Close ad
5-9-2024 | 13:19

مشهدان متناقضان؛ حدثا أمامي في وقتين مختلفين؛ تكرر أحدهما بشكل مغاير؛ فجاء استدعاء الآخر.

الأول؛ لأب بسيط تمامًا ومعه ابنه الصغير؛ وقفا أمام أحد الأكشاك المنتشرة في الشارع؛ الطفل يطلب من أبيه أن يشترى له إحدى الحلوى؛ والأب يقنعه بعدم جدواها؛ وتأثيرها السيئ عليه وعلى صحته؛ والطفل يرفض؛ تمامًا السكوت؛ بل ويزداد فى إلحاحه؛ حتى بدأت أشعر بضجر الأب بشكل لافت؛ وبدأ يتسلل لنفسي إحساس بأن الأب سوف يبدأ في تعنيف ابنه حتى يمتنع عن الإلحاح المتكرر، إلا أنه بدأ يدعو الله؛ ويقول يا رب؛ يا رب؛ وظل يكررها دون توقف؛ حتى توقف الطفل تمامًا عن الكلام وانتابته سكينة فاجأتني تمامًا؛ وإذا بسيدة كانت تشتري لطفلتها حلوى؛ وأعتقد أنها من نفس النوع الذي تمناه الطفل؛ والطفل كان بجانبها؛ وسبحان الله؛ الطفل جميل البهية ما شاء الله؛ فأعطته كما أعطت لابنتها.

وعندما لاحظ الأب؛ حاول أن يثني السيدة عن تقديمها الحلوى مع تقديم الشكر لها؛ إلا أنها أصرت وقالت؛ الأطفال أحباب الله؛ وأنها تحب ما يحبه الله؛ وقبلت رأس الطفل؛ ومدحت فيه لوالده؛ ودعت له أن يبارك له فيه.

تعلق الطفل بيد والده؛ وباليد الأخرى بدأ يستطعم الحلوى؛ فنزل فاحتضن ابنه وقبل جبينه؛ وقال له ربنا بيحبك؛ ربنا يحفظك ويبارك فيك.

المشهد الثاني؛ لشباب كانوا يقفون على قارعة إحدى الطرق؛ وكنت قريبًا منهم انتظر صديق في سيارتي؛ كانوا ثلاثة شباب في منتصف العشرينيات؛ تركز حديثهم عن أيهم أكثر بذخًا وإنفاقًا على ملذاته؛ فمنهم من قال إنه ينفق قرابة الـ40 ألف جنيه أسبوعيًا على حفلة يقيمها ليستمتع مع بعض الأصدقاء؛ ولكنه غير سعيد.

الثاني؛ غير سيارته الفاخرة بأخرى هي الأحدث بين كل معارفه؛ وقيمتها تصل لعدة ملايين؛ ولكنها لم تجعله سعيدًا كما تمنى؛ أما الأخير فيقول أقضي في الساحل نهاية الأسبوع منذ بداية نشأة الساحل الشرير مع أسرتي؛ ولكن دائمًا ما تنتهي العطلة بخلاف بين أسرتنا.

الفارق بين المشهدين؛ تفسره البركة.

البركة فضل من الله يؤتيه من يشاء؛ ومن يؤتى البركة؛ فقد أٌوتى فضلًا عظيمًا.

البركة في المال؛ تجعله يٌنفق في كل مفيد ونافع؛ فلا تمرض وتحتاج لطبيب ودواء.. إلخ. 

البركة في الصحة؛ تمكنك من أداء عملك بنشاط وتكمله كما ينبغي؛ ولا تشعر بحاجتك لمن يساعدك.

البركة فى الأولاد؛ تسعد ببرهم؛ وتسر نفسك بصحبتهم؛ تجعل النظر إليهم متعة لا مثيل لها؛ فما بالك بتعاملك معهم.

البركة في الأهل تعزك وتجبر بخاطرك؛ البركة في الجيران فتسعد بجيرتهم؛ في العمل فتستمتع به؛ في الزملاء فتتمنى أن يأتي يوم جديد لتراهم مرة أخرى.

البركة في سيارتك؛ فلا تتعرض معها لمواقف محرجة على الأقل.

البركة في طريقك؛ فتصحبك السلامة ذهابًا وإيابًا.

إذا تم تخييرك بين أن يرزقك الله بجنيه فيه بركته؛ وبين أن يرزقك بكل أموال الدنيا منزوعة البركة؛ فتأكد أن هذا الجنيه هو الأقيم والأغلى والأحلى والأمتع؛ دون شك.

اللهم بارك لنا فيما رزقتنا؛ واجعله قرة أعين لنا.

[email protected]

كلمات البحث