"أنا لا أقل عن فيردي، أنا فيردي مصر".. بمثل هذه العبارة أجاب سيد درويش بعض الأصدقاء الذين لفتوا نظره في إحدي الأمسيات إلى الشبه الغريب بين شكل جمجمته وجمجمة صاحب "عايدة"، وبدأ بها إداورد لويس كتابه "سيد درويش والموسيقي العربية الجديدة".
موضوعات مقترحة
حصل علي ألقاب "فيردي مصر، فنان الشعب، مجدد الموسيقي، خادم الموسيقي العربية، خالد الذكر، موسيقار الثورة".
فنان الشعب سيد درويش
الميلاد والنشأة
وُلد السيد درويش البحر في كوم الدكة بالإسكندرية في 17 مارس 1892م، والده نجار أرسله إلى مدرسة شمس المعارف لتعلم القرآن، وإنشاد القصائد، ظهرت موهبته في الحفلة التي تُقام آخر العام، ويُمثل فيها التلاميذ المسرحيات، ثم التحق بالمعهد الديني بمسجد أبى العباس المرسي عام 1905م وحتى وفاة والده.
عمل مع صهره في بيع الأثاث ليعول أسرته حتى اختلفا، فاشتغل بالنقاشه ثم العطارة صباحاً، وأحيا الليالي مقابل بعض القروش الضئيلة مساءً، وانشد ألحان الشيخ سلامة حجازي وحسن الأزهري في سن الرابعة عشر، طُرد من المعهد بدعوى عدم مثابرته، وعمل مؤذناً بمسجد الشوربجي، وتزوج في السادسة عشر من عمره.
فنان الشعب سيد درويش
احتراف الغناء والموسيقى
عمل في ورشة بناء غني أثناء عمله فلاحظ صاحبها زيادة إنتاج العمال، فعفاه من العمل اليدوي على أن يستمر في الغناء، ولفت انتباه الأخوين أمين وسليم عطا أشهر المشتغلين بالفن، فاتفقا معه أن يرافقهما في رحلة للشام نهاية عام 1908م ليُغني بين الفصول لتسليه المشاهدين، وعاد بعد عام بعد إفلاس الأخوين، فعمل بالمقاهي على ترعة المحمودية، ثم قبل بعمل مكتبي إثر تهديد صهره بتطليق شقيقته إن لم يعدل عن طريق الفن.
عاد إلى الشام في عام 1912م، واستقر بها وحقق نجاحاً كبيرًا، واتقن العزف علي العود، وعاد عام 1914م، ودرس بالمعهد الإيطالي، وتعلم كتابة النوتة الموسيقية والغناء الغربي والأوبرالي، ولحن أول أعماله "فؤادي ليه بتعشق"، وحضر الشيخ سلامة حجازي أحد حفلاته بعد شهرته، وعرض عليه الانتقال إلي القاهرة فوافق، رفضه جمهور حجازي فقرر العودة إلى الأسكندرية.
فعرض حجازي عليه تلحين رواية كاملة لجورج أبيض هي "فيروز شاه"، فنجح في جذب الجمهور، وانتقل إلى القاهرة في عام 1918م، ولحن لكافة الفرق المسرحية في عماد الدين أمثال (نجيب الريحاني، جورج أبيض، على الكسار، ومنيرة المهدية)، وسطع نجمه مع ثورة 1919، ولحن ما يقرب من 75 أغنية وطنية، منها "قوم يا مصري".
فنان الشعب سيد درويش
الرصيد الفني
بلغ إنتاجه 40 موشحا، و130 طقطوقة، و30 رواية مسرحية وأوبريت، من أشهرها أوبريت"الباروكة" و"العشرة الطيبة" و"شهرزاد" و"أنطونيو وكليوباترا"، ومن المسرحيات (فشر، قولوا له لأ ،الهلال ،أم 44 وراحت عليك) ، وكذلك اغاني الفولكلور المصري مثل:(الحلوة قامت تعجن في الفجرية، دنجي دنجي، القلل القناوي، شد الحزام، والله تستاهل يا قلبي ، طلعت يا محلي نورها، يا عزيز عيني، وسالمة يا سلامة)، واقتبس من أقوال الزعيم مصطفي كامل بعض عباراته وجعلها مطلع للنشيد الوطني "بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي"، ومن ضمن أناشيده الوطنية "أنا المصري كريم العنصرين".
سجلت ثلاث شركات اسطوانات صوته في الفترة من 1914 إلى 1922م، وسُميت دار أوبرا الإسكندرية التي بُنيت في عام 1918 باسمه في عام 1962م؛ تقديرا له علي تحديثه الموسيقي في مصر، وتأسست جمعية موسيقي سيد درويش في عام 1966م؛ للحفاظ على تراثه.
تزوج 4 مرات وأنجب ثلاث أبناء، محمد من الأولى، وحسن ويحيي الذي توفي صغيراً من جليلة، وتوفي في 10 سبتمبر عام 1923م بالإسكندرية، أثناء استعداده للاحتفال بعودة سعد زغلول من المنفي، ووجهت أصابع الاتهام للأنجليز بتسميمه عقاباً له على تأجيج مشاعر المصريين.
فنان الشعب سيد درويش