يحتفل المسلمون هذه الأيام بذكرى مولد سيد البشر محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام، والذي ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وهو الشهر الذي يخصه الأزهر الشريف في كل عام باحتفالات تتخللها ندوات توعوية وتثقيفية بسيرته وأخلاقه الكريمة.
موضوعات مقترحة
كما يحتفل العامة من المسلمين في شتى بقاع الأرض، خاصة مصر، بذكرى ميلاده بشراء حلوى المولد النبوي وتبادل الزيارات، بل تخص الأسر المصرية في الأرياف يوم ميلاده بما يعرف "بموسم المولد النبوي"، حيث يتم فيه التقرب إلى الله بالذبح وتوزيع اللحوم والهدايا على الفقراء، وتبادل الزيارات.
كثير منا لا يعرف منشأ حلوى المولد النبوي الشريف، والتي اختص بصناعتها المصريون دون غيرهم من البلاد، وذلك يعود إلى غرام الفاطميين بإنشاء الأسواق الخاصة، ورغم ذلك لا تزال مناطق في القاهرة تشتهر بمصانع حلوى المولد النبوي، أشهرها المتواجدة في منطقة باب الشعرية غرب القاهرة.
الدكتور أسامة السعدوني جميل، المتخصص في التاريخ المملوكي، مدير تحرير سلسلة التراث الحضاري بالهيئة المصرية للكتاب، يكشف عن ولع الفاطميين بإنشاء الأسواق ومنها الخاصة بإنتاج حلوى مولد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
أسواق المحروسة
يقول الدكتور أسامة السعدوني ل "بوابة الأهرام"، إن أسوار المحروسة احتضنت أسواقًا للشموع "الشماعيين"، للنحاس "النحاسين"، للدجاج والطيور بأنواعها "الدجاجين"، سوق القمح "القماحين"، وواحدة من أبرز هذه الأسواق، كانت سوق "الحلويين"، والتي تخصص بائعوها في بيع حلوى المولد النبوي، حيث كان الفاطميون أول من احتفل بهذه الذكرى.
يتابع "السعدوني"، موضحا أن الأسواق المتخصصة ازدهرت في العصر الفاطمي، وكان أشهرها سوق "الشماعيين"، لبيع الشموع، التي كان يستخدمها الأمراء والأثرياء، كما كانت توفر الشموع لإنارة الشوارع، واستطلاع هلال شهر رمضان، وكانت الشموع تحمل على عجلات لضخامة حجمها.
سوق الحلويين
وأضاف السعدوني، أن سوق الحلويين، لاقت رواجًا في العصرين الفاطمي والأيوبي، حيث كانت تصنع فيها الحلوى بصفة عامة، وحلوى " المولد النبوي " بصفة خاصة، وصممت منها أشكال متعددة، كـ "الحصان والعروسة"، وكانت تعلق على أبواب "الحوانيت".
زادت أهمية السوق –والكلام للسعدوني- في العصر العثماني، الذي اهتم كثيرًا بالمذهب الصوفي ومؤسساته، وازدهر فيه الاحتفال بالمناسبات الدينية، ومنها الاحتفال بـ المولد النبوي الشريف، حيث كان الحكام يجلبون علماء الحديث والفقهاء، للاحتفال بهذه المناسبة في "قلعة صلاح الدين".
الأزهر الشريف
توراثت الأجيال، الاحتفال بالذكرى، واهتمت بها مؤسسات الدولة المصرية، وعلى رأسها "الأزهر الشريف"، وخصصت ندوات ودروسًا وخطبًا للحديث عن سيرة ومعجزات سيد الخلق محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، لتذكير المسلمين بسيرته، واستغلال ذكرى مولده في نبذ الخلافات، والدعوة للتصالح وصلة الرحم، كما ساهمت وزارة الأوقاف كذلك، في إحياء ذكرى ميلاده، بندوات تثقيفية في المساجد طوال شهر ربيع الأول، ومن أبرز وأشهر مساجد القاهرة احتفالا بذكرى مولده، مساجد الحسين، السيدة زينب، جامع عمرو بن العاص، الأزهر الشريف، وغيرها).