نتنياهو يقوم بالدور الوظيفي للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة
موضوعات مقترحة
أمريكا تعارض إقامة دولة فلسطينية في مجلس الأمن
أمريكا قدمت لإسرائيل 230 طائرة نقل أسلحة ومعدات عسكرية و20 نقل ذخائر و15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية و5400 صاروخ
18% من رجال الأعمال و20% من مالكى الثروة فى أمريكا من اليهود يستخدمون نفوذهم لصالح إسرائيل
صفقة القرن تقوم على مفهوم إلغاء التاريخ والسلام مقابل الاقتصاد
مهندس الأسلحة النووية والعمليات المتعلقة بجلب السلاح هو شيمون بيريز
150 مليار دولار من أمريكا لإسرائيل أكبر مبلغ من المساعدات منذ الحرب العالمية الثانية
محاولة فهم المشهد الدائر على أرض الواقع فى ضوء استمرار آلة القتل الإسرائيلية واستهدافها للمدنيين الأبرياء فى قطاع غزة، اليوم تلو اليوم، فى حربها الأخيرة التى أعقبت أحداث السابع من أكتوبر الماضي، يبدو الموقف الأمريكى أكثر غرابة تجاه دعمه للكيان الصهيونى فى جرائمه التى تصم الإنسانية بالعار.
السفير عاطف سالم سيد الأهل سفير مصر الأسبق بإسرائيل، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، التقيناه وطرحنا عليه العديد من التساؤلات، بحكم قربه من المطبخ الإسرائيلي، بحكم عمله سفيرًا فى تل أبيب لمدة ثلاث سنوات، وفهمه لما يجرى فى أروقة السياسة الإسرائيلية، مؤكدًا أن الدعم الأمريكى لإسرائيل تاريخي، وأن الولايات المتحدة هى التى تعارض إقامة الدولة الفلسطينية.
يؤكد السفير عاطف سالم، أن العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية ملف ضخم، يحتاج إلى أبحاث كثيرة كى نفهم أبعاده، ولكن بشكل عام فإن الدعم الأمريكى لإسرائيل تاريخي، فالسياسة الأمريكية تقوم على ضمان الاستقرار الداخلى لإسرائيل، وتقديم دعم كامل وغير مشروط، وإضفاء الشرعية على سلوكها وحكوماتها، وقبول ذرائعها الأمنية دون تحفظات، والحفاظ على تفوقها العسكرى على جميع دول المنطقة.
وأوضح السفير المصرى السابق لدى إسرائيل، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تقدم معونات سنوية لإسرائيل قدرها 3.8 مليار دولار، تشركها فى المكون العسكرى للسلاح، كما قدمت الولايات المتحدة قرضًا لإسرائيل قيمته عشرة ملايين دولار لاستعادة المهاجرين إليها، وهناك 18 فى المائة من رجال الأعمال و20 فى المائة من مالكى الثروة فى الولايات المتحدة الأمريكية من اليهود، يستخدمون نفوذهم لصالح إسرائيل إلى جانب منظمة “الإيباك” وهى لجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية، ومنظمة مكافحة التشهير.
وأكد أن ما يدل على مدى الدعم الأمريكى لإسرائيل هو أن الولايات المتحدة، استخدمت حق النقض “الفيتو” أكثر من 48 مرة لصالح إسرائيل، وضد أى قرار يدين دولة الاحتلال، وهذه أكبر نسبة تُستخدم للفيتو فى موضوع ما على مدى التاريخ.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية هى التى تستخدم الفيتو ضد إعلان قيام الدولة الفلسطينية أو الاعتراف بها، ومطلبها أن يكون هناك تفاوض بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، للوصول إلى حلول فيما يتعلق بموضوع حل الدولتين.
إجهاض حلم الدولة
قال السفير عاطف سالم إن صفقة القرن، عندما خرجت إلى النور، عكست تحولًا فى السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، لأنها حسمت قضايا الحل النهائى فيما يخص القدس واللاجئين والحدود، لصالح إسرائيل من البداية، فقامت هذه الصفقة على مفهوم إلغاء التاريخ وطرح مفهوم السلام مقابل الاقتصاد، وانتهت إلى فكرة إقامة دولة بشروط معينة.
وأضاف قائلًا: بشكل عام، الولايات المتحدة هى الحليف الأكثر أهمية وثباتًا لإسرائيل منذ تأسيسها، حصلت على أكثر من 150 مليار دولار مساعدات أمريكية، وهو أكبر مبلغ من المساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، كما ساهمت أمريكا فى توقيع إسرائيل معاهدات السلام مع عدد من الدول العربية، وتركت الفلسطينيين خارج إطار المفاوضات لفترة طويلة.
وأكد أنه لم يحدث فى التاريخ، أن قام رئيس أمريكى بزيارة إلى إسرائيل فى خضم حرب سوى الرئيس جو بايدن، وليست هناك خطوط حمراء فى العلاقات الإسرائيلية -الأمريكية، والتأكد من امتلاكها أسلحة إستراتيجية، ومساعداتها فى التعامل مع حروب متعددة الجهات، حتى إن وزير الخارجية بلينكن شارك فى القيادة بوزارة الدفاع الإسرائيلية واجتمع مع الكابينت الإسرائيلى للاطلاع على مسار الحرب الأخيرة فى قطاع غزة، وتمثل التجييش الأمريكى فى المنطقة فى فتح جبهات ضد إسرائيل، بل إن الولايات المتحدة أرسلت جنرالات من المارينز والقوات الأمريكية إلى إسرائيل لتقديم النصح للقيادة العسكرية الإسرائيلية فى عملياتها بقطاع غزة.
تورط إدارة بايدن
وقال السفير المصرى الأسبق لدى إسرائيل، إن التحرك الأمريكى يعكس تورطًا عميقًا لإدارة بايدن فى الحرب فى غزة، وكانت هناك اتصالات متواصلة مع وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن، ومع قائد القيادة المركزية الأمريكية إريك كوريللا، وجولات مختلفة لهما بالمنطقة لمساعدة إسرائيل فى الحرب الحالية.
وأشار إلى أنه خلال عشرة أشهر من الحرب الإسرائيلية فى قطاع غزة، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية 230 طائرة نقل أسلحة ومعدات عسكرية، و20 سفينة تقل ذخائر لدعم القوات الجوية والمدفعية الإسرائيلية، بل إن الولايات المتحدة أمدت إسرائيل بأسلحة لمرتين، دون المرور بالكونجرس فى 29 نوفمبر و19 ديسمبر من العام الماضي، برغم أنه لا بد أن يقر الكونجرس صفقات الأسلحة الأمريكية للدول.
وتابع: الولايات المتحدة، منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، أمدت إسرائيل بأسلحة بما قيمته عشرة مليارات دولار تقريبًا، وذلك إلى جانب التدريبات المشتركة والمشروعات الدفاعية وبرامج التطوير التكنولوجي، وتضمن أيضًا الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل فى إرسال السترات الواقية، وأكثر من 15 ألف قنبلة، و57 ألف قذيفة مدفعية عيار 155، وأكثر من 5400 مزودة برؤوس حربية تزن ألفي طن، وحوالى ألف قنبلة من طراز 39.
أمريكا.. حارس الازدهار
وفيما يجرى فى البحر الأحمر من تداعيات وأحداث، قال السفير عاطف سالم، إن الولايات المتحدة تدخلت لمساندة إسرائيل فى البحر الأحمر، بمجرد إعلان الحوثيين أنهم سيستهدفون فى عملياتهم السفن المتوجهة إلى إسرائيل، وعلى الفور شكلت أمريكا قوة عسكرية بقيادتها تحت مسمى حارس الازدهار، وسعت إلى إصدار قرار من مجلس الأمن لوقف الهجمات على السفن، واحترام حظر الأسلحة المفروضة على الحوثيين المدعومين من إيران، وتضمن بندًا رئيسيًا فى هذا القرار النص على حق الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة وفقًا للقانون الدولى الدفاع عن سفنها من الهجمات، بما فى ذلك تلك التى تقوض الحقوق والحريات الملاحية.
فلم تتوانَ الولايات المتحدة فى اتخاذ أية خطوة لحماية التجارة الإسرائيلية فى البحر الأحمر، كما أنها تحركت بقواتها أكثر من مرة فى فترة الخلافات العسكرية السابقة بين إيران وإسرائيل، وبين حزب الله اللبنانى وإسرائيل، وفى الفترة الحالية أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 12 بارجة حربية إلى منطقة الشرق الأوسط تحسبًا لهجوم إيرانى أو وكلاء إيران فى المنطقة كالحوثيين وحزب الله، وفى العراق وسوريا ضد إسرائيل.
كما أن الولايات المتحدة، تدخلت أيضًا فى قرارات محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، حيث وصل تهديد من بعض أعضاء الكونجرس الأمريكى للمدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، ومن قبلها صدر أكثر من قرار بأن إسرائيل ليست معنية بهذا الموضوع، كما أن أمريكا ليست عضوًا بالمحكمة الجنائية الدولية، وأعلنت أنها ستتخذ إجراءات عنيفة ضد قرارات المحكمة، وفى الوقت نفسه كان الموقف الأمريكى سلبيًا تجاه محكمة العدل الدولية وقراراتها، وكانت المندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة تدافع عن إسرائيل، فالولايات المتحدة لا تتعرف بالقرارات والأحكام الدولية حفاظًا على مصالح إسرائيل.
السفير عاطف سالم، من خلال معايشته للنظام الإسرائيلى من الداخل خلال عمله سفيرًا لمصر فى تل أبيب، أكد أن كل هذا الدعم يأتى لأن الولايات المتحدة، تدرك أن قدرة إسرائيل على التعامل مع حرب متعددة الجبهات ضعيفة، وأن القوات الأمريكية والمدنيين فى المنطقة معرضون للخطر، وأن عملية توسع الحرب ومدتها ومدى تأثيرها على قدرة واشنطن على تقديم الإمدادات لإسرائيل، سواء فيما يتعلق بالقبة الحديدية أم الذخائر المدفعية أم للقوات الجوية لإسرائيل.
بيريز مهندس الأسلحة النووية
وفيما يخص الدعم العسكرى لإسرائيل، يقول السفير عاطف سالم إنه منذ البداية فى عام 1948 كانت أول صفقة سلاح جاءت إليه كانت تشيكية، إلا أن الجانب الإسرائيلى أدرك أهمية المصالح مع الغرب فاتجهوا إلى فرنسا التى أمدتهم بطائرات الميراج، وكان مهندس الأسلحة النووية والعمليات المتعلقة بجلب السلاح إلى إسرائيل هو رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شيمون بيريز عندما كان يشغل وظيفة مدير عام بوزارة الدفاع الإسرائيلية، والذى استمر على مدى طويل هو الداعم الرئيسى لإسرائيل فى جلب الأسلحة من الغرب.
وذكر سالم أن ميزانية الجيش الإسرائيلى فى العام 2024 بلغت 37 مليار دولار أمريكي، لأول مرة فى تاريخ الدولة العبرية، وذلك دون احتساب المساعدات الأمريكية السنوية التى تبلغ 3.8 مليار دولار والتى تستمر حتى عام 2026، كانت الميزانية تبلغ من قبل 31 مليار دولار أضيف إليها تكلفة الحرب خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من عملية طوفان الأقصى بما قيمته 8.3 مليار دولار.
وأشار إلى أن إسرائيل تخصص 4.5 فى المائة من إجمالى ناتجها المحلى الإجمالى لميزانية الجيش، وهى تُعَدُّ فى المرتبة العاشرة عالميًا فى هذا الإطار، وهناك 35 دولة على مستوى العالم تستورد الأسلحة من إسرائيل، حيث تعد تل أبيب موردا كبيرا للسلاح، حيث وصلت خلال الفترة الماضية إلى المرتبة السادسة عالميًا فى توريد الأسلحة إلى الدول الأخرى.
معلومات استخباراتية
وأكد سالم، أنه فى شهر يونيو من العام الحالى 2024، أفرج الكونجرس الأمريكى عن حزمة مساعدات، بقيمة 95 مليار دولار لحلفائها، حصلت إسرائيل منها على 26 مليار دولار فى دعم غير مسبوق فى إطار حربها فى قطاع غزة، وهناك جزء منها مساعدات غير مباشرة، وأخرى مساعدات عينية، ومساعدات نقدية، وتجديد ذخائر وقنابل خصوصًا الذخائر الموجهة، والصيانة، وقطع الغيار، بخلاف تخصيص جزء منها لتسريع وتيرة تسليم الذخائر لإسرائيل، وهذه من أكبر الصفقات التى أتمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار إلى أن نسبة حصول إسرائيل على الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية تتعدى نسبة الثمانين فى المائة، وذلك بخلاف نسب محدودة أخرى، تحصل عليها من فرنسا وألمانيا وإنجلترا، تكمل العشرين فى المائة المتبقية، ففى الأساس إسرائيل تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية فى موضوع التسليح، سواءً فى شراء الأسلحة، أم تجديد مخزونها منها، أم تمويل وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وحول مشاركة الولايات المتحدة لإسرائيل فى حربها على قطاع غزة، يؤكد السفير عاطف سالم أن الولايات المتحدة لا تدخل فى مشاركة مباشرة مع إسرائيل فى العمليات غزة أخيرا، لكنها تقدم لها معلومات استخباراتية، وتجسسا فضائيا لأماكن وجود الرهائن، وتمنح إسرائيل أسلحة تتميز بالدقة والسرعة، وتمنحها الضوء الأخضر فى العمليات العسكرية التى تقوم بها، فلا تقوم إسرائيل بأى عملية عسكرية إلا بموافقة الولايات المتحدة عليها، وهذا معروف فى كل العمليات الإسرائيلية التى تمت فى قطاع غزة أو فى غيره أو فى إيران، أو مع أية دولة أخرى. فإسرائيل لا تستطيع أن تأخذ قرارًا بمفردها يتعلق بالهجوم والحرب أو رد الفعل، إلا بعد الحصول على المباركة الأمريكية.
لهجة المصالح
ويرى السفير عاطف سالم أن التصريحات الأخيرة لكامالا هاريس، المترشحة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أنها ستحذو نهجًا مغايرا لسياسة الرئيس جو بايدن تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وإسرائيل، أعتقد أنه تغيير فى اللهجة وليس فى السياسة، فالسياسة الأمريكية ثابتة بينما تتغير اللجهة فى الخطاب وفقًا لما تتعرض له المصالح الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، وذلك ما قد يجعل الولايات المتحدة، قد تأخذ بعض المواقف الحادة والمخالفة لإسرائيل لكن السياسة واحدة لا تتغير.
دعاية صهيونية
وألمح السفير عاطف سالم، إلى خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى الكونجرس الأمريكي، أخيراً، واستخدامه مصطلحات الدعاية الصهيونية، ودعاية نشأة الدول، وأن إسرائيل امتداد للحضارة الأوروبية فى مواجهة الشرق البربري، واستخدامه أيضًا مصطلحات دينية من الكتاب المقدس، مؤكدًا أن الاستقبال الذى جرى فى الكونجرس الأمريكى، أظهر حجم الدعم الأمريكى لسياسة القتل الإسرائيلية فى غزة، وإقناع المستمعين بالكونجرس أن إسرائيل دولة ديمقراطية، ونفى نتنياهو أن جيشه ليسوا مجموعة من مجرمى الحرب، ورسائله حول رؤيته لليوم التالى للحرب فى خلال حقبته، يؤكد أن نتنياهو بمساندة أمريكية يعيد تشكيل فلسطين جديدة بلا هوية وقضية.
كما أن نتنياهو فى كلمته أمام الكونجرس الأمريكى، لعب على وتر إيران، وربط حماس والمقاومة الفلسطينية بجبهات الإسناد فى لبنان وسوريا والعراق وإيران، وأنها تمثل خطرًا كبيرًا على أمريكا أولًا، وأن قتال إسرائيل لحماس هو خدمة لأمريكا، فوصل زيف نتنياهو وتحريفه للحقائق قائًلا للأمريكان: “نحن لا نحمى أنفسنا بل نحميكم أيضًا، فنتنياهو يقوم بالدور الوظيفى للولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة”.