Close ad

رهان نتنياهو.. استمرار الحرب

25-8-2024 | 15:50

من المماطلات إلى المراوغات.. ثم مغامرات غير مسئولة.. هكذا يفعل رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي نتنياهو، في التعاطي مع مفاوضات وقف الحرب الوحشية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في غزة، وهكذا نجح في تحويل هذه المفاوضات إلى أداة إبادة لهذا الشعب الأعزل، من خلال إطالة أمد التفاوض، فما يلبث أن يضع شروطًا للتفاوض حولها حتى يدفع بشروط أخرى، ثم أخرى، وهكذا على مدى الأشهر الماضية.

اتخذ نتنياهو من المفاوضات وسيلة للإجهاز على غزة تمامًا عبر القتل والتدمير حتى أن الأمم المتحدة كشفت قبل أيام أن أوامر الإخلاء التي يصدرها الجيش الإسرائيلي أصبحت تشمل 85% من غزة، وهو ما يعد دليلًا على مخطط الإبادة الممنهجة التي يمارسها هذا الجيش، الذي يفتقد كل قيم الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني.

ولم يعد أمام السكان إلا النزوح المتكرر من منطقة إلى أخرى هربًا من هول المجازر التى يرتكبها ضدهم جيش الاحتلال، وهناك قصص مأساوية وروايات دامية توثق هذه الكارثة الإنسانية، التي تمثل وصمة عار لكل دول العالم التي لم تحركها هذه المجازر الوحشية، واتخذت موقف المتفرج وموقع المتخاذل في مشهد غير أخلاقي لم ير مثله العالم.

نتنياهو وجد في هذا التخاذل الدولي فرصة لتنفيذ مخططه في الإبادة مدعومًا من تيار متطرف في إسرائيل يرى أن إبادة الشعب الفلسطيني هو الخيار الإستراتيجي الوحيد لاستقرار وأمن إسرائيل، وللأسف أن هذا التيار آخذ في التنامي والتمدد داخل المجتمع الإسرائيلي، خصوصًا أنه يشكل عنصرًا حاكمًا في الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو.

أما مشهد الخلاف الداخلي في إسرائيل حول الحرب، الذي يتم تصديره من حين لآخر بين أجنحة الحكم فهو مشهد مزيف، لا يعدو أنه نوع من الخداع والتمثيل والإلهاء للآخر، بل ويتم تصدير هذه الصورة المزيفة على أنها من صور الحرية والديمقراطية التي يتمتع بها المجتمع الإسرائيلي.

نتنياهو وجد أيضًا في ضعف الإدارة الأمريكية الحالية فرصة للتمرد، ووسيلة للعصيان، وأداة لاستغلالها في تنفيذ مخططه، والتهرب من استحقاقات مبادرة بايدن لوقف الحرب، فراح يرواغ ويماطل ويتهرب، وباتت هذه المبادرة لا جدوى منها، بعد أن تم تفريغها من مضمونها، بل أصبح وفق شروط نتنياهو لا مجال لوقف الحرب، ولا حديث عن منع هذه الإبادة، فهو يريد إطلاق أكبر عدد من الأسرى ثم يعاود القتال، وهو يريد أيضًا البقاء في غزة في محوري نتساريم وفلادليفيا، بل يقوم الجيش الإسرائيلي حاليًا بإنشاء محور ثالث في دير البلح؛ مما يعني عمليًا تقطيع قطاع غزة واحتلاله كاملًا، وهو ما يتعارض مع المبادرة التي طرحها بايدن.

رهان نتنياهو في استمرار الحرب؛ هو فرض واقع جديد على الأرض يقدم به صورة انتصار للداخل الإسرائيلي، ويفلت من قضايا فساد تلاحقه، ومحاكمته في فشل 7 أكتوبر تطارده، ولا يهم أن يموت شعب في سبيل مصالح نتنياهو الشخصية.

وللأسف فإن الأوضاع الدولية الحالية، بما فيها المنظمات الدولية لم تعد رادعًا لهذا الكيان المارق.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة