Close ad

دور الآباء والأمهات في دفع أطفالهم نحو الاكتفاء الذاتي وتحمل المسئولية والثقة في الذات

19-8-2024 | 17:37
دور الآباء والأمهات في دفع أطفالهم نحو الاكتفاء الذاتي وتحمل المسئولية والثقة في الذاتتعلم الطفل تحمل المسئولية
إيمان البدري

قد يبذل الآباء والأمهات تجاه أبنائهم مجهودًا كبيرًا سواء في واجباتهم المنزلية والحفاظ على حياتهم خالية من التوتر قدر الإمكان، ولكن قد يصل الحد إلى التدليل المفرط الذي يجعل من الطفل غير مسئول عن أبسط الأشياء، لكن الآباء والأمهات الذين يساعدون أطفالهم على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتحمل المسئولية يوجهونهم دائمًا إلى أن يكبروا ليكونوا أشخاصًا بالغين أكثر لطفًا وأكثر تحملًا للمسئولية. 

موضوعات مقترحة

صفات التربية على تحمل المسئولية

يوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، في تصريح لـ"بوابة الأهرام"، أن تربية الطفل على تحمل المسئولية وإعطاء الثقة في ذاته، هذه الصفات تأتي أولا، من خلال وجود علاقة إيجابية وجيدة بين الأم والأب، ولا نقول إنها علاقة مثالية أمام أبنائهن، ولكن وجودها يخلق لدى الأطفال العاطفة والحنان والأمان والثقة في الذات التي يحصل عليها من الأب، حيث إن فقد هذه الصفات يفقد الطفل القدرة على تحمل المسئولية والثقة في الذات.

ومن الضروري وقت الخلافات داخل الأسرة أن لا نتجاوز فيها في حق بعضنا البعض ولا تقدم إهانه للآخر، ولا يتم التمادي لفظيًا ولا ماديًا، وفي حالة وجود خلافات يجب ألا يقوم الآباء بالاستعانة بشهادة الأبناء بينهم أو استقطابهم لطرف دون الآخر، فهذا يخلق نوعًا من الخلل لدى الطفل، لذلك ينبغي أن يتم وضع الأبناء في صورة متساوية بين الأب والأم؛ أي لا يستشهد أحد بالأبناء ضد الطرف الآخر، لكن الأفضل أن يبعد الآباء أبناءهم خارج مشاكلهم هذه هي البداية.


الدكتور جمال فرويز

الإحساس بالمسئولية

ثم إن خلق الإحساس بالمسئولية لدى الأبناء يبدأ من خلال إعطاء الطفل تكليفات للابن الأكبر والابن الأصغر معًا؛ لتعلم المشاركة والمسئولية في إنهاء المهمة المسنودة لهم، وكذلك إسناد بعض الأعمال المنزلية للبنت وللولد أيضًا، ولكن أثناء تكليف الأبناء قد يصدر منه تصرفات خاطئة، هنا يجب ألا يتم عقد المقارنات بينهم وبين غيرهم، ولانقدم اللوم لهم، ونعتهم بالصفات السيئة؛ مثل أنه طفل سيئ، ولكن يجب أن نتبع التوجيه والتوعية أكثر من مرة، مع ضرورة تجنب عدم مقارنة الأبناء بأحد مع عدم انتقاد كل فعل يتصرفه الأطفال.

ولخلق مزيد من الإحساس بالمسئولية لدى الأبناء يفضل أن توجد مصارحة بين الأبناء والآباء بصورة إيجابية، لأن ذلك يمنح الابن والبنت ثقة في ذاتهم، ومن هنا يستطيعوا التصرف بمسئولية في أي مكان يمكن أن يتواجدوا فيه، وهذا ينتج من البداية من خلال وجود علاقة جيدة بين الآباء والأبناء.

كيفية إدارة الوقت

 ومن الخطوات المهمة لزيادة الإحساس بالمسئولية لدى الأطفال، يجب انشغال الطفل بعمل يدر له دخلًا مهما كان مستواه المادي جيد، وهنا يتعلم أيضًا قيمة المال وكيفية إنفاقه في طرق صحيحة، وكيف يحافظ على ما حصل عليه من مال، وكيف يقدر قيمته، وكيف يمكن توجيه إنفاقه في الأمور الصحيحة وهذا ليس بخلًا، ولكن أن يتعلم شراء الأشياء التي لها قيمة تعود عليه بالنفع، مع عدم تكرار شراء أشياء يومية، قد يكفي شراؤها مرة واحدة على فترات متباعدة.

كما يمكن تعليم الأبناء كيفية إدارة أوقاتهم، وتقسيم الوقت بين اللعب والعمل والتعارف والدراسة، وهذه الأشياء يجب أن يتعلمها الطفل من الصغر، ومجموع كل ذلك يجعل الطفل صاحب شخصية ناضجة سوية تمكنه من تحمل المسئوليات تعترف بأخطائها وتصلح منها، وبالتالي تكون محبوبة من الناس؛ لأن الشخصية غير الناضجة تكون غير مسئولة؛ لأنها ترى نفسها أنها تفعل الصواب في كل تصرفاتها، ومهما حدث منه أي أضرار تجد لديه إصرار أن هذا هو الصح؛ مما يسبب له مشاكل مع كل الناس.

خطوات تعلم وتحمل الطفل المسئولية 

وتحمل المسئولية ليس أمرًا سهلًا، ولكنه يحتاج إلى خطوات، وتبدأ بأن تكون في البداية مسئولية بسيطة ثم تزيد تدريجيًا حتى لا يتحول الطفل إلى شخصية غير اعتمادية، لأن سبب نسب الطلاق المرتفعة هي أن الأبناء تربت على أنها شخصيات سلبية اعتمادية على الأم في كل تصرفات الحياة، وعلى الأب في النواحي المادية، مما يسبب للأطفال بعد وصولهم سن البلوغ والزواج الانفصال عن أزواجهم، نظرا لأنهم أصبحوا شخصيات سلبية اعتمادية، تصل بهم في النهاية أنهم لايستطيعون الاستمرار أيضًا في أعمالهم، كما أنهم يؤدون أعمالهم بكسل، لأنهم اعتمدوا على آبائهم في الطفولة، ويجب في سن 14 أو 15 سنة غرس هذه المسئولية مع غرس التربية السليمة في الأبناء، وبعد هذا العمر من السهل تركهم للحياة بدون خوف؛ لأنه تم تأسيس الأبناء بشكل سليم.

كيف يمكنك مساعدة أطفالك على أن يكونوا أكثر استقلالا؟

قد ذكر موقع “لافيدا لوثيدا” (lavidalucida) الإسباني أن الآباء منذ عقود يتوقعون أن يلعب أطفالهم بشكل مستقل، وأن يقوموا بواجبهم المنزلي من دون مساعدة، وأن يسهموا في الأعمال المنزلية دون أن نطلب منهم ذلك، ولكن بطبيعة الحال يختلف عالم اليوم عما كان عليه قبل 30 عامًا.

كما أوضح الموقع أنه في عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ليس من السهل معرفة كيفية تشجيع طفلك على تحقيق الاستقلال وحمايته. وهذه بعض الطرق البسيطة لتعزيز استقلاله، وذلك من خلال منح الطفل مكافأة، لفت الموقع إلى أن كسب المال يساعد الأطفال على تعلم مزيد من الاستقلال، والأمر متروك لك لتقرر كيف ومتى تعطي أطفالك دفعة صغيرة، لكنها مفيدة لتعليمهم أن يكونوا مكتفين ذاتيًا، وهذا له خطوات تبدأ بتعليم طفلك طرق ادخار المال وإنفاقه، ينصح الموقع بمنح أطفالك حصالة في سن مبكرة حتى يعرفوا معنى الادخار، فمن الجيد أن ترشدهم إلى كيفية الادخار وإنفاق أموالهم بحكمة، والتحدث معهم عن الفرق بين الاحتياجات والرغبات.

كما أن تحمل المسئولية يقوى عندما تجعل لطفلك مساحة لحل النزاعات بنفسه، لا يمكن للآباء أن يكونوا حاضرين في كل تفاعل لابنهم مع أطفال آخرين، ولكن يمكنهم تزويد أطفالهم بالمهارات التي يحتاجونها لحل النزاعات بشكل مستقل، ولهذا علم أطفالك أن يتعاملوا مع عواطفهم ويخبروا الآخرين أنهم لا يحبون شيئًا ما، وأن يعتذروا عند الضرورة، فسوف تفيدهم هذه المهارات جيدًا وتساعدهم على حل النزاعات عندما يكبرون.

ومن الدعم في ذلك هو إعطاء الطفل بعض الحرية المسموح بها، فمثلًا دعه يركب دراجته في حديقة الحي مع أصدقائه، وبالطبع ينبغي أن نعلم الطفل كثيرًا من الأشياء قبل ذلك، مثل عدم التحدث إلى الغرباء وكيفية عبور الشارع، لذلك عندما يحين الوقت للقيام بذلك بمفرده فإنه يكون جاهزًا ويمكنك الوثوق به لفعل الشيء الصحيح.

لماذا ينبغي للآباء والأمهات دفع أطفالهم نحو الاكتفاء الذاتي؟

أدرج الموقع جملة من الأسباب تجعل الاكتفاء الذاتي ضروريًّا جدا للطفل، ومنها، أن الأطفال الذين يتمتعون بالاكتفاء الذاتي أكثر ثقة بالنفس من غيرهم، ويساعدهم على النمو ليشعروا بالسعادة، وبالتالي السيطرة على حياتهم، والاعتماد على الذات والاعتناء بنفسه، وذلك بعكس الأطفال المكتفين ذاتيًا هم أكثر حساسية تجاه الآخرين، وهذا يؤكد أن تعزيز الاكتفاء الذاتي الدروس عن الحياة والناس.

نصائح مهمة لتنشئة الطفل

وقدم موقع “أهابرينتنغ” (ahaparenting) بعض النصائح المهمة لتنشئة طفل مسئول واثق بذاته، تبدأ بتربية الطفل على تنظيف ما تسبّب فيه، فمثلا عندما يسكب الحليب يجب عدم الصراخ بوجهه، وإنما القول له “لا بأس، يمكننا تنظيفه؛ نحن دائمًا نقوم بتنظيف ما تسببنا فيه”، وهكذا يعتاد فكرة التنظيف دون فرض أوامر، ولكن على الأهل معرفة أنه لا يوجد طفل يحب القيام بالمهام المنزلية، لذلك يجب التعامل بذكاء والقيام بالواجبات المنزلية كأنها نشاطات ممتعة ليشعر الطفل بالحماسة، والأمر يأتي تدريجيًا؛ لذلك إذا أخفق الطفل يحبذ ألا يتم تصنيفه أبدًا بأنه غير مسئول، ولكن يفضل الحرص على تعليم الطفل وضع جدول يومي لتنظيم الواجبات المدرسية والمهام المنزلية والنشاطات الترفيهية، وفي حالة إنجاز الطفل للمهام المطلوب منه تأديتها هنا يتم مكافأة الطفل مقابل العمل الذي يقوم به، فهذا يدفعه إلى تحمل المسئولية أكثر.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: