يصادف اليوم ذكرى تولي الخليفة العباسي هارون الرشيد لمقاليد الحكم في 14 سبتمبر عام 786هـ، ليكون بذلك خامس خلفاء بني العباس.
موضوعات مقترحة
لقد نُسجت حول هذا الخليفة العظيم الكثير من الأساطير التى نجدها فى كتاب القصص الأسطورى "ألف ليلة وليلة" من معاقرة للخمر ومصاحبة للجوارى، وخلال هذا التقرير فنقدم ومضات من حياة هذا الخليفة...
*ولد هارون الرشيد فى مدينة الري بخُراسان عام ١٤٩هـ فى خلافة جده أبي جعفر المنصور، وأثناء ولاية أبيه محمد المهدى على خراسان.
*كانت أمه جارية على قدر كبير من الجمال والذكاء واسمها "الخيزران"، وقد ولدت للمهدى ولديه موسى الهادى وهارون الرشيد.
*تلقى هارون الرشيد تعليمه على يد كبار علماء عصره فنشأ مُحبًا للعلوم، وعُرف بالفروسية حتى أنه قاد الجيوش فى عهد أبيه المهدى.
*تزوج هارون الرشيد من ابنة عمه السيدة زبيدة، وهى مثله عباسية قرشية النسب، وقد اشتهرت بأعمال البر والخير، ولا أدل على ذلك من عماراتها لطريق الحج.
*عهد والده المهدى إليه بولاية العهد بعد أخيه موسى الهادى، وقد حاول الهادى نقض عهد أبيه وإزاحة هارون من الحكم، لكنه مات قبل ذلك عام ١٧٠هـ، ليتولى هارون الخلافة.
*تعد ليلة خلافته من الأمور العجيبة فى عالم المُلك، إذ لم تشهد ليلة فى التاريخ وفاة خليفة وهو الهادى وولاية خليفة وهو الرشيد، وميلاد خليفة وهو الخليفة المأمون بن الرشيد.
*اعتمد الرشيد فى بداية ملكه على وزراءه البرامكة فى إدارة شؤون الخلافة، وعلى رأسهم كبيرهم يحيي بن خالد البرمكى الفارسى وولديه جعفر والفضل، وكانوا موضع ثقته المطلقة، إذ كانت أم الفضل زوجة يحيي بن خالد البرمكى أمًا لهارون من الرضاعة؛ لذا كان يناديها بأمى وينادى يحيي بأبي وعهد اليه بمنصب الحجابة، لكنه عاد ونكل بهم وأودعهم السجون، وقتل جعفر بن يحيي البرمكى بعد أن شعر بأنهم كونوا دولة داخل الدولة، وخشى من زوال خلافة بنى العباس بسببهم، وسُميت تلك الأحداث بـ"نكبة البرامكة".
*كان هارون الرشيد مولعًا بالحج والغزو، فكان يحج عامًا ويغزو عامًا، حتى قال فيه الشاعر:
فمن يرجو لقاءك أو يُردهُ.. ففى الحج أو أقصى الثغور
*كان يذهب الى المدينة المنورة بولديه الأمين والمأمون، ويجلس تحت قدم عالم المدينة الإمام مالك بن أنس لطلب العلم حتى أنه سمع عنه الموطأ.
*لفرط حبه للعلوم أسس فى بغداد أكبر مكتبة فى العالم الإسلامى وهى "دار الحكمة" التى ظلت تؤدى دورها التنويرى حتى أحرقها هولاكو وأغرقها حين سقطت بغداد فى أيدى المغول عام ٦٥٨هـ.
*كان سريع البكاء إذا وُعظ، فيذكر أنه التقى بأحد الزهاد ويدعى ابن السماك فطلب كوبًا من الماء، فقال له ابن السماك:بماذا تشترى هذا الكوب من المياه إذا منعتك إياه:قال له الرشيد: بنصف مُلكى، فقال له أشرب، هنأك الله، فلما شرب قال له: وبماذا تشتريه إذا مُنعت عنك بولته، قال : بملكى كله، فقال الزاهد:أن مُلكًا يساوى شربة ماء وبولتها جدير بألا يُنازع عليه.
*كانت دولة الرشيد تتسع من حدود الهند شرقا إلى إسبانيا غربا حتى أنه كان يحدث السحابة قائلا: أمطرى حيث شئت فسيأتينى خراجك، أى ضريبة ما ستنتجه الأرض الزراعية التى ستنمو على هذه الأمطار.
*كان هارون الرشيد من أعاظم الخلفاء فقد كتب إلى نقفور ملك الروم حين هدده وتجرأ على المسلمين قائلا:" من هارون الرشيد ملك العرب إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما لاتراه لا تسمعه" وقاد جيشا أوله فى مدينة هرقله من مدن القسطنطينية وأخره فى بغداد ولم يرجع حتى اقتحم المدينة وأرغم نقفور على الاعتذار ودفع الجزية.
*شُبهت أيام خامس الخلفاء العباسيين هارون الرشيد بأيام العروس، فازدهرت الدولة العباسية علميا واقتصاديا وسياسيا.
*توفى هارون الرشيد فى 24 مارس عام ٨٠٩م الموافق لعام ١٩٣هـ، وقد توفى فى مدينة طوس "مشهد" بإيران الحالية، وحينما احتضر جعل يقلب فى أكفانه قائلا:"ما أغنى عنى ماليه ..هلك عنى سلطانيه"، وأمر جنوده بأن بحملوه حتى يعاين قبره، وحين نظر إلى اللحد جعل يبكى بكاءَ مريرا ويقول :"يا من لا يزول ملكه أرحم من زال ملكه".