في إطار سعي الدولة المصرية وقيادتها السياسية الحكيمة لبناء الإنسان المصري، خُلقًا وسلوكًا وهُوية، وعلمًا، ومكانة متفردة بين الأمم والدول المختلفة، حفل هذا الأسبوع باجتماعين مهمين للغاية، والأهمية القصوى في هذا الشأن، الاجتماع الأول كان لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، لتناول خطة عمل وزارة الأوقاف خلال المرحلة المقبلة، من خلال محاورها الأربعة، المتمثلة في مواجهة التطرف الديني والإرهاب بكافة صورة، والتطرف اللاديني وتراجع القيم الأخلاقية، وتعزيز عمليتي بناء الإنسان، وصناعة الحضارة.
فضيلة الدكتور الأزهري في هذا الصدد أكد أن وزارته لا تدخر جهدا في هذا السياق – ونشهد كإعلاميين معه بهذا- وصولًا وتعزيزًا لعملية تشكيل الوعي الديني السليم، المسهم في بناء شخصية الإنسان المصري، في إطار الجهود الشاملة لدولتنا المصرية الحبيبة لتجديد الخطاب الديني وتطوير آلياته، اعتمادًا على وسائل الاتصال الحديثة للوصول لأكبر عدد من المتلقين، وفي هذا الشأن يتم الآن الإعداد والتحضير لمشروع تكنولوجي عملاق بين وزارتي الأوقاف والاتصالات يخدم هذا المشروع التنموي البنائى للإنسان المصري فكرًا وعقيدة وسلوكًا وهوية وأخلاقًا، سوف يدشن ويعلن قريبًا بعد الانتهاء منه، جنبًا إلى العمل الميداني بالتواصل والاحتكاك المباشر مع المواطنين، عبر الندوات واللقاءات والنزول إليهم في مكان وموقع من أرضنا المحروسة، وإضافة لتعزيز دور المرأة في مجال الوعظ والإرشاد وشرح المبادئ الوسطية للإسلام، ولقاء المرأة والفتاة المصرية في كل شبر يوجدن فيه، إعلاءً وتعظيمًا لشأنهن الرائد الحيوي في تشكيل وعي الأمة وأبنائها.
اجتماع الرئيس ورئيس الوزراء بوزير الأوقاف يؤكد هذه الحقائق السابقة، ويضعها موضع التنفيذ الفعلي الحثيث الذي يسابق به الدكتور الأزهري وقيادات وزارته معه الزمن، ليتم تنفيذ هذه الإستراتيجية المهمة، الرامية لتصحيح المسار البنائي للشخصية الإنسانية المصرية، بعد أن تدخلت عوامل التعرية السلوكية، والأخلاقية، والأعرافية، فمسخت وشوهت جزءًا كبيرًا من ملامح هذه الشخصية العظيمة، الطيبة، المعجونة بطينة هذا الوطن المبارك منذ آلاف السنين، فعلا بعوامل المتغيرات العصرية من عولمة، ووسائل إعلام جديدة، تقتحم منازلنا، مقدمة لنا ما لم يكن في الحسبان من برامج ساقطة تتسم بالترويج للفكر الإلحادي، ونشر مظاهر العولمة، المدمرة لقيمنا وعقيدتنا وإخلاقنا، وتقاليدنا وعاداتنا وأعرافنا التي تربينا عليها منذ مئات السنين، وبرامج ودراما تدعو للانحلال الخلقي، في غفلة إرادية ودون قيد أو رقابة لنشرها علنا علينا.
الرئيس السيسي كان حريصًا، ومهتمًا اهتمامًا بليغًا في هذا الاجتماع على تأكيد العناية بالأئمة والخطباء، وتطوير برامج تأهيلهم وتدريبهم دعويًا، وعلميًا، وثقافيا، على يد كبار المتخصصين في مجالات علوم الدين، والدراسات الإنسانية، والاجتماعية، والثقافية، ضمانا لتقديم رسالة دينية معتدلة، تسهم في بناء مجتمع متوازن ومتماسك، ونشرًا للقيم الأخلاقية والإيجابية في المجتمع، وتواصلًا مثمرًا، فعالًا مع الجمهور، وتلبية لاحتياجاته الروحية، وفهمًا لقضايا المجتمع المختلفة، والتعامل معها بوعي وإدراك.
كما شدد الرئيس السيسي على وزير الأوقاف ورئيس الوزراء على الصقل المستمر لخبرات الأئمة والخطباء، وتعزيز قدراتهم على الرد على الشبهات وتقديم الحقائق الدينية بشكل واضح، مما يصب ويثمر في تكوين جيل من علماء الدين الذين يستطيعون توجيه المجتمع نحو الخير، وتنمية الوعي الاجتماعي، وتحقيق التوازن بين الثوابت الدينية ومتطلبات العصر الحديث.
والحق أشهد أن الرئيس السيسي كان سباقًا أيضًا في توجيه النظر بتحسين وتطوير الكادر المادي لأئمتنا وخطبائنا في الأوقاف، وهذا منذ عهد الوزير السابق الدكتور مختار جمعة، وذلك إسهامًا في رفع مستوى معيشتهم، وتعزيزًا لاستقرارهم الاجتماعي، وضمانًا لقدرتهم على أداء دورهم الديني المحوري في نشر القيم الدينية بكفاءة، وتطويرًا لمهاراتهم الدعوية، وتوفيرًا لبيئة داعمة لهم للقيام بواجباتهم ورسالتهم الدعوية، وتشجعهم على تقديم الأفضل، ومتابعة دراساتهم الدينية والتخصصية، فرأينا الكثير والكثير من حملة الدكتوراه والماجستير بتفوق ونبوغ لافت للناظرين.
الاجتماع الثاني المهم كان أول أمس، باجتماع فضيلة إمامنا الأكبر شيخ الأزهر الدكتور الطيب بوزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، ليرصدا ويناقشا معًا ضرورة التصدي للأنماط الفنية والثقافية الغريبة التي اجتاحت مجتمعاتنا، كموضات الأزياء الغريبة وغير اللائقة، التي تأثر الشباب والفتيات بها، اعتمادًا وتقليدًا للموضة الغربية البعيدة عن الحشمة الإسلامية، وانتشار التيارات الثقافية المتمردة، الداعية للتمرد على قيمنا وتقاليدنا الإسلامية بحجة الحرية الفردية والحداثة، إضافة للتيارات الفكرية العلمانية، بظهورها وانتشارها، الداعية للفصل التام بين الدين والحياة العامة، والتقليل من دور الدين وازدرائه في المجتمع، وغيرها من هذه الأنماط المتعارضة مع القيم والتقاليد الإسلامية المستهدفة إقصاء ثقافتنا، وتهميش دورها في بناء الإنسان المصري، وتشكيل وعيه، بل جعلت الشباب العربي معزولا عن كل ما يغرس فيه الاعتزاز بهُويته الدينية والأخلاقية، حتى أصبح عرضة للاستقطاب، في ظل تفشي أمراض الجهل، وقلة المعرفة، وغياب التعليم الجيد، والمحتوى الإعلامي الهادف.
وكم كان محقًا إمامنا الأكبر شيخ الأزهر، معترفًا بفضل وزارة الثقافة وتشارك أبناء جيله في الارتباط بها، حيث لعبت دورًا في تكوينهم الفكري والمعرفي من خلال سيل ثقافتها، من المحاضرات، والراديو، والصحف، وسلاسل الكتب التي كانت تصدر أسبوعيًا، وإصدارات الفكر المعاصر، الذي ساعد على تشكيل معارفهم وتكوينهم التكوين العلمي والفكري الرصين، مؤكدًا ضرورة استعادة وزارة الثقافة لدورها في التثقيف والبناء الفكري والمعرفي.
الجميل في الأمر والذي يدعو إلى التفاؤل والبشر أن وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، هو الآخر منذ حلفه اليمين الدستورية أعلن مرارًا وتكرارًا تأكيده أن إستراتيجية وزارته خلال الفترة المقبلة ستشهد تكثيف التعاون مع كافة الجهات والمؤسسات المعنية ببناء الإنسان المصري، واستحداث وسائل مختلفة في مجال التوعية والتثقيف، واعتزاز وزارته باتفاقات التعاون مع المؤسسات الأخرى القائمة على رعاية النشء والشباب!!
ألم أقل لكم -قرائي الكرام- آنفًا: الخير قادم بإذن الله، فأبشروا.