قريبا تصدر عقوبة مشددة لازدراء المرأة، وتسعي بريطانيا حثيثا لتقنينها، وتعتبر حكومة لندن الحالية جريمة إزدراء النساء من أحد أشكال التطرف، وتحاول رفع سقف العقوبة، للحد من مظاهر إرهاب المرأة المنتشرة داخل المجتمع البريطاني، ومن ناحية أخرى تهدف إلى التصدي للحركات المتطرفة، ولكن الأمر يدعو إلى التساؤل والريبة، خاصة أن بريطانيا تعد معقل المساواة بين الرجل والمرأة، وحريات المرأة باب مفتوح على مصراعية في المملكة.
ويعكس تصريح إيفنت كوبر وزيرة الداخلية مدى خطورة ظاهرة الإرهاب على جميع أعمار النساء، وتقول شروع الحكومة لإصدار قانون إزدراء المرأة خطوة مهمة لمواجهة الإيديولوجيات الخبيثة، التي تهدد البلاد وتفكك نسيج المجتمع، وأشارت بأصابع الاتهام إلي اليمين المتطرف، وضمت إليه التطرف الإسلامي، برغم أن المرأة المسلمة والمساجد تتعرض دائمًا الى هجمات متطرفي اليمين، والأحداث الأخيرة شاهدة على ذلك.
وبدأت ملامح تفاقم التطرف تظهر بشكل سافر على الإنترنت وفي الشارع، ومنذ سنوات قريبة بزغ تيار يبث أفكارًا متطرفة، ويسمي نفسه "مرغمون على العزوبية"، ويعتقدون أن النساء مسئولة عما أصابهم من مشكلات، وخبيرة في شئون العنف الذكوري "كارين إنجلا سميث" توضح سيطرة عقيدة أن المرأة مجرد متعة جنسية على عقول نسبة لا بأس بها من الشباب والرجال.
وتشهد مؤسسات إعلامية ونسائية على أن بريطانيا تعيش أحلك فترة في التاريخ تسجل انتهاكات شديدة في حق المرأة، وترصد الإحصاءات حالات نفسية معقدة أصابت كثيرًا من الفتيات، وبلغت ضعف النسبة مقارنة بالسنوات الأخيرة، وبات أمرًا شائعًا بين الفئات العمرية من الفتيات من 16 وما فوقها.
وتؤكد أبحاث المنظمات المدنية تقارير الجهات الأمنية بتخطي جرائم العنف ضد المرأة اللامعقول، ولا يقتصر العنف على المستويات الفقيرة، إنما تعدى جميع مراحل الشرائح الاجتماعية، وبناء عليه أطلق بعض المفكرين لقب "بريطانيا العنيفة" على هذه الحقبة الزمنية، وحسب صحيفة ديلي ميل سجلت الشرطة نحو أكثر من مليون جريمة ضد النساء والفتيات في عام 2023، وحذر في وقت سابق قائد بارز في شرطة لندن أن العنف في حق النساء صار بأشبه حالة طوارئ وطنية، ورصدت الشرطة 3000 جريمة يومية ضد النساء.
وجدير بالذكر أن بريطانيا وأشقاءها في أوروبا يعانون نفس الهم، والسؤال الذي يطرح نفسه وسط الأحداث الدولية الساخنة، لماذا تصر بريطانيا وحلفاؤها الغربيون المشاركة في ذبح غزة ومجتمعاتهم تعاني من انهيار داخلي؟ بينما الحكمة تقول يجب أن توجه حكوماتها جهودها وأموالها إلى إعادة بناء اللحمة بين فئات مجتمعاتهم، فلا تذبحوها وداووا مرضاكم.
[email protected]