Close ad

من التصوف إلى قصص الرعب والجريمة.. وسام سعيد: نجيب محفوظ كاتبي المفضل| حوار

3-9-2024 | 00:41
من التصوف إلى قصص الرعب والجريمة وسام سعيد نجيب محفوظ كاتبي المفضل| حوارالكاتب الصحفي وسام سعيد
أجرت الحوار - حسناء الجريسى- تصوير - محمود شعبان
الأهرام العربي نقلاً عن

كوابيس الطفولة ومشاهدتى لأفلام الرعب قبل النوم ذخيرتى فى الكتابة

موضوعات مقترحة
نحن أمام جيل لا يجيد القراءة وانتقاء ما يقرأ لذلك فمهمة الكاتب صعبة
أعتز بـ «خدنى يا رب» أول كتبى وفخور بأن ناشره الأديب الراحل مكاوى سعيد
الكاتب كالفنان والمطرب الذى يتواجد بألبوم أو عمل سنوى حتى لا ينساه القارئ
رعبى ليس سوداوياً منفراً بل اجتماعى
لو صدرت قصص سلسلة «مسارات الرعب» منفصلة لحققت نجاحا أكثر

استطاع الكاتب «وسام سعيد»، أن يحفر لنفسه مكانا واسعا بين كتاب جيله، كاتب شاب بدأ الكتابة منذ سنوات المراهقة خط أول أعماله في الطفولة، وكانت بعنوان «الأسعد» أحلامه لا حدود لها، عالم الخيال يسيطر عليه بشكل كبير، قراءاته المتعددة فى عوالم ما وراء الطبيعة وعلم الباراسيكولوجى، جعلته يرسم شخصيات أعماله باحترافية عالية بلا منافس.

يتقن انفعالات الشخصيات بشكل، يجعل القارئ يشعر وكأنها شخصيات حقيقية من لحم ودم، عمله فى مجال الإعلام الإذاعة فى بداية حياته والصحافة جعلته متمكناً من أدواته، قرأ للكثير من الروائيين، لكنه تأثر بشكل كبير بعالم نجيب محفوظ، ومثله الأعلى فى جيل الشباب الدكتور أحمد خالد توفيق.

كان كتابه «خدنى يا رب»، باكورته الأولى الذى يتناول فيه قضايا الصوفية وعوالم المتصوفين، وكان هذا الكتاب مثيرا للجدل، لكنه لم يخلص لعالم التصوف، وسرعان ما انتقل إلى عوالم ما وراء الطبيعة فكتب «ممر آمن للشيطان» وسلاسل الرعب المختلفة، وفى أثناء سفره خارج مصر كانت روايته «الناجى الوحيد» المنقذ له من الغربة.

هنا حوار مع الكاتب «وسام سعيد».

■ فى البداية، نود التعرف إلى بدايات ولوجك لعالم الكتابة؟
كأى كاتب أو روائى ارتبطت بداياته بالهواية منذ الطفولة واليفاعة، فأنا أنتمى لجيل الثمانينيات، الذى نشأ على حب القراءة والاطلاع وقراءة الصحف والذهاب لمعارض الكتب وشرائها، وبالتالى فور أن شعرت بأننى أحمل بداخلى طاقات للكتابة والتعبير الأدبى عنها، نظمت الشعر ولم أستمر، ثم وجدت ضالتى ومتعتى فى الكتابة النثرية لأفكارى وما يجول فى خاطرى على شكل مذكرات يومية، ثم تحولت هذه الطاقة إلى حب للصحافة وميل للإعلام، وبعد تخرجى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، وعملى بالصحافة شعرت بالتحقق المهنى فاتجهت للكتابة الأدبية وكتابة الروايات وبالتحديد روايات الخيال العلمى وأدب الرعب.

■ أعتقد أن أول أعمالك الإبداعية كانت كتاب بعنوان «خدنى يا رب»، هذا الكتاب يحمل العديد من الحكايات الصوفية والمتصوفين فلماذا هذا العنوان المثير للجدل؟
كتاب «خدنى يا رب»، بحرف الدال وليس الذال، ضمنته عنواناً مراوغاً باللهجة العامية وذيلته بعنوان آخر شارح، وهو «قراءة فى الفهم البشرى للذات الإلهية»، وهذا العنوان المراوغ يجتذب أكبر عدد من القراء من مختلف الأعمار والاتجاهات والميول النفسية، حيث يوحى بالرغبة فى الانتحار فيقرأه الشباب المحبط واليائس، وربما فهمه البعض على أنه كتاب ساخر يحمل الفكاهة، وربما وضعه قارئ آخر فى نصابه الصحيح وفهمه على أنه كتاب فى التصوف ومحاولة التعرف على ذات الله والاقتراب الفلسفى منها، وما يستتبع ذلك من الرد على التساؤلات الوجودية فى الحياة والشبهات الشكوكية التى تعترى الإنسان فيتساءل بصدد الله هل هو موجود أم لا.
وهذا الكتاب أعتز به كثيرا فهو أول ما نشر لى، وأفخر بأن الناشر هو الأديب الكبير الراحل مكاوى سعيد، حيث صدر عن «الدار للنشر والتوزيع».

■ من «خدنى يا رب» إلى عالم الرعب ما سبب سر هذه النقلة؟
بالفعل هى نقلة كبيرة، ولكنها ليست ببعيدة كل البعد، حيث إننى قدمت وما زلت أدب الرعب فى إطار فلسفى ودينى، ومن منطلق التصوف والنظرة اللاهوتية للحياة، هذه النقلة ليس على المستوى النوعى فقط، إنما يفصلهما مسافة زمنية كبيرة فكتاب «خدنى يا رب»، صدر فى 2010، وبعد ذلك بست سنوات صدر أولى رواياتى فى سلسلة «مسارات الرعب» ثم توالت الروايات فى نفس المجال.

■ وما الدافع وراء كتاباتك للرعب؟
دوافع وليس دافعاً واحداً، فأنا أهوى مشاهدة الأفلام الأجنبية منذ صغرى مع إخوتى، ونحن جيل الفيديو ونوادى الفيديو، وكنا نستأجر أشرطة أفلام الرعب والإثارة والجريمة، ونحبها كثيراً، فمنحنى ذلك حصيلة لا بأس بها من الخيال والقصص والأفكار، فضلا عن حبى للقراءة فى عوالم ما وراء الطبيعة، وعلم الباراسيكولوجى وربط ذلك بالدين والنموذج الإلهى للخلق والحياة، لذلك دائما ما تكون نهايات رواياتى إيجابية لصالح هذا النموذج، ومن الطريف أيضا أن كوابيسى أثناء النوم هى أحد مصادر كتاباتى، حيث كنت أسجلها فور استيقاظى من النوم حتى لا تتطاير.

■ «ممر آمن للشيطان» فيها العديد من الحكايات المثيرة للجدل والرعب وكم من الانفعالات النفسية والأنماط الغريبة، كيف ترى ذلك؟
«ممر آمن للشيطان»، رواية نفسية من الطراز الأول، معنية بحالة اضطراب وجودى لمن لا يرون الله، أو الذي يرون أن الحياة نتاج تراكيب الصدفة وبناء العشوائية، ونسيج العمى والتخبط منذ مليارات السنين.
الرواية ترد عليهم فى إطار من التشويق والإثارة والرعب لأن الملحد بطبيعة الحال يشعر بالخواء والعدمية والضياع، وكل هذه المشاعر السوداوية تجسدت فى شخصية (جمال الوكيل)، أحد أبطال الرواية و(سيمون آرثر) الذى يناظره فى الفكر الإلحادى الغربى، حتى شخصية «طه الزينى» الذى يعتبر بطل الرواية الحقيقى فهى أيضاً حالة نفسية غريبة، وليست طبيعية نتيجة لتربيته ونشأته، فالرواية تعتبر رابع رواية مصرية، تحدثت عن الإلحاد بشكل صريح وعالجته اجتماعياً ونفسياً، لذلك أثارت الجدل، فيما يتعلق بمضمونها ونهايتها بشكل خاص.

■ سلسلة «مسارات الرعب» والتى تضم أربع روايات بداخلها، كيف جاءت فكرة السلسلة؟ هل اتجهت لها تأثراً بكتابة الثلاثيات كما فعل الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ مثلاً؟
لو كنت سأتشبه يوماً بنجيب محفوظ، فذلك وحده شرف لا يضاهيه شرف، فأين الثرى من الثريا، ولكنى أقصى طموحى أن يشبهنى الجمهور بالكتاب والأديب الراحل الدكتور أحمد خالد توفيق الذى أحبه وأحاكى أسلوبه، وأعتبره مثلاً أعلى لي.

عود على إجابة سؤالك حول السلاسل والثلاثيات والرباعيات فى القصص والروايات، فالفكرة ليس جديدة، وهذا ما حمل الدار الواعدة الشابة «دوّن» للنشر والتوزيع لمحاكاة فكرة «روايات مصرية للجيب» التى أنتجتها من قبل الشركة العربية الحديثة، فأصدرت على إثرها سلسلة «رجل المستحيل» للدكتور نبيل فاروق «والمكتب رقم 19» وسلسلة «ما رواء الطبيعة» وغير ذلك من روايات الخيال العلمى، التى كان الشباب فى الثمانينيات والتسعينيات يعكفون على قراءتها بنهم.

وعندما أعلنت عن بدئى لكتابة سلسلة رعب بعنوان «مسارات نون»، وهو الاسم القديم والحقيقى للسلسلة، فوجئت وشرفت فى ذات الوقت باتصال من الأستاذ أحمد مهنا، الكاتب والروائى والناشر أيضاً يبلغنى بنية الدار فى التعاقد معى لكتابة سلسلة رعب وخيال علمى جديدة، تجذب الشباب، وهذا ما حدث فصدرت السلسلة فى 2016 فى معرض الكتاب، لأربع قصص وهى «خارج السيطرة»، «هيستيريا الصورة»، «برديس»، «أنين منتصف الليل»، وأحدثت فى بداية الأمر دوياً كبيراً ونجاحاً ملحوظاً، ثم تبين العكس مع مرور الوقت، وثبت أن مزاج القارئ المصرى حالياً لم يعد يتجه لفكرة السلاسل، ولو كانت الروايات الأربع قد صدرت منفصلة لحققت نجاحاً أكبر مثل روايتى «ممر آمن للشيطان» و»الناجى الوحيد».

■ هل أفادك العمل الصحفى؟
بالتأكيد، فالصحفى لابد أن يكون مطلعاً ومتابعاً لكل ما حوله ولديه ملاحظاته وقراءاته الخاصة بحكم عمله، إذن فهو بالضرورة مثقف، يجعل القراءة وقوداً لكتاباته، فضلاً عن خزينة مشاهداته للحياة وما يجرى فيها بحكم متابعته للأخبار المحلية والدولية.

■ سافرت إلى عدة دول، هل تجربة السفر لعبت دورا مباشراً فى حياتك الأدبية؟
السفر كله فوائد كما يقال فى الأثر، وبالتأكيد سفرى لعدة دول كان إضافة لمخزون خبراتى وقراءاتى للحياة وما يجرى فيها، وفرصة للتعرف على طباع وأجناس جديدة بخلاف المصريين، وبمناسبة السفر فقد كتبت رواية «الناجى الوحيد» خلال عملى فى الصحافة فى دبى.

■ تخرجت فى كلية الإعلام وتنوع عملك ما بين العمل الإذاعى والصحفى لماذا تركت الإذاعة واتجهت للعمل الصحفى؟
عملى بالإذاعة لمدة 4 سنوات، كنت فيها مذيعا فى شبكة «صوت العرب»، جاء عن طريق المصادفة، وبرغم استمتاعى به واشتياقى له حتى الآن، فقد التحقت به من خلال اختبارات أعلنها اتحاد الإذاعة والتليفزيون لقبول مذيعي راديو جدد ما بين مقدمى برامج وقراء نشرة، فكنت أحد المجتازين لهذه الاختبارات بفضل الله ثم دعم والدى رحمه الله الذى سهل لى ذلك، حيث كان مذيعاً فى البرامج الموجهة.
أما تركى للإذاعة فجاء بناء على التحاقى بالعمل الرسمى فى الأهرام، وكان على أن أختار فانحزت لميولى وهوايتى الحقيقية وهى الكتابة والصحافة.

■ لك مخطوطات كتبتها فى بدايات حياتك فماذا عنها؟
هى عبارة عن مزيج من مذكرات الطفولة والمراهقة، ومحاولات شعرية ونثرية، وصحيفة أصدرتها فى بيت عائلتى سميتها «الأسعد»، وأعتبرها أول الصحف التى عملت بها، حيث كنت أكتب أخبار إخوتى وأبى وأمى، وكذلك بعض الرسوم الكاريكاتورية، حيث أننى أجيد الرسم وأهواه منذ الطفولة، وهذه كلها بدايات طريفة أتذكرها وأضحك.

■ الرواية تحتاج إلى وقت كبير لتختمر فكرتها بداخل الكاتب ثم يكتبها، كيف ترى ذلك؟
بالفعل، تعتبر الفترة الزمنية بين إصداراتى وكتبى وجيزة، فبخلاف كتاب»خدنى يا رب»، جاءت بقية أعملى متتالية، بواقع رواية كل عام تقريبا، لكن السبب فى هذا لا يرجع للتسرع أو فرط الإنتاج، لكن إلى النشر كصناعة، فالناشر يطلب من الكاتب رواية تطرح فى كل نسخة من معرض القاهرة الدولى للكتاب، وبالإضافة إلى ذلك فالكاتب نفسه كالفنان يحب التواجد السنوى حتى لا ينساه القارئ.

■ هل اتجاهك لكتابة الرعب لأنها الكتابات الأكثر رواجاً فى السوق وبالتالى رغبة فى التميز؟
إطلاقاً، لم أفكر فى ذلك، ولقد بدأت كتابة الرعب متأخراً عن كثير سبقونى والمجال الآن أصبح يعج بالكثير من كتاب أدب الرعب حتى صار مبتذلاً، لدخول كثير من الأدعياء فيه، وبرغم أننى بدأت متأخراً عن رواد لكتابة الرعب سبقونى لكنى وبلا فخر أرى أننى أقدم تجربة مميزة فى الرعب تختلف عن الكثيرين، لأنه رعب ليس مقززاً ولا مخيفاً ولا سوداوياً بل اجتماعى خفيفى محبب للقارئ العام.

■ أغلب كتبك أصدرتها دار «دوّن» فلماذا لا تنشر فى دور أخرى، أو دور نشر تابعة الجهات حكومية؟
دار «دوّن» قوية، وهى شابة وعريقة فى آن واحد، ولديها قاعدة جماهيرية مرعبة، ويجيدون سبل الدعاية للكتاب والكاتب معاً، فمعهم الكاتب يصبح نجماً ويكون عليه الضوء باستمرار، بالإضافة إلى أن قائمتهم، تضم مجموعة كبيرة من الكتاب المميزين والمشاهير وأصبحت تنافس أهم دور النشر الكبيرة فى مصر، ويكفيك أن تزورى جناحهم فى معرض الكتاب حتى تكتشفى حجم هذا الناشر العملاق.

■ من مثلك الأعلى؟
فى الحياة عمر بن الخطاب بشخصيته الفذة وجلاء قراراته، وفى الكتابة الدكتور أحمد خالد توفيق.

■ هل تخطط لأعمالك؟
لا بل هى أفكار تتطاير فى الهواء، وألتقطها ثم أرى إن كانت تصلح لرواية أم لا.

■ وهل لديك طقوس معينة عند كتابة كل رواية؟
نعم، أن أكون غير ممتلئ بالطعام، وسماع الموسيقى التحفيزية والإضاءة الخفيفة، والكتابة والناس نيام.

■ كتابة الرعب تحتاج إلى وقت وجهد وذهن صاف، فما دور زوجتك؟
زوجتى ملهمة، وباستمرار تحيطنى بمناخ مناسب ومحفز للكتابة والتأليف.

■ ماذا عن الأسرة والتنشئة الاجتماعية ومن شجعك؟
أمى وأبى منحانى إشارة البدء الأولى، خصوصا أبى الذى أسير على دربه فقد كان إعلاميا كاتباً ومترجماً أيضاً.

■ لمن تقرأ وما الرواية التى قرأتها ولا تزال تذكر أثرها؟
قراءاتى أدبية تاريخية سياسية دينية كمعظم جيلى، وكاتبى المفضل نجيب محفوظ وأجمل رواية قرأتها «القاهرة 30».

■ ماذا تمثل لك كتابات د. أحمد خالد توفيق؟
الكثير، فهو عراب جيلى، ومثلى الأعلى والنموذج المعيارى لى فى كتاباتى.


كتاب ممر آمن للشيطان


جانب من ندوة توقيع ممر آمن للشيطان


وسام سعيد خلال توقيع رواية الناجي الوحيد فى معرض القاهرة للكتاب 2024

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة