Close ad

يوم حاسم في تاريخ ألمانيا.. توقعات بزلزال سياسي كبير بالولايات الشرقية

1-9-2024 | 23:32
يوم حاسم في تاريخ ألمانيا توقعات بزلزال سياسي كبير بالولايات الشرقية ألمانيا
عبد الناصر عارف

تتوجه أنظار الألمان في خوف وترقب  شديدين إلى ولايتى ساكسونيا وتورينجن شرق ألمانيا، سويعات قليلة ويتم الإعلان عن نتائج الانتخابات في هاتين الولايتين، آخر استطلاعات الرأي تشير إلى فوز تاريخى للحزب اليمينى المتطرف (البديل من أجل ألمانيا) وهزيمة مدوية للائتلاف الحاكم ( ائتلاف إشارة المرور ) والذى يتكون من الحزب الاشتراكى الديمقراطى المنتمى اليه مستشار ألمانيا  أولاف شولتس، بالإضافة إلى حزب الخضر والحزب الديمثراطى الليبرالى.

موضوعات مقترحة

تتبع ألمانيا نظاما سياسيا فيدراليا حيث تتكون جمهورية ألمانيا الاتحادية من 16 ولاية، لكل ولاية حكومتها المحلية وبرلمانها، يتم انتخابهما كل خمس سنوات بالاقتراع الحر المباشر وتتولى الحكومات المحلية إدارة شئون الولايات في جميع المجالات عدا الدفاع والشئون الخارجية .

وتجرى الانتخابات اليوم في ولايتى سكسونيا وتورينجن – شرق ألمانيا – والمعروف أن هاتين الولايتين تنتميان تاريخيا  إلى ألمانيا الشرقية حيث كان الحزب الشيوعى هو المسيطر قبل توحيد ألمانيا في أوائل تسعينيات القرن الماضى .

ولكن لماذا كل هذا الخوف والانزعاج  والترقب والحذر من نتائج انتخابات اليوم ؟
السبب ألأول أن حزب البديل من أجل ألمانيا وهو المرشح لتحقيق فوزتاريخى يصنفه جهاز المخابرات الألمانية كحزب يمينى متطرف حيث يجتذب برنامج الحزب وأدبياته السياسية المتطرفين الشعبويين ويتبنى خطابا سياسيا معاديا للأجانب وسياسات الهجرة واللجوء ويدعو في شعاراته السياسية لأن تكون ألمانيا للألمان فقط، ويرفض التنوع الثقافي والعرقى في ألمانيا بل ويتبنى خطابا معاديا للاتحاد الأوروبى وسياسات السوق الاقتصادية.

كما أن هذا الحزب - وهو الأهم – يطالب باستعادة العلاقات الدافئة بين ألمانيا وروسيا إلى ما قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا ويدعو إلى وقف المساعدات الألمانية لأوكرانيا وعودة ضخ الغاز الروسى إلى ألمانيا .

أما السبب الثانى الذى يزيد من التوتر والخوف لدى ألأحزاب السياسية التقليدية في ألمانيا هو أن هذا الحزب الوليد الذى لم يمض على تأسيسه أكثر من 11 عاما أصبح يضرب بجذوره في عمق المجتمع الألمانى بجميع طبقاته حنى الطبقة المتوسطة المثقفة في ألمانيا ولم يعد مجرد حزب للمتطرفين اليمينيين خاصة أنه نجح في استغلال فشل حكومة ائتلاف إشارة المرور الحالية في معالجة بعض الملفات والتداعيات الاقتصادية وكذلك في معالجة ملف الهجرة واللجوء وانتشار بعض جراءم العنف من قبل بعض اللاجئين أو طالبى اللجوء  وتحويل هذا الفشل إلى غضب شعبى يطالب بالتغيير الشامل في الخريطة السياسية الألمانية .

وياتى هذا كله قبل عام من إجراء الانتخابات الاتحادية العامة في ألمانيا في ربيع العام المقبل، مما يجعل من تحقيق فوز تاريخى اليوم لحزب البديل من أجل ألمانيا اليمينى الشعبوى مؤشرا ودافعا على قدرة الحزب على تحقيق اختراق في الخريطة السياسية الألمانية والعودة بألمانيا الى الحقبة النازية المظلمة.

يستدعى بعض المراقبين والمحللين السياسيين التاريخ لاثارة مزيد من الخوف والتوتر من صعود حزب البديل من أجل ألمانيا حيث نجح في عام 1930  الحزب النازى ألألمانى في بعض الانتخابات المحلية وسرعان ما حكم ألمانيا كلها بعد 3 سنوات فقط في عام 1933 .فهل يستعيد التاريخ نفسه  في ألمانيا ؟
طبقا لآخر استطلاعات الرأي فان حزب البديل من أجل ألمانيا سيحصل على المركز ألأول قى ولاية تورينجن بنسبة تتراوح ما بين 30% الى 33% ويليه في المركز الثانى الحزب الديمقراطى المسيحى -  الذى كانت تنتمى إليه المستشارة إنجيلا ميركل وهو أكبر أحزاب المعارظة حاليا والذى يستعد لحكم ألمانيا العام المقبل  - فيما سيحل في المركز الثالث حزب وليد خر لم يمض على تأسيسه عام واحد وهو حزب السياسية المخضرمة المنشقة عن حزب اليسار السيدة زهرة فاجنكينيشت المسمى اختصارا بى إس فيه وهو ما يمثل مفاجأة أخرى في تبدل وتغير  الخريطة السياسية  في ألمانيا خاصة أن هذا الحزب يرفع شعارا رئيسيا في حملته الانتخابية وهو إنهاء الحرب في أوكرانيا واستعادة العلاقات المتميزة مع روسيا ووقف المساعدات الألمانية لكييف ، أما أحزاب إشارة المرور – الائتلاف الحاكم – فلن يحصلوا مجتمعين على أكثر من 16 % وهو ما يمثل هزيمة تاريخية لهذه الأحزاب ويثير التكهنات حول مدى أحقيتهم في الاستمرار في حكم ألمانيا !!

أما في الولاية الثانية سكسونيا فان اخر استطلاعات الرأي تشير إلى تأرجح المركز الأول ما بين حزب البديل من أجل ألمانيا – اليمينى الشعبوى – وحزب المعارضة الكبير الديمقراطى المسيحى بنسب تتراوح ما بين 31% الى 33% فيما من المحتمل أن يحافظ حزب السيدة زهرة فاجنكينيشت على المركز الثالث أيضا وتتدحرج أحزاب الائتلاف الحاكم الى ذيل القائمة بل ويرجح بعض المراقبين أن الحزب الليبرالى الحر أحد أحزاب ائتلاف إشارة المرور ربما لن يتجاوز عتبة التمثيل البرلماني وهى نسبة 5 % !!

ويبقى السؤال قائما : هل يحدث الزلزال السياسى  اليوم في ألمانيا ويقتنص الحزب الشعبوى اليمينى المتطرف – البديل من أجل ألمانيا – حكم احدى الولايات الشرقية في ألمانيا ؟ 
حتى الآن لا تزال الأحزاب الألمانية تلتزم بما يسمى  بجدار الممانعة  وهو عدم الائتلاف مع حزب البديل من أجل ألمانيا للحيلولة دون تمكينه من السيطرة على حكم اية ولاية ألمانية ذلك لأن المعروف تقليديا في الممارسات السياسية الألمانية هو تكوين ائتلاف حاكم من حزب أو أكثر لعدم حصول أي من الأحزاب على ألأغلبية المطلقة التي تمكنه من الحكم منفردا ، وفى حالة ولاية تورينجن المرجح حصول البديل من أجل ألمانيا على المركز الأول فيها فإنه يحتاج إلى الائتلاف مع حزب آخر أو أحزاب لأخرى للوصول إلى الأغلبية المطلقة وفى حالة رفض بقية الأحزاب الانضمام إليه في ائتلاف فإنه سيظل في صفوف المعارضة رغم حصوله على المركز الأول ! ولكن هذا قد لا يستمر طويلا فإن البراجماتية السياسية في ألمانيا قد تدفع بعض الأحزاب إلى التخلي عن جدار الممانعة وبذلك قد تدخل ألمانيا في حقبة سياسية جديدة بالتأكيد سيكون لها تداعياتها ليس في ألمانيا فقط وانما إقليميا ودوليا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: