وراء القناع الرقمي.. هل يستطيع الذكاء الاصطناعي ارتكاب الجرائم؟

مع التطور السريع للذكاء الاصطناعي، ظهرت مخاوف من إساءة استخدام هذه التقنية لأغراض إجرامية. فالقدرات المتزايدة للنظم القائمة على الذكاء الاصطناعي تمكنها من ارتكاب جرائم بطرق لم يسبق لها مثيل، ما يتطلب مراجعة الأطر القانونية والتنظيمية لمواكبة هذا التطور.

التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمع من الذكاء الاصطناعي

من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمع في هذا المجال:

- استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في تزوير المحتوى الرقمي (deepfakes) لارتكاب جرائم السرقة أو التشهير.

- توظيف نظم التعلم الآلي في اختراق الأنظمة الإلكترونية والتجسس.

- استخدام روبوتات متطورة في تنفيذ جرائم عنف أو سرقة.

- استغلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في عمليات النصب والاحتيال.

التصدي لجرائم الذكاء الاصطناعي يتطلب جهود متكاملة

وبهذا الصدد، يقول الدكتور وائل نجم، الخبير القانوني، إن التصدي لجرائم الذكاء الاصطناعي يتطلب جهودا متكاملة من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع ككل، لضمان استخدام هذه التقنية بشكل آمن وأخلاقي، مضيفًا أن هناك العديد من التدبير التي يجب اتخاذها من خلال تعزيز التشريعات والقوانين لمواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي، مع فرض عقوبات رادعة على سوء الاستخدام، وتطوير أدوات تحليل وكشف زيف المحتوى الرقمي والنشاطات الإجرامية، مضيفا أن يتم تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجرائم عبر الحدود باستخدام الذكاء الاصطناعي، وزيادة وعي المجتمع بمخاطر الذكاء الاصطناعي وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني.

أمثلة تم ارتكابها باستخدام الذكاء الاصطناعي

وأوضح، نجم أن هناك بعض أمثلة  تم ارتكابها باستخدام الذكاء الاصطناعي منها  التزوير الرقمي ففي عام 2021، تم استخدام تقنية deepfake لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة للرئيس الأوكراني زيلينسكي يعلن استسلامه. هذا الهجوم كان محاولة لزعزعة الثقة وإشاعة الفوضى، وفي 2022، تم استخدام تقنية deepfake لإنشاء مقاطع صوتية مزيفة لرئيس وزراء بريطانيا السابق بوريس جونسون تتضمن تصريحات مسيئة. الهدف كان التشهير والإساءة للسمعة، بالإضافة إلى جرائم الاحتيال والنصب.

وفي 2020، تم استخدام برامج الذكاء الاصطناعي لاختراق حسابات بنكية في المملكة المتحدة وسرقة ما يقرب من 10 ملايين جنيه إسترليني، وفي 2021، تم استخدام روبوتات محسنة بالذكاء الاصطناعي لارتكاب عمليات نصب على موقع eBay بقيمة ملايين الدولارات.

وتابع: أيضا من أمثلة الجرائم التي ارتكبت بواسطة الذكاء الاصطناعي التجسس والاختراق؛ حيث تم اكتشاف برمجيات خبيثة باستخدام الذكاء الاصطناعي لاختراق أنظمة الحاسوب في شركات أمريكية وسرقة بيانات حساسة، في عام2022، وفي 2023، تم الكشف عن هجوم إلكتروني على البنية التحتية الحيوية في دولة أوروبية باستخدام تقنيات متطورة للذكاء الاصطناعي.

الخطيرة الناجمة عن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي

وأكد نجم، أن هذه الأمثلة توضح المخاطر الخطيرة الناجمة عن إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي وتؤكد الحاجة الملحة لتطوير حلول أمنية وتشريعية للتصدي لهذه الجرائم، مشيرًا إلى أن هناك عدة تدابير أمنية مهمة يمكن اتخاذها لمواجهة جرائم الذكاء الاصطناعي منها  تطوير تقنيات للكشف عن التزوير الرقمي من خلال تطوير خوارزميات متقدمة للتعرف على علامات التلاعب في الصور والفيديوهات والصوتيات، واستخدام البصمات الرقمية وتحليل السلوك للتأكد من أصالة المحتوى الرقمي، بالإضافة إلى تعزيز الأمن السيبراني، من خلال تحسين البنية التحتية الأمنية لحماية الأنظمة والبيانات من الاختراقات، وتطبيق أحدث تقنيات تشفير البيانات وفرض معايير أمنية صارمة، مع تدريب المستخدمين على الوعي الأمني والتعامل الآمن مع التقنيات الحديثة.

ونوّه نجم على وجوب إصدار تشريعات وقوانين رادعة، بسن قوانين صارمة لمعاقبة مرتكبي هذه الجرائم بعقوبات مشددة، مع إلزام الشركات التكنولوجية بتطبيق معايير أمنية فعالة وتحمل المسؤولية عن أي سوء استخدام، وتنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة، مضيفًا تنسيق الجهود بين الدول والمنظمات الدولية لمكافحة هذه الجرائم عبر الحدود، وتبادل المعلومات والخبرات في مجال الأمن السيبراني والكشف عن التزوير الرقمي، مع وضع معايير وبروتوكولات دولية موحدة لمواجهة هذه التحديات.

تحدّ مستمر

ويؤكد الخبير القانوني أن هذه التدابير الأمنية الشاملة ستساعد في الحد من انتشار جرائم الذكاء الاصطناعي وحماية الأفراد والمؤسسات من آثارها المدمرة؛ حيث إن الجريمة تمثل تحديًا مستمرًا تواجهه المجتمعات في شتى دول العالم، والسباق بين العصابات والمجرمين وأساليبهم المتجددة، والجهات المختصة التي تسعى باستمرار إلى إيجاد طرق مبتكرة لمكافحتهم والقضاء عليهم. النهوض المتسارع للذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، بما في ذلك تقنياته المتقدمة، بدأ بالفعل بتغيير قواعد اللعبة ومد يد العون لتلك الجهات في سبيل جعل عالم المستقبل عالمًا آمنًا ومطمئنًا.