Close ad

لو كان نفسك تدخل هندسة لكن مجموعك قليل.. اسمع قصة د.عمرو حسنين

21-8-2024 | 14:25
لو كان نفسك تدخل هندسة لكن مجموعك قليل اسمع قصة دعمرو حسنيند.عمرو حسنين
وليد فاروق محمد
الشباب نقلاً عن

تجاوز صدمة الـ77 % والتحق بكلية الزراعة.. وحالياً "الباحث المتميز" في جامعة ميريلاند الأمريكية
موضوعات مقترحة
حصل في امتحان الكيمياء بالثانوية العامة علي 28 من 50..ولكنه نال الماجستير والدكتوراه من أعرق جامعات الصين
حصد 15 جائزة عالمية وحصل علي الإقامة الدائمة بأمريكا خلال أشهر قليلة باعتباره من "المتفوقين علمياً"
متخصص في البحث العلمى المتطور.. ويشرف على عشرات من طلاب الماجستير والدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات


رغم صغر سنه لكن الحديث عن سيرته الذاتية يطول.. فقد حصل علي بكالوريوس الهندسة الزراعية في جامعة قناة السويس عام 2007، ثم عمل كمدرس مساعد بكلية علوم البيئة الزراعية بجامعة العريش، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في هندسة البيئة الحيوية والطاقة من جامعة الزراعة والغابات في شمال غرب الصين، وحالياً يعمل أستاذاً في قسم علوم البيئة والتكنولوجيا بجامعة ميريلاند الأمريكية، ويتضمن عمله شبكات الغذاء والطاقة والمياه وتحديات النفايات ومعالجة مياه الصرف الصحي واستعادة الموارد وإعادة استخدامها، وتعظيم إنتاج الطاقة المتجددة، كما أنه متخصص في تدريب الطلاب على البحث العلمى المتطور، وأشرف على مجموعة من طلاب الماجستير والدكتوراه  في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما أنه مراجع رسمي في العديد من المجلات العلمية ذات التأثير الكبير، تفاصيل كثيرة عن صاحب هذه الرحلة العلمية المتميزة نكتشفها في الحوار التالي.


د. عمرو حسنين ولد في ألمانيا لظروف دراسة والده للدكتوراه في جامعة جوتنجن وهي من أرقى جامعات العالم، وبعدها عاد لمصر حيث عمل والده أستاذاً بجامعة القاهرة، ثم انتقلت الأسرة لمدينة الإسماعيلية، يقول: مازلت أذكر بكل خير مدرستي "الفاروق عمر" الثانوية العسكرية والتي تعلمت فيها الكثير وأتذكر بالاسم كل المدرسين، صحيح كان تعليماً حكومياً بمصروفات بسيطة ولكنه متميز جداً، وكنت أعشق الرياضيات جداً وأحصل فيها علي الدرجة النهائية، ولذلك كان قراري منذ صغري هو الالتحاق بكلية الهندسة، وقتها كان يتم حساب مجموع الثانوية العامة حسب درجات الصفين الثاني والثالث.. ولكن في الصف الثاني الثانوي تعرضت لصدمة لأنني حصلت علي 77 % .. وكانت درجاتي جيدة إلا الكيمياء التي حصلت فيها علي 28 من 50، وبالتالي بدأ حلمي بالالتحاق بكلية الهندسة ينهار، وفي ثالثة ثانوي حصلت علي 88 %.. وبالتالي كان مجموعي نحو 82 %، وقتها كان هناك قسم جديد في كلية الزراعة بجامعة قناة السويس اسمه "الهندسة الزراعية".. فقررت الالتحاق به، وهذه هي رسالتي لكل طلاب الثانوية العامة.. لا تيأس، دافع عن حلمك لكن حسب مقتضيات الواقع وبمرونة، حدد المجال الذي ترى نفسك جيداً فيه وتتمني العمل به مستقبلاً، وإذا لم توفق في الالتحاق بالكلية التي تتمناها.. فهذا المجال يمكنك دراسته في كلية أخرى ولو بشكل مختلف، ومؤكد ستصل في يوم ما مادمت مصمماً علي النجاح.

د.عمرو حسنين


 وتوقفت مع د.عمرو حسنين عند "صدمة الثانوية العامة"، وكيف تجاوزها بمساعدة أسرته، يقول: قد أفاجئك بحقيقة لا يدركها كثيرون، نحن نقول إن مصر لا تهتم بالتعليم.. ولكن هناك خلطا في أذهان البعض بين التعامل الحكومي وطبيعة المناهج وحال المدارس والمعلمين.. وبين الاتجاه المجتمعي، بمعني.. أنا سافرت وعملت في دول كثيرة وأستطيع أن أقول لك بضمير مستريح بأنه لا يوجد أحد يهتم بالتعليم في العالم مثل الأسر المصرية، في الخارج الأسر بعد مرحلة التعليم الأساسي يتركون أولادهم لاختياراتهم الشخصية والتي يكون منها أنه لا يكمل تعليمه أصلاً، لكننا هنا لدينا مثابرة كبيرة واستعدادا للتضحية من أجل تعليم الأولاد، ولا نعتبر المشوار انتهي إلا بالشهادة الجامعية، وسواء هذا كان صحيحا أم لا لكن جزءا كبيرا من ميزانية الأسرة المصرية يتجه للتعليم.. وهذا غير موجود في أمريكا وأوروبا، وأنا أيام الثانوية العامة كنت منهاراً ولكن أسرتي وقفت بجانبي وشجعتني بثقتها في قدراتي.. وكانوا يؤكدون لي أن الله سبحانه وتعالي سيكتب لي الأفضل، وبالفعل الأقدار منحتني أجمل مما خططت بكثير، فأنت لست الوحيد الذي يمر بالظروف التي تعيشها مهما كانت.. كثيرون جداً غيرك عاشوها، بعضهم يستسهل اليأس .. ولكن آخرين يحققون أحلامهم لكن بطريقة مختلفة، وبالمناسبة، بعدما قدمت أوراقي بكلية الزراعة قمت أيضاً بالتقديم للكلية الفنية العسكرية، ونجحت في اجتياز الاختبارات الأولى.. لكنني تعرضت لكسر في ذراعي خلال لعب الكرة مع أصدقائي وبالتالي لم أكمل الاختبارات وشعرت بحزن شديد، وبعد هذه السنوات أجدها بالفعل علامات، فهو طريق مكتوب ولكن عليك الاجتهاد، وبالفعل بعد شهر واحد فقط من الالتحاق بكلية الزراعة وجدت الدراسة رائعة، خاصة بعدما التحقت بالقسم الذي كنت أتمناه "الهندسة الزراعية"، وكنت استمتع بدراسة كل المواد الدراسية الهندسية تقريباً بجانب الميكروبيولوجي والفسيولوجي.

د.عمرو حسنين


د.عمرو حسنين كان متفوقاً وتخرج ضمن أوائل دفعته، وتم تعيينه معيداً بكلية العلوم الزراعية بالعريش التابعة لجامعة قناة السويس، ووقتها قرر أن يقوم بأبحاث خاصة بطاقة الهيدروجين لاستخدامها ليلاً مع الاعتماد علي الخلايا الشمسية نهاراً، وتقدم ببحثه هذا لمكتب براءات الاختراع، وبعد حصوله علي الماجستير بدأ خطوة جديدة في حلمه بمحاولة استكمال تعليمه بالخارج، يضيف قائلاً: بعد 8 أشهر من تعييني بالجامعة حصلت علي منحة شاملة من بروفيسور في الصين وكنت سعيداً جداً، لكن الجامعة رفضت سفري بحجة أنني حديث التعيين ولابد من تمضية عامين على الأقل في الوظيفة، وقتها شعرت بالصدمة لأنني كنت أتمني الانتهاء من الماجستير والدكتوراه وسني صغيرة، حاولت مقابلة رئيس الجامعة للشكوي ولم استطع.. ذهبت لوزير التعليم العالي وقتها ولم أتمكن من مقابلته، كل السكك كانت مغلقة.. ولم نجد سوى حلاً وحيداً وهو أن أحصل على إجازة بدون راتب، وقتها كنت خطبت زوجتي الحالية ومحتاج بالتأكيد لراتبي لتكاليف الزواج، ومصروفات المنحة لن تكفي طبعاً لأي شيء، ووالدي-رحمه الله- هو الذي منحنى حق تذاكر الطيران.. وحتى قبلها بيوم واحد لم أكن أعرف هل سأسافر أم لا لأن الموظفين بالجامعة لم يختموا لي ورقة الإجازة.


وسافر د.عمرو حسنين إلي الصين ليبدأ فصلاً جديداً من مشواره الصعب، تحديات كثيرة واجهته ليس فقط لأنه ذهب ليعيش في بلد بعيد بثقافة ولغة مختلفة تماماً، وكما يقول "هناك لا مجال للطبطبة.. إما تنجح أو تنتهي"، ولكنه كان محددا أهدافه جيداً.. ولم يضيع دقيقة واحدة بدون أن يتعلم فيها شيئاً جديداً، ولذلك نجح في الانتهاء من رسالتي الماجستير والدكتوراه خلال وقت قياسي، يكمل قائلاً: حلم حياتي القديم تحقق.. فقد التحقت في الصين بكلية الميكانيكا وهندسة الإلكترونيات وبالتحديد في قسم هندسة البيئة والطاقة، والحمد لله منحة الماجستير كانت 4 سنوات لكنني انتهيت منها في عامين و6 أشهر، علماً بأنني قمت بعدد كبير من الأبحاث وحضرت نحو 20 مؤتمراً علمياً، وأيضاً لأن عملي كان في مكان شديد البرودة أًصبت بجلطة في قدمي، وأيضاً رغم أنني كنت طالب ماجستير لكنني دخلت مسابقة كانت مخصصة لكل طلبة الدكتوراه على مستوى الصين، وحصلت علي المركز الثالث.

د.عمرو حسنين


في عام 2011 كان د. عمرو حسنين حصل علي الماجستير من جامعته الصينية، وحضر وفد علمي أمريكي من جامعة ميريلاند لزيارة الكلية التي يدرس بها، وكانت مهمته أن يتولى عرض الأبحاث التي يقومون بها أمامهم باعتباره الأكثر تميزاً، وأعجبتهم جداً الأبحاث التي شارك بها.. وعرضوا عليه السفر لأمريكا للعمل هناك، يقول: حسب لوائح الجامعة الصينية فإنه بعد حصولك علي الماجستير لابد أن تعود لبلدك لمدة عام ثم تقدم مرة أخرى للحصول على منحة الدكتوراه، ولكن الجامعة الصينية منحتني استثناءً وحصلت علي منحة "أفضل طالب أجنبي"، لكن تكرر نفس الموقف القديم.. في جامعة قناة السويس رفضوا منحى إجازة مرة ثانية، وعندما طلبت منهم حسب اللوائح الحصول علي مكافأة الحصول علي الماجستير فوجئت بأن قيمتها 400 جنيه! المهم.. عدت للصين وواصلت أبحاثي في تحويل المخلفات إلي غاز عضوي، ثم عملت في مجال كان الخبراء فيه عالمياً 3 أو 4 فقط وهو "خلايا التحليل الكهربي الميكروبية" أي ببساطة وضع أنواع معينة من البكتريا والميكروبات في محطات الصرف الصحي وننتج منها كهرباء وطاقة،  وحصلت علي المركز الأول كأفضل رسالة دكتوراه على مستوى الجامعة، وفي 2015 تجدد عرض جامعة ميريلاند لي بالسفر لأمريكا والالتحاق بالعمل بها، كانت فترة صعبة لأنني كنت أعمل في الصين ومطلوب مني السفر بسرعة لأمريكا.. وفي الوقت نفسه كان لابد من العودة إلي مصر لأن ابني الصغير كان يعاني من مشكلة بالقلب، وهنا أتذكر بكل خير زوجتي التي عاشت معي لمدة عامين بدون راتب من الجامعة وبأقل القليل، وبالفعل عملت بقسم "علوم البيئة والتكنولوجيا"، وأنجزت أبحاثاً كثيرة في البايتكنولوجي ونجحت في الفترة الأخيرة في الحصول علي تمويلات بقيمة 15 مليون دولار.

د.عمرو حسنين


 وكلها عن كيفية تحول المخلفات بأنواعها إلي هيدروجين حيوي كمصدر للطاقة أو الميثان، وبعد 3 سنوات فقط من النجاح في أمريكا.. تلقى د.عمرو حسنين دعوة رسمية من وزيرة الهجرة السابقة د.نبيلة مكرم لحضور مؤتمر "مصر تستطيع.. بأبناء النيل" بالأٌقصر باعتباره أحد أبرز العقول المصرية بالخارج، وتناقش في أفكاره مع عدد كبير من الوزراء والمسئولين، وكانت سعادته لا توصيف بعدما شعر أخير بالتقدير لجهده وبأن أمامه مساحة لكي يخدم بلده بالعلم، خاصة بعد مشاركته في سنوات تالية في مؤتمر "مصر تستطيع بالتعليم"، يقول:  14% من إجمالى مخلفات الزراعة فى مصر، و25% مخلفات أخرى لا نستفيد منها إطلاقا، فضلا عن حرق 52% من مخلفات يمكن أن تكون مصدر دخل مثل قش اﻷرز، ويمكن تكنولوجيا الاستفادة من هذه المخلفات بشكل لا يساعد فقط في حماية البيئة.. ولكنه كذلك يمكن تحويلها لمشروعات كبيرة، ومخلفات الطعام تساهم بنسبة 6.7% من إجمالي الإنبعاثات الكربونية والميثان، وتلك المشكلة تؤرق العالم كله وتبلغ كمية الإنبعاثات وهدر الطعام 1250 كالورى لكل فرد بنسبة 40% من إنتاج الطعام وعملية التخلص الآمن من المخلفات وإعادة تدويرها وتقليل الهدر يوفر 213 مليار دولار، ومن الممكن إنتاج غاز البيوماس، وأيضاً إنتاج طاقة خضراء عن طريق تنقية الميثان واستخدامه في إنتاج الكهرباء من البكتيريا الناتجة عن الكربون وإنتاج الهيدروجين الأخضر كطاقة نظيفة، بجانب وإنتاج البلاستك الحيوي من المواد العضوية، وتم ابتكار جهاز يتم وضعه بالسلاسل الكبيرة والمطاعم يحول مخلفات الطعام إلى طاقة بكفاءة عالية تصل إلى 200% خلال يوم أو يومين.

د.عمرو حسنين


د. عمرو حسنين حصل علي عدد كبير من الجوائز العلمية من جامعات في مصر وأمريكا والصين وإسبانيا، حيث نال أكثر من 15 جائزة، منها جائزة "التميز للباحثين الشباب" من جامعة قناة السويس في عامي 2008 و2013، وجائزة "الامتياز الدولية للطلبة" من جامعة شيانيانج الصينية للزراعة وعلوم الغابات، وجائزة "باحث بارز" بأمريكا وجائزة التميز العلمي من كلية الموارد البيولوجية بإسبانيا، كما أنه عضو في فريق مراجعة جودة المياه ببرنامج التعاون الإقليمي للشرق الأوسط التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهو مشرف علي مشروع لتعليم الطلاب البحث العلمي الصحيح في بداية تحضيرهم لرسائل الماجستير والدكتوراه، بجانب تدريس كورسات متخصصة في جامعات أمريكية كبرى، يختتم حواره معنا قائلاً:  من الأمور التي اعتبرها تتويجاً لاجتهادي أن الإقامة الدائمة في أمريكا لها شروط معقدة بعض الشيء.. ولكنني حصلت عليها خلال أشهر قليلة بشكل استثنائي باعتباري من "العقول العلمية المتميزة"، ومهما حققت.. لدي اقتناع بأنني مازلت في بداية مشواري.   

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: