Close ad

مدير مشروع «تعزيز التكيف مع المناخ»: نعتمد على الطبيعة في التنفيذ ولدينا خطة لإدارة المخاطر على السواحل | حوار

21-8-2024 | 13:46
مدير مشروع ;تعزيز التكيف مع المناخ; نعتمد على الطبيعة في التنفيذ ولدينا خطة لإدارة المخاطر على السواحل | حوارمحرر بوابة الأهرام خلال الحوار مع مدير مشروع تعزيز التكيف مع تغير المناخ
بورسعيد - أحمد سمير

حرارة لا تُحتمل ألهبت الأجساد، وسيول أغرقت مناطق غابت عنها المياه، وأمواج عاتية تنهش السواحل دون هوادة، ومياه جوفية تعاني من ملوحة البحر التي تنازعها في مكمنها، مظاهر أضحت متكررة، تسببت في حدوثها التغيرات المناخية بشكل جامح في الكثير من مناطق العالم، وفي القلب منها مصر.

موضوعات مقترحة

عكفت مصر منذ سنوات على الاستعداد الجيد لمواجهة تلك الأثار في المستقبل، بتنفيذ مشروع رائد وطموح في المنطقة وفي إفريقيا، لتعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل في مصر؛ وصفه وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم بـ«أكبر مشروع للتكيف مع تغير المناخ والتعامل مع ارتفاع منسوب البحر في إفريقيا»؛ حيث حقق ذلك المشروع العديد من الفوائد للمناطق الساحلية، بما ساهم فيه من اكتساب مساحات جديدة من الشواطئ كانت اختفت بفعل النحر.

لم يكن اكتساب الشواطئ الاستفادة الوحيدة من المشروع الطموح، بل حقق أيضا العديد من الفوائد لعل أحدها؛ كان الحفاظ على استثمارات بلغت نحو 192 مليار جنيه تنوعت بين أراضي ومشروعات بنية تحتية، واستخدام تقنية «الحلول القائمة على الطبيعة» ليصبح مشروعًا صديقًا للبيئة، بحسب تأكيدات لمدير المشروع خلال ورشة عمل «سفراء المناخ» المنعقدة في محافظة بورسعيد حاليا.

«بوابة الأهرام» التقت الدكتور محمد أحمد مدير مشروع «تعزيز التكيف مع تغير المناخ في الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل في مصر»؛ لتتعرف منه على المزيد من فوائد المشروع، والأنشطة المرتبطة به لضمان استدامته، ومعدلات التنفيذ الحالية، وخطط التطوير المستقبلية، فكان معه الحوار التالي:

متى بدأ تنفيذ مشروع «تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل في مصر»؟

بدأ تنفيذ المشروع قبل نحو 5 سنوات بتمويل من الحكومة المصرية وصندوق المناخ الأخضر.

ولماذا استهدف المشروع منطقة الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل في مصر تحديدًا؟

جاء ذلك بسبب مخرجات مشروع سابق ممول من مرفق البيئة العالمي؛ حيث جرى البدء في تنفيذ هذه المخرجات بإقامة منشآت صديقة للبيئة منخفضة التكلفة، بالتعاون من الجهات المعنية والبحثية والمهندسين؛ لحماية المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الغمر من ارتفاع منسوب البحر، والتي تتركز بشكل كبير عند نهاية دلتا نهر النيل وتطل على الساحل الشمالي.

وأين توجد هذه المناطق التي حددها المشروع بأنها أكثر عرضة لمخاطر الغمر بسبب ارتفاع منسوب البحر؟

المشروع حدد حوالي 69 كيلومترًا على الساحل الشمالي يجب حمايتها بشكل عاجل وذلك في 5 محافظات؛ حيث تعد هذه المناطق الأكثر عرضة لمخاطر الغمر؛ بسبب تغير المناخ، وهذه المناطق توجد في محافظات البحيرة وكفر الشيخ والدقهلية وبورسعيد ودمياط.
 

محرر بوابة الأهرام خلال الحوار مع مدير مشروع تعزيز التكيف مع تغير المتاخ

وإلى أي مدى وصلت معدلات التنفيذ؟ 

انتهى تنفيذ 99% من أعمال الحمايات المطلوبة، ويتبقى مسافة قليلة جدا لإنهائها تصل إلى أقل من كيلومترين.

وما المميز في أعمال حماية الشواطئ التي ينفذها مشروع تعزيز التكيف مع تغيرات المناخ عن تلك التي نراها من رؤوس بحرية وصخور في الإسكندرية ومطروح على سبيل المثال؟

المميزات عديدة، فبالإضافة إلى الاستدامة والحفاظ على البيئة واعتماد الحلول المعتمدة على الطبيعة، تمكن المشروع من تنفيذ أعمال الحماية بنسبة تكلفة بلغت 10% تقريبا من تكلفة استخدام والحوائط والبلوكات الخرسانية، والرؤوس الحجرية، فضلا عن المساهمة في استرداد مساحات جديدة من الشواطئ التي تأثرت بفعل تراجع خط الشاطئ، وكذلك حماية استثمارات بمليارات تبلغ تكلفتها مليارات الجنيهات  

ما الإجراء التالي للمشروع بعد اكتمال تنفيذه بنسبة 100%؟ 

يدرس المشروع حاليا إمكانية حماية مناطق أخرى مثل منطقة ادكو في محافظة البحيرة. 

وزير الري أعلن في تصريحات سابقة عن تنفيذ مرحلة ثانية من مشروع تعزيز التكيف مع تغير المناخ.. متى ستبدأ؟

نعم.. صحيح، حاليا المرحلة الثانية في طور الدراسة؛ حيث تدرس الوزارة حاليا تنفيذ مرحلة جديدة لحماية الشواطئ، لتقديم حلول متكاملة لحل مشاكل النحر في الدلتا؛ وذلك باستخدام تقنية التغذية بالرمال؛ حيث تشمل الدراسة تحديد مصادر الرمال، وأماكن التغذية، ودراسة تنفيذ حلول متكاملة مع المشروع الحالي.

أعلنت وزارة الموارد المائية والري -في وقت سابق- عن خطة للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط.. ما هي أبرز ملامح هذه الخطة؟

صحيح فقد وضعت الدولة خطة للإدارة المتكاملة للمناطق المطلة على ساحل البحر المتوسط من السلوم إلى العريش، تتعاون فيها الوزارات المعنية مع أجهزة المحافظات الساحلية، مثل وزارات الموارد المائية والري والبيئة والإسكان والزراعة والتنمية المحلية وأجهزة المحافظات الساحلية التنفيذية وعدد من الجهات المعينة لرصد التغيرات المناخية بطول الساحل الشمالي من الشرق إلى الغرب، وذلك عن طريق محطات رصد سيتم توزيعها على طول الساحل لقياس عدد من المتغيرات التي تتأثر بالمناخ، مثل ارتفاع منسوب البحر، هبوط التربة، قياس المياه الجوفية، والأرصاد الجوية.

وكيف سيتم التنسيق بين هذه الجهات المختلفة لتنفيذ هذه الخطة؟ 

سيتم ذلك عن طريق وجود نظام مؤسسي قائم وفعال، وهو أمر هام للغاية لنجاح هذه الخطة؛ حيث سيجري تكوين لجان للإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المحافظات المطلة على البحر المتوسط، يكون ممثلا فيها كل الجهات المعنية، ويترأس هذه اللجنة المحافظ أو السكرتير العام للمحافظة.

هل بدأ تفعيل عمل لجان الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية؟

نعم، ولعل أبرز هذه اللجان لجنة الإدارة المتكاملة في محافظة شمال سيناء، والتي أوصت بضرورة الرجوع إليها قبل إقامة المنشآت السياحية حتى لا تتأثر مستقبلا بالتغيرات المناخية.

تنفيذ هذه الخطة وتشكيل هذه اللجان لابد وأن يتضمن إيجاد الكوادر البشرية وبناء القدرات.. كيف حققتم ذلك؟ 

بالفعل، تم تدريب عدد من ممثلي الجهات والوزارات المعنية لصقل مهاراتهم وبناء قدراتهم في التعامل مع قضايا تغير المناخ كل في تخصصه، عن طريق برنامج «سفراء المناخ» ضمن أنشطة مشروع «تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل» لإيجاد عناصر مؤهلة لتنفيذ خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية؛ وهو شق خاص بالمشروع يعتمد بشكل أساسي على تطوير مهارات المشاركين فيه؛ لاكتساب مهارات التواصل والتشبيك والعمل في مجموعات لإيجاد الحلول وتلافي المشكلات التي يمكن أن يسببها تغير المناخ في المناطق الساحلية.

كم عدد المتدربين الذين استفادوا من هذا المشروع؟

استفاد نحو 80 متدربا من المشروع وأصبحوا مؤهلين في أماكن عملهم على إدارة المخاطر والتفكير البناء في حل المشكلات، وذلك عن طريق مرحلتين؛ حيث تنتهي قريبا فعاليات المرحلة الثانية من البرنامج «سفراء المناخ 2»، ويجري حاليا التجهيز لمرحلة جديدة لتدريب الكوادر عبر برنامج «سفراء المناخ 3».

كيف تمكنتم من تقييم أثر التدريب على «سفراء المناخ» في المرحلتين؟

كانت طرق التقييم في مراحلها الأولى تقليدية؛ حيث كان يجري تقديم استبين التقييم إلى المتدرب، والذي كان يُملأ بالكلمات المعروفة عن الاستفادة من البرنامج وأهميته بالنسبة إليه، دون قياس حقيقي لمدى فعالية التدريب على المتدرب.

ثم لجأنا إلى طرق تقييم أكثر فعالية، بحيث يجري تقييم المتدرب على المستوى الشخصي، وذلك عن طريق فعالية أدائه فيما يختص بقضايا المناخ المتعلقة بطبيعة عمله داخل جهة عمله دون علم المتدرب. 

وعند اتباع هذا الأسلوب في التقييم، وجدنا نتائج مبهرة على الأرض، حيث بدأ بعض المتدربين في نشر الأفكار التي تعلمها عن طريق برنامج «سفراء المناخ» بين ذويه وبين جيرانه في المناطق المحيطة به، كما بدأ بعض المتدربين في الذهاب إلى المدارس لتوعية الطلاب بأثار تغيرات المناخ، وأهمية الدور الواقع على عاتق كل فرد في المجتمع لمواجهة هذه التأثيرات.

مراقبة هذا الأسلوب كان جيدًا جدا، وتنفيذ هذه المبادرات المبدعة كان معظمها من «سفراء المناخ» في المرحلة الأولى.

ذكرت أن عدد سفراء المناخ في المرحلتين كانوا 80 متدربا، وهذا يعني 40 متدربا لكل مرحلة.. لماذا العدد 40 لكل مرحلة؟

رأينا في المشروع أن هذه العدد مناسب لتفاعل الجميع مع بعضهم البعض، فضلا عن كونه عددا يستطيع مدرب التنمية البشرية التفاعل معهم.

تردد مصطلح «ممشى التعافي» في دمياط كأحد مخرجات مشروع «تعزيز التكيف ما التغيرات المناخية في الساحل الشمالي ودلتا نهر النيل».. فما هو هذا الممشى؟.. ومن صاحب هذا الاسم؟

«ممشى التعافي» تعبير اقترحه الدكتور نبيل الهادي أستاذ العمارة بجامعة القاهرة واستشاري تنسيق الموقع في دمياط، وهو تعبير «ملهم» يجذب المواطنين، كون الممشى مريح نفسيًا؛ حيث من المخطط له زراعة مجموعة من النباتات في المنطقة لها روائح عطرية لطيفة، وهو مكان جرى تصميمه ليكون بدون سيارات، يحاول استعادة التنوع البيولوجي في المنطقة عن طريق العودة للطبيعة.

ماذا تقصد بمصطلح العودة للطبيعة؟ 

هذا توضيح للأسلوب الذي اتبعناه لإقامة «ممشى التعافي» حيث اعتمد تنفيذه على تقنية «الحلول المعتمدة على الطبيعة»؛ حيث وضعت أعواد من نبات البوص بشكل عمودي على الشاطئ؛ لتتراكم أمامها الرمال بفعل الرياح، متسببة في ارتفاع منسوب الرمال أمام البوص، وبالتالي إيجاد حماية طبيعية من الرمال البوص تحمي الشاطئ من عمليات النحر، فضلا عن اكتساب أراضي جديدة كانت تآكلت بفعل هذا النحر.

لماذا إذن لا نستخدم «الحلول المعتمدة على الطبيعة» لحماية المناطق الساحلية إذا كانت أرخص تكلفة وأكثر استدامة وصديقة للبيئة؟

لأن الحلول القائمة على الطبيعة لا يصلح تنفيذها في كل الأماكن فنيا، فهناك أماكن يمكن تغذيتها بالرمال لتشكل الشاطئ بالشكل الطبيعي، كما يمكن استخدام البوص وحركة الكثبان الرملية، إلا أن هناك مناطق لا يصلح معها مثل هذه الأساليب يمكن لقوة التيارات المائية أو شدة النوات البحرية في هذه الأماكن، وبالتالي لا تناسبها تقنية «الحلول المعتمدة على الطبيعة».

ورغم ذلك تكون «الحلول المعتمدة على الطبيعة» في مقدمة الاختيارات حاليا لحماية الشواطئ، وندرس حاليا استخدام تقنية التغذية بالرمال في الإسكندرية وفي منطقة الدلتا، حيث يجري دراسة الجدوى من كذلك.

 بالعودة إلى مشروع «ممشى التعافي».. ماذا سيحدث بعد أن تكسو الكسبان الرملية أعواد البوص وتتخطاها؟

سيتم إضافة أعواد جديدة أعلى؛ لتجتمع أمامها كسبان رملية جديدة، ولكن لا يمكن أن يستمر ذلك إلى ما لا نهاية، حيث يجري تصميم أي منشأ بناء على أسس تصميمة، وبناء على توقعات بتغير المناخ في الوقت الحالي، وإذا ما كان متوقعا حدوث هبوط في منسوب الأرض، وعلى أساس هذه العوامل مجتمعة وغيرها من العوامل يمكن تحديد عمر المنشأ.

وكيف ستتوقعون حدوث هذه العوامل وتحديد نسبتها؟

يتم ذلك عن طريق منظومة للرصد ضمن خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية التي تحدثنا عنها قبلا، حيث سيتم وضع محطات لقياس عدد من المتغيرات مثل ارتفاع منسوب البحر وهبوط الأرض وقياس المياه الجوفية والأرصاد الجوية، وعن طريق هذه البيانات التي ستتيحها المحطات يمكن وضع خطة حيث ستتيح البيانات ما المتوقع حدوثه حتى عام 2050 وبناء عليه يتم وضع تصور لما يجب عمله لتلافي أي مشكلات أو أزمات مستقبلية.

وبالتالي، تضع خطة الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية إجراءات للتعامل على المدى القصير، ويجري تحديثها باستمرار، في ضوء تغير المناخ مع الوقت.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة