تعقد الأمم المتحدة فى نيويورك، مؤتمر القمة المعني بالمستقبل 2024، يومى 23 و24 سبتمبر، ووصفه أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، بأنه "فرصة لا تتاح إلا مرة واحدة في الجيل لتنشيط العمل العالمي، وإعادة الالتزام بالمبادئ الأساسية، ومواصلة تطوير أطر التعددية حتى تكون مناسبة للمستقبل".
موضوعات مقترحة
وفي ما يلى نتعرف على أهداف القمة وأهميتها والنتائج المرجوة منها فى هذا التقرير.
ما هو مؤتمر القمة المعني بالمستقبل؟
مؤتمر القمة المعني بالمستقبل هو حدث رفيع المستوى، يجتمع فيه قادة العالم للتوصل إلى توافق دولي جديد في الآراء بشأن كيفية تحقيق حاضر أفضل بشكل يكفل أيضا حماية المستقبل. وتتزايد حاليا ضرورة التعاون العالمي الفعال لبقائنا على قيد الحياة، لكن تحقيقه صعب في أجواء تنعدم فيها الثقة وتُستخدم فيها هياكل عفا عليها الزمن لم تعد تعكس الواقع السياسي والاقتصادي للوقت الحاضر. وتمثل هذه الفرصة التي لا تتكرر أكثر من مرة في الجيل الواحد لحظة لترميم ما تآكل من الثقة وإثبات فعالية التعاون الدولي في تحقيق الأهداف المتفق عليها والتصدي للتهديدات والفرص الناشئة في شهر سبتمبر، وسيجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة لتبني ميثاق المستقبل، والذي سيتضمن ميثاقاً رقمياً عالمياً وإعلاناً بشأن الأجيال القادمة كمرفقات.
أهداف مؤتمر قمة المستقبل
تهدف قمة المستقبل المقرر عقدها فى سبتمبر المقبل إلى تحقيق ما يلى:
- تسريع الجهود للوفاء بالتزاماتنا الدولية القائمة.
- اتخاذ تدابير عملية للاستجابة لما ينشأ من تحديات واستغلال ما يُتاح من فرص.
- سيتحقق ذلك من خلال وثيقة ختامية عملية المنحى تسمى "ميثاق المستقبل".
- سيتم التفاوض على الميثاق وستقره البلدان في الفترة التي تسبق مؤتمر القمة وأثناء انعقاده في سبتمبر 2024.
- النتيجة المتوخاة هي إيجاد عالم - ونظام دولي - أكثر استعدادا للتعامل مع التحديات التي نواجهها حاليا وتلك التي سنواجهها في المستقبل، تحقيقا لصالح البشرية جمعاء وصالح الأجيال المقبلة .
أهمية مؤتمر القمة
لا يسير العالم على المسار الصحيح صوب تحقيق الأهداف التي سبق أن حددناها لأنفسنا، كما أن ما نفعله لا يرقى بالفعالية اللازمة إلى مستوى التحديات أو الفرص الجديدة. فالتطورات تتجاوز بسرعتها ودرجة تعقيدها ما لدينا من نظم للتعاون والتكيف. وأما منافع وفرص التقدم فالتفاوت هو سِمة توزيعها، حيث يمضي الركب مُخلِّفا وراءه معظم الناس. كما يتفاوت الناس من حيث وقع المخاطر والتهديدات عليهم، حيث إن أكثر الفئات ضعفا هي الأكثر تضررا، والفقر المدقع والجوع يتصاعدان، والانبعاثات العالمية هي اليوم في أعلى مستوياتها في كل التاريخ البشري، وكذلك هي مستويات نزوح البشر. وتشتد حدة التهديدات التي من قبيل تلك المتصلة بالمناخ والنزاعات والأمن الغذائي وأسلحة الدمار الشامل والجوائح والأزمات الصحية، فضلا عن المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة. والحوكمة المتعددة الأطراف، وقد صُممت في أوقات أقل تعقيدا وأبطأ سرعة، لم تعد تلائم عالم اليوم المعقد والمترابط والسريع التغيُّر، ومؤتمر القمة فرصة لنضع أنفسنا على مسار أفضل.
جدير بالذكر أن اقتراح عقد مؤتمر قمة معني بالمستقبل ورد في التقرير المعنون "خطتنا المشتركة"، وجاء التقرير استجابة من الأمين العام للأمم المتحدة لدعوة من الدول الأعضاء لتقديم أفكار عن أفضل السبل للتصدي للتحديات الحالية والمقبلة. حيث دعا تقرير "خطتنا المشتركة" إلى تجديد الثقة والتضامن على جميع المستويات - بين الشعوب والبلدان والأجيال. وبين التقرير وجاهة إعادة النظر بشكل جذري في نظمنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون في خدمة الجميع على نحو أكثر عدلا وفعالية. وأوصى التقرير أيضا بتجديد النظام المتعدد الأطراف، معتبرا مؤتمر القمة المعني بالمستقبل لحظة حاسمة للاتفاق على أهم التحسينات اللازمة.
ميثاق من أجل المستقبل
إتفقت الدول الأعضاء على أن يُعقد مؤتمر القمة في سبتمبر 2024، واتفقت أيضا على أن تَصدُر عن مؤتمر القمة وثيقة ختامية في شكل ”ميثاق من أجل المستقبل. وصاغت الدول الأعضاء الهدف العام لمؤتمر القمة، والميثاق، على النحو التالي:
- إعادة تأكيد ميثاق الأمم المتحدة
- تنشيط تعددية الأطراف
- إعطاء دفعة لتنفيذ الالتزامات القائمة
- الاتفاق على حلول للتحديات الجديدة
- استعادة الثقة
- تقديم حلول متعددة الأطراف لغد أفضل
ويُعد مؤتمر القمة المعني بالمستقبل فرصة لا تسنح إلا مرة واحدة في كل جيل لتعزيز التعاون بشأن التحديات الأساسية وسد الثغرات في الحوكمة العالمية، وإعادة تأكيد الالتزامات القائمة، بما في ذلك إزاء أهداف التنمية المستدامة (الأهداف العالمية) وميثاق الأمم المتحدة، والتحرك باتجاه نظام متعدد الأطراف منشَّط يكون في وضع أفضل للتأثير إيجابا في حياة الناس. وبالاستفادة من نتائج مؤتمر القمة المعني بأهداف التنمية المستدامة لعام 2023، ستنظر الدول الأعضاء في السبل الكفيلة بوضع الأسس لتعاون عالمي أكثر فعالية يمكنه التعامل مع تحديات اليوم ومع ما قد ينشأ من تهديدات جديدة في المستقبل.
وتكمن النتيجة الرئيسة للقمة، وهي «اعتماد ميثاق المستقبل»، وسوف يتضمن هذا الاتفاق خمسة فصول رئيسة، وهي:
(1) التنمية المستدامة وتمويل التنمية.
(2) السلام والأمن الدوليان.
(3) العلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعاون الرقمي.
(4) الشباب والأجيال القادمة.
(5) تحويل الحوكمة العالمية.
ولا بد أن يكون ميثاق المستقبل الذي سينبثق عن القمة وثيقة حية، وإطارًا ديناميكيًّا يتكيف مع تعقيدات القرن الواحد والعشرين، ومن خلال تنشيط تعددية الأطراف، تسعى القمة إلى تعزيز المبادئ الأساسية للأمم المتحدة التي تم تحديدها عند إنشاء المنظمة في عام 1945، ومواءمتها مع التحديات والفرص المعاصرة. وفي عالم يمر بتحولات عميقة، تعد القدرة على التكيف والاستجابة أمرًا حتميًّا.
أبرز القضايا التى ستناقشها القمة
تحتل حقوق الإنسان وتمكين النساء والفتيات مكانة بارزة كموضوعين شاملين، مما يؤكد التزام القمة بالشمولية، كما تدور القمة حول تحقيق الأمل والتغيير، والإعلان عن حقبة تحويلية حقيقية، وامتلاك القدرة على إعادة تشكيل الخطاب العالمي، وستشكل سلسلة من المقترحات المقدمة من الأمين العام للأمم المتحدة إطار جهود القادة لمعالجة عدم المساواة العالمية بشكل أفضل، والوفاء بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تم تحديدها في عام ٢٠١٥، وتعزيز فاعلية الأمم المتحدة في مواجهة تحديات المستقبل.
تمهيد الطريق لقمة المستقبل
ولتمهيد الطريق للقمة، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة سلسلة من أحد عشر ملخصًا للسياسات لعام ٢٠٢٤ لتحفيز ميثاق المستقبل وتوجيهه وتوضيح المناهج الخاصة بالاجتماع التاريخي وما بعده. وتتضمن ملخصات السياسات خطوات قابلة للتنفيذ للتغلب على التحديات المستقبلية، من التعليم إلى إدارة الفضاء الخارجي. ويعد كل موجز بمثابة خريطة طريق نحو مستقبل عالمي أكثر شمولًا واستدامة ومرونة. وتمثل ملخصات السياسات دليلًا شاملًا لمعالجة التحديات متعددة الأوجه في القرن الواحد والعشرين؛ لأنها ستتعمق في شبكة معقدة من القضايا، وستقدم استراتيجيات مستهدفة وإجراءات ملموسة، وهي تتمثل فيما يلي:
(1) أجيال المستقبل: إن ضمان تلبية الاحتياجات الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها هو ضرورة أخلاقية ومعنوية. والالتزام بالقرارات ذات العواقب الطويلة الأجل يدل على التفاني في تحقيق العدالة بين الأجيال. باختصار، هذه دعوة لتجاوز المكاسب المباشرة وإعطاء الأولوية للإرث المستدام.
(2) منصة الطوارئ: تتطلب الصدمات العالمية المعقدة في عصرنا استجابة دولية قوية ومرنة. فالدعوة إلى اتباع نهج متعدد الأطراف أكثر تنظيمًا وقابلية للتنبؤ به والتنسيق تؤكد الحاجة إلى سرعة الحركة والبصيرة. ففي أوقات الأزمات، يسعى برنامج الطوارئ إلى تجاوز العقبات البيروقراطية، وتقديم استجابة مبسطة لحماية الفئات السكانية الضعيفة.
(3) المشاركة الهادفة للشباب: إدراكًا للدور المحوري للشباب في تحقيق اختراقات مستدامة، ينظر موجز السياسات إلى أكثر من مجرد التمثيل الرمزي؛ حيث يدعو إلى مشاركة الشباب الهادفة في صنع القرار والابتكار والتخطيط طويل الأجل. ومن خلال وضع الشباب في المقدمة، فإنها تتصور مستقبلًا يتوافق مع تطلعات وقيم الجيل الصاعد.
(4) ما وراء الناتج المحلي الإجمالي: في تحدٍ للمقاييس التقليدية للتقدم، يدعو هذا الموجز إلى اتباع نهج شامل بعيدًا عن الناتج المحلي الإجمالي، حيث يتحول التركيز إلى المقاييس التي تقيس التقدم وتخصص الموارد استنادًا إلى صورة أشمل لما هو مطلوب لاستدامة الحياة ورفاهية الإنسان. وهو يمثل نقلة نوعية من المؤشرات الاقتصادية البحتة إلى التدابير الشاملة للرفاهية المجتمعية.
(5) الميثاق الرقمي العالمي: بينما نتجه نحو عصر تهيمن عليه التكنولوجيا الرقمية، فإن الحاجة إلى مستقبل رقمي مبدئي يتمحور حول الإنسان أمر بالغ الأهمية. يحدد الميثاق الرقمي العالمي المبادئ والأهداف والإجراءات اللازمة لتسخير فوائد التقنيات الرقمية مع وضع حواجز الحماية والحوكمة لمنع إساءة استخدامها، وهي تتصور مشهدًا رقميًّا مفتوحًا وحرًا وآمنًا يحترم حقوق الإنسان.
(6) الهيكل المالي الدولي: إن الرؤية الرامية إلى إيجاد نظام مالي أكثر عدالة وفعالية ليست مجرد طموح اقتصادي، بل هي ضرورة أخلاقية. ويوضح موجز السياسات هذه الإصلاحات الطموحة اللازمة لإعادة صياغة الهيكل المالي الدولي. ومن الحوكمة الاقتصادية العالمية الشاملة إلى معالجة النزعة قصيرة الأجل في أسواق رأس المال، فإنها تطمح إلى إنشاء نظام بيئي مالي يدعم التنمية المستدامة والعمل المناخي.
(7) الفضاء الخارجي: الحدود النهائية تلوح في الأفق، ومعها تأتي الحاجة إلى الحكم المسؤول. ومع تزايد أنشطة الفضاء الخارجي، يقترح هذا الموجز تدابير إدارية لتحقيق أقصى قدر من الفوائد مع تقليل المخاطر إلى أدنى حد. وهو يتوخى الوصول العادل إلى الفضاء الخارجي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ويعالج المخاطر المحتملة من خلال تدابير مدروسة وتعاونية.
(8) سلامة المعلومات على المنصات الرقمية: في عصر تشكل فيه المعلومات الروايات العالمية، يعد ضمان النزاهة على المنصات الرقمية أمرًّا ضروريًّا. ويوضح هذا الموجز التهديدات التي تواجه سلامة المعلومات ويقترح مبادئ محتملة لمدونة قواعد السلوك. وتطمح إلى توجيه الدول الأعضاء والمنصات الرقمية وأصحاب المصلحة إلى إنشاء مساحة رقمية أكثر شمولًا وأمانًا.
(9) خطة جديدة للسلام: في عالم يمر بمرحلة انتقالية، يعترف هذا الموجز بالحاجة إلى نظام عالمي جديد. وهو يدرك التحديات التي تفرضها المنافسة العالمية ويقترح اثني عشر إجراءً لتعزيز السلام ومنع الصراعات وتعزيز نظام الأمن الجماعي. فهي دعوة للعمل الجماعي للتغلب على تعقيدات عالم متغير.
(10) تحويل التعليم: إدراكًا بأن التعليم هو حجر الزاوية في التحول المجتمعي، يطرح هذا الموجز رؤية وإجراءات توجيهية، وهو يعتمد على قمة تحويل التعليم واللجنة الدولية لمستقبل التعليم، التي تتصور مجتمع التعلم الذي يغير العالم.
(11) مشروع الأمم المتحدة 2.0: يجب على الأمم المتحدة، باعتبارها حجر الزاوية في الحوكمة العالمية، أن تتطور لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين. ويدعو موجز السياسات هذا إلى ثقافة التفكير التقدمي والمهارات المتطورة داخل منظومة الأمم المتحدة. وتتصور الأمم المتحدة 2.0 منظومة أمم متحدة تتمتع بخبرة القرن الواحد والعشرين، والثقافة التنظيمية، والسرعة المطلوبة لتحقيق نتائج أقوى، ودعم أفضل من الدول الأعضاء، وتحقيق تقدم أسرع في أهداف التنمية المستدامة.