تجاذبات سياسية وانقسامات وقلق وحذر وتوتر في ولايتى تورنجن وساكسونيا شرق ألمانيا عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات التي جرت الأحد الماضى ، فقد احتفل حزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى الشعبوى بالفوز التاريخى في انتخابات الولايتين ، فيما حذر المستشار ألألمانى أولاف شولتس من السماح للحزب بالمشاركة في حكومتى الولايتين مناشدا ألأحزاب السياسية الالتزام بجدار الممانعة ألذى يحول دون مشاركة اليمين المتطرف في أي ائتلاف حكومي .
موضوعات مقترحة
وكانت بوابة الأهرام قد أشارت في تقرير لها أمس الى توقعات بفوز تاريخى لحزب البديل من أجل ألمانيا
وقالت أليس فايدل الرئيس المشارك لحزب البديل من أجل ألمانيا - عقب ظهور النتائج الأولية والتي جاء فيها الحزب في المركز الأول في تورينجن بنسبة 32.8 % ، وفى المركز الثانى في ساكسونيا بنسبة 30.6 % بفارق ضئيل عن الحزب المسيحى الديمقراطى الذى احتل المركز ألأول بنسبة 31.9 % - انه يوم تاريخى لنا ،" وجنازة " للمستشار شولتس وائتلافه الحاكم في برلين .. يجب أن يحزم حقائبه ويرحل .. وطالبت المستشار شولتس بتقديم استقالته فورا !!
وشددت محذرة من محاولات استبعاد حزبها من المشاركة في حكومتى الولايتين ووصفت ذلك بأنه تجاهل لإرادة الناخبين ، وذلك ردا على مطالبة المستشار شولتس للأحزاب السياسية بمنع مشاركة اليمين الشعبوى من المشاركة في الحكم .
ولكن على صعيد مجتمع الأعمال والشركات فقد حذر خبراء اقتصاديون من حدوث هزة اقتصادية في ولايتى تورينجن وساكسونيا ، حيث من الممكن أن يدفع صعود اليمين الشعبوى كثيرا من الخبرات والكفاءات والكوادر البشرية الى ترك الولايات الشرقية هروبا من موجات كراهية ألأجانب او المجنسين ، مما يعرض الاقتصاد والإنتاج تراجع خطير يفاقم من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية .
صعوبة تشكيل ائتلاف حكومي
الأمر ألأكثر خطورة في أنها أفرزت أطيافا سياسية شديدة التباين والاختلاف مما يجعل عملية تشكيل حكومة ائتلافية في أي من الولايتين أمرا شديد التعقيد ، فلم يحصل أي من ألأحزاب السياسية على أغلبية مطلقة تتيح له تشكيل الحكومة منفردا ، وهذا أمر معهود في الحياة السياسية في ألمانيا والتي نادرا ما ينفرد فيها حزب سياسى بالحكم سواء في المحليات والولايات أو حتى على مستوى الحكومة الاتحادية في برلين ، ولكن صعود حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوى المتطرف زاد من صعوبة الأمر، ذلك أن هناك اتفاق شرف بين ألأحزاب ألألمانية ألأخرى بعدم المشاركة مع اليمين المتطرف في أي ائتلاف حكومي وبالتالي فان على بقية ألأحزاب أن تشكل الحكومة لكن هذه ألأحزاب التي تجاوزت عتبة التمثيل البرلماني وهى نسبة 5% في ولايتى تورينجن وساكسونيا شديدة الاختلاف في توجهاتها السياسية من أقصى اليسار الى أقصى اليمين .
وفى استعراض سريع للنتائج شبه النهائية للانتخابات في الولايتين سيتضح بقوة صعوبة جمع هذه ألأطياف المتنافرة في حكومة واحدة حيث يستحيل تكوين ائتلاف ثنائى بين حزبين بل لابد من ائتلاف بين ثلاثة أحزاب وربما أكثر !!.
في ولاية تورينجن حصد البديل من أجل ألمانيا – يمينى شعبوى متطرف – على المركز ألأول بنسبة 32.8 % يليه بفارق كبير الحزب الديمقراطى المسيحى – يمينى محافظ – بنسبة 23.6 % وهو أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان الاتحادلى في برلين – بوندستاج – ثم في المركز الثالث الحزب الجديد المفاجأة والذى يخوض الانتخابات لأول مرة وهو حزب السيدة زهرة فاجينكينيشت المنشق عن حزب اليسار وهو يمثل وسط اليساروبنسبة 15.8 % ، ويأتي في المركز الرابع حزب اليسار التقليدي والذى كان يحكم هذه الولاية بنسبة 13.1 % ، وجاء في المركز الخامس حزب المستشار اولاف شولتس الاشتراكى الديمقراطى بنسبة 6.1 % .
ومع استبعاد حزب البديل من المشاركة في الحكومة فان الائتلاف المحتمل للحصول على أغلبية مطلقة 50 % + 1 سيكون بين الحزب الديمقراطى المسيحى – الثانى – وحزب زهرة فاجنكينيشت الثالث وحزب اليسار الرابع وستكون ألأغلبية ضئيلة جدا لا تضمن الاستقرار للحكومة الائتلافية ناهيك عن التباين الشديد في توجهاتها وبرامجها السياسية، فحزب زهرة فاجينكينيشت يضع في أولوياته ضرورة وقف الحرب قى أوكرانيا ووقف إمداد كييف بالأسلحة الألمانية وفرض ضرائب تصاعدية على ألأغنياء فيما حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى هو الذى يطالب بمزيد من الدعم العسكرى لأوكرانيا !! ثم كيف لحزب انشق منذ حوالى سنة عن حزب اليسار بسبب خلافات عميقة يعود للمشاركة معه في حكومة واحدة !!
أما في ولاية سكسونيا فالأمر أكثر تعقيدا والتباسا اذ يتحتم على الحزب الديمقراطى المسيحى – حزب المعارضة الرئيسى لحكومة المستشار شولتس الحالية – والحاصل على المركز ألأول بنسبة 31.9 % أن يضم الى الائتلاف الحكومى بالإضافة الى حزب زهرة فاجينكينيشت 11.8 % ‘ غريميه اللدودين في الحكومة الاتحادية في برلين وهما حزب المستشار شولتس الاشتراكى الديمقراطى 7.3 % وحزب الخضر 5.1% !!
المؤكد أن على الأحزاب السياسية أن تكون أكثر مرونة وتقدم مزيدا من التنازلات حتى يمكن الوصول الى ائتلاف حكومي مقبول ومعقول يضمن الاستقرار السياسى في ولايتى ساكسونيا وتورينجن لمدة 5 سنوات مقبلة بعيدا عن اليمين الشعبوى ، هذا اذا كانت ملتزمة بميثاق الجدار العازل لمنع وصول اليمين الشعبوى المتطرف المتمثل في حزب البديل الى سدة الحكم في هاتين الولايتين .. ولكن البراجماتية السياسية قد تكون لها رأى أخر وهذا جائز ومشروع في حلبة السياسة !!