في السنوات الأخيرة، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية؛ حيث يتم استخدامه في مجموعة واسعة من التطبيقات، من المساعدات الصوتية إلى أنظمة القيادة الذاتية، حيث أن الذكاء الاصطناعي هو مجال من مجالات العلوم يركز على تطوير أنظمة ذكية قادرة على محاكاة القدرات الذهنية البشرية، مثل التعلم والاستدلال وحل المشكلات واتخاذ القرارات؛ حيث يمتلك قدرات ذهنية شبيهة بالبشر وقادر على التعلم وأداء أي مهمة ذهنية، إلا أنه يتجاوز قدرات الذكاء البشري بكثير.
موضوعات مقترحة
وقال محمد أبو ليلة المحامي والخبير القانوني، إن من أكثر التساؤلات التي تشغل الناس والدول الآن هو كيفية إصباغ الحماية القانونية علي الملكية الفكرية، حيث يمكن للأنظمة الذكية أن تولد أعمالًا إبداعية جديدة، مثل الموسيقى والفن والاختراعات، مما يثير تساؤلات حول من يعتبر مالكًا لهذه الأعمال ومن يحق له المطالبة بحماية حقوق الملكية الفكرية عليها، فضلاً عن أنه في كثير من الحالات، تكون الابتكارات نتيجة تعاون بين الإنسان والآلة، فمن يعتبر المخترع في هذه الحالة؟ هل هو المبرمج الذي صمم النظام، أم النظام نفسه الذي لعب دورًا في توليد الفكرة، والصعوبة هنا تكمن في أنه عندما تقوم أنظمة الذكاء الاصطناعي بتوليد أعمال إبداعية بشكل مستقل، فمن الصعب تحديد مخترع محدد .
وأضاف أبو ليلة، أن السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن حماية الأعمال الفنية التي يولدها الذكاء الاصطناعي بنفس الطريقة التي تحمي بها الأعمال الفنية التي ينتجها الإنسان، وما هو الحال إذا قام شخص ما بتقليد الاعمال الفنية أو الابتكارات التي وصل إليها الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن تطبيق قوانين براءات الاختراع وحقوق النشر على البرامج والاختراعات التي يطورها الذكاء الاصطناعي، فالإجابة عن تلك الأسئلة ليست بسيطة، فهي تتطلب إعادة تقييم لمفهوم "المخترع" في ضوء التطورات التكنولوجية، هذه الأسئلة تفتح الباب لمناقشات فلسفية وقانونية عميقة.
إذ إن معظم تشريعات الملكية الفكرية صممت للتعامل مع الإبداعات البشرية، وليس الإبداعات التي تولدها الآلات، هذا يعني أن تطبيق هذه التشريعات على الذكاء الاصطناعي قد يكون صعباً وقد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة، حيث أن هذه التشريعات تتطلب وجود "مخترع" أو "مؤلف" بشري، وهو شرط لا يتوفر في حالة الذكاء الاصطناعي الذي يولد أعمالاً إبداعية بشكل مستقل أو بالتعاون مع الإنسان.
ومع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات، يبرز سؤال مهم وهو من يتحمل المسؤولية عندما يتسبب نظام الذكاء اصطناعي في ضرر؟، وفي حالة تعاون الإنسان والآلة في اتخاذ القرارات، فمن يتحمل المسؤولية إذا كان الخطأ نتيجة لتفاعل بينهما؟ هل هو المبرمج الذي صمم النظام، أم المشغل الذي استخدمه، أم النظام نفسه؟ تحتاج القوانين إلى التكيف مع هذه التغيرات لضمان العدالة والأمان.
وأشار إلى أن القوانين الحالية، سواء المدنية أو الجنائية، صممت في بيئة لا تتضمن أنظمة ذكية تتخذ قرارات مؤثرة، هذا الاختلاف الجذري يولد فجوات قانونية كبيرة تعيق مساءلة الأطراف المسئولة عن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي ومن أمثلة الأضرار التي يمكن أن تنتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية:
-الحوادث المرورية الناتجة عن السيارات ذاتية القيادة من يتحمل المسئولية إذا تسببت سيارة ذاتية القيادة في حادث؟ هل هو السائق، أم الشركة المصنعة للسيارة، أم الشركة التي طورت نظام القيادة الذاتية؟
-الأضرار الناجمة عن الأخطاء الطبية المساعدة بالذكاء الاصطناعي من يتحمل المسؤولية إذا أدى تشخيص خاطئ بواسطة نظام ذكاء اصطناعي إلى ضرر للمريض؟ هل هو الطبيب، أم الشركة التي طورت النظام، أم المستشفى؟
تلك امثلة بسيطة عن الأضرار التي قد يتسبب بها الذكاء الاصطناعي ويبقى السؤال من يتحمل المسئولية عن تلك الأضرار
فنحن بحاجة ماسة إلى سن تشريعات جديدة تتناول بشكل صريح المسؤولية القانونية عن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، وحماية حقوق الملكية الفكرية، كما يجب وضع معايير جديدة لتصميم وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان سلامتها وفعاليتها، حيث إن القوانين الحالية المتعلقة بحماية البيانات وحماية حقوق الملكية الفكرية غير كافية لمواكبة سرعة تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي .
وفي النهاية لا يمكن أن ننكر أن الذكاء الاصطناعي هو بلا شك أحد أكبر التطورات التكنولوجية في عصرنا الحالي، بل ويمثل قفزة نوعية في قدراتنا على معالجة المعلومات واتخاذ القرارات وحل المشكلات المعقدة وبينما يحمل الذكاء الاصطناعي العديد من الفرص والإمكانات، فإنه يثير أيضًا مخاوف كبيرة لدى الناس، من الضروري معالجة هذه المخاوف من خلال تطوير أطر قانونية وأخلاقية واضحة، وتعزيز الوعي حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسئول لضمان استفادة المجتمع من هذه التكنولوجيا بشكل إيجابي وآمن.
فعلي الرغم من الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، الا انه يحمل معه بعض المخاوف المحتملة ومن أحد أكبر المخاوف هو تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، حيث يخشى أن تؤدي الأنظمة واستخدام الروبوتات إلى الاستغناء عن العامل البشري وفقدان العديد من الوظائف، خاصة في القطاعات التي تعتمد على المهام الروتينية، هذا القلق يطرح تساؤلات حول كيفية إعادة تأهيل العمال وتأمين وظائف جديدة في ظل هذه التغيرات.
كما أن هناك مخاوف كثيرة بشأن الخصوصية إذ تتطلب أنظمة الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من البيانات، مما يثير المخاوف بشأن الخصوصية، حيث يتم جمع البيانات الشخصية واستخدامها بطرق قد لا تكون واضحة للمستخدمين، مما يؤدي إلى احتمال انتهاك الخصوصية أو استخدامها بشكل غير أخلاقي؛ حيث إن الخصوصية قضية حساسة في عالم الذكاء الاصطناعي، ويتطلب الأمر توازنًا بين الاستفادة من البيانات لتحسين الأداء والتطبيقات، وحماية حقوق الأفراد، لذا يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي وتعاون بين الحكومات والشركات لضمان استخدام البيانات بشكل أخلاقي وآمن.