محمد العرابي: الضمير العالمي لا يزال يقظًا واجتماع الجمعية العامة سيكون محاكمة دولية لإسرائيل
موضوعات مقترحة
أحمد مجدلانى: الرئيس الفلسطينى سيخاطب المجتمع الدولى إزاء حرب الإبادة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى
أمانى سليمان: المحافل الدولية متعطشة لسماع الصوت الفلسطينى وإدانة الجرائم الجماعية للاحتلال
إبراهيم كابان: توافق عربى - أوروبى لوقف الحرب أمام مجلس الأمن والمنظمات الأممية خلال المرحلة المقبلة
فى سبتمبر المقبل، تتحول أنظار العالم نحو نيويورك؛ حيث تتجمع أصوات الدول فى قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، فى هذه القاعة، يتداول القادة قضايا العالم الأكثر إلحاحًا، لكن قضية واحدة تظل جرحًا نازفًا فى الضمير العالمي، ألا وهى القضية الفلسطينية.
ومع مرور عقود من الصراع والتجاهل الدولى، تطرح القضية الفلسطينية نفسها مرة أخرى على طاولة المناقشات، لكن هذه المرة، فى ضوء استمرار العدوان الإسرائيلى الغاشم فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى، حتى الآن، مع تصاعد أعمال العنف والإبادة ضد الشعب الفلسطينى.
يبقى السؤال، هل يمكن أن تكون الاجتماعات المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها التاسعة والسبعين، التى ستنطلق فاعلياتها فى 24 سبتمبر المقبل، فرصة غير مسبوقة فى أن يتحمل المجتمع الدولى مسئوليته فى وقف جرائم الحرب الإسرائيلية، وأن ينال الشعب الفلسطينى حقوقه فى إقامة الدولة الفلسطينية برغم رفض إسرائيل، بدعم أمريكى، لتمرير أى قرار يدعو إلى إقامتها.
من جهته، يقول السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، إنه منذ أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي، وحتى الآن، تعتبر إسرائيل نفسها أنها تعلو القانون وميثاق الأمم المتحدة وأى ضمير عالمى، فالدورة المقبلة للأمم المتحدة هى الأولى بعد أحداث العدوان الإسرائيلى على غزة، وبالتالى يجب على العالم كله، أن يقف أمام هذا التمادى الإسرائيلى والعنف، فالجمعية العامة المقبلة هى بمثابة إنذار لإسرائيل، لتعود مرة أخرى إلى الصواب وتتماشى مع مبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، ويمكن القول إنها ستكون محاكمة دولية لإسرائيل على جرائمها، لكن لن تكون لها أى قرارات فاعلة ضد دولة الاحتلال.
ويتساءل العرابى قائلًا: هل المجتمع الدولى سيستطيع أن يفعل ذلك؟، معتقدًا أن هذا الأمر سيكون من الصعب تحقيقه، لأن إسرائيل الآن تحتمى بمظلة حماية غربية، تقودها الولايات المتحدة الأمريكية التى تدير الأزمة، ولكنها لا تضع الحلول، وبالتالى هى ما زالت ترى نفسها أنها فوق القانون وأى محاسبة دولية، لكننى أرى أن الضمير العالمى ما زال يقظًا وستكون هذه الدورة من اجتماعات الجمعية العامة، بمثابة محاكمة دولية لدولة باغية، قامت بانتهاك كل القواعد والأعراف والقوانين الدولية، وستكون دول العالم كلها فى أحاديثها وكلماتها، فى سخط وإدانة للموقف الإسرائيلى، وذلك باستثناء عدد قليل من الدول، التى ستحاول أن توجد مبررًا لإسرائيل فى فعلتها الشنعاء فى قطاع غزة.
وقف الحرب الإسرائيلية أولًا
من جهته، يؤكد أحمد مجدلانى، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الفلسطينيين يعتبرون الجمعية العامة للأمم المتحدة منصة دولية مهمة، وأيضًا منبرا سياسيا نخاطب فيه العالم والمجتمع الدولى، ينقل من خلاله الرئيس محمود عباس أبو مازن، رؤية الشعب الفلسطينى وتطلعاته، وأيضًا ينقل رؤية وقدرة تحرك القيادة الفلسطينية، ومسئولية المجتمع الدولى الذى تمثله المنظومة الأممية، خصوصًا مع استمرار حالة شلل مجلس الأمن الدولى، بفعل السياسة الأمريكية والفيتو الأمريكى على النهوض بمسئولياته وواجباته، تجاه حفظ السلام والاستقرار والأمن فى منطقة الشرق الأوسط.
ويضيف مجدلانى، أن اجتماع الجمعية العامة، يمثل فرصة دائمة لتوجه القيادة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس خطابها للمجتمع الدولى، وبالتأكيد كما هى الحال، فى ضوء حرب الإبادة التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة لما يقرب من العام، وعلى استمرار الأوضاع السيئة فى الضفة الغربية، فما يجرى فى الضفة لا يقل سوءًا عن الوضع فى بقية الأراضى الفلسطينية.
ويقول: إن على المجموعة العربية خلال الاجتماعات المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، كشركاء معنا وليسوا فقط متضامنين وداعمين، فنحن قدمنا مع اللجنة الثلاثية العربية، ورقة للإدارة الأمريكية، تحدد مسارا لوقف العدوان، ولفتح مسار سياسى يؤدى إلى إنهاء الاحتلال، وضمان الأمن والسلام فى المنطقة، والأشقاء العرب معنا فى هذا التوجه، لدعم الخطوات التى تقدمت بها القيادة الفلسطينية للإدارة الأمريكية، أو بشكل مطلق سواء فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وببذل كل الجهود للضغط على الاحتلال الإسرائيلى لوقف العدوان، كونها تُعتبر نقطة الانطلاق لتحديد مسار اليوم التالى ومستقبل الأراضى الفلسطينية.
سماع الصوت الفلسطينى
من جانبها، قالت الدكتورة أمانى سليمان، أستاذ العلاقات الدولية ومدير معهد دراسات البحر المتوسط جامعة الإسكندرية، إن كل المحافل الدولية متعطشة الآن لسماع الصوت الفلسطينى، وإدانة جرائم الإبادة الجماعية للاحتلال الإسرائيلى باستثناء مجلس الأمن، حيث دائما ما تقف عقبة الفيتو (الأمريكى) ضد هذه الحقوق، على سبيل المثال رأينا ذلك خلال شهر مايو الماضى فى جلسة عاصفة بالجمعية العامة، صوتت خلالها أكثر من 143 دولة، مع قرار يطالب مجلس الأمن بمنح فلسطين العضوية الكاملة، برغم تصويت الولايات المتحدة وإسرائيل ضد القرار، وامتناع 25 دولة من بينها المملكة المتحدة عن إبداء الرأى.
وأضافت: برغم هذه الجلسة التاريخية التى أبرزت تضامن شعوب العالم مع الفلسطينيين، حين قام جلعاد آردان سفير اسرائيل بالمنظمة بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة، مدعيًا أن التصويت قد جاء داعمًا لما أسماه بالإرهاب. وبالنظر إلى الكتل المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطينى بالجمعية العامة للأمم المتحدة، نجد الصوت المصرى عاليًا وقائدًا للكتلة العربية بحكم مواقفه التاريخية منذ خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، أمام الأمم المتحدة عام 1960، وبحكم موقعه الجغرافى الملاصق حدوديًا لأطراف النزاع، تأتى من بعده وتسانده كتلة الدول الإفريقية التى تدعم معظمها فلسطين، كما تصدح الكتلة الآسيوية الإسلامية، بدعم الشعب الفلسطينى تساندها قوى آسيوية أخرى على رأسها الصين.
وأكدت د. أمانى سليمان، أن معظم دول أمريكا اللاتينية تظل فى صف القضية الفلسطينية، فهى لم تكتفِ بدعم الفلسطينيين، بل شهدنا حوادث متكررة لمندوبيها، وجهوا كلمات موجعة واتهامات كاشفة لدولة الاحتلال.
وتوقعت سليمان، أن الجديد فى الدورة المقبلة، سيتمثل فى دعم أوروبى أكبر من المعتاد، خصوصًا بعد اعتراف عدد من الدول الأوروبية الكبرى بدولة فلسطين المستقلة منذ أشهر قليلة.
وأشارت د. أمانى سليمان، إلى أنه من الملاعب الدولية العادلة التى يمكن استغلالها بجوار الجمعية العامة للأمم المتحدة، منظمة اليونسكو، والمجلس الاقتصادى الاجتماعى، حيث يمكن للصوت العربى أن يُسْمَع بوضوح فى أروقتها، وأن يستغلها لصالح قضيته.
مزاج دولى جيد
بينما يرى إبراهيم كابان الخبير فى الشئون الأوروبية، مدير شبكة الجيوستراتيجى للدراسات، أن المزاج العام الدولى فى هذه الآونة، تساعد فى تمرير أى مشروع مستقبلى قد يُطرح، وبرغم أنه قد يكون هناك فيتو أمريكى موجود مستقبلًا، لكن الإدارة الأمريكية التى تنغرس الآن فى سباق الانتخابات الرئاسية، والمنافسة بين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن الضغوطات الدولية واستمرار الحرب الإسرائيلية، كلها أمور تلقى بظلالها على التطورات فى الموقف الأمريكى.
وأشاد كابان بالموقف الأوروبى، أنه ربما قد يكون هناك نوع من التقارب فى المواقف الأوروبية - العربية، لتكون ضاغطة على الولايات المتحدة الأمريكية لأن تضغط بدورها على حكومة بنيامين نتنياهو، من أجل وقف إطلاق النار خلال المرحلة المقبلة، خصوصًا مع بداية الشهر المقبل مع انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد تساعد مشروعات الأعمال المقدمة بشكل مباشر، فى ممارسة الضغوطات على الحكومة الإسرائيلية، وإجبارها على القبول على الأقل بحلول وقف إطلاق النار والسلمية فى غزة.
وأكد كابان أن فهم أطماع نتنياهو فى المنطقة، ومحاولته توسيع الصراع فى الشرق الأوسط، من شأنه أن يضر بعلاقات الدول الغربية مع الدول العربية، ويسهم فى مزيد من العلاقات الروسية مع الدول العربية على حساب الدول الأوروبية، وبالتالى فإن الاستمرار فى الدعم الأوروبي، فى مناصرة إسرائيل، قد يساعد بشكل مباشر فى توجيه الدول العربية نحو تمكين العلاقات مع روسيا.
لذا كانت كل المواقف الأوروبية، حيال كل هذا الاستقراء الحقيقى للتطورات الإستراتيجية فى الشرق الأوسط، هو ممارسة مزيد من الضغوطات على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، وأيضًا إيجاد حل سريع تجاه ما يحدث فى غزة.