في عالم تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية على الناس؛ وباتوا يشاهدون من بينهم من يعيش رغد الحياة في أبهى صورها؛ وما يتم بثه من مشاهد أراها مبكية عكس كل الآخرين؛ لمن يتمتعون بكل مباهي الحياة.
فينفقون في يومهم مبالغ مالية ضخمة جدًا؛ إنفاق يوم واحد قد يكفى أسرة بسيطة جدًا؛ مكونة من 5 أفراد لمدة شهر!! نعم لمدة شهر؛ ولو سألت أحدهم: هل تدفع زكاتك؟!
قد تسمع الإجابات التالية:
الأولى؛ نعم؛ أدفعها لجهة ما؛ تقوم هي بتوزيعها على المستحقين؛ وهنا الفضل أو الأجر؛ على ما أعتقد ليس كاملًا؛ لأن دافع الزكاة اختار أسهل الطرق؛ وتكاسل عن البحث عن مستحقي الزكاة؛ ولو سعى لتحري المستحق؛ لكان الأجر على قدر السعي.
الإجابة الثانية: أعطيها للمتسولين الذين أجدهم في طريقي؛ ولأني لا أعلم حقيقة هؤلاء؛ لكن أغلب الظن أنهم محترفو مهنة التسول؛ ومن ثم لا يستحقون الزكاة.
الثالثة: لا يدفع الزكاة دون الخوض في التفاصيل؛ وهنا أتذكر أحد أكثر أثرياء العالم ثراء في حقبة الثمانينيات؛ حينما كان يأتيه الإفطار من أحد البلدان الأوربية؛ والغداء من أخرى؛ وكذلك العشاء؛ وكان ذائع الصيت لدرجة كبيرة؛ وقت لم تكن هناك وسائل للتواصل الاجتماعي.
يروي خادمه؛ أنه ذهب إليه طالبًا مساعدة مالية لحاجته الشديدة لها؛ فكان رد الثري؛ لست وكيل الله على الأرض؛ اذهب عني؛ ورفض مساعدته!!
وقتها حزن الخادم؛ ودعى عليه؛ وتمر الأيام بعد أن تركه الخادم؛ ليتبدل حال هذا الثري؛ وتذهب أمواله؛ ويضيق حاله؛ إلى أن يعطف عليه أحدهم؛ ويرسل إليه إعانة؛ يحملها هذا الخادم!
المغزى؛ أن المال مال الله؛ يؤتيه من يشاء؛ وليس كما قال قارون (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي)؛ فإذا تعاملت مع المال بما يتوافق مع شرع الله؛ سيزيد مالك، ويبارك الله لك فيه؛ فالزكاة تطهر المال؛ والعكس صحيح؛ عدم إيتاء الزكاة يفسد المال؛ ومن ثم يفسد صاحبه؛ وقد يفسد أسرته بالكامل.
كنت أتمنى أن يكون تباهي الأثرياء؛ ليس بما أنفقوه؛ في يومهم بالساحل؛ ولكن بما صنعوه للمحتاجين؛ وما أكثرهم في أيامنا هذه.
إيتاء الزكاة هو الركن الثالث في الإسلام؛ ولا يصح إسلامك بدونها؛ ما دامت تتوافر فيك شروطها.
خزائن الله لا تنفد؛ خلق الإنسان والحيوان؛ والحشرات؛ والأسماك والطيور؛ خلق كل شيء؛ ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
لذلك إيتاء الزكاة؛ رغم أنه ركن من أركان الإسلام؛ إلا أنه يطهر المال ويبارك فيه؛ تخيل لو عطفت على المسكين؛ إن لم يكن بمالك فبستره؛ بملبس أو بطعام.. إلخ؛ ولك أن تتخيل أن الله يقول على أشرف المحتاجين؛ تحسبهم أغنياء من التعفف؛ عفافهم وحياؤهم يمنعهم من طلب المساعدة.
هؤلاء هم أفضل من تتوجه إليهم بمساعدتك؛ مالية كانت أم عينية؛ وكلما ضاق بك الحال؛ تأكد أنك قد قمت بزكاتك؛ أو تصدق؛ ووجهها لمن يستحقون؛ فهذا أهم أبواب الفرج.
[email protected]