يظل اسم المخرج إسماعيل عبد الحافظ علامة فارقة في تاريخ الدراما المصرية، فمنذ رحيله في مثل هذا اليوم 13 سبتمبر قبل 12 عامًا من الآن، لم يستطع أحد ملء حالة الفراغ التي تركها الراحل وكللت لرحلة كفاح وإرث فني تستطيع كثير من الأجيال أن تنهال منه لعقود قادمة.
موضوعات مقترحة
لم يكن عبد الحافظ مخرجًا عاديًا يتعامل مع مشروعاته الفنية لمجرد كونها عملًا دراميًا يُكلل لوجود اسمه بالدراما المصرية، بل كان يتعامل مع مشروعاته باعتبارها تأريخ لحقب زمنية مختلفة تمثل تشكيلًا خاصًا في الصورة المرئية على الشاشة، فالكادر بالنسبة له لوحة تجسد لتاريخ مصر في تكوين الأشخاص والديكوات الممزوجة برائحة الحارة المصرية وأحياءها ومدنها القديمة.
علاقة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ
وربما كان من النادر أن يجد مؤلف ضالته في مخرج أعماله، ولكن هذا هو القدر الذي قاض الثنائي السيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة لتكوين شراكة ناجحة مع عبد الحافظ ليكونا معًا استثناء فنيًا على صعيد الأعمال التي جسدت لملاحم درامية ثمتل توثيق لتاريخ مصر الاجتماعي والسياسي.
بدأت علاقة الثنائي من الثانوية العامة في المدارس، ودخلا كلية الآداب سويًا، ولم تنقطع صلتهما معًا إلا في فترة تدريس صديقه أسامة أنور عكاشة في الصعيد، لكن فور عودته للقاهرة لم تنقطع زياتهما المنزلية، واجتمعوا في أول عمل في سباعية بعنوان "أسوار الحب" عام 1977م، لكن اللقاء الذي يعتبره الثنائي "التوأمة الفنية لهم" هو مسلسل "الشهد والدموع عام 1984م.
نجح الثنائي في أن يكونا البوصلة التي شكلت الدراما المصرية في مرحلة الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم، حيث كان المسلسل الذي يحمل اسمهما معًا هو المنتظر من العام إلى الآخر لدى المشاهدين ليس من مصر فقط بل وفي المنطقة العربية بأكملها.
اكتشاف نجوم لم نكن نراهم للأبد
ورغم التطورات التي شهدتها الدراما المصرية على مدار أكثر من عقدين بالألفية الجديدة على مستوى الإخراج والتصوير، لكن تبقى أعمال إسماعيل عبد الحافظ محفورة في ذاكرة المشاهد بتكوينها المميز على رغم من محدودية الإمكانيات التي كانت في تلك الفترة.
نجح إسماعيل عبد الحافظ على مدار أغلب أعماله الفنية في تقديم أجيال مختلفة في مشروعه الدرامي الواحد، فكم من شباب أصبحوا نجوم للمرحلة "الوسط" فيما بعد مثل: ممدوح عبد العليم، وهشام سليم وآثار الحكيم وآخرين، بجانب نجومية أسماء كبرى آخذت مساحتها المستحقة في الدراما المرية وأصبحوا هم قادتها بعد ذلك مثل النجمان الراحل صلاح السعدني، ويحيى الفخراني.
ليس هذا فقط بل هناك نجوم من الصف الثاني ربما لم تكن هناك فرصة للظهور دراميًا لهم لولا تواجدهم في هذه الأعمال لم نكن نراهم على الشاشة مثل الفنان: الراحل سيد عزمي، شوقي شامخ، محمد متولي، سيد عبد الكريم، عهدي صادق وآخرين.
إسماعيل عبد الحافظ يحكي كواليس "ليالي الحلمية"
يحكي كواليس تصوير مسلسل "ليالي الحلمية" مع النجمين الراحلين هشام سليم وممدوح عبد العليم مع الإعلامية سهير شلبي، حيث نفذ رصيد الحلقات الجاهزة للعرض، وأصبح التصوير يتم على الهواء بخلاف تصوير المشاهد الخارجية في العين السخنة، حيث أُصيب الفنان شريف منير بالعصب السابع، ويروي هنا عبد الحافظ قائلًا: "كنا بناخد شريف منير في عربية لوحده أنا وممدوح عبد العليم ونظل نطبطب عليه، ثم أصوره من زوايا معينة، وأرسل بعد ذلك أحد الأشخاص لإعادته إلى القاهرة، وكان من حسن حظه أنه خلال الأحداث كان المفترض أن "واخد علقة" فالناس افتكرت أن دي مضاعفاتها.
وفي لقاء آخر مع الإعلامية الشهيرة، أكد المخرج الراحل خلال تصويره الجزء الثاني من "ليالي الحلمية" أن رحلة العمل شاقة وجميع الأفراد متعاونون فيها ويعملون لكثر من 20 ساعة، وجميعنا متحمس للمشروع ويحبه ولذلك يخرج المسلسل في أفضل صورة تصل للمشاهد.
أبرز أعمال إسماعيل عبد الحافظ
قدّم المخرج الراحل العديد من الأعمال الدرامية أشهرها: ليالي الحلمية، المصراوية، الشهد والدموع، عفاريت السيالة، حدائق الشيطان، شارع الموردي، عدى النهار، نقطة نظام، كناريا وشركاه، للثروة حسابات أخرى، الأصدقاء، امرأة من زمن الحب، خالتي صفية والدير، الوسية وغيرها.
محمد عبد الحافظ يحكي عن والده
يروي محمد عبد الحافظ أسرارا من حياة والده في أحد لقاءاته في برنامج "الستات ميرفعوش يكذبوا"، ويتحدث قائلًا: "والدي كان شيخ عرب والجلباب كان بيلبسه ويتعامل بأصوله مع الناس فقد كان بسيطًا، وكان أبًا لجميع الفنانين فقد كان يتعامل إنسانيًا قبل التعامل فنيًا، وكان يعشق الممثل لذلك دائمًا الممثل تجديه مع إسماعيل عبد الحافظ في شكل مختلف، وعبقريته أنه لم يكن يتعامل مع الممثل الذي يرى نفسه "نجم" فقد كانت الأعمال تباع باسمه.
ويضيف: في أول أدواري كبطولة في الدراما التلفزيونية من خلال مسلسل "أهالينا" كان هناك مشهد لم أكن أحفظ دوري به جيدًا، وكان بمثابة "ماستر سين" والدور كان فرصة، والمشهد كان يجمع بيني وبين الراحلين هشام سليم والنجم حسن حسني، والفنانة صابرين، فوجدت والدي يعنفني أمام الجميع بسبب عدم حفظي وقام بإزالة المشهد فيما بعد.
يظل إسماعيل عبد الحافظ حالة استثنائية في تاريخ الدراما المصرية، يبقى متفردًا بين أبناء جيله، مخرج اهتم بنشر الوعي الثقافي والتأريخ في أعماله، والإبقاء على جماليات الصورة المرئية للمشاهد التي لا يمكن أن يراها أحد إلا ويرى بصمته عليها.
المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ مع النجم صلاح السعدني والفنانة فادية عبد الغني المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ مع الفنان محمد متولي والفنانة علية الجباس المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ مع نجله محمد