Close ad

انتخابات رياضية لا تحكمها المصالح

22-8-2024 | 17:39
مجلة الأهرام الرياضى نقلاً عن

انتهت أوليمبياد باريس لكن قصصها وحكايتها لم تنتهِ بعد.. يومًا بعد يوم تتكشف الحقائق.. وتتضح الأمور وتظهر السلبيات.. التى كانت ومازالت تعشّش فى أركان وجدران معظم الاتحادات الرياضية.. بما فيها التى حققت الميداليات.. الكثيرون توقفوا عند كشف الحساب الخاص بكل اتحاد وما شابه من عوار فى الصرف والإهدار.. لكننى كنت ومازلت على يقين بأن كل المبالغ التى صُرفت وتخطت المليار وربع المليار جنيه لا تمثل الخطأ الأكبر فى رحلة فشل الاتحادات..

فالأزمة الحقيقية بالنسبة لى تبقى فى توزيع مبلغ الدعم على الاتحادات الذى حاولت الجهة الإدارية حصول كل اتحاد منهم على حصته أو نصيبه.. بما يحقق الحياد بين الجميع وهى طريقة كانت وستبقى خاطئة بل وفاشلة فى إدارة المنظومة.. لأننا كنّا ومازلنا منذ مائة عام من عمر مشاركتنا الأوليمبية لا نعرف ماذا نريد أن نحقق ولا نعرف كيف نحقق ما نريد.. الكم أم الكيف؟.. صراع تحكمه العلاقات وفواتير الانتخابات ولا توقفه مصلحة الرياضة المصرية فى أى وقت..

وهناك مثال ربما تحدث عنه الكثيرون واستفاضوا فى شرح تفاصيله والخاص بمشاركة كينيا فى أوليمبياد باريس ببعثة لم يتخط قوامها نصف البعثة المصرية.. وحقق لاعبوها إحدى عشرة ميدالية ما بين الذهب والفضة والبرونز وضعت كينيا فى الترتيب العام للأوليمبياد في المركز السابع عشر بين الكبار.. والحقيقة أن المثل فى محله.. لكن الأهم فى مسألة بعثة كينيا وحصدها هذا الكم من الميداليات وتوقفت أمامه ليس فى عدد أفراد البعثة فقط.. ولكن فى مبلغ الدعم الذى حصل عليه قطاع الرياضة الكينى فى عام الأوليمبياد.. والذى وصل إلى 16 مليار شلن كينى وهى قياسًا بالجنيه المصرى لا يساوى شيئًا يذكر مقارنةً بما حصلت عليه الاتحادات الرياضية فى مصر..

وقامت كينيا بتوزيع المبلغ على 6 لعبات فقط هي التي شاركت فى الأوليمبياد على رأسها ألعاب القوى التى استحوذت على الإحدى عشرة ميدالية.. وتحديدًا فى رياضة الجرى رجال وسيدات فى مختلف السباقات.. المدهش أن قوام البعثة التى تكوّنت من 72 لاعبًا ولاعبة مثلوا كينيا فى الأوليمبياد كان من بينهم 44 من ألعاب القوى وحدها.. وهو ما يعنى أن مبلغ الدعم الحكومى بالكامل راح أكثر من نصفه للعبة واحدة هى ألعاب القوى.. التى حققت هذا الكم من الميداليات لتعطينا كينيا درسًا مجانيًا عن كيفية إدارة الاتحادات وتوزيع الدعم لتحقيق النتائج..

وكيف للإدارة الرياضية التعرف على ما تملكه من إمكانات وعناصر من اللاعبين يمكنهم إحراز هذا الكم من الميداليات فى لعبة واحدة وضعت بلادها فى مكانة متميزة.. خاصة أن عدد ما حصلت عليه كينيا فى تاريخها الأوليمبى المتواضع من ميداليات فاق ما حققته جميع الدول العربية مجتمعة عبر تاريخ مشاركاتها.

علينا ونحن نحقق فى تقييم أداء الاتحادات الرياضية التى شاركت فى الأوليمبياد أن نضع فى الاعتبار الاهتمام بالشق الذى جاء بالقرار والخاص بوضع خطة واضحة من الاتحادات الرياضية لتأهيل الشباب المصرى لمختلف الفعاليات.. وهو الأمر الذى سيفرض على وزارة الشباب والرياضة إعادة توزيع الدعم وفقًا لتلك الخطة.. فليس المهم الكم كمعيار ولكن من الضرورى الأخذ فى الاعتبار الكيف.. لينعكس ذلك على ما سوف يتحقق من عدد الميداليات.. فهناك فارق كبير بين كم المشاركين وفقًا لتصفيات وبطولات أفريقيا وبين اللعبات المستهدف تحقيقها عددًا من الميداليات.. فمن المستحيل أن نجد فى خطة إعداد أوليمبياد لوس أنجلوس القادمة 2028 ضمن خطة الدعم مساواة اتحادات الخماسى الحديث ورفع الأثقال والسلاح والمصارعة مع باقى الاتحادات الأخرى أو أن تكون حتى قريبة منهم فى المبالغ المخصصة.

إنقاذ الرياضة المصرية يأتى أولاً من التغير لحالة الثبات التى عليها الاتحادات التى تحكم الرياضة منذ سنين طويلة.. والتى كل مهمة أعضائها البقاء لأطول فترة ممكنة وتلقى الدعم من الوزارة.. وهو الأمر الذى لن يتغير إلا من خلال إجراء انتخابات لجميع الاتحادات لا تحكمها المصالح والتربيطات.. وثانيًا فصل تام بين اللجنة الاوليمبية والاتحادات من خلال منع ترشح رئيس أى اتحاد لعضوية أو رئاسة اللجنة الأوليمبية..

وثالثًا تشكيل لجنة علمية تضم نخبة من العلماء المتخصصين والكبار فى هذا المجال تضع الشروط والأحكام لاختيار المؤهلين للأوليمبياد من اللاعبين.. لضمان وصول الدعم المخصص لكل اتحاد وتلافى الأخطاء الفادحة التى تمثل سقطات لا تغتفر لمسئولى الاتحادات ومثلت إساءة للرياضة المصرية وكانت محل نقد من اللاعبين أنفسهم قبل كل وسائل الإعلام.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: