تراجع ترتيب إسرائيل فى مؤشر السلام العالمى إلى أدنى مستوى بسبب حرب الإبادة فى غزة
موضوعات مقترحة
دون بذل جهود دولية متضافرة، سيكون هناك خطر تصاعد الصراعات الكبرى. إن العالم يقف على مفترق طرق، فقد كشفت النسخة 18 من مؤشر السلام العالمى الصادرة فى يونيو 2024 عن معهد الاقتصاد والسلام فى لندن، أنه يوجد حاليا 56 صراعا حول العالم، وهو أكبر عدد منذ الحرب العالمية الثانية، لقد أصبحت الصراعات أكثر دولية مع وجود 92 دولة منخرطة فى صراعات خارج حدودها وهو أكبر عدد منذ إنشاء مبادرة السلام العالمية.
دائما ما يرفع العدد المتزايد للصراعات الصغيرة من نسبة احتمال نشوب صراعات كبرى فى المستقبل، على سبيل المثال، فى عام 2019، تم تحديد كل من إثيوبيا وأوكرانيا وغزة على أنها صراعات طفيفة، وسجل العام الماضى 162 ألف حالة وفاة مرتبطة بالصراع. وكانت هذه ثانى أعلى حصيلة خلال السنوات الثلاثين الماضية، حيث تسببت الصراعات فى أوكرانيا وغزة فى مصرع ما يقرب من ثلاثة أرباع القتلى حول العالم، ففى أوكرانيا تسبب الصراع فى مقتل أكثر من 80 ألف حالة، وأكثر من 33 ألف حالة وفاة فى فلسطين حتى أبريل 2024، وفى الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، بلغت الوفيات المرتبطة بالصراع على مستوى العالم 47 ألف حالة وفاة. وإذا استمر نفس المعدل لبقية هذا العام، فسيكون هذا أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن الصراع منذ الإبادة الجماعية فى رواندا فى عام 1994.
كما بلغ الأثر الاقتصادى العالمى للعنف فى عام 2023 إلى خسائر تقدر بـ19.1 تريليون دولار، فى حين بلغ إجمالى الإنفاق على بناء وحفظ السلام نحو 49.6 مليار دولار، وهو ما يمثل أقل من 0.6 ٪ من إجمالى الإنفاق العسكرى العالمى.
وتظل أيسلندا الدولة الأكثر سلمية وهو المركز الذى احتلته منذ عام 2008، تليها أيرلندا والنمسا ونيوزيلندا وسنغافورة - الوافد الجديد إلى المراكز الخمسة الأولى. كما حل اليمن محل أفغانستان باعتبارها الدولة الأقل سلمية فى العالم، يليها السودان وجنوب السودان وأفغانستان وأوكرانيا.
فى حين تظل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنطقة الأقل سلمية، فهى موطن لأربع من الدول العشر الأقل سلمية فى العالم، والبلدان الأقل سلمية، السودان واليمن. وعلى الرغم من ذلك، سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر تحسن فى مستوى السلام فى المنطقة، حيث ارتفعت 31 مركزا إلى المركز 53 فى عام 2024.، وعلى الرغم من تدهور معظم مؤشرات السلمية على مدى السنوات الـ 18 الماضية، فقد حدث تحسن فى معدل جرائم القتل الذى انخفض فى 112 دولة فى حين تحسنت تصورات الإجرام فى 96 دولة.
طبيعة الصراع
مع تزايد انتشار الصراعات وإضفاء الطابع الدولى عليها، فإن التعقيد المتزايد يقلل من احتمال التوصل إلى حلول دائمة. أوكرانيا وغزة هما مثالان على المظالم التاريخية المستمرة أو "الحروب الأبدية" دون حلول واضحة، وانخفض عدد الصراعات التى أدت إلى انتصار حاسم لأى من الجانبين من 49 ٪ فى السبعينيات إلى أقل من 9 ٪ فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، وخلال الفترة نفسها، انخفض عدد الصراعات التى انتهت باتفاقيات السلام من 23 ٪ إلى ما يزيد قليلا على 4 ٪.
هناك عامل رئيسى آخر يعيد تشكيل الصراع وهو تأثير تكنولوجيا الحرب غير المتكافئة، مما يجعل من الأسهل بكثير على المجموعات غير التابعة للدول، وكذلك الدول الأصغر أو الأقل قوة التنافس فى صراعات مع دول أو حكومات أكبر. ارتفع عدد الدول التى تستخدم الطائرات دون طيار من 16 إلى 40، أى بزيادة قدرها 150 ٪ بين عامى 2018 و2023، وخلال الفترة نفسها، ارتفع عدد الجماعات غير الحكومية التى ارتكبت هجوما واحدا على الأقل بطائرات بدون طيار من 6 إلى 91، بزيادة قدرها أكثر من 1.400 ٪.
حرب غزة
بسبب حرب غزة، انخفض ترتيب إسرائيل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق وهو المركز 155 ، وهو أكبر تدهور فى السلمية فى مؤشر السلام العالمى لعام 2024. ومع ذلك، شهدت فلسطين على مدى العقد الماضى أكبر تدهور، حيث تراجعت إلى المرتبة 145. وفى تسليط الضوء على التوترات المتزايدة، زادت القصص الإعلامية الإسرائيلية التى تحمل مشاعر سلبية تجاه الفلسطينيين مما يزيد قليلا على 30 ٪ فى عام 1999 إلى 92 ٪ فى أوائل عام 2023، فى حين زادت القصص التى تحمل مشاعر سلبية من قبل وسائل الإعلام الفلسطينية تجاه الإسرائيليين من أقل بقليل من 30 ٪ فى عام 1999 إلى 85 ٪. فى أوائل عام 2023.
كما ألقى الصراع بمنطقة الشرق الأوسط بأكملها إلى أزمة تشمل سوريا وإيران ولبنان واليمن مع تصاعد العواقب الاقتصادية وارتفاع خطر نشوب حرب مفتوحة، ومن شأن توسيع نطاق الصراع أن يؤثر بشدة على الاقتصاد العالمى مما قد يؤدى إلى ركود عالمى. وما يسلط الضوء على هذه النقطة هو أن الاقتصاد السورى انكمش بنسبة تزيد على 85 ٪ بعد بداية الحرب فى عام 2011، وانكمش الاقتصاد الأوكرانى بنسبة 29 ٪ فى العام الذى أعقب اندلاع الصراع فى عام 2022.
القدرة العسكرية
منذ بداية الحرب الأوكرانية، تزايد الوجود العسكرى فى 91 دولة، وهو ما عكس الاتجاه الذى كان سائدا خلال الأعوام الخمسة عشر السابقة، ونظرا للالتزامات المستقبلية للعديد من البلدان فيما يتعلق بالإنفاق العسكرى، فمن غير المرجح أن يتحسن هذا الإنفاق فى السنوات المقبلة. كما أدت التغيرات فى ديناميكيات الحرب إلى انخفاض أعداد القوات بينما زاد التطور التكنولوجى، وعلى مدى العقد الماضى، خفضت 100 دولة عدد أفراد قواتها المسلحة، فى حين زادت القدرة العسكرية العالمية بنسبة تزيد على 10 ٪.
مؤشرات رئيسية
كشفت النتائج الرئيسية لمؤشر السلام العالمى تدهور مستويات السلام فى 97 دولة أكثر منذ بدء مؤشر فى عام 2008 وجاءت كالتالى:
■ الصراعات فى غزة وأوكرانيا كانت المحرك الرئيسى لتراجع السلم العالمى، حيث وصل عدد القتلى فى المعارك إلى 162 ألف شخص فى عام 2023.
■ هناك 92 دولة منخرطة حاليا فى صراعات خارج حدودها، وهو عدد أكبر من أى وقت مضى منذ بداية مؤشر السلام العالمي.
■ يشير نظام التسجيل العسكرى الأول من نوعه إلى أن القدرات العسكرية الأمريكية أعلى بثلاث مرات من القدرات العسكرية الصينية.
■ ارتفع الأثر الاقتصادى العالمى للعنف إلى 19.1 تريليون دولار فى عام 2023
وهو ما يمثل 13.5 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.
■ يشكل التعرض للصراع خطرا كبيرا على سلسلة التوريد للحكومات والشركات.
■ عملية الوجود العسكرى سجلت أكبر تدهور سنوى لها منذ إنشاء مؤشر السلام العالمى حيث أصبحت 108 دولة تواجد عسكري.
■ 110 ملايين شخص لاجئون أو نازحون داخليا بسبب الصراعات العنيفة، ويستضيف 16 بلدا الآن أكثر من نصف مليون لاجئ.
■ شهدت أمريكا الشمالية أكبر تدهور إقليمى بسبب زيادة جرائم العنف والخوف من العنف.
نتائج إقليمية
■ أوروبا المنطقة الأكثر سلمية، إلا أنها سجلت أكبر زيادة سنوية فى الإنفاق العسكرى منذ بداية مؤشر السلام العالمي.
■ أمريكا الشمالية سجلت أكبر تدهور إقليمى فى السلمية بانخفاض أقل بقليل من 5 ٪، وشهدت كل من الولايات المتحدة وكندا انخفاضات كبيرة، مدفوعة فى المقام الأول بزيادة جرائم العنف والخوف من العنف.
■ منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تعد حاليا ثانى أقل المناطق سلمية بعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تواجه العديد من الأزمات الأمنية - أبرزها الاضطرابات السياسية المتزايدة والإرهاب فى منطقة الساحل الوسطى.
■ منطقة آسيا والمحيط الهادئ ثانى أكثر المناطق سلمية مع انخفاض طفيف فى السلمية. وسجلت بابوا غينيا الجديدة أسوأ تدهور فى المنطقة بسبب تصاعد العنف القبلى الناجم عن النزاعات على الأراضى وملكية الأراضي.
■ أمريكا الوسطى ومنطقة الكاريبى شهدت تراجعا طفيفا فى مستوى السلام، حيث كانت بلدان مثل هايتى تكافح مستويات عالية من الجريمة المنظمة والاضطرابات المدنية. وعلى الرغم من ذلك، سجلت السلفادور أهم تحسن فى مجال السلام فى العالم.
■ أمريكا الجنوبية شهدت ثانى أكبر انخفاض فى مستوى الهدوء حيث بلغ التدهور 3.6 ٪ وحدثت أكبر التغييرات فى مؤشرات معدل جرائم القتل ومقياس الإرهاب السياسى وكثافة الصراع الداخلى.