في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لكن السؤال الذي يثير الجدل الآن هو: هل يشجع هذا التطور على تفشي الغش بين الطلاب؟ تقرير حديث من شركة "Turnitin"، التي تُعنى بالكشف عن الغش في الأعمال الأكاديمية، كشف أن جزءًا لا يُستهان به من الأعمال الطلابية قد تمت بمساعدة الذكاء الاصطناعي. لكن، هل تعكس هذه الأرقام فعلاً واقعًا جديدًا، أم أنها مجرد تحذير من مستقبل مقلق؟ وهل الغش الذي نعرفه قد تغير بالفعل، أم أن الطلاب كانوا وسيظلون دائمًا يبحثون عن طرق مختصرة للوصول إلى النجاح؟
موضوعات مقترحة
الكاتب جاي كاسبيان كانغ تناول في مقاله المنشور بصحيفة نيويورك تايمز مسألة تأثير الذكاء الاصطناعي على معدلات الغش بين الطلاب.
وكشف تقرير Turnitin أن 3% من الأوراق البحثية التي فحصتها الشركة تم كتابتها بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، بينما أظهرت 10% من الأوراق علامات تدل على استخدام الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام قد تبدو مرتفعة، إلا أنها لا تشير إلى انتشار واسع لظاهرة الغش بين الطلاب، فقد أظهرت دراسات أخرى عدم وجود زيادة كبيرة في معدلات الغش بعد انتشار استخدام نماذج اللغة الكبيرة مثل "ChatGPT".
وبينما لم تتغير معدلات الغش بين الطلاب بشكل كبير، يبدو أن هناك زيادة في عدد المعلمين والبالغين الذين يعتقدون بأن الطلاب يلجأون للغش باستخدام الذكاء الاصطناعي. فقد وجد مركز الديمقراطية والتكنولوجيا أن معظم المعلمين أصبحوا أكثر تشككًا في أعمال طلابهم بسبب انتشار هذه التكنولوجيا. ومن المثير للجدل أن أدوات الكشف عن الذكاء الاصطناعي قد تكون أقل فعالية في كشف الغش، خاصة عند التعامل مع الطلاب الذين لا يتحدثون الإنجليزية كلغة أولى.
تواجه العديد من المدارس صعوبة في تحديد كيفية التعامل مع حالات الغش المشتبه فيها، خاصة في ظل عدم وجود سياسات واضحة وشاملة تجاه استخدام الذكاء الاصطناعي. هذا قد يفتح الباب لنقاش أوسع بين المعلمين حول كيفية التعاطي مع هذه التحديات الجديدة.
في رأي كانغ، الغش في المدارس ليس ظاهرة جديدة، ففي الماضي، كانت الأدوات التكنولوجية مثل الآلات الحاسبة والهواتف المحمولة والإنترنت تعتبر أدوات تساعد على الغش، ومع ذلك، لم تؤد هذه الأدوات إلى انهيار العملية التعليمية، بل تم التعامل معها بطرق مختلفة مع مرور الوقت.
أحد التساؤلات الأساسية التي يطرحها الكاتب هو: أين نرسم الخط الفاصل بين ما يعتبر عملًا أصيلاً من الطالب وما ليس كذلك؟ في المواد العلمية، قد يكون هذا الخط أوضح، لكن في المواد الإنسانية والفنون، يظل الأمر غامضًا، فالاعتماد على أدوات مثل "ChatGPT" قد يكون مشابهًا لاستخدام الآلات الحاسبة في حل مسائل رياضية، حيث يتم توفير الوقت والتركيز على مهارات أكثر تعقيدًا.
يرى كانغ أن الذعر من الغش باستخدام الذكاء الاصطناعي يوفر فرصة لإعادة التركيز على أهمية تطوير عادات العمل الصحيحة لدى الطلاب بدلاً من التركيز فقط على النتائج. ومع استمرار هذا النقاش، قد يكون من الضروري إعادة النظر في الأهداف التعليمية والتركيز على تعزيز حب الطلاب للعلم والمعرفة بدلاً من الوقوف أمام التطورات التكنولوجية.