Close ad

مخيم النصيرات شاهد على همجية جيش الاحتلال

20-8-2024 | 17:45
مخيم النصيرات شاهد على همجية جيش الاحتلال قصف مخيم النصيرات
زينب هاشم
الأهرام العربي نقلاً عن

لم يختلف أحد على أهمية مخيم النصيرات، الذى يعد من أكبر المخيمات الفلسطينية ويتوسط مدينة غزة، لذلك هو المستهدف من قبل النازحين واللاجئين، وكذلك بالنسبة للاحتلال أيضا، وهو مخيم له طبيعة خاصة بسكانه ومعالمه، حيث يضم العديد من المواقع الأثرية والدينية، لذلك كان محط أنظار الاحتلال لتدميره، وارتكاب العديد من المجازر بين أبنائه.

«الأهرام العربى» تتحدث مع عدد من أبناء مخيم النصيرات، للتعرف عليه، وسبب تسميته بهذا الاسم وتاريخه وأهم معالمه عبر السطور المقبلة.

يقع مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، يحده من الشمال قرية المهراقة ومدينة الزهراء، ومن الغرب بحر وسط القطاع، أما الجهة الشرقية فيحده شارع صلاح الدين، وهو الطريق الواصل ما بين شمال غزة وجنوبها ويحده من الشرق مخيم البريج، أما من الجنوب فيحد النصيرات قرية الزوايدة، ومدينة دير البلح وهو مخيم للاجئين، يقيم به مائة ألف نسمة قبل الحرب على غزة، هذا ما بدأ به محمود اللوح صحفى من قطاع غزة، ومقيم بمخيم النصيرات.

ويستكمل الحديث، قائلا: يعتبر مخيم النصيرات، أحد أكبر مخيمات اللجوء فى المحافظة الوسطى، ويرجع سبب تسميته بهذا الاسم، نسبة إلى قبيلة بدوية تُسمى “النصيرات”، وكانت تقطن مخيم الزوايدة، ونظراً لتلاصق المخيمين “الزوايدة والنصيرات”، وتداخل حدودهما، فقد حاز مخيم النصيرات على هذا الاسم، وذلك وفق أكثر الروايات تداولاً فى الجزء الجنوبى الغربى من النصيرات، أو ما يسمى بمنطقة السوارحة، يقع دير القديس هيلاريون (تل أم عامر)، الذى يعد من أقدم المواقع الأثرية فى قطاع غزة، ويرجع بناؤه إلى العام 329م، أما الجزء الشمالى الغربى للمخيم، أو ما يطلق عليه الآن منطقة المخيم الجديد يتربع معلم أثرى ضخم تمتد جذوره إلى العام 532 ق.م، ويطلق عليه تل عجول أو تل السكن، حيث للاسم أسباب تسمية متعددة بحسب الباحثين، من بينها أنه عثر قبل عقود على بيوت التل التى سكنها الفراعنة محترقة، واكتشف سكن الحرائق مدفوناً فى ترابها، وتلك الحرائق التى أشعلها القائد الفرعونى أحمس الأول، فى حملته التى شنها على الهكسوس فى بلاد الشام، وهزمهم خلال إحدى معاركه.

ويضيف اللوح، قائلا: مساحة المخيم تقدر بنحو 9.8 كم2، تمتد من وادى غزة شمالاً، وحتى مخيم الزوايدة جنوباً، ومن بحر غزة غرباً، وحتى شارع صلاح الدين شرقاً، وتعتبر حرفتا التجارة والزراعة أهم حرفتين يمتهنهما السكان فى هذه المساحة من المخيم، كما تشتهر فى النصيرات عائلات كثيرة منها زقـوت، أبو سيف، جودة، الهور، الطويل، أبو دلال، درويش، العصار، صيدم، أبو شاويش، بارود، الهباش، شاهين، أبو يوسف، الصالحي، الطلاع، نبهان، حمد، أبو عطايا، عقل، السراج، الحواجري، أبو الروس، الجديلي، حمدان، مطر، المجدلاوى، البابلى، السلول، المغارى، وأبو رحمة، الحاج، ريان، اللوح.

ويمضى محمود فى الحديث، قائلا: كما يضم المخيم 30 مدرسة و7 مراكز صحية ما بين حكومية وخاصة، وأخرى تابعة لوكالة الغوث، حيث تعتبر وكالة الغوث، هى المصدر الأساسى لتلقى الخدمات الصحية، حيث تشرف وكالة الغوث على عيادتين طبيتين، ومركز لصحة البيئة، كما تشرف على مركز للتموين، لا سيما وأن فى النصيرات أيضا، يوجد العديد من المؤسسات الحكومية التعليمية والصحية والخدماتية، منها مديرية التربية والتعليم، ومديرية الشئون الاجتماعية، ومكتب للبريد، ومكتب لوزارة الداخلية، ومكتب لوزارة العمل، ومكتب للتأمين الصحى، ومحكمة شرعية، ومركز شرطة، وبلدية تشرف على تقديم الخدمات الحياتية والصحية، و3 مستوصفات صحية تابعة لوزارة الصحة، و8 مدارس ثانوية للبنين والبنات، تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، و20 مسجدا تابعة لوزارة الأوقاف والشئون الدينية، إلى جانب أن المخيم يضم ما يزيد على 30مؤسسة أهلية، تتنوع ما بين جمعيات خيرية ومراكز ثقافية، ومراكز تعليمية، ومركز للنشاط النسائى، ومركز لرعاية وتدريب المكفوفين، ورياض أطفال، ونوادٍ رياضية، ومؤسسات صحية أهلية، وعيادات صحية خاصة، وعدد من الصيدليات، وعدد من المكتبات العامة، بالإضافة إلى جامعة بوليتكنك فلسطين.

ويتناول أطراف الحديث د. عاهد فروانة، صحفى فلسطينى من قطاع غزة ويقيم فى مخيم النصيرات، قائلا: بكل تأكيد مخيم النصيرات هو من أكبر مخيمات قطاع غزة، وهو أكبر مخيم فى وسط وجنوب القطاع، نظرا لمساحته وحجمه وعدد سكانه، الذى يضمه المخيم، لدرجة أنه لم يصبح فقط مخيما، بل أصبح يشبه المدينة نتيجة التوسع الكبير فى هذا المخيم وعدد السكان الكبير، والحركة التجارية الواسعة قبل اعتداء السابع من أكتوبر، وبالتالى المخيم كما كان يلقبه أهله عاصمة الوسط، أى محافظة الوسط فى قطاع غزة، لأنه الأكبر ما بين المخيمات والمدن والقرى فى هذه المحافظة، التى تقع فى وسط قطاع غزة، التى الآن يقع عليها العبء الأكبر فى استيعاب عدد كبير، والعدد الأكبر من النازحين من غزة وشمالها، أو من رفح حيث تقوم قوات الاحتلال باجتياحات واسعة فى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتى كانت تضم أكثر من مليون نازح معظمهم الآن تفرقوا ما بين المحافظة الوسطى، وبين رفح ونواصى خان يونس، وغيرها من المناطق القريبة من هاتين المنطقتين.

ويمضى فروانة فى الحديث، قائلا: هذا المخيم شهد منذ بداية الحرب اعتداءات متواصلة من قوات الاحتلال، سواء كانت بالقصف الجوى العنيف الذى أدى إلى تدمير مربعات سكنية كاملة، وعمارات وأبراج أدت إلى استشهاد الآلاف والجرحى من سكان هذا المخيم، وتدمير مئات المنازل والمنشآت والأبراج والعمارات، وهناك اجتياحات لهذا المخيم، خصوصا على أطرافه الشمالية فيما يسمى بتوسيع ما يسمى بحاجز نتساريم، لأن الاحتلال يعمل على توسيع مساحة هذا الحاجز، ليفصل شمال قطاع غزة، عن جنوب هذا القطاع، من خلال التوسيع على حساب أراضى أبناء شعبنا فى مخيم النصيرات، وكان هناك الحدث الأبرز التى قامت من خلاله قوات خاصة إسرائيلية بالتخفى، وقادت مركبات فلسطينية للوصول إلى مجموعة من المحتجزين، فى قلب مخيم النصيرات وحتى تصل إلى المحتجزين، وتعمل على تحريرهم، قامت بقتل ما يقارب من مائتى مواطن فلسطينى برئ فى هذا المخيم، وإصابة المئات من سكان هذا المخيم، الذين لم يكن لهم حول ولا قوة، سوى أنهم كانوا فى المنطقة المكتظة بالسكان.

ويتابع: أن أبناء شعبنا سكان هذا المخيم، والذى يصل تعداد سكانه إلى أكثر من مائة ألف نسمة، بالإضافة إلى وجود عشرات الآلاف من النازحين الذين يقيمون فى بيوت هذا المخيم أو فى خيام حول هذا المخيم، ما جعل الأعداد تتضاعف أكثر من مرة من عدد سكانه الأصليين، وبرغم هذه الأعداد، فإنهم يتعايشون مع بعضهم البعض، وكذلك النازحون أى أن هناك حالة تعاضد وصمود، برغم كل الاعتداءات التى يقوم بها الاحتلال وطائراته، خصوصا أن هذا المخيم يعمل على توسيع المنطقة بجانب هذا الحاجز، مما يعنى أنه سيظل عرضة للقصف والتدمير الممنهج الذى تقوم به قوات الاحتلال، لكن أبناء شعبنا مازالوا مصممين على الصمود، برغم كل الآلام التى يعانيها فى هذا الصدد وهذا بخلاف أن المخيم، يعانى مثل كل مناطق القطاع من انقطاع الكهرباء، وذلك منذ نحو تسعة أشهر فى العدوان منذ السابع من أكتوبر، وحتى الآن، وكذلك انقطاع المياه بصورة كبيرة، مما يجعل الناس ينقلون جالونات المياه من مساحات كبيرة وأيضا انقطاع غاز الطهو، مما يجعلهم ينقلون الحطب، من أجل أن يقوموا بطهو الغذاء لأنفسهم، وحتى الحطب أصبح غير متوافر وأسعاره مرتفعة، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار بجنون بفعل إغلاق المعابر منذ شهر مايو الماضى، فدولة تغلق معبر رفح، مما أثر على دخول المساعدات بشكل كبير، وهذا أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء والمواد التموينية بشكل كبير، التى يدفع ثمنها، بالإضافة الى الأوضاع الصعبة نتيجة غياب العلاج والغذاء المناسب، مما أدى إلى تفشى الأمراض وانتشارها، وزاد الأمر سوءا عدم وجود العلاج المناسب نتيجة تدمير المؤسسات الصحية فى قطاع غزة، وهو ما يؤثر على تدمير صحة المواطنين، وبرغم ذلك هناك حالة من التعاضد والصمود والارتقاء من الآلام لمواجهة هذه الحرب الجنونية.

ويستكمل الحديث رائد ناجى، محلل سياسى واقتصادى دولى، قائلا: مخيم النصيرات يقع فى وسط مدينة غزة، ويعتبر ثالث أكبر المخيمات فى فلسطين بعد مخيمى جباليا، والشاطئ من حيث المساحة والسكان، وأنشئ بعد النكبة مباشرة 1948، على مساحة كبيرة وبلغ عدد السكان فى البداية ستة عشر ألفا، وارتفع إلى أربعة وستين ألفا بعد ذلك ويسمى بالنصيرات، لأنه يعود إلى قرية فلسطينية صغيرة تسمى بالنصيرات، كانت تعيش فى هذه المنطقة وهذا المخيم تعرض لقصف جوى فى بداية طوفان الأقصى بالتحديد، وحدثت فيه اشتباكات عنيفة جدا فى ظل حصار مشدد، وارتقاء لعدد كبير جدا من الشهداء فى داخل المخيم، وربما نعود ونربط الأحداث لنرى، أن الاحتلال ممنهج جدا فى استهداف المخيمات ذات البنى التحتية للفلسطينيين، وبالتالى نجد مخيمات الشاطئ وجباليا والنصيرات، كأنه يستهدف أكبر مخيمات فلسطينية، ومحاولة التهجير القسرى للفلسطينيين، وهذا المخيم يقع فى وسط غزة، وليس بعيدا عن ساحة البحر المتوسط، وتحديدا يبعد عن دير البلح وعن غزة عشرة كيلو مترات.

ويضيف ناجى، قائلا: من المعروف أن أرض المخيمات كثبان رملية، فبالتالى تزداد سهولة كلما اقتربنا من جهة البحر ولهذا المنطقة مكشوفة، وهذه نقطة، فهى ليست منطقة جبلية يمكن للمقاومة أن تستفيد منها، ومع ذلك وجدنا فيها مقاومة شديدة جدا، كما أن البيوت متلاصقة معظمها مهدد بالانهيار، لا سيما فى وجود عواصف قوية، لأن الاحتلال يستهدف تدمير البنى التحتية، وهذا المخيم يعيش به السكان الأصليون ونسبتهم عشرون بالمائة وثمانون بالمائة من اللاجئين، الذين نزحوا من قرى فلسطين، التى ارتكبت فيها العصابة الإسرائيلية أبشع الجرائم لتهجيرهم مثل حيفا ويافا تل الربيع والمجدل، وهم نزحوا وجاءوا المخيم، من قرى بجوار غزة مثل قرية حمامة، أسدود، كوكبة، المجدل، عسقلان، باربا، بيت دارس، المغار، عاقر وغيرها، وهى أغلبها من الفلاحين والبدو ويعتمدون على صيد الأسماك فى مداخلهم ومعيشتهم اليومية، وفى الوقت نفسه امتداد بريطانيا المشؤم على فلسطين، أقامت معتقلا عسكريا، وعملت على توطين بعض العائلات اليونانية التى رحلتها من بلادها، وأقامت على أراضيها سجنا كبيرا سمته الكلبوش لكن مع حلول النكبة عام 1968حوت المنطقة 16 ألف لاجئ، جاءوا من بئر السبع وأسدود والمناطق المحيطة ولجأوا للسجن البريطانى، ثم بنت لهم الأمم المتحدة مخيماً، سمته النصيرات نسبة للقبيلة التى كانت تقطنه وكانت الأرض تعود لمنطقة الحناجر التى تعد جزءا منها، وكان المخيم يتبع منطقة دير البلح ويتوسط لسجن الكلبوش، ويقع فى قرية الزويدة ومازالت تسكنه بعض العائلات.

ويؤكد المحلل السياسى، أنه بعد اتفاق أوسلو عام 1993 قامت السلطة الوطنية الفلسطينية، بتقسيم إدارى جديد لقطاع غزة، ثم فى 1996،حولت وزارة الحكم المحلى المجلس القروى فى المخيم، إلى مجلس تابع لمنطقة النصيرات، ويتبع إداريا للمحافظة الوسطى، ويمضى فى الحديث قائلا: طبعا مخيم بهذه التفاصيل، لا سيما وأن كثيرا من شخصيات هذا المخيم هى شخصيات المقاومة، كعدنان الغول الذى يطلق عليه رائد التصنيع العسكرى للمقاومة الفلسطينية.

 ويستكمل الحديث د. محمد الأمين بلغيث مؤرخ وأكاديمى من الجزائر، قائلا: لا تتحدث الإنسانية عما وقع أكتوبر 2023م، إلا كمرحلة من مراحل مواجهة الفلسطينيين فى غزة، منذ أكثر من 77 سنة من الفصل العنصرى والهيمنة واحتلال أراضيهم، بل تقارن وسائل إعلام غربية منصفة، أن غزة 360 كلم2 تواجه أكبر جيش غير أخلاقى فى العالم، لا يقصف إلا الأطفال والنساء، والمستشفيات والمدارس والجامعات، ومخيمات اللاجئين بالقنابل الأمريكية، التى يدفع ثمنها المواطن الأمريكى .

ويضيف الأمين قائلا: وأما حجم المتفجرات على أكبر سجن مفتوح فى تاريخ الكرة الأرضية، والمتمثل فى غزة، فيتعرض الآن إلى آثار تسعة وسبعون ألف طن من المتفجرات فى سنة 2024م، كما أن طوفان الأقصى قد جلب على المدى القصير، اعتراف 149دولة من أصل 193 دولة، فغزة هى البوصلة الأخلاقية لعالمنا المعاصر.

ويمضى فى الحديث بلغيث، قائلا: ما حدث ويحدث منذ السابع من أكتوبر صراحة وأمام دول العالم، مع سكوت رهيب من وطننا العربى وعالمنا الإسلامي، إلا من أثبت عكس ذلك هذا بعد مرور أكثر من 260 يومًا على الحرب على غزة، لهذا فصمود مخيم النصيرات أمام المجزرة الأولى 278 شهيدا بتاريخ 08 يونيو 2024م، هى صورة مصغرة عن كل المجازر التى يرتكبها أكبر جيش أخلاقى، لإبادة بشرية أمام أنظار العالم المتحضر والنصيرات فى وسط غزة ورفح فى جنوبها، والشمال الآن يتعرض إلى أكبر مجاعة فى تاريخ البشرية، لاسيما أن مجزرة مخيم النصيرات الواقعة فى 8 ـ 6 ـ 2024م تعد صورة مرعبة لإجرام، لم تعرف له البشرية حتى فى أكثر الحروب التى دارت بين بنى الإنسانية عبر الزمان والمكان، ثم وقعت هذه المجزرة فى مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة وتعرّض المخيم خلاله للقصف الإسرائيلى بشكل متكرر، آخرها قبل أيامٍ قليلة من المجزرة حينما قتلت إسرائيل فى مجزرة أخرى 33 فلسطينيًا على الأقل وجرحت عشرات آخرين، لمَّا قصفت مدرسةً تتبعُ لوكالة الأونروا داخل المخيّم فى جريمة حربٍ مكتملة الأركان رغم محاولات المخابرات الإسرائيليّة التستر عنها ونشر معطيات ومعلومات مغلوطة وغير دقيقة كما صرحت وسائل إعلام فلسطينية، وكان الاستهداف لكون مخيم النصيرات ورفح وغزة قاطبة 360 كلم2 ستبقى عالقة فى أذهان العالم كله.

ويرى عبد الرحمن بوثلجة، أستاذ باحث ومستشار فى الإعلام والاتصال، أن مخيم النصيرات سوف يخلده التاريخ، ويعتبره رمزا للصمود والتحدى والتمسك بالحق فى الأرض ومقاومة الاحتلال من جهة، ومن جهة أخرى رمزا للتضحية والصبر أمام جرائم المحتل، وأمام سياسة الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التى ينتهجها الكيان الصهيوني، خصوصا فى الشمال. ويستكمل الحديث، قائلا: لا يمكن للتاريخ أن ينسى مجزرة النصيرات التى قام بها الكيان الصهيونى فى الفترة الأخيرة، التى جعلت من هذا المخيم من أكبر المناطق المعروفة فى العالم بسبب هول الجريمة التى راح ضحيتها ما يقارب 300 شهيد، بالإضافة إلى الجرحى والتدمير الشديد الذى لحق المخيم، بسبب استعمال المحتل كل الأسلحة البرية والبحرية والجوية، ضد منطقة مكتظة بالمدنيين، بين سكان أصليين ونازحين من مناطق أخرى باحثين عن الأمن والسلامة من القصف، بالإضافة إلى أن توقيت المجزرة كان صباحا فى وقت يشهد فيه المخيم حركة كبيرة، حيث يسعى الناس هناك إلى البحث عن رزق يومهم، الذى يكاد يكون منعدما، بسبب منع الاحتلال وصول شاحنات المساعدات وعبث المستوطنين بالبقية التى سمح لها بالمرور.

ويمضى بوثلجة فى الحديث، قائلا:  سوف يخلد التاريخ أيضا، أن هذا المخيم الذى سكانه كلهم مدنيون تقريبا، تعرض إلى مؤامرة من أكبر الدول فى العالم مجتمعة وصمد أمامها وحده، حيث تشير التقارير إلى مشاركة أمريكا فى هذا الهجوم ودول غربية أخرى، وهذا الشيء أكده مستشار الأمن القومى الأمريكي، ولو أن البيت الأبيض حاول بعدها التراجع والتنصل بالقول إن مشاركة أمريكا فى العملية، اقتصرت على الجانب الاستخباري وتقديم المعلومات، وكان هذا التراجع حسب اعتقادي بسبب الفشل الإستراتيجى للعملية التى خلصت أربعة محتجزين إسرائيليين، لكنها قضت على ثلاثة آخرين منهم ومنهم حامل للجنسية الأمريكية لا سيما وأن مشاركة أمريكا حسب بعض المعلومات المتداولة، لم تكن محدودة فقط إلى هذه الدرجة، بل إنها سمحت باستعمال الميناء العائم، الذى بنته بمساعدة دول عربية من أجل تقديم المساعدات، حيث كان الطعم المميت الذى استعمله المحتل وأعوانه، من أجل الدخول والقيام بهذه المجزرة والمحتل الغادر ومن وقف معه لم يتوقف عند هذا الحد، بل استعمل شاحنة مخصصة للمساعدات الإنسانية من أجل التمويه، حيث أدخل بها قواته الخاصة إلى المخيم، وهذا يعنى بأن المحتل لم يستعمل الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين فى النصيرات وغيرها، ولكن أيضا كطعم لخداعهم وقتلهم، هذا الأمر جعل المسئول الأممى عن الإغاثة الإنسانية يستنكر هذا الفعل، ويعتبره تصرفا شائكا لم يسبق له مثيل أى أن مخيم النصيرات كشف ازدواجية الغرب الذى يتغنى بالإنسانية، لكنه لا يلقى بالا لأرواح الفلسطينيين.

ويرى د. حكيم بوغرارة الإعلامى والمحلل السياسى الجزائرى، أن مخيم النصيرات بقطاع غزة لديه كثير من الدلالات الرمزية العالمية، لأنه مرتبط بالنكبة وبالاحتلال البريطانى الذى أقام فيه سجنا هناك. ويستكمل الحديث قائلا: مخيم النصيرات شاهد على الترحيل والتهجير القسرى للفلسطينيين، الذين جاءوا من أسدود وعسقلان فى مختلف المناطق الشمالية لقطاع غزة، وبالتالى مخيم النصيرات لمن يعرف تاريخ القضية الفلسطينية، هو مخيم فلسطينى بأبعاد عالمية مرتبط باللاجئين الذين هجروا قسريا، وهم كذلك على ارتباط بوكالة الأونروا، وما يحدث بالهيئة الأممية التى تريد إسراِئيل والولايات المتحدة الأمريكية شيطنتها واتهامها، بضم عناصر من حركة حماس، الذين يطلقون عليها بعض الأوصاف مثل الإرهاب، وهم بعيدون عن كل هذه الأوصاف وبالتالى مخيم النصيرات مثال فى التضحية والاستشهاد وبالتمسك بالأرض، لأن الفلسطينيين اليوم فى مختلف المخيمات المنتشرة عبر الأراضى سواء فى الضفة الغربية أم فى غزة يقدمون أعلى أسباب التمسك بالأرض والعرض والشرف، وبالتالى مخيم النصيرات اليوم يحتل المرتبة الأولى فى الاهتمام العالمى، بسبب ما يحدث فيه من قصف ومجازر، فسكانه يواجهون همجية وعدوانا كبيرين جدا وبالتالى الثبات والصبر والسعى إلى النصر غطى على كل الاهتمام العالمى، واليوم مخيم النصيرات يقدم الشهداء، لأن التمسك بالقضية الفلسطينية، خلق هذه الروح فى مخيم النصيرات ومختلف المخيمات.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: