مثلما أرست مصر قواعد دولة التلاوة للقرآن الكريم ترتيلا وتجويدا، كذلك حباها الله سبحانه وتعالي بأن تضع الأسس الراسخة للابتهالات والتواشيخ الدينية.
لمعت في سماء هذا الفن أسماء كبري، كالشيخ على محمود، والشيخ طه الفشني، والشيخ نصر الدين طوبار، والشيخ سيد النقشبندي وغيرهم من الأعلام الكبار.
وإذا تحدثنا عن هؤلاء الكبار الذين عرفوا بأصواتهم على أوتار القلوب عبر الابتهالات والتواشيح الدينية، فلابد أن نقف أمام المبتهل الشيخ عبد التواب البساتيني، الذي تحل اليوم الذكري السادسة لذكراه.
سيرة ومسيرة
وُلد المبتهل الشيخ عبد التواب عباس محمد عام ١٩٤٦م بقرية العرب الشهيرة بـ"البساتين" بمحافظة بني سويف؛ لذا فقد انتسب لقريته فعُرف باسم "عبد التواب البساتيني".
في تلك القرية الهادئة الجميلة، وبين أحضان الريف بطبيعته الخضراء الساحرة، التحق مبتهلنا الشيخ بكتاب قريته كسائر الأطفال في هذا الزمان ليتم حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظ القرآن الكريم كاملا في سن الثالثة عشرة.
اتخذ الشيخ البساتيني القرآن رفيقا، ومن حفظه طريقا نحو رضا الله عز وجل، فما أتم حفظه حتى عزم على قراءته قراءة صحيحة خالية من الأخطاء واللحن، فالتحق بمعهد القراءات ليدرس علوم القرآن والتجويد، وحصل على إجازتين في حفظه مرتلا بقراءة حفص عن عاصم، وورش عن نافع، وذلك على يد شيخه أحمد رشوان.
صاحب الحنجرة الذهبية
بدأ الشيخ البساتيني قراءة القرآن الكريم في المناسبات الدينية، وذاع صيته في قريته والقرى المجاورة، لكنه إلى جانب قراءته للقرآن قرر أن يسلك طريق الإنشاد الديني والابتهالات والتواشيح الدينية، فدرس المقامات الموسيقية.
أمضى الشيخ البساتيني أكثر من ٧ أعوام على الجبهة، حيث التحق بالجيش لآداء الخدمة العسكرية عام ١٩٦٦م وكتب اسمه في سجلات الشرف العسكرية، حيث لم يخرج من الخدمة إلا بعد نصر أكتوبر عام ١٩٧٣م.
تميز الشيخ البساتيني بصوته المتفرد الذي يجمع بين القوة والحلاوة الخشوع، ما جعله مميزا عن باقي رفاقه من المبتهلين، ونجح في وقت مبكر من حياته في أن يتم اعتماده مبتهلا بالإذاعة المصرية، وذلك بعد أن أجازته لجنه من كبار المبتعثين والشيوخ والإذاعيين، والذين أثنوا على أدائه، ونبرة صوته الرحيمة المتميزة.
بفضل حنجرته الذهبية، استطاع الشيخ البساتيني أن يكون ضيفا معتادا في جميع الاحتفالات والمناسبات الدينية، وامتلك رصيدا كبيرا من الابتهالات الدينية والتواشيح التي بثها التلفزيون والإذاعات المختلفة، وأخيا ليالي شهر رمضان المبارك في كبر مستجد مصر والعالمين العربي والإسلامي.
الرحيل
وبعد رحلة كبيرة من العطاء توفي المبتهل الشيخ عبد التواب البساتيني في مثل هذا اليوم ٢٩ أغسطس عام ٢٠١٨م عن عمر ناهز ٧٢ عاما بعد معاناة مع أمراض الكلى، تاركا خلفه ثروة كبيرة من القراءات القرآنية والابتهالات والتواشيح الدينية والمدائح المحمدية.
الشيخ عبد التواب البساتيني
الشيخ عبد التواب البساتيني
الشيخ عبد التواب البساتيني
الشيخ عبد التواب البساتيني
الشيخ عبد التواب البساتيني