أبدع ترامب مؤخرًا كعادته وقال ما لا يقوله قادة أمريكا "علنًا" ويسعون باستماتة لتحقيقه في الواقع..
بصوت يبدو عليه التأثر البالغ ونظرات تنضح بالأسى والتعاطف قال ترامب في مؤتمر انتخابي: "عندما تنظرون إلى الخريطة تبدو إسرائيل بقعة صغيرة مقارنة بالمساحات الشاسعة كيف يمكنها الدفاع عن نفسها، وطالما فكرت في توسيعها؛ هل من طريقة لتوسيعها؟، إنها صغيرة جدًا، ولكن عندما تنظرون إلى إيران وإلى جيوشها، اليوم كنت أشاهد جيوشها لديهم مئات الألوف من الجنود إنها كبيرة جدًا إنها ضخمة".
تجاهل ترامب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي عن الحزب الجمهوري زيادة "سرقات" أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ أعوام، بل وبعد 7 أكتوبر أيضًا، تناسى أو "تعامى" أن إسرائيل كيان غاصب ولقيط ولا ينتمي للمنطقة، وأنه باقٍ "فقط" بسبب دعم أمريكا والغرب له ومنحه "قبلات" الحياة المتواصلة حتى لا يلفظ آخر أنفاسه..
يستطيع ترامب ليس توسيع إسرائيل فقط؛ بل منحهم ولاية من الولايات الأمريكية التي نعرف جميعًا كيف انتزعوها من أصحابها، وكيف تنافس أمريكا والغرب وما زالوا في سرقة ثرواتنا منذ مئات السنوات!!
يذكرنا ترامب بوعد بلفور الذي صدر في 2 نوفمبر 1917، ويشير فيه لتأييد حكومة بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقيل عنه -عن حق-: "أعطى من لا يملك من لا يستحق".
التاريخ لن يكرر نفسه، وفلسطين لن تعود ضحية للغدر ثانية وأهلها يناضلون منذ بوادر الاحتلال في الثلاثينيات، وحتى عام 1948 لم ينجح في "قتل" رفض الاحتلال وتمسكوا بأرضهم، كما تمسكوا بمفاتيح بيوتهم التي غادروها قصرًا بعد "المذابح" الوحشية التي سمعنا عنها ونشاهد مثلها على الشاشات يوميًا في بث مباشر لا ينقطع ليلًا ونهارًا!!
تعهد ترامب بتقديم الدعم الذي يحتاجه الصهاينة للانتصار، واستطرد قائلًا: "لكنني أريدهم أن ينتصروا بسرعة"؛ وكأن بايدن وإدارته، ومعهم معظم حكومات الغرب، لم يبذلوا "أقصى" الجهد في تقديم كل أنواع الدعم غير المسبوق منذ أكثر من 10 أشهر، ولم تتنافس في إطلاق يد الصهاينة في القتل والتجويع وتدمير كل أسباب الحياة، بدءًا من المباني وآبار المياه وانتهاءً بالمقابر.
اتهم ترامب من يناصرون فلسطين ويطالبون بإنهاء الدعم الأمريكي بأنهم "بلطجية"، وتوعد باعتقالهم وترحيلهم من أمريكا إذا أصبح رئيسًا لأمريكا!! وكأن بايدن وإدارته تهاونوا في التنكيل بمعارضي إبادة غزة، بدءًا من مضايقتهم في وظائفهم، واعتقال الطلبة الجامعيين، ووأد المظاهرات في بلد تتغنى يوميًا بالحرية والديمقراطية التي توجد عندهم وحدهم، وعلى العالم أن يقلدهم ويسير معصوب العينين ومسلوب العقل وراءهم.
قالت بيلوسي نائبة الكونجرس في إدانتها لمحاولة اغتيال ترامب، التي أصابته ببعض "الخدوش" في أذنه: "أعلم عن كثب أن العنف السياسي، من أي نوع، ليس له مكان في مجتمعنا"؛ وهي التي اتهمت معارضي الحرب على غزة بالتبعية للرئيس الروسي بوتين، وطالبت مكتب التحقيقات الفيدرالية في التحقيق فيمن يقوم بتمويلهم!!
بأسى واضح قال ترامب: "إسرائيل ليست جيدة فيما يخص العلاقات العامة، والدعاية المترتبة على هذه الحرب تقضي على إسرائيل".
ونشهد له "بتفوقه" المبهر في التعامل مع الإعلام وبإجادته في اختيار شبكات العلاقات العامة التي "تقلل" من جرائمه وتجعله بطلًا أمريكيًا؛ فقد برزت صورته رافعًا قبضة يده، وبجواره من يحمل علم أمريكا والدماء على أذنه وبعض وجهه؛ في مشهد "هوليوودي" بامتياز؛ سواء أكانت محاولة الاغتيال حقيقية أو لا كما أشار البعض.
انتشرت صورة "أذن" ترامب وعليها بعض الدماء في العالم الذي "اعتاد" دماء غزة، أو رفض رؤيتها، أو بررها وطلب المزيد منها!!
أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عن "دهشته" من قدرة مطلق النار على ترامب على إطلاق هذا العدد الكبير!!
نتساءل هل شعر ترامب بما يشعر به أطفال ونساء ورجال غزة منذ عشرة أشهر من فقدان الأمان؟! هل ظن أن السترة الواقية من الرصاص ستحميه كما توهم الصهاينة أن القبة الحديدية ستحميهم؟!
هل عجزت المخابرات الأمريكية التي أعلنت أنها تعرف ملابس صدام حسين الداخلية عن معرفة مصدر تهديد ترامب وسط مؤيديه؟! كما عجزت المخابرات الأمريكية والمخابرات الصهيونية عن توقع هجوم 7 أكتوبر، والقوة "الحقيقية" للمقاومة في غزة!!
هل عجز من يتغنون باحترام الديمقراطية ليلًا ونهارًا عن احترام حق الناخب الأمريكي في اختيار من يمثله في الانتخابات القادمة؟! وهل يرون الاغتيال حلًا لمشاكلهم الداخلية كما يرون القتل وتدمير البلاد المتمردة الحل الوحيد، ويدعمون من يقهرون شعوبهم؟!
لا يرتدي أحد في غزة سترة تحميه من الرصاص؛ فالقصف يأتيهم في أي وقت؛ وهم نيام، وهم يؤدون الصلاة، أو يحصلون على المساعدات النادرة "والشحيحة"، وبعضها منتهي الصلاحية، وعندما ينزحون استجابة لتأكيد الصهاينة أنهم سيكونون في مكان أمان!!
نشر الإعلام الأمريكي لترامب عشرات الصور بعد محاولة الاغتيال والخوف على وجهه وحراسه يحتضنونه، وصورة وهو تحت منضدة صغيرة، ولم يهتم بنشر صور أشلاء أطفال غزة!! وماذا عمن يخرجون ما تبقى من أشلاء أحبائهم في غزة؟! وماذا عن فزع النساء اللاتي اتهمن ترامب بالتحرش أو الاغتصاب؟!
ترامب المتعطش دومًا للظهور بأي وسيلة "والجائع" نفسيًا للاهتمام، مثل في فيلم home alone، كان دوره فيه "يتلخص" في أن الطفل بطل الفيلم يسأله عن مكان بالفندق؛ فيجيب بأنه في آخر الممر، ويبدو أنه يتوق للعودة للبيت الأبيض؛ ليحكم "وحده" العالم كما يحلم أو يتوهم!!