Close ad

ليس البشر وحدهم من يعانون.. الحيوانات تعانى أيضًا من ارتفاع درجات الحرارة

28-8-2024 | 18:12
ليس البشر وحدهم من يعانون الحيوانات تعانى أيضًا من ارتفاع درجات الحرارةصورة أرشيفية
ميرفت فهد
الأهرام العربي نقلاً عن

تقوم العديد من الحيوانات بتكييف سماتها الجسدية وسلوكها للتغلب على ارتفاع درجات الحرارة. إلى أى مدى يمكن حماية الكائنات الحية فى عالم سريع الاحترار؟

موضوعات مقترحة

يمكن أن تساعد العلماء على التنبؤ بتأثير ارتفاع درجات الحرارة على التنوع البيولوجى..

يحذر خبراء المناخ من أن مستقبلنا سيكون أكثر سخونة بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة التى تسبب ظاهرة الاحتباس الحرارى، وهو ما أشارت إليه التقارير الأخيرة للاتحاد الوطنى للحياة البرية، ما لم نتخذ إجراءات فورية للحد من التلوث الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحرارى.

سوف يصبح الصيف الحار للغاية، هو القاعدة بحلول عام 2050 إذا استمر التلوث الناجم عن ظاهرة الاحتباس الحرارى فى الزيادة، ولا يقتصر الأمر على البشر فقط الذين سيعانون الحرارة الشديدة، لكن هناك أيضا الحيوانات والطيور والأسماك، فقد تضطر الدببة القطبية إلى السباحة لمسافات أطول بسبب ذوبان الجليد البحرى، والقائمة تطول.

أظهرت العديد من الدراسات مؤخراً أن موجات الحر المتكررة تعرض البشر والحيوانات للخطر، فقد تسببت موجة الحر الشديدة التى اجتاحت المكسيك فى مايو 2024، فى مقتل أكثر من 50 قردا، وقد يمكن للبشر الهروب من هذه العواقب الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى حد ما، من خلال اللجوء إلى غرف مكيفة، لكن الكائنات الأخرى تقع تحت رحمة الطبيعة، ويجب أن تعتمد على التكيفات التى ورثتها على مدى ملايين السنين، من التطور من أجل البقاء.

بالطبع، لا يستطيع الجميع الوصول إلى مكيف الهواء، كما تتزايد الأمراض والوفيات المرتبطة بالحرارة على مستوى العالم، ومع ذلك، فإن تكييف الهواء ليس حلا مرغوبا للحرارة الشديدة أيضا، ومع ارتفاع درجات الحرارة، فإن الطلب على الطاقة الأحفورية لتشغيل أنظمة التبريد آخذ فى الارتفاع أيضا، مما يخلق حلقة ردود فعل، حيث تؤدى الظروف الأكثر سخونة إلى زيادة الطلب على التبريد.
والسؤال الذى يطرح نفسه هل سنتكيف نحن البشر، وكذلك الحيوانات بالسرعة الكافية مع ظاهرة الاحتباس الحرارى؟ تعتمد الإجابة على مدى نجاح البشرية فى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وقدرة جميع الأنواع على الابتكار والتكيف.
حيث يمكن للحيوانات تنظيم درجة حرارة أجسامها، من خلال التغيرات الداخلية مثل اللهاث عند الكلاب والتغيرات فى السلوك الخارجى، على سبيل المثال، يلعق الكنجر ساعديه ليبرد، وتظهر هذه الأمثلة براعة الطبيعة، لكن ليس من المؤكد أنها ستكون فاعلة فى مواجهة الارتفاع المستمر فى درجات الحرارة العالمية.
وإليكم كيفية إجبار الحيوانات على التغيير لتبقى باردة فى عالم دافئ، حيث تجبر موجات الحر الحيوانات على تغيير سلوكها من أجل البقاء. تصف القواعد الجغرافية البيئية الاتجاهات، فى كيفية اختلاف السمات الجسدية للحيوانات حسب الجغرافيا، وتقدم أدلة حول كيفية تكيف الأنواع مع المناخ الأكثر قسوة.
تشير قاعدة بيرجمان، التى سميت على اسم عالم الأحياء كارل بيرجمان الذى عاش فى القرن التاسع عشر، إلى أن الحيوانات فى المناخات الأكثر دفئا، تميل إلى أن تكون أصغر حجما، لأن مساحة سطحها الأكبر نسبة إلى حجم أجسامها، تساعدها على تبديد الحرارة. وتفترض قاعدة ألين التى سميت على اسم عالم الحيوان جويل ألين، أن الحيوانات فى المناخات الحارة لها زوائد أطول مما يسهل هروب الحرارة.
وتقوم العديد من الحيوانات بالفعل، بتكييف سماتها الجسدية وسلوكها، كما تقوم بعض الطيور بتطوير أجسام أصغر وأجنحة أطول، ربما للمساعدة فى تبديد الحرارة، وقد تساعد هذه التعديلات على المدى القصير، ولكنها قد تغير مكان وجود هذه الطيور، ويمكن للطيور الصغيرة ذات الأجنحة الأطول أن تطير لمسافات أكبر، وبالتالى قد تتبنى أنماط هجرة مختلفة مع تأثيرات غير مباشرة على النظم البيئية التى تعيش فيها.
كما أن فهم هذه العلاقات يمكن أن يساعد العلماء على التنبؤ بآثار ارتفاع درجات الحرارة على التنوع البيولوجى والتخفيف من آثارها، على سبيل المثال، قد تشير التغيرات فى الحجم وطول الجناح، إلى وجود نوع يكافح من أجل التكيف مع بيئته الحالية، مما ينبه دعاة حماية البيئة إلى إنشاء موائل مناسبة أو الحفاظ عليها، ويمكن لهذه المعرفة أن توجه إنشاء ممرات الحياة البرية - الممرات الطبيعية للموائل البرية مثل الغابات - التى تسمح للحيوانات بالهجرة إلى مناخات أكثر ملاءمة، وفى هذه الأثناء، يعتمد مدى توقع الأنواع المختلفة، لتحمل الحرارة الشديدة على عملية التمثيل الغذائى لديها، ونوع البيئة التى تعيش فيها.

الدفع إلى التطور
إن الظواهر المناخية المتطرفة – موجات الحر والبرد الشديد – تدفع الحيوانات إلى التطور، فقد تكيفت الحيوانات البرية مع أشعة الشمس المباشرة والتقلبات السريعة فى درجات الحرارة، من خلال تطوير إستراتيجيات الاستجابة السريعة لمنع ارتفاع درجة حرارتها. فالأفيال، على سبيل المثال، لها آذان كبيرة تحتوى على شبكة واسعة من الشعيرات الدموية تحت الجلد مباشرة، والتى ترفرف، لتبريد دمها عن طريق تهوية الهواء فوق الأوعية، كما يمكن أن يمتص الماء كمية أكبر من الحرارة قبل التسخين مقارنة بالهواء، ويستغرق وقتا أطول حتى يبرد، ويؤثر هذا على كيفية انتقال الحرارة بين جسم الحيوان وبيئته، أما سمك القد الجليدى، ويعيش فى القاع ويوجد حول القارة القطبية الجنوبية، يزدهر فى المياه الباردة بسبب البروتينات المضادة للتجمد فى دمه، وتختار بعض الشعاب المرجانية مشاركة هيكلها العظمى من كربونات الكالسيوم مع طحالب أكثر تحملا للحرارة، التى يمكنها الاستمرار فى تصنيع السكر من ضوء الشمس فى الماء الساخن.
ولدى الحيوانات أيضا إستراتيجيات مختلفة لإدارة حرارة أجسامها اعتمادا على قدرتها على توليدها، حيث تقوم الحيوانات ذوات الدم الحار، بإنتاج الحرارة الخاصة بها، كمنتج ثانوى لعملية التمثيل الغذائى. وتعتبر الطيور والثدييات من ذوات الدم الحار النموذجية، فعلى سبيل المثال طائر البجع الأمريكى الأبيض، طائر مائى بمنقار يشبه الحوض، تهتز عضلات حلقه بسرعة لتبديد الحرارة الزائدة.
وتعتمد الحيوانات ذات الدم البارد، أو الحيوانات ذات الدم البارد (على الرغم من أن دمها ليس باردا فى الواقع) على بيئتها لتنظيم درجة حرارة الجسم، حيث تستلقى السحالى والثعابين فى الشمس للتدفئة وتذهب إلى الظل لتبرد.
إن التطور وحده لا يستطيع حماية الحيوانات، لكن إلى أى مدى يمكن لهذه الأساليب المجربة والمختبرة حماية الأنواع فى عالم سريع الاحترار؟ يمكن أن تعتمد الدببة القطبية على دهونها السميكة، والدهون البنية والفراء الكثيف لتبقى دافئة فى مناخ القطب الشمالى، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة، يمكن أن يصبح هذا العزل عائقا، ويجعل من الصعب عليهم التبريد، وبالمثل، فإن ارتفاع الحرارة وتدمير الموائل المشبوهة يمكن أن يمنع ذوات الحرارة الخارجية من العثور على مكان لتبرد فيه، حيث إن السحالى التى تعيش فى المناطق الأكثر حرارة فى وسط جنوب إفريقيا، من المرجح أن تقضى وقتا أقل فى النشاط بحلول نهاية القرن، وربما يعنى ذلك وقتا أقل فى البحث عن الطعام والتزاوج، مما قد يعيق نموها وتكاثرها، كما أن ذوات الحرارة الخارجية مثل البرمائيات والزواحف معرضة بشكل خاص لارتفاع درجات الحرارة.
وبشكل عام، فإن التنبؤ بكيفية استجابة كل نوع من الكائنات الحية لظاهرة الاحتباس الحرارى أمر معقد للغاية، وفى نهاية المطاف، فإن كل نوع لديه طرف مختلفة للتكيف، لكنها قد تنحنى أو تنكسر مع ارتفاع متوسط درجة حرارة العالم، ومع ذلك، فمن الواضح أن مرونة الطبيعة الفطرية لن تكون كافية فى حد ذاتها، ومن ثم فالمطلوب هو خفض الانبعاثات والحفاظ على الموائل، وقتها يمكن للبشر والحياة البرية أن يزدهرا فى انسجام مع البيئة المتغيرة.

الطرق السبع
من الطيور إلى البرمائيات، طورت الحيوانات 7 إستراتيجيات للحفاظ على البرودة فى الطقس الحار:
1 - التعرق: يساعد التعرق الحيوانات على التبريد، لأن تجفيف العرق يبرد الجلد، وتتعرق بعض الأنياب – أفراد عائلة الكلاب – من أقدامها، لكن هذه المساحة السطحية ليست كبيرة، بما يكفى لتبريد الحيوان بأكمله.
2 - الحرارة المشعة: يمكن للفيلة أن تشع الحرارة من آذانها والتى تخرجها من أجسادها، وتفعل الأرانب البرية نفس الشى بآذانها الطويلة، ويؤدى تدفق الدم إلى الأذنين إلى إخراج الحرارة من الجسم، ويعود الدم البارد إلى مجرى الدم، مما يقلل من تأثيرات الحرارة.
3 - النهوض: وهو عكس السبات، حيث إن بعض الحيوانات، مثل الضفادع والقواقع من مختلف الأنواع، تدخل فى حالة من السكون (نسميها النوم، ولكنها أعمق بكثير من النوم) أثناء الطقس الحار لتجنب الحرارة والجفاف، قد يحفرون تحت الأرض تماما مثل سنجاب الأرض فى حالة السبات (السبات هو سكون شتوى للهروب من البرد والجوع)، ربما تكون الأسماك الرئوية الأكثر شهرة هى الأسماك الرئوية فى إفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، التى تحفر فى طين البحيرات الجافة، وتشكل شرنقة من المخاط للاحتماء، إنها تنتعش عندما تملأ الأمطار بحيراتها.
4 - الاختباء: تبحث العديد من الحيوانات عن مأوى خلال الجزء الحار من اليوم. فالزواحف مثل السحالى والثعابين معرضة بشكل خاص للحرارة ويمكن أن تموت بعد التعرض لساعات قليلة فقط لشمس الصيف الحارة. تبحث هذه الحيوانات عن مأوى تحت الصخور وفى الجحور. كما إن بقاء بعض السحالى مهدد بسبب الحرارة، حيث أظهرت دراسة حديثة أن ارتفاع درجات الحرارة بسبب ظاهرة الاحتباس الحرارى قد دفع 12 %، من مجموعات السحالى فى المكسيك إلى الانقراض، وتسبب فى خسائر فى أعداد السحالى فى خمس قارات، لأن الحيوانات تضطر إلى قضاء الكثير من الوقت فى الاختباء، من الشمس وأنهم لا يتغذون ولا يتكاثرون بشكل كافٍ. السلاحف وهى أيضا زواحف، ستذهب إلى المياه العميقة أثناء موجات الحر، وتبحث أسماك المياه العذبة مثل القاروص أيضا عن مياه أكثر برودة وأعمق خلال حرارة الصيف، وتتعرق القطط من خلال أقدامها، لكن ليس بما يكفى لمساعدتها على التكيف مع درجات حرارة الصيف. تبحث القطط، من الأنواع المنزلية إلى الأسد العظيم عن الظل عندما تريد أن تبرد.
5 - اللهث: كما نعلم جميعا، أنفاسنا ساخنة، وحارة بدرجة كافية لتكوين السحب فى هواء الشتاء، وتتخلص العديد من الحيوانات من حرارة الجسم الزائدة عن طريق التنفس السريع عن طريق اللهاث، لقد رأى الجميع تقريبا الكلاب تفعل ذلك، هل سبق لك أن رأيت الطيور تتجول فى الصيف ومناقيرها مفتوحة؟ إنهما تلهث. تمتلك الطيور نظام تنفس متقنا يتضمن أكياسا هوائية، بالإضافة إلى الرئتين، ويساعدها على التخلص من الحرارة الزائدة عن طريق اللهث.
6 - الذرف: يعد فقدان شعر الجسم إحدى الطرق الرئيسية التى تتعامل بها الثدييات، ومعظمها مغطى بالفراء، مع الحرارة، ففى الشتاء، ترتدى الحيوانات فى المناطق المعتدلة، معاطف ثقيلة لمواجهة البرد القارص والرياح القارصة، لكنها تحتاج فى الصيف إلى ملابس أخف، تتسبب الهرمونات فى الجسم فى تساقط معاطفهم الشتوية الكثيفة، عادة على شكل بقع، لتحل محلها معاطف صيفية أخف.


7 - السباحة: تبحث العديد من الحيوانات عن الماء لتبرد، غالبا ما تبرد الأفيال فى البركة أو النهر، تستمتع النمور (بخلاف معظم القطط المنزلية) بالسباحة فى الطقس الحار. الخنازير الأليفة، التى لا تتعرق، تتمرغ فى الماء أو الطين فى الأيام الحارة، كما يحميها الطين من حروق الشمس. إذا قمت بتوفير المياه للحياة البرية فى الفناء الخلفى، فستجد أن الطيور أيضا تحب أن تتناثر حولها سواء للتبريد أم لتنظيف الريش والجلد، وسوف تستفيد أيضا حيوانات أخرى فى الفناء الخلفى، مثل الضفادع والسلاحف، من الوصول إلى المياه، خصوصا مع ارتفاع درجات الحرارة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة