أن مصرنا الحبيبة تمر بمرحلة عصيبة فارقة في تاريخها الحديث.