Close ad

في ظل الأوضاع الجيوسياسية المتقلبة.. الشـرق الأوسـط بين ترامب وهاريس

5-9-2024 | 03:16
في ظل الأوضاع الجيوسياسية المتقلبة الشـرق الأوسـط بين ترامب وهاريسهاريس وترامب
واشنطن: سحر زهران
الأهرام العربي نقلاً عن

جون ضبيط: هاريس تهدف إلى الحفاظ على تفوق أمريكا فى مواجهة نفوذ روسيا والصين

موضوعات مقترحة

سام يونو: ترامب يسعى لتوسيع النفوذ الأمريكى من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية

ريتشارد هاس: الشرق الأوسط سيظل منطقة حيوية تتطلب سياسات مدروسة

شون تاون: ترامب قد يعزز الاتفاقات الإبراهيمية دون الضغط على إسرائيل
دانييل كيرتزر: يركز على المكاسب الاقتصادية دون معالجة قضايا حقوق الإنسان

مايكل روبين: يفضل تعزيز القدرات الدفاعية لحلفاء الشرق الأوسط

آرون ديفيد ميلر: سيعزز التحالف مع إسرائيل ويهمش القضية الفلسطينية

فى ظل الأوضاع الجيوسياسية المتقلبة التى يشهدها الشرق الأوسط، تظل المنطقة محور اهتمام رئيسى فى السياسة الخارجية الأمريكية. منذ نهاية الحرب الباردة، ظل الشرق الأوسط بمثابة ساحة للصراعات المستمرة، والنفوذ المتنامى للقوى العالمية، والاضطرابات الداخلية التى تشكل تحديات كبيرة لأية إدارة أمريكية، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل المرشحين الرئيسيين، الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، مع القضايا المعقدة التى تواجهها الولايات المتحدة فى هذه المنطقة الحيوية.

تتباين سياسات ترامب وهاريس بوضوح, فبينما يركز ترامب على التحالفات الإستراتيجية وتعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية، تسعى هاريس إلى تحقيق توازن بين هذه المصالح وبين تعزيز حقوق الإنسان والدبلوماسية المتعددة الأطراف. ومع اختلاف هذه الرؤى، يبقى السؤال حول كيفية تأثير سياسات كل منهما على استقرار الشرق الأوسط وموقع الولايات المتحدة فى المنطقة.
من جانبه يؤكد سام يونو، العضو البارز فى الحزب الجمهورى، أن الرئيس دونالد ترامب قد نجح فى تحقيق نتائج دولية مهمة بفضل استخدامه للقوة، وأنه يعتزم تطبيق نفس الفلسفة فى منطقة الشرق الأوسط لكسب احترام قادة الدول العربية. وأضاف يونو: "من خلال القوة التى استخدمها الرئيس ترامب على المستوى الدولي، سيكسب احترام قادة العرب فى المنطقة. هؤلاء القادة سيقتنعون بأن السلام قريب، وسيتخذون خطوات لتحقيقه، دولة تلو الأخرى."
ترامب ومستقبل العلاقات مع دول الخليج
 علاقة الولايات المتحدة مع دول الخليج كانت دائمًا مركزية فى سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط. خلال ولاية ترامب، تعززت هذه العلاقات بشكل كبير مع تركيز ترامب على تعزيز الشراكات الأمنية والاقتصادية، خصوصا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. التحالف مع هذه الدول شمل التعاون فى مجالات مثل مكافحة الإرهاب، ومواجهة التحديات الإقليمية، وتعزيز الاستثمار والتعاون التجاري.
يقول المحلل السياسى كريم ساجنى المتخصص فى شئون الخليج: "إدارة ترامب نجحت فى تعميق العلاقات مع دول الخليج، مستفيدة من الرغبة المشتركة فى مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.
 فى حالة عودته إلى البيت الأبيض، من المتوقع أن يستمر ترامب فى تعزيز هذه العلاقات، مع التركيز على تقوية الشراكات الاقتصادية والإستراتيجية. كما يُتوقع أن يسعى لتوسيع التعاون فى مجالات الطاقة والبنية التحتية، مع تقديم الدعم للدول الخليجية فى تحقيق أهدافها التنموية.
يضيف يونو أن ترامب يتمتع بمهارات استثنائية كرجل أعمال ومفاوض ماهر، مما يمكنه من تحقيق رغباته على الصعيد الدولي. وقال: "الرئيس ترامب رجل أعمال ذكى ومفاوض ماهر. مهاراته تكسبه الاحترام وتحقق له ما يرغب فيه. أعتقد أنه سيبدأ مع المملكة العربية السعودية ويوقع معاهدة السلام."
التعاون الأمنى والدفاعي: استمرار النهج التقليدي
كان التعاون الأمنى والدفاعى مع دول الشرق الأوسط، خصوصا دول الخليج وإسرائيل، أحد الأعمدة الرئيسية لسياسة ترامب فى المنطقة. اعتمد ترامب على بيع الأسلحة وتعزيز القدرات الدفاعية لهذه الدول، كوسيلة لتعزيز العلاقات وتحقيق الاستقرار الإقليمي.
إذا عاد ترامب للرئاسة، من المرجح أن يواصل هذا النهج، مع التركيز على تعزيز التحالفات الدفاعية، وزيادة الصادرات العسكرية إلى حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة. يرى بعض المحللين أن هذا النهج قد يؤدى إلى زيادة التوترات الإقليمية، لكنه فى الوقت ذاته يعزز من قدرة الدول الحليفة على الدفاع عن نفسها وتحقيق توازن القوة فى المنطقة.
يقول الباحث السياسى مايكل روبين ترامب يفضل سياسة تعزيز التحالفات من خلال زيادة المبيعات العسكرية، وتعزيز القدرات الدفاعية لحلفاء الولايات المتحدة. هذا النهج يعكس رؤيته بأن الأمن القوى هو أساس الاستقرار، وهو ما قد يسعى لتعزيزه بشكل أكبر إذا عاد للرئاسة.
القضية الفلسطينية: ما يمكن توقعه من ترامب
خلال ولايته، اتخذ ترامب خطوات مثيرة للجدل بشأن القضية الفلسطينية، بما فى ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بالإضافة إلى قطع المساعدات عن الفلسطينيين، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن.

إذا عاد ترامب للرئاسة، من المتوقع أن يواصل دعمه القوى لإسرائيل، مع احتمال تهميش القضية الفلسطينية بشكل أكبر. قد يركز على تعزيز العلاقات مع الدول العربية التى وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وربما يسعى لإقناع المزيد من الدول العربية بالانضمام إلى "الاتفاقات الإبراهيمية".

يرى آرون ديفيد ميلر أن "ترامب قد يسعى لتعميق التحالف مع إسرائيل وتعزيز التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، دون إيلاء الكثير من الاهتمام للقضية الفلسطينية. هذا النهج قد يؤدى إلى تغييرات كبيرة فى الديناميكيات الإقليمية، لكنه قد يزيد من التوترات مع الفلسطينيين.

من جانبه، أوضح سام يونو أن ترامب سيعزز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مع السعى لتحقيق حل شامل للقضية الفلسطينية. وقال: "سيعزز الرئيس ترامب العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وسيضغط على الكونجرس لزيادة الدعم المالى والعسكرى لإسرائيل. من ناحية أخرى، يتعاطف مع الفلسطينيين ولكن ليس مع حماس. إنه يعتبر وقف الحرب الحالية أولوية، ووعد بالتفاوض على السلام حتى قبل دخوله البيت الأبيض إذا تم انتخابه. آمل أن يجد حلاً شاملاً للسلام من خلال إنشاء وطن للفلسطينيين ودعم حل الدولتين."
كامالا هاريس: عودة إلى الدبلوماسية التقليدية

مع توقعات أن تكون كامالا هاريس أول رئيسة للولايات المتحدة، ينتظر العديد من المحللين توجهاتها تجاه الشرق الأوسط. يرى البعض أنها قد تعود إلى الدبلوماسية التقليدية، التى تركز على تعزيز التحالفات القديمة والعمل على بناء شراكات جديدة تقوم على القيم المشتركة، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

يرى آرون ديفيد ميلر المستشار السابق فى وزارة الخارجية الأمريكية والمحلل فى معهد كارنيجى للسلام الدولي، أن "كامالا هاريس قد تعتمد نهجًا مختلفًا عن ترامب، حيث ستسعى لتعزيز دور الولايات المتحدة فى حل النزاعات، من خلال الدبلوماسية المتعددة الأطراف والالتزام بالقوانين الدولية. هاريس قد تعمل على إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاقات الدولية، التى انسحب منها ترامب وإعادة بناء الثقة مع الحلفاء التقليديين.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع دول الخليج، أوضح البروفيسور جون ضبيط، عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطى ومرشح الحزب لمجلس الشيوخ، أن نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشحة الحزب الديمقراطى للرئاسة، قد تتبنى سياسات جديدة تهدف إلى تعزيز السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط فى حال توليها الرئاسة، مشيرًا إلى أن هاريس تدرك أهمية اتباع نهج غير منحاز فى التعامل مع الصراعات الإقليمية. وقال ضبيط: "لا يمكن لأى رئيس أمريكى أن يحقق السلام فى الشرق الأوسط، إذا كان منحازًا بشكل مفرط إلى إسرائيل. هاريس تدرك هذه الحقيقة، ومن المتوقع أن تختلف سياساتها المستقبلية قليلاً عن سياسات الرئيس بايدن، مما قد يؤدى إلى تهدئة التوترات وتعزيز الاستقرار فى المنطقة.

وأضاف ضبيط أن هاريس ستستمر فى اتباع النهج الذى أسسه بايدن، مع الحفاظ على التعاون الوثيق والتفاهم المتبادل بين الولايات المتحدة ودول الخليج. وأضاف: "من المرجح أن تواصل هاريس تعزيز العلاقات مع دول الخليج، مع التركيز على الاستمرارية فى التعاون والعمل المشترك، الذى يعد أساسيًا لتحقيق المصالح المشتركة فى المنطقة."

أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أعرب ضبيط عن توقعاته بأن تتبنى كامالا هاريس سياسات، قد تكون أكثر توازنًا وعدلاً تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلى مقارنة بالرئيس جو بايدن. وأوضح أن هاريس تركز بشكل كبير على الجانب الإنساني، مشيرًا إلى أنه "برغم تأكيدها على دعم العلاقات القوية مع إسرائيل والدفاع عنها، فإنها تحدثت بقوة عن حقوق الفلسطينيين، وضرورة وقف الإبادة والعنف فى غزة، وحقهم فى تقرير المصير." وأكد ضبيط أن هذه التصريحات تشير إلى نهج، قد يكون أكثر توازنًا وعدلاً نسبيًا فى تعاملها مع القضية الفلسطينية مقارنة بسياسات بايدن.

فيما يخص التحديات التى تفرضها القوى العالمية الأخرى فى المنطقة، أوضح ضبيط أن هاريس قد تسعى إلى تبنى نهج إستراتيجى يهدف إلى الحد من تأثير هذه القوى على مصالح الولايات المتحدة فى المنطقة. وأشار إلى أن هاريس تدرك تمامًا أهمية الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، فى مواجهة التحديات التى تفرضها روسيا والصين. وأضاف: "ستعمل على تعزيز التحالفات التقليدية فى المنطقة

ومواصلة التعاون مع الحلفاء، لضمان استقرار المنطقة وتقليل النفوذ الروسى والصيني، مع السعى لتحقيق توازن دقيق بين حماية المصالح الأمريكية والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وفى سياق مشابه، أشار المحلل السياسى شون تاون إلى أن هاريس، بصفتها ديمقراطية، قد تركز بشكل أكبر على حقوق الإنسان، لا سيما حقوق المعارضين السياسيين والنساء فى دول الخليج، لكنه أكد أن الديمقراطيين ما زالوا يرون مصالح أساسية مع دول الخليج، ومن المتوقع أن تستمر هاريس فى التعاون الوثيق مع دول الخليج العربي، خصوصا السعودية والإمارات وقطر.

وختم تاون بأن هاريس ستسعى إلى إبراز الولايات المتحدة، كالقوة الأكثر تأثيرًا فى الشرق الأوسط، لكنه أشار إلى أن القلق الأمريكى بشأن دور روسيا والصين فى المنطقة قد يكون مبالغًا فيه. حيث أوضح أن الصين وروسيا لا تسعيان لإزاحة الولايات المتحدة من المنطقة فى المدى القريب، وأن الصين ترى فى الوجود العسكرى الأمريكى فى الخليج عنصرًا أساسيًا فى تحقيق الاستقرار هناك.
تحديات تواجه ترامب وهاريس فى الشرق الأوسط

 كلا المرشحين سيواجه تحديات كبيرة فى الشرق الأوسط. ترامب قد يعزز سياسته القائمة على التحالفات الإستراتيجية والاقتصادية، لكن تجاهله لحقوق الإنسان قد يؤدى إلى توترات جديدة مع بعض الأطراف الدولية والإقليمية. على الجانب الآخر، هاريس قد تسعى لتحقيق التوازن، بين تعزيز التحالفات وتحسين حقوق الإنسان، لكنها قد تواجه صعوبة فى تحقيق هذا التوازن دون أن تفقد الدعم من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين.
يرى ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية سواء، كان ترامب أم هاريس فى البيت الأبيض، فإن الشرق الأوسط سيظل منطقة حيوية تتطلب سياسات مدروسة ومتوازنة. يجب على الولايات المتحدة العمل مع شركائها الإقليميين والدوليين لتحقيق أهدافها وضمان استقرار المنطقة."

فى النهاية، يعكس النهج الذى يتبناه كل من كامالا هاريس ودونالد ترامب رؤيتين مختلفتين للتعامل مع قضايا الشرق الأوسط. ترامب قد يسعى لتعزيز التحالفات الإستراتيجية القائمة على المصالح الاقتصادية والأمنية، بينما قد تسعى هاريس إلى تعزيز الدبلوماسية وحقوق الإنسان، كوسائل لتحقيق الاستقرار الإقليمي. التحديات التى تواجه الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط تظل معقدة، وستكون القيادة الأمريكية حاسمة فى تحديد مسار الأحداث فى هذه المنطقة الحاسمة من العالم.

يرى السفير الأمريكى السابق لدى إسرائيل ومصر، دانييل كيرتزر، أنه "بينما كانت الاتفاقات الإبراهيمية إنجازًا دبلوماسيًا، فإنها لم تعالج المشاكل الأساسية التى تعانى منها المنطقة، مثل الصراع الفلسطينى - الإسرائيلي، وقضايا حقوق الإنسان فى الدول المشاركة".

يضيف المحلل السياسى شون تاون، أن الرئيس السابق دونالد ترامب قد يسعى لتوسيع اتفاقيات إبراهيم، لكنه لم يظهر اهتمامًا كبيرًا بالضغط على إسرائيل لتحقيق حل الدولتين للفلسطينيين، مما يجعل من غير الواضح كيف يمكنه تحقيق مزيد من التطبيع مع إسرائيل. ويضيف تاون أن ترامب يفضل العلاقات القائمة على الصفقات التجارية مع قادة دول الخليج، حيث يولى اهتمامًا أكبر للصفقات الاقتصادية وجذب الأموال الخليجية، بدلاً من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.

ويتابع: إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض أو ظل مؤثرًا داخل الحزب الجمهوري، فمن المرجح أن نرى سياسات تركز على تعزيز التحالفات التقليدية مع حلفاء الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، خصوصا فى مجالات الأمن والاقتصاد. ويعتقد المحللون أن ترامب سيواصل التركيز على العلاقات القوية مع الدول الخليجية، مع التركيز على التعاون فى مجالات الدفاع والطاقة، بالإضافة إلى تعزيز التحالف مع إسرائيل.
ويؤكد شون تاون أن ترامب كان دائمًا أقل انتقادًا لإسرائيل، وبالتالى يمكن توقع أن الولايات المتحدة ستقلل من الضغوط على إسرائيل تحت قيادة ترامب. وأشار إلى أن علاقة ترامب بتركيا كانت معقدة، حيث تمكن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من بناء علاقة شخصية مع ترامب رغم أن تركيا غير محبوبة بين العديد من الجمهوريين بسبب موقف أردوغان من إسرائيل وبعض القضايا المتعلقة باليونان وقبرص.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: