Close ad

دمج التراث في تصميم المساحات وتشييد المباني

21-8-2024 | 15:31
دمج التراث في تصميم المساحات وتشييد المباني فروشالي مهاتري أستاذ مشارك بكلية المنسوجات والتصميم الداخلى فى جامعة هيريوت وات دبي

بقلم: فروشالي مهاتري، أستاذ مشارك بكلية المنسوجات والتصميم الداخلى فى جامعة هيريوت وات دبي

موضوعات مقترحة

في هذا العالم المتغير بشكل مستمر، هناك تقدير متزايد للسحر الخالد للتصميم المعماري التقليدي. يتبنى المهندسون المعماريون التنوع الثقافي ويعيدون تعريف أهمية المزج بين العناصر التاريخية والضروريات الحديثة بسلاسة. يسعى المهندسون المعماريون إلى إنشاء مساحات لها صدى عميق مع المجتمع، وتنمي الشعور بالإنتماء من خلال احترام التقاليد والقيم. تستمد الهندسة المعمارية التقليدية الإلهام من صفحات التاريخ وتخلق إحساسًا بالاستمرارية باستخدام مواد وتصميمات تم استخدامها عبر الزمن.

اكتسب الشرق الأوسط سمعة طيبة في المزج بين تراثه الغني والإبتكارات المعمارية الحديثة بسلاسة. لقد سعت دول الخليج بشكل حثيث إلى استقطاب أفضل المهندسين المعماريين العالميين، ودعوتهم إلى تصور طرق مبتكرة للمعيشة تلبي الاحتياجات المعاصرة. لقد شهدت عناصر التصميم التراثي على مر السنين في دولة الإمارات العربية المتحدة تطور، مستلهمة من التراث المحلي والثقافة والمعرفة عبر السنين. تساهم ميزات التصميم التقليدية في تشكيل المساحات التي تعزز الشعور بالانتماء والثقافة المحلية داخل البيئة المبنية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتتميز دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فى إتباع هذا النهج، حيث تتبنى التصاميم المعمارية الحديثة للأماكن العامة والخاصة، مما يمثل تحولات كبيرة في المناظر الطبيعية الحضرية. تعكس العديد من المشاريع التوازن المثالي بين الحفاظ على التراث الثقافي وتلبية متطلبات مجتمع اليوم، سواء كان ذلك منعكس على التقدم التكنولوجي، أو الاهتمامات البيئية، أو المتطلبات الوظيفية. على سبيل المثال، يتضمن تصميم متحف المستقبل في دبي عناصر فنية وشعرية من خلال الخط العربي على الجزء الخارجي منه. تخدم هذه النقوش، التي تحتوي على اقتباسات عن المستقبل لرئيس الوزراء، غرضًا مزدوجًا. إنها نوافذ مصممة هندسيًا، تمزج بين الجمال والعملية بطريقة ديناميكية.

في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعكس العديد من أمثلة التراث الغني للبلاد وهويتها الثقافية على العمارة التقليدية. على سبيل المثال، يعد مسجد الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي مثالاً حديثًا مذهلاً للهندسة المعمارية الإسلامية. ويعرض العمارة الإماراتية التقليدية بتصميماتها الفريدة وأعمالها الرخامية المعقدة، تقديرًا للأنماط المعمارية العربية الإسلامية. في الواقع، توفر مناطق الدخول والاستقبال في حرم جامعة هيريوت وات دبي مساحة لنسج العناصر الثقافية المتنوعة معًا، وخلق أنماط اندماج آسرة لعلامتها التجارية الدولية مع تركيبات الإضاءة المضيئة ودمجها مع ضوء النهار الطبيعي مثل شاشات المشربية المستوحاة من الطراز المحلى. تقوم هذه الشاشات بتصفية الضوء من خلال نمط شبكي مأخوذ من شعار الجامعة، مما يضيف لمسة مميزة تحول المساحة إلى انعكاس حيوي للوحدة العالمية.

تكمن إحدى السمات المميزة للتصميم مع دمج عناصر تراثية في قدرته على التكيف مع البيئة، والانسجام مع الطبيعة من خلال دمج الميزات التي تستجيب للظروف المناخية المحلية. ومن خلال اختيار المواد من مصادر محلية، لا يعزز التصميم التقليدي الاستدامة فحسب، بل ينسج أيضًا سردًا لتاريخ المنطقة، ويربط بين الماضي والحاضر.  على سبيل المثال، يقوم المهندسون المعماريون والمصممون بإعادة اكتشاف وإعادة تفسير مبادئ وتقنيات العمارة الطينية للسياق الحديث بشكل متزايد. تعتبر الهندسة المعمارية الطينية ممارسة مستدامة وصديقة للبيئة تقلل من التأثير البيئي للبناء. الطين مادة متجددة وقابلة للتحلل الحيوي ويتطلب إنتاجه الحد الأدنى من الطاقة والمياه. علاوة على ذلك، يتمتع الطين بخصائص حرارية وصوتية تعزز الراحة الداخلية وكفاءة المباني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إعادة تدوير الطين وإعادة استخدامه لأغراض أخرى. تعد مدينة مصدر ومعرض إكسبو 2020 دبي من الأمثلة على فن العمارة الطينية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

التصاميم التقليدية ليست مجرد هياكل، فهي مدمجة بالرمزية والمعنى، وتتواصل مع المجتمع من خلال الأشكال والأنماط المعمارية. إن الروايات الثقافية غنية بالرموز والأيقونات، التي يحمل كل منها معنىً عميقاً داخل ثقافته الخاصة. عند تصميم المساحات الداخلية، فإن دمج هذه الرموز يمكن أن يضيف عمق وأهمية. لدى المصممين خيارات متعددة، من دمج الأعمال الفنية والمنحوتات إلى دمج الأنماط والعناصر الزخرفية المستوحاة من الثقافة. تصبح المساحات أكثر من مجرد أماكن وعندما تقوم بتضمين هذه الرموز في التصميم تصبح لوحات فنية تحكي القصص. إنها بمثابة تذكير بالتراث والتقاليد والهوية، وترسيخ المساحة في سياقها الثقافي. سواء كان ذلك نمطًا تقليديًا لتزيين السجادة، أو عملاً فنيًا معاصرًا مستوحى من الرموز القديمة، فإن كل عنصر يساهم في خلق شعور بالانتماء والتواصل.

مع استمرار التصميم المعماري التقليدي في البقاء جزءًا لا يتجزأ من الابتكار المعماري الحديث، يقوم المهندسون المعماريون بأكثر من مجرد تشييد المباني. إنهم يخلقون تراثًا يوحد الأجيال. في عالم يتغير بإستمرار، فإن التمسك بتقاليدنا ليس مجرد خيار، بل هو وسيلة لتقدير ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة