في إنجاز يعكس التزام مصر المتزايد بالأمن السيبراني، أعلنت نتائج مؤشر الأمن السيبراني العالمي (GCI) لعاميّ 2023-2024 أن مصر قد حققت 100 نقطة من أصل 100، مما جعلها ضمن النخبة العالمية التي تضم 12 دولة فقط قادرة على تحقيق هذه الدرجة. هذا التقدم الملحوظ ليس مجرد رقم، بل هو شهادة على نجاح الاستراتيجيات التي نفذتها مصر لتعزيز أمان الفضاء الرقمي وحماية البنية التحتية الحيوية من التهديدات السيبرانية. في هذا التقرير، نستعرض كيف تمكنت مصر من تحقيق هذا الإنجاز الكبير، ونسلط الضوء على الآراء والخبرات التي تسلط الضوء على أسباب هذا النجاح.
موضوعات مقترحة
التحولات الرئيسية في استراتيجيات الأمن السيبراني المصرية
1- تشكيل المجلس الأعلى للأمن السيبراني
في ديسمبر 2014، شكلت الحكومة المصرية المجلس الأعلى للأمن السيبراني برئاسة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو خطوة استراتيجية مهمة لضمان حماية المعلومات والبيانات في جميع الجهات الحكومية. يضم المجلس ممثلين من وزارات الدفاع والخارجية والداخلية، وجهاز المخابرات العامة، والبنك المركزي، إضافة إلى أعضاء ذوي خبرة في المجال. هذا التكوين يعزز التنسيق والتعاون بين مختلف الهيئات الحكومية لضمان تنفيذ سياسات الأمن السيبراني بفعالية.
2. إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني
أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2017-2021، والتي تم تحديثها لتصبح استراتيجية 2023-2027. تتضمن الاستراتيجية عدة محاور رئيسية:
- تحديث القوانين مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018، مما يعزز قدرة مصر على التصدي للتهديدات السيبرانية.
- بناء شراكات مع القطاعين العام والخاص وتعزيز التعاون الدولي.
- تطوير مهارات المتخصصين في الأمن السيبراني وتحسين الوعي بالأمن الرقمي.
- تحسين القدرة على التعامل مع الحوادث السيبرانية والأزمات.
3. تطوير المركز المصري للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي «سيرت»
تأسس المركز المصري للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي "سيرت" في أبريل 2009، ويعد من أبرز الأدوات الوطنية لمواجهة التهديدات السيبرانية. يقدم المركز دعماً فنياً مستمراً للمؤسسات الحكومية والخاصة، ويتألف من أربع إدارات رئيسية:
هي مراقبة المخاطر والتعامل مع الحوادث السيبرانية، تحليل الأدلة السيبرانية، تحليل البرمجيات الخبيثة، فحص الثغرات واختبارات الاختراق، الإنجازات العالمية والأرقام الداعمة.
مؤشر الأمن السيبراني العالمي (GCI) 2023-2024:
مصر حققت 100 نقطة من أصل 100، مما يضعها بين 12 دولة فقط على مستوى العالم في الفئة الأولى.
هذا التقدم يعكس زيادة ملحوظة مقارنةً بـ 95.48 نقطة التي سجلتها في عام 2020.
محاور المؤشر الرئيسية:
المحور القانوني ويشمل التقييم الشامل للتشريعات واللوائح المتعلقة بالجرائم السيبرانية.
المحور التنظيمي الذي يقيم فعالية الاستراتيجيات الوطنية للأمن السيبراني وأداء الجهات المسؤولة.
محور التعاون الذي يقيّم جهود التعاون بين القطاعين العام والخاص، والاتفاقيات الدولية.
محور بناء القدرات الذي يتضمن مدى جاهزية المتخصصين في الأمن السيبراني وتدريبهم، ودعم البحث والتطوير.
وأخيرا المحور التقني الذي يقيّم فعالية استجابة الحوادث السيبرانية.
المهندس محمد الحارثي يحل الأسباب:
في تعليقه على تصنيف مصر في الفئة الأولى ضمن مؤشر الأمن السيبراني العالمي، أكد المهندس محمد الحارثي، خبير أمن المعلومات، أن هذا الإنجاز يعكس التزام مصر بحماية مواطنيها ومؤسساتها من التهديدات المتزايدة في عالم رقمي متصل.
وأوضح الحارثي أن تصنيف مصر جاء نتيجة عدة عوامل رئيسية:
الإطار التشريعي والتنظيمي: القوانين مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018 توفر أساسًا قانونيًا قويًا لمكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية البيانات.
الهيئات المتخصصة: المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات (EG-CERT) والهيئة الوطنية للأمن السيبراني تلعب دورًا أساسيًا في رصد التهديدات والتصدي لها بفعالية.
المهندس محمد هارون: مصر حصلت على العلامة الكاملة
أوضح المهندس محمد هارون أن تصنيف مصر كأحد النماذج الرائدة يعكس نجاحها في الحصول على الدرجة الكاملة في المؤشر العالمي للأمن السيبراني.
وقال إن نتائج مصر في مؤشر الأمن السيبراني العالمي خطوة إيجابية تعزز مكانتها كدولة رائدة في مجال الأمن السيبراني على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أن هذه الإنجازات تفتح الأفق لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الابتكار في قطاع التكنولوجيا، مما يعود بالفائدة الاقتصادية على البلاد.
الخطوات التالية لتعزيز الأمن السيبراني
أبرز المهندس هارون بعض الخطوات المهمة التي يجب على مصر التركيز عليها:
1- استكمال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية، وذلك عبر تخصيص الموارد وتدريب المتخصصين وتعزيز الوعي الأمني بين المواطنين.
2- العمل على تعزيز التعاون الدولي عبر تبادل المعلومات حول التهديدات والثغرات الأمنية مع الدول الأخرى.
3- مواصلة الاستثمار في البحث والتطوير بتحديث استراتيجيات الأمن السيبراني لمواكبة أحدث التهديدات والتقنيات.
4- تأمين البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الطاقة وأنظمة النقل والمؤسسات المالية.
5- تطوير قوة عاملة ماهرة تلبي احتياجات الأمن السيبراني المتزايدة.
6- زيادة التعاون بين القطاعات بين الحكومة والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية للاستفادة من خبرات وموارد جميع الأطراف المعنية.